02/01/2020 - 08:41

د. دلال: التطعيم ضد الإنفلونزا ضروري ولا مبرر لحالة الهلع

قال اختصاصي أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في المستشفى الفرنسي بالناصرة وفي عيادات صندوق المرضى العام، د. رائد دلال، لـ"عرب 48"، إن "كل شخص لم يحصل على التطعيم ضد الإنفلونزا معرّض للإصابة بها".

د. دلال: التطعيم ضد الإنفلونزا ضروري ولا مبرر لحالة الهلع

توضيحية (Pixabay)

حذر عدد من الأطباء والدوائر الصحية من انتشار جدي للإنفلونزا خلال فصل الشتاء الحالي في البلاد.

والإنفلونزا هي النزلة الوافدة، مرض فيروسي يتميز بالتفشي الموسمي، على نطاق واسع. والمسبب له هو فيروس الإنفلونزا الذي ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الجهاز التنفسي.

وحذر الأطباء المختصون من الاستهانة بالمخاطر المحدقة التي قد تتسب بها الإنفلونزا.

وقال اختصاصي أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في المستشفى الفرنسي بالناصرة وفي عيادات صندوق المرضى العام، د. رائد دلال، لـ"عرب 48"، إن "كل شخص لم يحصل على التطعيم ضد الإنفلونزا معرّض للإصابة بها"، لكنه لا يرى أي مبرر لحالة الهلع التي تسود بين المواطنين، اليوم، والتي تسببت بنفاد جرعات التطعيم من كافة صناديق المرضى في البلاد.

د. رائد دلال

وأضاف د. دلال، أن "فيروس الإنفلونزا عادة لا يشكل خطرا على حياة الأشخاص الأصحّاء والمعافين. المشكلة تكمن لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية وخاصة الأمراض التي تضعف جهاز المناعة، بالإضافة إلى كبار السن والرضّع والمرضى الذين يتعاطون العلاج الكيماوي والستيروئيدات التي تضعف جهاز المناعة. وبشكل عام الإنسان المعافى الذي يصاب بالإنفلونزا جسمه يكون قادرا على مقاومة فيروس الإنفلونزا بشكل طبيعي دون أن يسبب ذلك خطرا على حياته".

"عرب 48": يجمع الأطباء على أن فيروس الإنفلونزا هذا العام أكثر شراسة من ذي قبل، وأنه منذ ظهور إنفلونزا الخنازير ازدادت حدة فيروس الإنفلونزا، هل هناك تفسير لهذا الأمر؟

د. دلال: هناك ظاهرة تأثر الفيروسات بالمركبات الجينية لفيروس معين لدى وجود فيروس آخر في محيطه، وهناك إمكانية من هذا النوع، لكن لا توجد معلومات علمية دقيقة حول تأثر فيروس الإنفلونزا العادية بفيروس إنفلونزا الخنازير.

"عرب 48": أنت لا زلت تدعي أن الأشخاص الذين هم خارج دائرة الخطر لا تحدث لديهم مضاعفات خطيرة. كيف تفسر وفاة أشخاص أصحاء تماما مثل شاب (19 عاما) وفتاة (14 عاما) من مضاعفات الإنفلونزا؟

د. دلال: في الواقع السؤال الذي يطرح هو هل هم كانوا بالفعل أصحاء أم أنه كان لديهم مرض غير معلوم كضعف في عضلة القلب أو ضعف في جهاز المناعة غير مشخص من قبل؟ هذا السؤال يطرح بلا شك، أما أنا فأدعي بأن الإنسان السليم والمعافى يجب أن يعبر من الإنفلونزا بسلام، وهذا لا يقلل من حقيقة أن الفيروس شرس وحاد بشكل استثنائي. المرض هو صعب بلا شك، لكنه ليس فتاكا. ومن الضروري أن نفرق بين الإنفلونزا وبين الزكام العادي فالأمور تداخلت، اليوم، بسبب حالة الهلع وقد حدثت بلبلة بين الجمهور البسيط وحتى أن هذه البلبلة وصلت إلى أشخاص من داخل الدائرة الطبية، فلم يعودوا يفرقوا بين الإنفلونزا وبين الزكام.

