أذربيجان تدرس فتح اراضيها امام إسرائيل في حال مهاجمة إيران

وتحصل أذربيجان في إطار صفقة أسلحة العام الماضي على ما يصل إلى 60 طائرة إسرائيلية دون طيار مما يعطيها قوة استطلاع أكبر بكثير مما تتطلبه حراسة منشآت النفط أو حتى شن أي عمليات ضد جيب ناجورونو قرة باغ المنشق وفقا للكثير من المحللين.

أذربيجان تدرس فتح اراضيها امام إسرائيل في حال مهاجمة إيران

،قض خيار أتاحته إسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الايرانية بمفردها -مضاجع منطقة الشرق الأوسط وأصاب واشنطن الحليفة الرئيسية لإسرائيل بالاضطراب في أوج حملة الانتخابات الرئاسية الأميvكية.

وبدا نفاد صبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقال إن إيران أمامها عام بالكاد حتى تصل إلى "الخط الأحمر" الذي يجعلها تمتلك قنبلة نووية. لكن العديد من الإسرائيليين يخشون فشل هجوم أحادي لا تشارك فيه القوات الأمريكية خاصة في مواجهة عدو كبير وبعيد مثل إيران. لكن ماذا لو لم تكن إسرائيل بمفردها حتى ومن دون واشنطن؟

تقول مصادر محلية على دراية بالسياسة العسكرية في أذربيجان الجمهورية السوفيتية السابقة الغنية بالنفط والواقعة على الحدود الشمالية لإيران إن أذربيجان استكشفت مع إسرائيل كيف يمكن للقواعد الجوية وطائرات التجسس من دون طيار فيها أن تساعد الطائرات الإسرائيلية على شن هجوم بعيد المدى.

وثمة بون شاسع بين القوة العسكرية الضخمة والغطاء الدبلوماسي الذي يطلبه نتنياهو من واشنطن إلا أنه وعن طريق سد فجوات نقاط الضعف الإسرائيلية الأساسية - وأهمها إعادة التزود بالوقود والاستطلاع وطواقم الإنقاذ - فإن مثل هذا التحالف يمكن أن يحث إسرائيل على دراسة جدوى التحرك دون مساعدة أميركية.

وقد يكون للأمر تداعيات ثانوية أوسع حيث يشكك كثيرون في أن رئيس أذربيجان إلهام علييف سيجازف بالإضرار بقطاع الطاقة الذي تعتمد ثروته عليه أو استفزاز الإسلاميين الذين يحلمون بالاطاحة بحكمه في مقابل مجرد نيل إعجاب إسرائيل.

ولكن رغم نفي الأمر رسميا في إسرائيل وأذربيجان فإن ضابطين سابقين في جيش أذربيجان تربطهما صلات بجنود في الجيش ومصدرين في المخابرات الروسية قالوا لرويترز إن أذربيجان وإسرائيل تدرسان كيف يمكن للقواعد والمخابرات الأذرية المساهمة في أي هجوم محتمل على إيران.

وقال مستشار أمني ذو صلات بمقر الدفاع في باكو عاصمة أذربيجان "من أين ستقلع الطائرات - من هنا أو من هناك ولكن إلى أين؟ - هذا هو ما يتم التخطيط له الان.. يريد الإسرائيليون السماح لهم باستخدام قواعد في أذربيجان."

ولم يعد خافيا أن علييف أصبح حليف الحكومات الغربية وشركات النفط وصديقا نادرا لإسرائيل ضمن زعماء الدول الإسلامية ومادة للانتقاد في إيران. وأبرمت أذربيجان صفقة أسلحة بقيمة 1.6 مليار دولار وتضم العشرات من الطائرات الإسرائيلية بلا طيار كما أن تعطش إسرائيل للنفط الأذري الخام في بحر قزوين بات مؤكدا.

وزار وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان باكو في نيسان (ابريل) هذا العام.

ونقلت برقية دبلوماسية أميركية تم تسريبها وتعود لعام 2009 عن علييف الذي تولى الحكم خلفا لوالده في عام 2003 وصفه للعلاقات مع إسرائيل بأنها تشبه "جبل الجليد" الذي يكون معظمه مختفيا تحت السطح.

وينفي مساعدو علييف تماما أنه سيجازف بإثارة حنق إيران جارته القوية من خلال المساهمة في شن حرب عليها. وسيكون من الصعب أيضا رصد التداعيات الأكبر لأي عمل عسكري في منطقة يمثل فيها الصراع "المتجمد" بين أذربيجان وأرمينيا عنصرا من بين عناصر أخرى كثيرة للاضطرابات حيث تتنافس قوى كبرى مثل تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة وأوروبا الغربية وحتى الصين على النفوذ في المنطقة.

