محللون إسرائيليون: عشية حرب تشرين أيضا كان وضعنا الأفضل

"عندما تسألهم، ما الساعة؟ يبدأون برواية ما حدث معهم في تحصينات ضفاف قناة السويس، وفي مواقع مرتفعات الجولان في الساعات الأولى للحرب، إنهم يعودون إلى النار المشتعلة منذ 38 عاما"..

محللون إسرائيليون: عشية حرب تشرين أيضا كان وضعنا الأفضل
غصت الصحف الإسرائيلية، الصادرة في نهاية الأسبوع، بالتقارير والمقالات والتحليلات، التي تعالج حرب تشرين، بمناسبة مرور 38 عاما عليها، ووقوع هذه الذكرى عشية يوم الغفران اليهودي، المخصص دينيا أصلا لحساب النفس، حساب أضافت إليه الحرب التي وقعت في هذا اليوم قبل 38 عاما حسابا سياسيا، تعود الإسرائيليون على إجرائه مع ذاتهم ومع قيادتهم السياسية والعسكرية لكي لا يقع لهم ما وقع عام 73 مرة أخرى.
 
العديد من الكتاب والمحللين شبهوا اليوم بالبارحة، الكاتب الصحفي ايتان هابر، كتب عن ضحايا الحرب الذين قضوا قهرا وحسرة، الذين ماتوا مرتين، حسب تعبيره، يوم الغفران وبعده بسنوات، الذين انطفأت شمعة حياتهم، مع ذلك الإنذار الذي انطلق في على حد الساعة الثانية من ذاك اليوم، ولم تشتعل مرة أخرى، إنهم لم يموتوا في الحرب ولكن معها، يقول هابر، حياتهم توقفت في أكتوبر 73 ولم تعد إلى طبيعتها أبدا.
 
عنهم يقول هابر، لقد عاشوا في ظل الحرب، كنت تسألهم عن مصدر الرزق والأحفاد، فيحدثونك عن معارك الثامن من أكتوبر، عن رعب المزرعة الصينية عن تطويقهم من اليمين، عن الدبابة التي دخلت في قلب النار، عن القادة العسكريين الذين فقدوا توازنهم، يواصل هابر، هكذا كان يوئيل بن بورات، قائد وحدة 8200، وحدة الإنذار المركزية، الذي "أكل نفسه" ولم يسامح نفسه ولم يسامح الآخرين، لأنه لم يقم بقلب طاولات عندما تجاهل المسؤولون عنه الإنذارات المتوالية عن الحرب التي كانت تطل برأسها، بن بورات عاش 34 عاما يحمل على ظهره آلاف نقالات القتلى خلال المعارك.
 
يضيف هابر، وهكذا كان أريك شيلو، رئيس قسم في الاستخبارات العسكرية "أمان" الذي مات قبل أسابيع قليلة، كان هادئا بعكس بن بورات الثائر، إلا أن النار ظلت تأكله من الداخل حتى أتت عليه. وهكذا كان جادي زيدوبار قائد موقع جبل الشيخ الذي كان "يأكل نفسه" من الصباح وحتى المساء حتى مات، ومثلهم كثيرون، بينهم من يعيشون بيننا إلى اليوم ولكن حياتهم ليست حياة. وعندما تسألهم، ما الساعة؟ يبدأون برواية ما حدث معهم في تحصينات ضفاف قناة السويس، وفي مواقع مرتفعات الجولان في الساعات الأولى للحرب، إنهم يعودون إلى النار المشتعلة منذ 38 عاما، فهل يحتسب هؤلاء ضمن ضحايا الحرب عند تعداد الضحايا، يقول هابر.
 
الوزير السابق حاييم رامون، كتب في مقال نشر في ملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت" يقول الأيام كانت شبيهة بأيام اليوم، قبل 38 عاما كنت ضابطا شابا، البلاد كانت هادئة وجنود الجيش الإسرائيلي كانوا يتزلجون في منحدرات جبل الشيخ، ويبللون أرجلهم في مياه قناة السويس، الاقتصاد كان مزدهرا ووضعنا لم يكن في مرة أفضل من ذلك، قال قادة تلك المرحلة بالضبط مثلما يقول قادتنا اليوم، غولدا مئير وأعضاء حكومتها كانو متاكدين أن إسرائيل قوية وآمنة، ولذاك رفضوا جميع اقتراحات الأرض مقابل السلام، أو بعض الأرض مقابل بعض السلام. رامون، ذكر بما كتبه لوبا إلياب قبل ثلاثة أسابيع من حرب 73 عن الكارثة التي تنتظر إسرائيل وكيف جوبهت تحذيراته باستهزاء من قبل القيادة السياسية، حتى أن رئيسة الحكومة غولدا مئير، في حينه، قالت عن إلياب بأنه أصيب بلوثة عقلية.
 
اليوم أيضا، نحن الأعداء الأشد لأنفسنا، يقول رامون، لأننا نرفض فتح أعيننا وآذاننا، لنرى ونسمع ما يجول من حولنا، ونستوعب أن الوضع القائم هو الأكثر خطرا على مستقبلنا، وأنه أصبح واضحا أن إقامة دولة فلسطينية، معزولة السلاح، ضمن ترتيبات أمنية وتبادل أراض وضم الكتل الاستيطانية، هي مصلحة صهيونية يهودية إسرائيلية حيوية، وأنه فقط بهذه الطريقة نستطيع أن نؤمن بقاء دولة إسرائيل، كدولة يهودية ديمقراطية، ونخرج من طوق العزلة الدولية المتزايد من حولنا. في النهاية هذا هو الحل القادم لا محالة، يقول رامون، لكن بأيدينا أن نحول الحتمية إلى كرم أخلاق، بمبادرة منا وإلا ستكون النتيجة كارثة يوم غفران إضافي.

التعليقات