صحافة اسرائيلية: «التهديد المصري لن يزداد حتى لو تم اسقاط نظام حكم مبارك»

كتب المسؤول السابق في الإستخبارات الإسرائيلية، عاموس غلبوع، اليوم في صحيفة «معاريف» أن على أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية استنتاج ثلاث عبر من الثورة المصرية الحاصلة وفشل الأجهزة في توقع حصلوها. ويؤكد أن على الأجهزة الأمنية إتخاذ «إحدى الخطوات المُلحة الآن لدولة إسرائيل أن تصوغ تقديرات استخبارية جديدة مهما كلف ذلك من مال».

صحافة اسرائيلية: «التهديد المصري لن يزداد حتى لو تم اسقاط نظام حكم مبارك»

كتب المسؤول السابق في الإستخبارات الإسرائيلية، عاموس غلبوع، اليوم في صحيفة «معاريف» أن على أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية استنتاج ثلاث عبر من الثورة المصرية الحاصلة وفشل الأجهزة في توقع حصلوها. ويؤكد أن على الأجهزة الأمنية إتخاذ «إحدى الخطوات المُلحة الآن لدولة إسرائيل أن تصوغ تقديرات استخبارية جديدة مهما كلف ذلك من مال».

 

وكتب غلبوع: «منذ بدأت الأحداث في مصر حتى أسرع كثيرون الى اتهام الاستخبارات بأنها لم تتنبأ بالأحداث، واقتبسوا من كلام رئيس الموساد التارك ورئيس "أمان" الداخل لبيان أنهما لم يتوقعا هذه التطورات في الدولة. بل اتهم أحد مُدعي الحكمة الاستخبارات بأنها لم تتنبأ بأن يخون اوباما مبارك. هذا الشأن مبدئي وقد تحدث امور مشابهة في المستقبل ايضا ولهذا اليكم ثلاث ملحوظات أساسية في هذه القضية للاستخبارات وانتفاضة الجماهير».

 

العبرة الأولى، حسب غلبوع  «هي درس من تجربة شخصية. في ربيع 1977 عقد رئيس الحكومة اسحق رابين مباحثة في وضع ايران. شاركت فيها كل القيادة الأمنية والصناعية. وكان هدفها: هل نستمر في الاستثمار في ايران، وماذا نفعل بالاستثمارات الكثيرة الموجودة. عرض سفير اسرائيل في ايران لذلك العهد الصورة الاستخبارية. وقد عدّ على نحو منهجي معلل جميع عناصر استقرار نظام حكم الشاه واحدا واحدا، وما الذي يحثها وما الذي يعوقها، وانتهى الى استنتاج أن مصير نظام الشاه قد قُضي».

 

وتابع: «بعد ذلك بدأت المرحلة الثانية من المباحثة بعرض جملة استثماراتنا العسكرية والمدنية في ايران التي كانت ضخمة. آنئذ توجه رابين فجأة الى السفير وسأله متى سيسقط نظام الشاه بالضبط، وهل الحديث عن سنة أو سنتين. وأجاب السفير بعد تفكير بشيء ما في هذه الصيغة: "لا، لا! سيحدث هذا في تقديري في الثمانينيات فقط لكن من المؤكد ان يحدث". ورابين الذي حمل آنذاك جملة من المشكلات الحزبية والشخصية، فكر للحظة وأجاب على هذا النحو على التقريب: "اذا كان الامر كذلك فلنوقف المباحثة. سنتابع "الاعمال كالعادة"، ونراقب الوضع بسبع عيون". مر نحو من سنة ونصف وسقط نظام الشاه».

 

ويوضح غلبوع أنّ «ذلك كان درسا استخباريا لي من الدرجة الأولى، ازداد حدة بعد ذلك بأحداث مشابهة اخرى. وكان أساسه أن قدرات الاستخبارات على تجميع المعلومات وعقول ناس التقدير فيها جيدة من اجل تحليل عوامل عدم الاستقرار في دول الجوار. لكنها عاجزة (إلا إذا شايعتها معجزة) عن معرفة مدة نضجها لتصبح انفجارا؛ ومتى ومن وأين سيُشعل الثقاب الذي يُشعل الحريق الكبير المفاجئ. لان الحديث عن تيارات عميقة كتيارات الحمم البركانية في أعماق جبل بركاني».

 

أما والملحوظة - العبرة الثانية، حسب غلبوع فإنه «برغم أهمية قضية استقرار نظم الحكم، والانقلابات والانتفاضات الجماهيرية في الأساس، فان هذا الشأن ليس في مقدمة ترتيب أولويات الاستخبارات. أما شؤون مثل الانذار على اختلاف أنواعه، والمعلومات الاستخبارية لبناء القوة والاستعدادات والتخطيطات، والمعلومات الاستخبارية من اجل السياسة – فان كل ذلك هو المفضل. إن وزارة الخارجية الإسرائيلية، كمحيط معاهد البحث الاكاديمية على اختلاف باحثيها ومحلليها، هي التي تستطيع أن تُسهم في قضية الثورات هذه. ومن يعلم، ربما يوجد ذات يوم الطراز العجيب الذي يتنبأ على نحو دقيق بزمان وكيفية انفجار الحمم البركانية الثورية».