وقال رسيم مصعبيوف وهو نائب أذري مستقل وعضو في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان إنه رغم عدم وجود معلومات محددة لديه فإنه يدرك أن أذربيجان من المحتمل أن تساهم في أي خطط إسرائيلية ضد إيران على الأقل في حالة الطوارئ لاعادة تزويد القوات الهجومية بالوقود.

وقال مصعبيوف: "إسرائيل لديها مشكلة تتمثل في أنها إذا كانت ستقصف إيران ومواقعها النووية فإنها تفتقر إلى إعادة التزود بالوقود. أعتقد أن خطتها تشمل قدرا من الاستخدام لقواعد في أذربيجان.. لدينا (قواعد) مزودة بمعدات ملاحية حديثة كاملة ودفاعات مضادة للطائرات وأفراد دربهم الأمريكيون ويمكن استخدامها في حالة الضرورة ودون أي استعدادات".

وأوضحت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أنها لا ترحب بحديث إسرائيل من آن لأخر عن الحرب وأنها تفضل الدبلوماسية وفرض العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية في سبيل وقف البرنامج النووي الإيراني الذي تنفي طهران أن له أغراضا عسكرية.

وتستثمر واشنطن أيضا في دفاعات أذربيجان ومنشآتها التي تستخدمها القوات الأمريكية في نقل الإمدادات لأفغانستان لذا فمن غير المرجح أن ترحب بانضمام علييف في أي عمل ضد إيران.

ويصر الفريق الرئاسي الأذري على أن هذا لن يحدث.

وقال رشاد كريموف من فريق علييف: "لا يمكن لدولة ثالثة استخدام أذربيجان لشن هجوم على إيران.. كل هذا الحديث محض تكهنات". وكرر كريموف نفيا مماثلا صدر من باكو وإسرائيل عندما نقلت مجلة فورين بوليسي تصريحات لمسؤولين أمريكيين في مارس اذار عبروا فيها عن قلقهم من أن الهجوم الأذري-الإسرائيلي قد يحبط جهود الدبلوماسية الأمريكية تجاه إيران وفي منطقة القوقاز.

وينفي المسؤولون الإسرائيليون أي حديث بشأن مساهمة أذربيجان في الهجوم على إيران ويرفضون أي تعليقات علنية بشأن أي تفاصيل محددة.

وحتى في الأحاديث الخاصة فإن قلة من المسؤولين الإسرائيليين سيناقشون الأمر. ويقول المشككون في الأمر أن الاستخدام المعلن للقواعد الأذرية من جانب إسرائيل سيؤدي إلى العديد من ردود الأفعال العدائية. وقال مصدر سياسي إن نقل حاملات طائرات لا تحمل علامات جوا إلى خارج أذربيجان لتوسيع مدى قوة القصف الإسرائيلية وزيادة حمولتها قد يلعب دورا في التخطيط الإسرائيلي.

ورغم نفي المعرفة المباشرة بالتفكير العسكري الحالي بشأن إيران فإن الإسرائيليين قالوا إن أحد الاحتمالات الواردة قد يكون "إرسال طائرة إعادة تزود بالوقود إلى هناك لتبدو وكأنها طائرة ركاب مدنية حتى يمكنها أن تقلع فيما بعد وتلتقي جوا مع طائرات القوات الجوية الإسرائيلية".

وتفصل آلاف الأميال بين طهران وتل أبيب مما يجعل معظم أراضي إيران بعيدة عن مرمى طائرات اف-16 الإسرائيلية أمريكية الصنع وطائرات اف-15 لذا فإن إعادة التزود بالوقود مهمة للغاية.

ولا يوجد إجماع بين الزعماء الإسرائيليين بشأن احتمال شن أي هجوم على المواقع النووية الإيرانية سواء في إطار عملية أميركية أوسع نطاقا أم لا. ورأى العديد من الإسرائيليين أن خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي عندما تحدث عن "الخط الأحمر" يجعل أي هجوم على إيران يبدو غير محتمل على الأقل في غضون أشهر قليلة.

لكن كثيرين يفترضون أيضا أن إسرائيل تجسست منذ وقت طويل بل انها قوضت خططا إيرانية تقول قوى غربية إنها تستهدف امتلاك أسلحة ذرية ترى إسرائيل أنها تهدد وجودها نفسه.

ووصف مصدر سياسي إسرائيلي ثان فكرة استخدام أذربيجان كمنصة إطلاق أو مهبط للطائرات الإسرائيلية بأنها "مضحكة" لكنه اتفق مع المصدر الأول في أنه يمكن افتراض عمليات مشتركة بين إسرائيل وأذربيجان في مجال المخابرات. وقالت المصادر الأذرية إن مثل هذا التعاون موجود.

وتحصل أذربيجان في إطار صفقة أسلحة العام الماضي على ما يصل إلى 60 طائرة إسرائيلية دون طيار مما يعطيها قوة استطلاع أكبر بكثير مما تتطلبه حراسة منشآت النفط أو حتى شن أي عمليات ضد جيب ناجورونو قرة باغ المنشق وفقا للكثير من المحللين.

