تقرير: خلافا لمدن الضفة تتجه القدس إلى المزيد من التصعيد مع الاحتلال

الشاباك كان قد حذر في تقرير له عام 2008 من تصاعد عدد المقدسيين المشاركين في عمليات المقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى ظاهرة تنفيذ عمليات بشكل فردي، وتشكل تنظيمات محلية، والمبادرة إلى تنفيذ عمليات بدون توجيهات من الخارج

تقرير: خلافا لمدن الضفة تتجه القدس إلى المزيد من التصعيد مع الاحتلال

 تناول تقرير، نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، الأوضاع في القدس، مشيرا إلى تصاعد عدد منفذي العمليات في السنوات الأخيرة، بالمقارنة مع مدن الضفة الغربية، خلافا لما كان عليه الوضع في السابق في فترة الانتفاضة الأولى. واعتبر التقرير أن ما أسماه عملية "الأسرلة" في سلوك المقدسيين لتسهيل أمور حياتهم المعيشية اليومية يترافق مع تعزز المشاعر القومية والدينية، والاتجاه نحو التصعيد مع الاحتلال.

وكانت شوارع القدس قد اكتظت يوم أمس، الخميس، بعناصر شرطة حرس الحدود والوحدات الخاصة، إضافة إلى عدد من بالونات الرصد في أجواء المدينة، كما حلقت مروحية طوال نهار أمس فوق القدس المحتلة.

ويأتي تعزيز قوات الاحتلال في المدينة في إطار حملة لفرض الهدوء على المدينة التي تشهد مواجهات متواصلة منذ شهور. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، فإن شرطة الاحتلال عبرت عن "تفاؤل حذر" بشأن تراجع عدد حالات الرشق بالحجارة، وعزت ذلك إلى زيادة ضغط قوات الاحتلال إضافة إلى الضغوط الاقتصادية عن طريق عمليات شاملة قامت بها بلدية الاحتلال وسلطة الضرائب، ولكن العملية التي نفذها معتز حجازي، محاولة اغتيال يهودا غليك، قلبت كل الأوراق رأسا على عقب.

وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من عدم اتضاح ما إذا كانت محاولة الاغتيال نفذت من قبل شخص واحد أو أكثر، إلا أن حجازي ينضم بذلك إلى ثلاثة آخرين نفذوا ثلاث عمليات في القدس في الشهور الأربعة الأخيرة، وذلك في إشارة إلى محمد جعابيص وعبد الرحمن الشلودي، وثالث لم يعتقل نفذ عملية إطلاق نار في جبل المشارف ما أدى إلى إصابة جندي بجروح خطيرة، علما أن تقديرات قد أشارت يوم أمس إلى أن حجازي قد يكون هو منفذ العملية.

ولفت التقرير في هذا السياق إلى تصريحات وزير الأمن الداخلي، يتسحاك أهرونوفيتش، والتي عبر فيها عن تفاؤله في إعادة الهدوء إلى القدس، إلا أنه حذر ممن يعملون لوحدهم بشكل فردي في تنفيذ عمليات، باعتبار أن وسائل قوات الاحتلال في تفريق المظاهرات ومواجهة راشقي الحجارة ليست ذات صلة في هذه الحالة.

وتساءلت الصحيفة عن "عدد الشبان المقدسيين الذين يجلسون في بيوتهم يخططون لتنفيذ عمليات، كما تساءلت عما إذا كانت إسرائيل، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن انتفاضة شعبية تنطلق من القدس، ستواجه موجة من العمليات تنطلق من المدينة أيضا".

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الشاباك كان قد حذر في تقرير له عام 2008 من تصاعد عدد المقدسيين المشاركين في عمليات المقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى ظاهرة تنفيذ عمليات بشكل فردي، وتشكل تنظيمات محلية، والمبادرة إلى تنفيذ عمليات بدون توجيهات من الخارج.

كما لفت التقرير إلى الفارق بين القدس وبين باقي مدن الضفة الغربية، حيث تناول باحث مختص في شؤون "القدس الشرقية"، عيران تسيدكياهو، مشاركة المقدسيين في تنفيذ عمليات خلال السنوات الـ15 الأخيرة، حيث يتضح أن هناك علاقة عكسية بين ما يحصل في القدس، وبين ما يحصل في الضفة الغربية.

وتناول التقرير الفترة ما بين 2000 وحتى عام 2005، سنوات الانتفاضة الثانية، حيث كان عدد المشاركين المقدسيين في تنفيذ عمليات أقل بكثير، حيث شهدت القدس سلسلة من العمليات، في حينه، قتل فيها أكثر من 200 إسرائيلي، وتبين أن ثلاثة فقط من بين منفذي 30 عملية هم من القدس.

وبحسب معطيات الشاباك فإن الرسم البياني للمقدسيين المشاركين في تنفيذ عمليات ض الاحتلال بدأ يتصاعد في العام 2008، بينما شهدت الضفة الغربية هدوء نسبيا، واستمر التصاعد مدة سنتين، وتراجع في العام 2011، ولكنه تصاعد مرة أخرى في العام الأخير، وخاصة في الشهور الأربعة الأخيرة.

وضمن التفسيرات التي يعرضها التقرير، تمت الإشارة إلى بناء جدار الفصل الذي مس بالمجتمع الفلسطيني في القدس وفي اقتصاده، ودخول اليهود المتصاعد إلى الحرم المقدسي، والاستيطان اليهودي في داخل الأحياء الفلسطينية. ويضيف الباحث الإسرائيلي إلى ذلك ما اسماه "تحطيم القيادة الفلسطينية في القدس"، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية هي عنصر يدفع باتجاه الاعتدال، في حين يمنع نشاط السلطة في القدس التي باتت بدون قيادة محلية.

ويتابع التقرير أنه مهما كانت التفسيرات لذلك، فإن الظاهرة التي بدأت عام 2008 تتكرر في هذا العام، بينما لا تزال مدن الضفة الغربية هادئة.

إلى ذلك، يدعي التقرير أن المجتمع الفلسطيني في القدس يشهد في السنوات الأخيرة ظاهرة متناقضة، حيث أن هناك اندماجا مع المجتمع الإسرائيلي من جهة، ومن جهة ثانية تتعزز الهوية القومية الفلسطينية. واعتبر حجازي على أنه خير مثال على ذلك، فهو أسير محرر من جهة، ومن جهة أخرى كان يعمل في مطعم تابع لما يسمى بـ"مركز تراث بيغين".

وبحسب التقرير فأيضا فإنه في السنوات الأخيرة يزداد عدد الفلسطينيين المتقدمين لامتحانات الثانوية (البجروت) مقارنة بالتوجيهي، ويرتفع عدد الطلبات للحصول على المواطنة الإسرائيلية، كما يرتفع عدد الفلسطينيين الذين يتعلمون اللغة العبرية، والذين يتعاونون مع البلدية والسلطات الإسرائيلية. كما يعتبر التقرير أن القطار الداخلي ساهم في عملية الدمج السكاني، في حين يعمل شبان فلسطينيون أكثر في مركز القدس والمجمعات التجارية فيها. وفي الوقت نفسه فإن "العنف يتصاعد في القدس الشرقية، كما حصل تطرف ديني وقومي في وسط المقدسيين". بحسب التقرير.

ولفت التقرير أيضا إلى تصريحات المفتش العام للشرطة، يوحنان دنينو، يوم أمس، والتي قال فيها إن الوضع لا يزال بعيدا عن "الانتفاضة الثالثة"، ولكن القدس وما يجري فيها من تناقضات، خلافا عن مدن الضفة الغربية، تصعب توقع وجهة الأحداث.

التعليقات