يأس وغضب شعبي في القدس المحتلة

"في الأحياء الفلسطينية نشأ جيل شاب مستعد لأن يدفع الثمن والمراهنة على مستقبله ليعبر عن الإحباط والغضب من ظروف حياته"

يأس وغضب شعبي في القدس المحتلة

تعاني القدس الشرقية المحتلة من إهمال وتجاهل لا تشهد مثيلا له أية مدينة أو منطقة في البلاد كلها، لا داخل الخط الأخضر ولا خارجه. وينعكس هذا الإهمال بتعامل سلطات الاحتلال الممعن بالعنصرية والتمييز ضد المقدسيين، خاصة عندما يهبون في غضب شعبي يعبرون من خلاله عن يأسهم من وضعهم.

ونشرت صحيفة "هآرتس"، في نهاية الأسبوع الماضي، تقريرا قالت فيه إن الاحتلال اعتقل 260 قاصرا دون سن 18 عاما في القدس الشرقية منذ بداية تموز الماضي، أي في أعقاب جريمة خطف وحرق الفتى المقدسي محمد أبو خضير، وذلك بشبهة مشاركتهم في مظاهرات غضب ومواجهات مع قوات الاحتلال. وقسم كبير من المعتقلين هم أولاد دون سن 15 عاما، وحتى أنه بين المعتقلين أولاد في سن 13 عاما.

وأنشأت "هآرتس" افتتاحية عددها اليوم، الأحد، حول هذا الموضوع، مشددة على أن تعامل سلطات الاحتلال في القدس، الشرطة والنيابة العامة والمحاكم، مع هؤلاء القاصرين المقدسيين يطرح أسئلة صعبة.

وأحد هذه الأسئلة هو أن احتمال إطلاق سراح ولد فلسطيني، حتى لو كان مشتبها بإلقاء حجر واحد باتجاه سيارة جيب مدرعة تابعة لشرطة الاحتلال، وتحويله إلى الاعتقال المنزلي هو احتمال ضئيل، وذلك قياسا باحتمال إطلاق سراح ولد يهودي متهم بالمخالفة نفسها وبمخالفات أخطر منها بكثير. ومثال على ذلك هو تحويل 11 من بين 12 من المتهمين اليهود بتنفيذ اعتداء منظم ضد شابين فلسطينيين في مستوطنة "نافيه يعقوب"، في نهاية تموز الماضي، إلى الاعتقال المنزلي. وتم ذلك رغم أنهم معظمهم بالغين ورغم أن الاتهامات ضدهم خطيرة، ولواحد منهم على الأقل ماض جنائي بارتكاب مخالفة مشابهة بتنفيذ اعتداء على خلفية عنصرية.

واقتبست الصحيفة من إفادات أدلى بها ذوو ومحامو المعتقلين القاصرين الفلسطينيين، التي تبين منها أن شرطة الاحتلال لا تطبق "قانون الأحداث" عندما يتعلق الأمر بفتية وأولاد قاصرين، الذين يعتقلون في ساعات الليل المتأخرة ويحقق معهم لفترة طويلة من دون حضور ذويهم، وهو أمر مخالف للقانون.

ورأت الصحيفة أنه "يصعب التحرر من الشعور بأن أجهزة القانون والمحاكم قررت التشدد ضد المشتبهين الصغار، على حساب إصلاح أوضاعهم، على أمل أن يؤدي الأمر إلى تهدئة الخواطر. لكن النتيجة قد تكون معاكسة. ووفقا لشهادات الأهالي ومعلمين في شرقي القدس، فإن احتمال عودة ولد قبع في الاعتقال، ولو لعدة أيام، إلى طريق العنف هو احتمال كبير جدا".

وأضافت الصحيفة أن "مشاركة الأولاد في أعمال العنف تكشف أكثر شيء عن عدم فائدة سياسة إسرائيل في شرقي القدس. وبعد 50 عاما من الاحتلال والسلب والضم والاستيطان، وبعد سنوات من إقامة السور الفاصل التي عزلت القدس الشرقية عن الضفة، نشأ في الأحياء الفلسطينية للعاصمة جيل شاب مستعد لأن يدفع الثمن والمراهنة على مستقبله من أجل أن يعبر عن الإحباط والغضب من ظروف حياته".

وخلصت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أنه "ما زال مبكرا توقع ما إذا كانت الأحداث التي بدأت في القدس في بداية الصيف ستتطور إلى انتفاضة متواصلة. لكن مشاركة عدد كبير من الأولاد في هذه الأحداث ترمز إلى أن هذه ليست هبة منظمة وموجهة من أعلى، وإنما هذا غضب شعبي نابع من اليأس من الوضع القائم. واستمرار تجاهل الحكومة وبلدية القدس لمشاكل شرقي المدينة من خلال التستر تحت شعار ’القدس موحدة إلى الأبد’، لن تسهم بكل تأكيد في تهدئة الوضع".     
 

التعليقات