شيلح: ليس لدى إسرائيل إستراتيجية لمواجهة أعدائها الحاليين

شيلح، رئيس لجنة الكنيست السرية لبناء القوة العسكرية: حماس بَنت وجهتها واستعداداتها طوال خمس سنوات قبيل الحرب. ولم تكن في هذه الحرب أية مفاجأة، خلافا لحرب تشرين 1973 وحرب لبنان الثانية. رغم ذلك، حاربنا 51 يومنا من دون أي إنجاز

شيلح: ليس لدى إسرائيل إستراتيجية لمواجهة أعدائها الحاليين

اعتبر قائد الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، سامي ترجمان، أن إسرائيل 'انتصرت' في حربها العدوانية على قطاع غزة، الصيف الماضي، فيما وصف عضو الكنيست عوفر شيلح، المحلل العسكري السابق، هذه الحرب بأنها إخفاق غير عادي، وحتى أن إخفاق الحكومة الإسرائيلية، وخصوصا الكابينيت، أي الحكومة الأمنية – السياسية المصغرة، فاق إخفاق إسرائيل في حرب تشرين العام 1973.

وقال ترجمان في مقابلة أجرتها معه صحيفة 'يديعوت أحرونوت' ونشرت مقاطع منها اليوم، الخميس، على أن تنشرها كاملة غدا، 'إننا نراقب حماس عن قرب، وقد عادت، بكل تأكيد، إلى حفر أنفاق ليصل عددها إلى عدد الأنفاق التي كانت موجودة عشية الجرف الصامد. وهم بنوا طوال سنين قدرتهم التحت أرضية، وهناك تلقوا أيضا إحدى أشد الضربات'.

وأبدى ترجمان امتعاضه من انتقادات تعالت داخل إسرائيل وشككت في انتصارها في هذه الحرب العدوانية، معتبرا أن العملية العسكرية 'الجرف الصامد تسببت بضرر شديد للغاية لحق بحماس، والأشد منذ تأسيسها، فقد أصيبت كافة عناصر الحركة. والجرف الصامد كانت انتصارا' بادعاء أنه كانت لدى حماس خططا لم تتمكن من تحقيقها 'لأننا كنا مستعدين وأزلنا الخطر'، علما أنه تعالت انتقادات عديدة داخل إسرائيل حول استعداد الجيش وعدم جهوزيته لمواجهة الأنفاق.

وقال ترجمان إن 'ثمن ما ينبغي فعله من أجل تحسين عمل الاستخبارات، وخصوصا المعلومات الاستخبارية النوعية ضد قطاع غزة. لأنه على الرغم من عمل الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية، فإن الفجوات الاستخبارية لم تكن تجميلية وحسب، وإنما هي قيّدت قدرتنا على جباية ثمن كبير من حماس وخلال وقت قصير'.

من جهة أخرى، وجه عضو الكنيست عن حزب 'ييش عتيد'، عوفر شيلح، وهو رئيس لجنة بناء القوة العسكرية المتفرعة عن لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وجّه انتقادات شديدة لأداء إسرائيل خلال العدوان الأخير على غزة. ورغم أن لجنة الخارجية والأمن أعلنت أنها ستجري تحقيقا في سير الحرب، إلا أن تحقيقا كهذا لم يتم بسبب إعلان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عن تقديم موعد الانتخابات. وشدد على أن تحقيقا كهذا لن يجري أيضا.  

عضو الكنيست عوفر شيلح (بلطف عن 'هآرتس')

وانتقد شيلح، في مقابلة أجرتها معه صحيفة 'هآرتس'، ونشرتها على موقعها الالكتروني اليوم، القيادة الإسرائيلية 'الغارقة في مخطط طموحة لمعالجة التهديد النووي الإيراني، فيما أرجل الجيش مغروسة في المستنقع البوليسي اليومي في الضفة الغربية. ورغم أن قباطنة الدولة يرون بجولة قتال متكررة في قطاع غزة على أنها قضاء وقدر، فإنهم لا يجهزون الدولة والجيش لهذه المواجهة، والأخطر من ذلك أنهم لا يستخلصون الدروس المطلوبة مما حدث استعدادا لمواجهة أخطر قد تنشب مع حزب الله في لبنان في المستقبل'.   

وأضاف شيلح أن الفشل الأشد هو 'غياب الخطوة السياسية المكملة (من أجل إنهاء الحرب)، والتي بدونها تبقى العملية العسكرية دائما من دون سياق ومن دون إنجازات حقيقية. ورفض نتنياهو المبادرة إلى عملية سياسية إقليمية، ومصلحة إسرائيل في إطارها هي لجم حماس وجعل غزة منزوعة السلاح في موازاة إعمارها، أوجد وضعا عدنا فيه إلى البداية: قوة حماس تتعاظم مرة أخرى، وإسرائيل ومصر تخنقانه ثانية. وإن لم يكن هناك تغيير، فإن الجولة الثانية هي مسألة وقت، وستكون أشد من الجرف الصامد'.  

ورأى شيلح أن الفشل الإسرائيلي الحقيقي 'نابع، ليس فقط من أن نتنياهو تخوف من عملية إقليمية ستجلب عليه بالضرورة ضغوطا لإجراء مفاوضات مع رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن (محمود عباس)، وإنما هو نابع من شيء أعمق، وهو أنه لا توجد لدى إسرائيل أية إستراتيجية، سياسية وعسكرية، لمواجهة أعدائها الحاليين'.

وأردف شيلح 'أننا نواجه في الشمال والجنوب منظمات وليست دول، ومسؤوليتها حيال الأراضي التي تتواجد فيها ليست معرّفة، وأي تسوية معها صعبة. كذلك فإن جهاز القيادة والسيطرة فيها تختلف عما هو موجود في جيش نظامي، وهي تستخدم السكان المدنيين كمأوى وتخلق وضعا يكون فيه أي مس بمحيطها يسببه الجيش الإسرائيلي صعبا، وهي تربح من ذلك ولا تخسر'.

ورأى شيلح أن هذا الوضع 'يستوجب (من إسرائيل) وضع عقيدة قتالية مختلفة وتفكير مختيلف حول كيفية الحسم. لكن لا المؤسسة السياسية ولا الجيش الإسرائيلي بنيا عقيدة كهذه، رغم أن هذه الحرب تتبلور أمام أعيننا منذ سنين. ومن الناحية الفعلية، لم يبنِ الجيش الإسرائيلي نفسه مقابل الحرب الحقيقية التي أمامنا وإنما مقابل حرب متخيلة، ولم تعد موجودة' في إشارة إلى الحروب بين الجيش النظامية.

وبنظر شيلح، فإن إخفاق إسرائيل خلال العدوان الأخير على غزة فاق إخفاقها حتى في حرب تشرين ('يوم الغفران') العام 1973. وقال إنه 'في يوم الغفران كانت هناك مفاجأة استخبارية ورافقها فشل القيادة، لكن جرى اختبار الفكرة الأساسية لمفهوم الأمن والمقاتلين (الإسرائيليين) في الجبهة نجحوا في قلب الأمور رأسا على عقب. وشهدنا خلال حرب لبنان الثانية نقصا في أهلية الجيش الإسرائيلي بعد سنوات الانتفاضة الثانية في الضفة، إلى جانب فشل القيادة في إدارة الحرب. لكن في غزة نشبت حرب كانت وجهتها واستعدادات العدو لها قد بُنيت طوال خمس سنوات. ولم تكن فيها أية مفاجأة. وكان هناك يقين مطلق بأنها ستنشب. ورغم ذلك، حاربنا 51 يومنا من دون أي إنجاز'.     

التعليقات