"صوت اسماعيل/ أو تململ المارد العربي"

ولكن تحت كل ذلك ينبت شيء مشترك وعابر للحدود. انه المارد الاسلامي الذي تقع الأمة العربية الكبيرة موقع القلب منه، هذا المارد يستيقظ من غفوته الكسولة التي دامت مئات السنين ويطالب بالاحترام الذي يستحقه في العالم. لا نعرف كم من الوقت سيمر حتى يتمكن أحد ما السيطرة على هذا البحر الهائج واقامة الامبراطورية الاسلامية العظمى.


تحت عنوان "صوت اسماعيل" أشار الصحفي والكاتب أوري أليتسور، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" عشية رأس السنة العبرية، أشار الى أن الحدث الأبرز في السنة المنقضية هو ليس حدثا موضعيا بل أحداث متواصلة تعصف بالمنطقة. وفي كناية للعرب وارتباطا مع قصص من التوراة يستذكرها اليهود في صلاة رأس السنة، يقول الكاتب "اسماعيل يصدر صوتا وما تبقى من العالم يجتهد لكي يسمع صوته كما هو ويفهم ما يسمعه وهو لا ينجح في ذلك مئة بالمئة".


وفي التفاصيل يقول، مرسي يصعد، مرسي يسقط، الأسد يحارب القاعدة، الاف القتلى وملايين اللاجئين في سوريا، شيعيون وسنيون يفجرون ببعضهم البعض في العراق، الجزيرة تصب الزيت على النار وتفتح محطة داخل الولايات المتحدة، الجميع يفهم الان أن تلك ليست أصوات ربيع، لكن الغرب الذي لايعرف التفكير دون أن يرسم أولا صورة مبسطة تقسم العالم الى أخيار مقابل أشرار أو معتدلين ومتطرفين، الغرب حائر ولا يدرك ماذا يسمع.   


الكاتب الاسرائيلي يقول، ان الأمور تبدو وكأنها تفكيك للأطر وانزلاق الى الفوضى ولكن عندما تشاهد التلفاز لا يمكنك تجاهل تشابه المشاهد، أنت ترى عملية تفجير في شارع احدى المدن ولا تعرف اذا كانت تلك المدينة هي بغداد أو دمشق أو الرياض. أنت تشاهد مظاهرة شعبية في أحد الميادين ولا تميز اذا كانت في القاهرة أو حلب أو تونس انها اللغة ذاتها، الشعارات ذاتها، الثقافة ذاتها واللباس ذاته.


أطر تتفكك، انظمة تسقط، مجموعات تتحارب فيما بينها بقسوة ولكن تحت كل ذلك ينبت شيء مشترك وعابر للحدود. انه المارد الاسلامي الذي تقع الأمة العربية الكبيرة موقع القلب منه، هذا المارد يستيقظ من غفوته الكسولة التي دامت مئات السنين ويطالب بالاحترام الذي يستحقه في العالم. لا نعرف كم من الوقت سيمر حتى يتمكن أحد ما السيطرة على هذا البحر الهائج واقامة الامبراطورية الاسلامية العظمى. الى ذلك الحين، وفق اليتسور، سيتصادم هناك العلماننيين بالاسلاميين والسنة بالشيعة والاقليات الأخرى، كراهيات قديمة وولاءات قبلية تنبعث من موتها، لكن الصوت القادم من تحت هذا الزبد الهادر هو حيوية كبيرة لها نفس اللغة ونفس الحضارة ونفس الدين. 


العالم الناعس والكسول الذي أحاط بنا في طريقه لأن يتغير وهذه ليست بشرى مفرحة لنا لأن لا أحد هناك صديق لنا ولا أحد يحبنا. وربما لهذا السبب يجب أن ننصت لهذه الأصوات ونتكيف سريعا وندرس كم نحتوي من ثقافة غربية / مسيحية وكم نحتوي من ثقافة عربية اسلامية.  


دعيت مرة الى لقاء في لندن بين صحفيين اسرائيليين وفلسطينيين، وكم كان ذلك مثيرا للسخرية أن يلتقي أناس يسكنون على بعد ساعة سفر الواحد من الاخر في لندن، وان تكون الانجليزية هي لغة الحوار بينهم برغم التقارب اللغوي الكبير بينهما. في لحظة معينة، يقول، استصعبت أن أجد الكلمات بالانجليزية فقال لي احد المشاركين الفلسطينيين، بامكانك التحدث بالعبرية وعندما فحصت وجدت ان غالبية الجالسين حول الطاولة من الصحفيين الفلسطينيين يتحدثون العبرية في حين لم يكن أي من الاسرائيليين يتحدث العربية.
 

التعليقات