"خلق تطابق بين حماس وداعش صعب نظريا وأغلى من الذهب إعلاميا"

في البيت الأبيض مسؤولون هم على قناعة بأن نتانياهو مثل العقرب الذي يتعهد للضفدع بألا يلدغها إذا وافقت على نقله إلى الضفة الثانية من النهر، وبالطبع فإن العقرب يلدغ الضفدع ويغرق كلاهما، ولكن ليس قبل أن يقول "هذا طبعي".

تحت عنوان "أعداء مشتركون وشركاء أعداء" تناول الكاتب حامي شاليف، في صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، العلاقة بين حكومة نتانياهو والإدارة الأميركية، باعتبار أنهما "شركاء أعداء"، في مواجهة "أعداء مشتركين"، في إشارة إلى حركة حماس و"داعش"، وذلك على خلفية محاولات نتانياهو تصوير الحرب على أنها "حرب حضارات"، وأن حركة المقاومة حماس لا تختلف عن "داعش"، مشيرا إلى أن محاولة خلق تطابق بين التنظيمين صعب من الناحية النظرية، ولكنه "أغلى من الذهب من الناحية الإعلامية، وخاصة في الولايات المتحدة".

وأسوة بكتاب آخرين، وصف شاليف المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بالمثير للسخرية، مضيفا إليه المؤتمر الذي عقده الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وكتب أن كليهما كانا قريبين جدا من بعضهما البعض، وبعيدين جدا الآن. وكلاهما يقودان معارك ضد منظمات وصفها بـ"الإسلامية المتطرفة" والتي يمكن اعتبارها مصيرية لمستقبل المنطقة، ومصيرية بالنسبة لهما شخصيا، بيد أنه لولا فجوات التحامل والتشكك التي تراكمت بينهما منذ خمس سنوات ونصف لكانا قد شكلا جبهة موحدة وواسعة لصالح الطرفين.

ويقول الكاتب إن رد فعل الرئيس الأميركي على قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي، من قبل "داعش"، يبدو كأنه اختير من قاموس نتانياهو الخاص بالعمليات الرهيبة، حيث وصف أوباما عناصر "داعش" بأنهم "أعداء الله والحضارة الإنسانية" و"سرطان يجب اقتلاعه حتى لا ينتشر".

وبحسبه فإن تصعيد اللهجة من قبل أوباما مرتبط مباشرة بموجات الغضب والاحتجاج التي تعم أجزاء واسعة من الولايات المتحدة في أعقاب نشر صور عملية إعدام الصحفي. ويضيف أن الرأي العام لا يدفع باتجاه الحرب، ولا يوجد رغبة في الغوص مجددا في الوحل العراقي، ولكنه كان قد يكتفي بعملية عسكرية رمزية لإنقاذ الإيزيدين، بينما ينشغل، الرأي العام، في المواجهات بين السود والبيض في فرغسون، ولكن "المس المباشر والهمجي بمواطن أميركي أثار الشعور بالإهانة والتضامن والرغبة بالانتقام والقضاء على الدولة الإسلامية" حسبما جاء في مقال هيئة التحرير في أسبوعية "ويكلي ستنادرد" المحافظة. وهنا يشير الكاتب إلى أن الحديث يبدو وكأنه لعضو كنيست من اليمين.

ويضيف أنه "مثل نتانياهو في غزة، فأوباما انجر إلى الحرب شمال غرب العراق بدون رغبته، وكذلك نتانياهو، وبالتالي فإن مكانته السياسية مرتبطة بأعدائه: الإنجازات العسكرية البارزة للدولة الإسلامية في الفترة القريبة قد تحطم بشكل تام مكانته الشعبية المتراجعة أصلا".

ويقول شاليف إن إوباما يتردد بشأن تفعيل القوة العسكرية أكثر من نتانياهو، ولكن كليهما يرتدعان عن توجيه ضربة قاصمة وحاسمة، ولذلك فكلاهما معرضان لمخاطر حرب استنزاف تستنزف قوتهما أيضا.

ويشير الكاتب إلى ما قاله نتانياهو في تل أبيب بأن "حماس هي داعش، وداعش هي حماس"، وذلك في محاولة لخلق تطابق بين التنظيمين، الأمر الذي وصفه الكاتب بالصعب من الناحية النظرية، ولكنه "أغلى من الذهب من الناحية الإعلامية"، وخاصة في الولايات المتحدة.

ويكتب شاليف "لو كان أوباما كجورج بوش بنسبة قليلة، وكان نتانياهو كإيهود باراك أو شمعون بيرس بنسبة أكبر، لكان بالإمكان تركيب المعادلة المطلوبة: "حماس = داعش"، بينما يكون الجزء الثاني من المعادلة "إسرائيل = الولايات المتحدة". ولكنهما، يضيف الكاتب، ليسا كذلك.

ويقول الكاتب إن نتانياهو قد أبعد الولايات المتحدة ووزير خارجيتها، جون كيري، عن المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، وكان بالإمكان رؤية النتائج يوم أمس في القصف في غزة والصواريخ التي أطلقت على تل أبيب. كما أبعد نتانياهو الولايات المتحدة وجون كيري عن محاولة الدفع باتجاه تسوية سياسية مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ليجد نفسه أمام حكومة الوحدة الفلسطينية، وأوصلته محاولات إحباط تشكيلها إلى ما وصلت إليه إسرائيل اليوم.

ويتابع الكاتب أنه بدون الولايات المتحدة، حتى لو "كانت ضعيفة يترأسها رئيس متردد"، لا يمكن تحقيق تسوية مستقرة في غزة، لأنها الوحيدة اتي تستطيع ضمان التزامات إسرائيل، وتوفير الغطاء للسلطة الفلسطينية، وتركيز الجهود الدولية المطلوبة لإعادة إعمار غزة، وربما إلى نزع أسلحة المقاومة منها، مضيفا أنه رغم التغييرات الإقليمية والحلفاء الجدد لإسرائيل الذين تحدث عنهم نتانياهو في المؤتمر الصحفي، فإن الولايات المتحدة فقط هي التي تستطيع قيادة عملية دبلوماسية جدية تؤدي إلى "أفق سياسي جديد" الذي ألمح له نتانياهو.

وكتب أيضا أن نتانياهو، وليس للمرة الأولى، حاول تسوية الأمور مع الولايات المتحدة وامتداح الإدارة الأميركية على دعمها لإسرائيل خلال الحرب. وبالتالي فمن الجائز أنه بسبب وجود "أعداء مشتركين"، وعلى افتراض أن نتانياهو يلمح للأميركيين برغبته التوجه إلى الأفق السياسي الذي تحدث عنه، فإن الإدارة الأميركية قد توافق، وليس للمرة الأولى على فتح صفحة جديدة، ولكن يجدر التذكر أن هناك في البيت الأبيض مسؤولون على قناعة بأن نتانياهو مثل العقرب الذي يتعهد للضفدع بألا يلدغها إذا وافقت على نقله إلى الضفة الثانية من النهر، وبالطبع فإن العقرب يلدغ الضفدع ويغرق كلاهما، ولكن ليس قبل أن يقول "هذا طبعي".
 

التعليقات