إعلام الاحتلال يشكل جوقة داعمة للاجتياح البري في غزة

كتاب الأعمدة الذين عبروا قبل أيام قليلة عن معارضتهم للاجتياح قلبوا مواقفهم ويعبرون الآن عن دعمه بعد البدء بشنه

إعلام الاحتلال يشكل جوقة داعمة للاجتياح البري في غزة

انبرت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة، بالتهليل للاجتياح البري الذي بدأت قوات الاحتلال بشنه ضد قطاع غزة، الليلة الماضية. واللافت أن كتاب الأعمدة الدائمين في هذه الصحف، الذين عبروا عن معارضة أو حذروا من تصعيد العدوان وخاصة من الاجتياح البري، على ضوء احتمال تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية، وتراجع مكانة إسرائيل الدولية بسبب مشاهد الدمار التي سيلحقها الاجتياح، قلبوا مواقفهم رأسا على عقب وعبروا عن تأييدهم ودعمهم للاجتياح.

وفي صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وصف كبير المعلقين، ناحوم برنياع، الذي حذر قبل يومين من مخاطر الاجتياح، العملية البرية بأنها "عملية جراحية" عسكرية بادعاء أنها ستكون مركزة من أجل تحقيق هدف معين. واعتبر أنه "لم يكن بالإمكان منع شن العملية الجراحية التي بدأها الجيش الإسرائيلي أمس داخل غزة".

وادعى برنياع أن "استمرار إطلاق الصواريخ بحجم كبير، حتى في الساعات التي خُصصت لوقف إطلاق النار، ومحاولة التوغل عن طريق النفق إلى كيبوتس صوفا (فجر أمس)، لم تُبقي خيارا أمام أعضاء الكابينيت"، علما أن الكابينيت انعقد، بحسب الصحيفة نفسها ووسائل الإعلام أخرى، يوم الثلاثاء الماضي وتم خلاله المصادقة على الاجتياح البري وتخويلرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، موشيه يعلون، بإقرار موعد بدء الاجتياح.

من جانبها، كتبت محللة الشؤون السياسية والحزبية، سيما كدمون، في الصحيفة نفسها، أن "الأنفاق هي التي رجحت الكفة. وبعد إحباط العملية في صوفا، أمس، لم يتبقى خيارا أمام الكابينيت".

وأضافت كدمون أنه "لا أحد يريد أن يتحمل مسؤولية وقوع هجوم الأسبوع المقبل أو بعد نصف سنة، فقط لأن إسرائيل لم تفعل شيئا. وثمة أمر واحد على الأقل لا يمكن قوله، وهو أن نتنياهو لم يفعل كل ما يمكن فعله من أجل منع ذلك. وينبغي أن نأمل بأن تبقى أهداف العملية متواضعة".

بدوره اعتبر المحلل العسكري في الصحيفة، ألكس فيشمان، أن "حماس استدعت إنزال هذه الضربة البرية على رأسها ودفعت حكومة إسرائيل بالقوة تقريبا إلى احتكاك أكثر عنفا وأقل ضبطا في البر".

وأضاف فيشمان أن "كل شيء مفتوح الآن. ورغم ما يبدو أنه اجتياح محدود، وغايته الاندماج في خطط دفاعية لقيادة الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، فإن الحديث يدور عن مرحلة أولى وحسب والتي بالإمكان أن تشكل أساسا لمراحل متقدمة أكثر لاحتلال قطاع غزة".

وسيكون من الصعب القول في المستقل إن وسيلة إعلام إسرائيلية اعترضت على الاجتياح البري، رغم أنه في حال إخفاق جيش الاحتلال في هذه الحرب فإن وسائل الإعلام هذه ستكون أول من يدينه، مثلما حدث في حروب في الماضي.

وحتى صحيفة "هآرتس"، التي تدعي أنها تمثل الوسط – يسار، لم تعترض على الحرب الناشبة الآن، بل ربما هي في الواقع تعبر عن موقف هذا الوسط – يسار الصهيوني. ودعت الصحيفة في افتتاحيتها إلى وضع حدود للاجتياح والعمل على إنهائه بأقرب وقت ممكن/ محذرة من ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.

وكرر المحلل العسكري في الصحيفة، عاموس هارئيل، الكليشيهات الإسرائيلية بأن نتنياهو ويعلون لم يريدا شن هذا الاجتياح "لكن حماس لم تتوقف عن إطلاق الصواريخ".

لكن المحلل السياسي المخضرم في الصحيفة، يوئيل ماركوس، أشار إلى ثمن الاحتلال وكتب أنه "صحيح أننا أقوياء، لكن قوتنا بالذات هي التي حولت قطاع غزة إلى مدرسة، أو الأدق القول أكاديمية، للمخربين".

وأضاف ماركوس أنه "في كل مرة نمارس فيها العنف فإننا ننمي المزيد من الإرهابيين. وبالإمكان أن نرى على وجوه الأطفال في غزة، الذين يشاهدون بيوتهم تهدم بغارات سلاح الجو، أن الكثيرين منهم سيكبرون ليصبحوا مخربي وقتلة المستقبل"..
 

التعليقات