وقال النائب مصعبيوف: "وبهذه الطائرات من دون طيار يمكن (لإسرائيل) بشكل غير مباشر مراقبة ما يحدث في إيران بينما نحمي نحن حدودنا". وكررت مصادر عسكرية أذرية سابقة الرأي نفسه.

والمصادر في أذربيجان والمخابرات الروسية أقل تحفظا من المسؤولين الإسرائيليين وتقول هذه المصادر إن باكو قد تقدم لإسرائيل ما هو أكثر بكثير لكنها قالت إنه ليس لديها علم بالتوصل لأي اتفاق. وتراقب موسكو عن كثب أذربيجان التي تمثل باحة خلفية سوفيتية سابقة بالنسبة لها.

ويعيش قرابة تسعة ملايين نسمة في اذربيجان ويتحدثون لغة قريبة من التركية وأغلبهم من الشيعة. وتوجد في أذربيجان أربع قواعد جوية سوفيتية سابقة قالت مصادر أذرية إنها ربما تكون مناسبة للطائرات الإسرائيلية. وأوردت المصادر اسماء قواعد كيودامير في وسط البلاد وجيانجا في الغرب وناسوسني وجالا في الشرق.

وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها ساعدت على تحديث قاعدة ناسوسني الجوية حتى يستخدمها حلف شمال الأطلسي. ويستخدم الحلف أيضا منشآت تجارية أذرية في طريقه لنقل الإمدادات إلى أفغانستان لكن المساعدات العسكرية الأمريكية لأذربيجان تقتصر على لعب دور الوسيط في نزاعات باكو مع ارمينيا.

وقال مصدر له صلات بجيش أذربيجان "لا توجد قاعدة رسمية واحدة للولايات المتحدة ولا إسرائيل على أرض أذربيجان. لكن هذا من الناحية الرسمية. وبصفة غير رسمية فإنها موجودة ويمكن استخدامها".

وقال المصدر إن إيران كانت موضوعا رئيسيا للمحادثات في ابريل مع ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي المولود في الاتحاد السوفيتي السابق.

وقال الضابطان السابقان في جيش أذربيجان إن مدارج إقلاع الطائرات التي ستوفر رحلات جوية أقصر لمواقع مهمة في شمال إيران من بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض وبطاريات الصواريخ في تبريز قد تشارك في حرب إسرائيلية تستخدم طرقا غير مباشرة بشكل أكبر.

ومع قلق إسرائيل من إمكان تعرض طواقم الطائرات التابعة لها للخطف فإن خطط إنقاذ الطيارين الذين تسقط طائراتهم ربما تشكل مكونا مهما في أي خطة هجومية. وقالت المصادر إن طائرات الهليكوبتر لمهام البحث والإنقاذ قد تعمل من أذربيجان ويمكن للطائرات التي تتعرض للقصف أو يقل فيها مخزون الوقود الهبوط في قواعد أذرية في حالات الضرورة القصوى.

ويحمل هذا الدور مخاطر على أذربيجان ومنصاتها النفطية وخطوط أنابيب النفطية التابعة لها والتي تتولى تشغيلها شركات دولية.

والهجوم على إيران مثار جدل في باكو. وزودت الولايات المتحدة أذربيجان بثلاثة من سفن خفر السواحل ومولت سبعة مواقع رادار ساحلية كما قدمت لها مساعدات أخرى لحماية مواقعها النفطية.

وتأزمت العلاقات منذ وقت طويل بين أذربيجان وإيران التي يوجد فيها ضعف عدد الأذريين الذين يعيشون في أذربيجان نفسها. وتبث طهران قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الأذرية على الحدود وتصور القناة علييف على أنه دمية في يد إسرائيل والغرب كما تلقي الضوء على الفساد في باكو.

وترى أذربيجان أن لإيران دورا في حركة معارضة إسلامية واعتقلت الدولتان أشخاصا قالتا إنهم جواسيس يثيرون الاضطرابات.

وفي مواجهة ميزان قوة مضطرب فإن حكومة علييف لا تخفي كون إسرائيل حليفة لها. وقال مساعد للرئيس علييف طلب عدم ذكر اسمه "نعيش في منطقة خطيرة وهذه هي أبرز قوة دافعة في علاقتنا مع إسرائيل".

وقال أحد الضابطين الأذريين في إشارة إلى وقف مضطرب لإطلاق النار بدأ قبل 18 عاما في الصراع على منطقة ناغورنو قرة باغ "نستمر في شراء الأسلحة. فمن ناحية هي استراتيجية جيدة لترويع أرمينيا. لكنك لا تجمع الأسلحة لتعلقها على الحائط لتتراكم عليها الأتربة، ويوما ما قد تستخدمها كلها".

التعليقات