"هل هو مجرد شغف وتقديس للطقوس أم حنين اسرائيلي للتفجيرات والحروب"

ليفي لا يعتقد بوجود اشتياق لتفجير وحنين لحرب وسط الاسرائيليين ولكن تقديس الحروب يثير الشك بوجود اسرائيليين كثيرين يحملون معهم الى جانب الألم، الخوف والرعب، ايضا اشتياقا مخفيا لميادين القتل التي جبلت فيها الصيرورة الرجولية التي شكلت حياتهم, انهم يتشوقون لنقلها من الأب الى الابن اكثر من أي تجربة اخرى.


  تحت عنوان "اشتياق للتفجيرات وحنين للحرب" تناول الصحفي والكاتب الاسرائيلي اليساري، غدعون ليفي، ما وصفها بطقوس الذكرى الاربعين لحرب 73 وفق التقويم العبري التي تتزامن مع يوم الغفران اليهودي، مشيرا باستغراب الى شغف المجتمع والنخبة الاسرائيلية بالاشتغال في ذكريات حروب الماضي وكوارث الأمس. سنتان على عملية ايتمار، سبع سنوات على ضرب الكاتيوشا على جنود الاحتياط في كفار غلعادي، 16 سنة على كارثة المروحيات، وفوق الكل حرب ال73 الحرب التي لا تعرف نهاية وهي ليست في مكان اخر.


ليفي يقول، ان هناك 2900 نصب تذكاري لضحايا الحروب في اسرائيل، أي بمعدل نصب لكل ثمانية ضحايا وللمقارنة ففي أوروبا التي اصيبت بالقتل هناك نصب تذكاري لكل عشرة الاف ضحية. في كل يوم تقريبا هناك ذكرى، كأنه لا يكفي يوم الكارثة ويوم الذكرى فهناك يوم أورشليم ويوم مقتل رابين ويوم التاسع من اب ويوم الصوم الكبير، حتى باتت الرزنامة تفقتقر الا الى القليل من الأيام العادية التي لا تحمل ذكرى ما.


ليفي لا يعتقد بوجود اشتياق لتفجير وحنين لحرب وسط الاسرائيليين ولكن تقديس الحروب يثير الشك بوجود اسرائيليين كثيرين يحملون معهم الى جانب الألم، الخوف والرعب، ايضا اشتياقا مخفيا لميادين القتل التي جبلت فيها الصيرورة الرجولية التي شكلت حياتهم, انهم يتشوقون لنقلها من الأب الى الابن اكثر من أي تجربة اخرى.


في دولة يتم فيها نسيان فناني الماضي وشطب الادباء ورجال الفكر من الذاكرة كأنهم ما كانوا فان حروب الامس هي الحاضر والمستقبل. انتظروا يوم الغفران الذي اطلت ملامحه بقصص البطولة والثكل والدبابات المحروقة، الموتى والناجين، انتظروا الكشف عن شهادات وبروتوكولات سرية لم تنشر ابدا ولا يمكنها القاء المزيد من الضوء على ما لانعرفه.  


صحيح ان كل حرب تحمل معها ذكريات مؤلمة لا يمكن نسيانها للافراد واللمجتمع وربما من المهم نقل موروث المعركة للاجيال، القادمة بغض النظر عن معانيه كما يقول ليفي ،  ولكن الخوض في الدماء بهذا الشكل هو خروج عن المألوف ويصل الى ذروته في حرب ال 73، الحرب التي يحب الاسرائيليون تذكرها اكثر من أي حرب اخرى، الحرب التي كان معظم الاسرائيليين لم يخلقوا او لم يصلوا الى اسرائيل عندما نشبت ويبدوانها الحرب الاكثر مفاجأة والاكثر ضراوة منذ عام 48 وانها الحرب التقليدية الأخيرة.


الخوض في الدماء لايبتغي التوصل الى استنتاجات والجدل الجماهيري لا يخوض في الاسئلة الرئيسية، وحتى لو تم الخوض فيها فكم من مرة يفترض التذكير بالفشل الحقيقي للحرب والمتمثل بعدم الاستماع الى نداءات المصريين للسلام والتي سبقت الحرب، الاستعلاء والنظرة الفوقية الاسرائيلية وبالاساس العمى والذي ما زال يميز اسرائيل حتى يومنا هذا ومع ذلك مع بداية "فستيفال" الشعراء حول حرب 73 لايرى ليفي غضاضة من ذكر 2569 ضحايا تلك الحرب، الذين ذهبوا هباء، على حد قوله لأنه لو كانت اسرائيل تمتلك قيادة اخرى لكانوا اليوم احياء وما كانت اسرائيل تحيي ذكرى تلك الحرب، كما يقول ليفي. 
 

التعليقات