 

وأخيراً الملحوظة الثالثة، وهي: « في اطار الردع، يكون عمل الاستخبارات أن تقدم إنذارا استراتيجيا بعيد الأمد بتحولات سلبية يتوقع حدوثها في دولة عربية لنا معها علاقات سلام؛ أو أن تبشر بتحولات ايجابية متوقعة في دولة معادية. من مزيد المفارقة أن الحظ ناصرنا الآن، وأن الأحداث في مصر زودتنا بانذار استراتيجي بتحول سلبي في الدولة. إن احدى الخطوات المُلحة الآن لدولة اسرائيل أن تصوغ تقديرات استخبارية جديدة مهما كلف ذلك من مال».

 

«التهديد المصري لن يزداد حتى لو تم اسقاط نظام حكم حسني مبارك»

 

 بدوره، قال الأستاذ الجامعي والمحلل الأمني، د. رؤوفين بدهستور، في «هآرتس» اليوم إن «في جهاز الأمن يضيعون زمنا ثمينا. ما زال من غير الواضح الى أين ستفضي الاضطرابات في شوارع القاهرة والاسكندرية، وقد أخذوا يُبينون انه لا مناص من زيادة ميزانية الأمن. لانه يجب ان يجدوا سريعا بديلا عن التهديد الايراني».

 

وأوضح: «قد يتساءل شخص ما هل مئير دغان على حق وهل من المناسب ان نضائل ميزانية الأمن شيئا ما. وكلما خوّفنا كان ذلك أفضل بطبيعة الأمر. اذا جزمنا، بنغمة ذات سلطة كافية بأن التهديد المصري سيزداد زيادة كبيرة على إثر تبديل الحكم في القاهرة، فلن تنشأ اعتراضات على مقدار ميزانية الأمن فضلا عن ان أحدا لن يستطيع معارضة زيادتها».

 

وتابع: «غير أن الحقيقة هي أن التهديد المصري لن يزداد حتى لو تم إسقاط نظام حكم حسني مبارك. واذا تولى الإخوان المسلمون السلطة في مصر فسيتضاءل بقدر كبير. من شبه المؤكد أننا سنسمع في الأيام التالية غير قليل عن زيادة قوة جيش مصر بسلاح غربي متقدم وعن التدريبات التي يُجريها والعدو فيها إسرائيل. هذا صحيح لكنه لا يغير الصورة القائمة، وميزان القوى مع الجيش الإسرائيلي، والظروف الجغرافية الإستراتيجية في المنطقة والمصالح المصرية التي ترفض كل منطق في الخروج لمحاربة إسرائيل».

 

ويشير إلى «إن سلاح الجو المصري مسلح بنحو من 220 طائرة اف 16، لكن كما يقول بحث عن وزارة الدفاع الامريكية، "لا تغيير في سلاح الجو المصري لمستوى التدريبات منذ حدث الانتقال من السلاح الروسي الى الامريكي. والنتيجة ان الطيار المصري لا يستطيع استنفاد الطاقة الكامنة في نظم السلاح". إن الفرق بين سلاح الجو الاسرائيلي وسلاح الجو المصري باق لان سلاح الجو المصري مسلح بطائرات حربية قديمة فيها ميغ 21 وفانتوم علاوة على ان طائرات اف 16 من طرز أدنى مما يحصل عليه سلاح الجو الاسرائيلي».

 

أما بخصوص سلاح المدرعات، فيرى الكاتب أن «سلاح المدرعات المصري أيضا يزداد قوة وفيه نحو من 700 دبابة أمريكية متقدمة من طراز أبرامز. لكن إذا أراد المصريون الخروج لمحاربة إسرائيل فسيكون على هذه الدبابات أن تجتاز شبه جزيرة سيناء التي هي منطقة حاجزة عرضها 200 – 300 كم. ولما كان الحديث عن منطقة صحراوية، بلا نباتات وفيها سكان قليلون فانها تشكل "ارض قتل" مثالية. واذا تجرأ الجيش المصري على اجتياز قناة السويس ودخول سيناء، فسيجد نفسه في شرك للجيش الاسرائيلي فيه تفوق مطلق عليه بواسطة السلاح الدقيق والتفوق الجوي».

 

وخلافاً للمزاعم الإسرائيلية والغربية، قال بدهستور إن «تولي الاخوان المسلمين السلطة سيفضي فورا الى وقف المساعدة العسكرية الأمريكية، والتدريبات المشتركة والتزويد بقطع الغيار الضرورية لصيانة الطائرات الحربية. وستضعف قوة الجيش المصري في هذه الحال سريعا. نقول في سياق قدرة الجيش المصري على القتال والتطور إن "الجيش المصري يطمح الى تجديد سلاحه، لكنه لا يُظهر أي دافع الى تغيير نظريته العسكرية"».

 

 وأضاف: «ومن الصحيح ايضا ان الجيش المصري يتدرب على مخططات حرب في مجابهة اسرائيل، لكن هذا الامر ينبع في الأساس من ان مصر ترى اسرائيل تهديدا حقيقيا. والسلطة المصرية ترى اسرائيل عاملا غير مستقر يميل الى استعمال القوة لحل مشكلات سياسية. تؤمن مصر بأن في اسرائيل قوى متطرفة قد يفضي توليها السلطة الى العدوان عليها. ويؤتى بتحذير افيغدور ليبرمان في سنة 2001 من ان الجيش الاسرائيلي يستطيع تدمير سد أسوان مثالا على الخوف المصري».

 

ويخلص الكاتب إلى أنه «كان من المناسب لذلك ألا يستعملوا في جهاز الأمن تعظيم التهديد المصري من اجل زيادة على الميزانية لا حاجة اليها. على كل حال، يحسن ان نعلم انه لا يوجد في التخويف المرتقب أي شيء حقيقي».

التعليقات