"الدولة العبرية" بدل "الدولة اليهودية" وزحالقة من "أعداء إسرائيل"..

المحاضر في التاريخ والعلوم السياسية د. آسيا يقترح استبدال "الدولة اليهودية" بـ"الدولة العبرية" بادعاء أن ذلك يتيح نزع المركب الديني باعتبار أن حق تقرير المصير والحق بالأرض/ الجغرافيا مشتق من القومية

تحت عنوان "حل الدولة العبرية"، كتب د. إيلان آسيا، في صحيفة "هآرتس"، اليوم، أنه يقترح المطالبة بالاعتراف بإسرائيل كـ"دولة عبرية" بدلا من "دولة يهودية" و"دولة الشعب اليهودي". ويتضح من سياق المقال أنه يأتي ردا على التجمع الوطني الديمقراطي الذي طرح شعار "دولة المواطنين"، ودعما لمطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل بطريقة تنزع المركب الديني بادعاء أن هذا المركب يوفر لمن أسماهم "أعداء إسرائيل" ذخيرة متفجرة للرد على "الدولة اليهودية".
 
وكان من اللافت أن الكاتب قد صنف النائب د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع البرلمانية، ضمن أعداء إسرائيل، مقتبسا رده على اقتراح قانون يشترط أداء قسم الولاء للدولة مقابل الحصول على المواطنة. وادعى الكاتب أن اقتراح "الدولة العبرية" ينزع أسلحة من "أعداء إسرائيل".
 
وبحسب د. آسيا، الذي يدرس التاريخ والعلوم السياسية في الكلية الأكاديمية الجليل الغربي (في نهارية)، فإن مطالبة بنيامين نتانياهو للفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كـ"دولة قومية للشعب اليهودي" ليس مبالغا بها، وليست موجهة لعرقلة "عملية السلام"، باعتبار أنها الحد الأدنى المطلوب لكي يلتزم الفلسطينيون بإنهاء الصراع، ولكن المشكلة أن هذا المطلب الذي يصفه بـ"الشرعي" لم تتم صياغته بشكل حكيم.
 
ويكتب أن الاعتراف بحق تقرير المصير يعتمد على النظرة القومية، حيث يشتق حق تقرير المصير والحق بالأرض/ الجغرافيا من الاعتراف بمجموعة معينة كقومية، أما الجانب الديني فلا علاقة له بتقرير المصير أو بالجغرافيا.
 
ويتابع أن تعريف الدولة اليهودية أو "دولة الشعب اليهودي"، وبحكم خصوصية الدين اليهودي، ينطوي على دلالة ثلاثية: قومية ودين وقبيلة. ويضيف أن المطالبة بالاعتراف بإسرائيل بواسطة تعريف له مشتق ديني يدخل فورا إلى معادلة علاقات إسرائيل مع المسلمين والمسيحيين داخلها وخارجها، الأمر الذي يوفر "ذخيرة قابلة للانفجار للمتطرفين من كافة الديانات، وخاصة المسلمين".
 
ويدعي الكاتب أنه خلافا لمن يؤيد فكرة "دولة المواطنين"، فإن هناك منطقا في مطالبة العرب بالاعتراف بإسرائيل كدولة قومية لشعب واحد فقط، لأنه بطبيعة الأمور فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو اعتراف بأنها دولة قومية لشعب آخر.
 
ومن أجل تجنب كون البعد الديني متفجرا، يضيف الكاتب أنه من الأفضل إبقاء المركب الديني خارج المعادلة، والمطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب الذي يشكل غالبية سكانها، والذي لا يزال يعيش قسم منه في دول أخرى كثيرة في العالم. وأن استخدام مصطلح "الدولة العبرية" أو "الدولة القومية للشعب العبري" من الممكن أن يكون حلا أفضل وأكثر حكمة، حيث أن "الدولة العبرية" لا تحمل دلالة دينية، وإنما "هو تعبير عن القومية فقط".
 
ويضيف الكاتب أنه من بين من يصنفهم بـ"أعداء إسرائيل" فإن تغيير تعريف إسرائيل ليس له معنى، فهم سيجدون دوما ما يتمسكون به ولكن "من الغباء أن نزودهم بالسلاح بأيدينا". ويسوق مثالا على هذا "السلاح" ما نسبه إلى النائب د. جمال زحالقة رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي في تشرين الأول/ اكتوبر 2010، ردا على اقتراح قانون للحكومة يتضمن أن الحصول على المواطنة مشروط بأداء يمين الولاء لـ"الدولة اليهودية والديمقراطية".
 
ونقل الكاتب عن د. زحالقة قوله: من الواضح أن الغالبية الساحقة من اليهود لن تواجه مشكلة في أداء يمين الولاء، ولكن من المهم ماذا سيحصل لو أن دولة ما كانت تفرض على اليهود أداء يمين الولاء للعقيدة المسيحية أو الإسلامية، حيث أن جميع مؤيدي القانون سيتهمونها باللاسامية".
 
ويضيف الكاتب أن مصطلحات مثل "دولة عبرية" و"شعب عبري" وما إلى ذلك تعكس مفارقة تاريخية. وهذه المفارقة التاريخية، بحسبه، هي نتيجة لعملية بناء الواقع الذي ينتجه الإعلام والخطاب الشعبي. ولذلك فإنه بالتأكيد يمكن تغيير مكانة تعبيري "شعب عبري" و"دولة عبرية"، لتصبح ذات صلة خلال فترة زمنية قصيرة.
 
وفي نهاية مقاله يكتب أنه من أجل تسهيل التقدم باتجاه تسوية في الشرق الأوسط فإنه يجدر التنازل عن "الدولة اليهودية" واستبداله بـ"الدولة العبرية" أو "دولة الشعب العبري"، لإخراج المركب الديني من المعادلة بدون إضعاف الادعاء القومي.

التعليقات