"عرب 48": كيف نفرق بينهما؟ نحن نعلم أن أعراض الإنفلونزا تختلف عن أعراض الزكام العادي؟

د. دلال: نعم، بالتأكيد هناك أعراض للإنفلونزا غير موجودة في الرشح العادي (الزكام). فالإصابة بالإنفلونزا عادة تحدث بشكل مفاجئ وليس بشكل تدريجي، بمعنى أنه خلال 24 ساعة أو 36 ساعة تكون أعراض الإنفلونزا واضحة بشكل جليّ، وأهمها ارتفاع درجة حرارة الجسم، أوجاع عضلات، صداع، ضعف عام قد يرافقه تقيؤ وإسهال، وقد يرفقه أعراض تصيب جهاز التنفس العلوي كالرشح والسعال، وفقدان الشهية. أما الرشح أو الزكام العادي فإنه فيروس مختلف كليا قد يصاب به الإنسان ويكمل حياته ونشاطه بشكل عادي مع احتقان في الأنف، لكنه لا يسبب ارتفاعا بدرجة الحرارة ولا صداعا حادا، ولا ضعفا عاما.

"عرب 48": هل كلاهما معد بنفس الطريقة (رذاذ العطس أو السعال)؟

د. دلال: نعم، كلاهما معد، ولكن لفيروس الإنفلونزا عواقب سيئة على المرضي ضعيفي الجسد.

"عرب 48": هل هناك وسائل وقاية من الإنفلونزا غير التطعيم الذي لا يتعدى عدد الحاصلين عليه 20% من المواطنين في البلاد؟

د. دلال: هناك ظاهرة نلحظها في كل عام، وهي عدم إقبال الجمهور على التطعيم الذي يبدأ عادة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر في صناديق المرضى والمراكز الطبية، ولكن في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي بدأت وسائل الإعلام بالتحدث عن حالات الوفاة والحالات الخطيرة إثر الإصابة بالإنفلونزا، وهذا النشر أدخل الجمهور في حالة هلع، كما نرى اليوم، وبدأ الجمهور بالتهافت على المراكز الطبية للحصول على التطعيم، وعندها حصل نقص كما هو حاصل اليوم في جرعات التطعيم. واليوم حصلت على معلومات من صناديق المرضى حول نقص كبير في جرعات التطعيم ويجري العمل على سد هذا النقص.

"عرب 48": هل يوفر التطعيم حماية كاملة ضد الإنفلونزا؟

د. دلال: كل تطعيم لا يصل إلى نسبة وقاية 100%. فاحتمال الإصابة يبقى موجودا، لكنه ضئيل جدا. هناك تطعيمات توفر حماية أو وقاية بنسبة 98%، لكن في الإنفلونزا يبقى هناك احتمال بنسبة 4% - 5% من للإصابة لدى الأشخاص الذين حصلوا على التطعيم. وهذا أمر معروف طبيا بأنه في بعض الحالات التطعيم لا يزود الجسم بالوقاية الكافية لحماية نفسه من العدوى وإن كانت هذه الفئة ضئيلة جدا.

"عرب 48": متى تبدأ الإنفلونزا بالتراجع وزوال خطرها؟

د. دلال: لغاية شهر شباط/ فبراير أو آذار/ مارس تكون العدوى لا زالت قائمة، وبعدها تبدأ بالتراجع. وعادة ما تصيب عدوى الإنفلونزا بين 5% - 10% من المواطنين سنويا، وهناك العديد من حالات الإنفلونزا لا تشخص، لأن المريض يتجاوزها دون أن يحتاج للذهاب إلى الطبيب.

"عرب 48": هل هناك ما يمكن فعله لدى بداية ظهور أعراض الإنفلونزا لكي لا تتطور وتتفاقم؟

د. دلال: لا.. لا يوجد ما يفعله المريض باستثناء تناول بعض أنواع الأدوية المتوفرة اليوم في صناديق المرضى، لكن حتى هذه الأدوية فاعليتها غير مضمونة. فالمضادات الحيوية وجدت لتحارب البكتيريا وليس الفيروسات، وحتى أننا نلاحظ، اليوم، ظاهرة خطيرة جدا وهي أن البكتيريا تطوّر لنفسها مناعة ضد المضادات الحيوية، فهناك أنواع من البكتيريا التي كانت حتى قبل عشر سنوات حساسة لنوع معين من المضادات الحيوية، وكنا نستطيع أن نسيطر على المرض بهذه المضادات الحيوية، بينما اليوم تطورت هذه البكتيريا إذ لم يعد بالإمكان معالجة الالتهاب الناجم عنها بنفس نوع المضادات الحيوية، فقد تطورت هذه البكتيريا لحماية نفسها من المضادات الحيوية وهذه الظاهرة آخذة في الانتشار وهي خطيرة لأنه ليس كل يوم وكل سنة لدينا مضادات حيوية جديدة، وحتى أن شركات الأدوية غير معنية بتطوير مضادات جديدة لأن الأمر مكلف وليس له جدوى اقتصادية.

 

التعليقات