16/04/2020 - 20:02

هل يمكن إلتقاط فيروس كورونا مرة آخرى بعد الشفاء؟

يُطرح السؤال الجوهري في مكافحة الوباء العالمي، "هل يمكن لمن شفي من فيروس كوفيد 19 التقاطه مرة جديدة؟" هذا سؤال لم يُحسم جوابه حتى الآن بشكل قاطع، وفيما العلماء يأملون أن يكسب المصابون مناعة ضد الفيروس لبضعة أشهر.

هل يمكن إلتقاط فيروس كورونا مرة آخرى بعد الشفاء؟

(أ ب)

يُطرح السؤال الجوهري في مكافحة الوباء العالمي، "هل يمكن لمن شفي من فيروس كوفيد 19 التقاطه مرة جديدة؟" هذا سؤال لم يُحسم جوابه حتى الآن بشكل قاطع، وفيما العلماء يأملون أن يكسب المصابون مناعة ضد الفيروس لبضعة أشهر.

وأوضح أستاذ علم المناعة في الهيئة العامة لمستشفيات مرسيليا، إريك فيفييه أن "اكتساب المناعة يعني أن الشخص طوّر استجابة مناعيّة ضد فيروس ستسمح له بالقضاء عليه. وبما أن للاستجابة المناعيّة ذاكرة، فهذا يسمح له ألّا يصاب بالفيروس ذاته مجددًا في وقت لاحق". لكن هذا يبقى نظريا صرفا، في حين أن الفيروس الجديد المتفشي حاليا لا يزال يحمل الكثير من الغموض بما لا يسمح بتأكيد أي شيء.

وقال مدير برامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، مايك راين "إننا لا نعرف ذلك، ولا يسعنا سوى التعميم انطلاقا من فيروسات كورونا أخرى، وحتى بالنسبة لهذه الفيروسات، تبقى المعطيات المتوافرة محدودة".

وقال البروفسور من كلية لندن الجامعية، فرانسوا مالو إنه "بالنسبة لفيروس سارس (متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد) الذي تسبب بحوالى 800 وفاة في العالم في 2002-2003، فإن المرضى الذين تعافوا كان لديهم حماية ضد المرض لمعدل سنتين إلى ثلاث سنوات".

وتابع أنه "بالتالي يمكن بالتأكيد الإصابة مجددًا بالفيروس، لكن السؤال المطروح هو بعد كم من الوقت؟ وهذا ما لن نعرفه إلا بشكل رجعيّ".

(أ ب)

وأثبتت دراسة صينية حديثة لم يراجعها علماء آخرون أن قرودا أصيبوا بالفيروس وتعافوا منه لم يلتقطوا العدوى مجددًا. لكن "هذا لا يعني شيئا" على المدى البعيد برأي الباحث في معهد باستور، فريديريك تانغي، لأن الدراسة جرت على فترة قصيرة نسبيًا لا تتعدّى شهرًا.

وتفيد في هذا السياق، معلومات واردة من آسيا وخصوصًا من كوريا الجنوبية، عن عدة أشخاص أظهرت فحوص إصابتهم بالفيروس بعد شفائهم منه، تطرح تساؤلات كثيرة. وإذ يرى خبراء أن ذلك يمكن أن يشير نظريًا إلى عدوى ثانية، فهم يعتبرون ذلك مستبعدًا ويرجحون في الوقت الحاضر فرضيات أخرى.

وقال البروفيسور مالو إنه "من المحتمل بالنسبة لبعض المرضى ألا يتم القضاء على الفيروس وأن يتسبب بإصابة مزمنة على غرار الفيروس المسبب للهيربس الذي يمكن أن يبقى كامنا بدون أن يتسبب بأعراض لدى الشخص الحامل له".

كما أنه من المحتمل بنظره ألا يكون المريض شفي بالأساس، وأن تكون نتيجة الفحوص التي أظهرت شفاءه خاطئة، إذ إن الاختبارات لكشف فيروس كورونا المستجد غير موثوقة بشكل كامل.

وأضاف أنه "هذا قد يوحي بأن الأشخاص يبقون قادرين على نقل العدوى لوقت طويل، لبضعة أسابيع، وهذا ليس أمرًا يبعث على الطمأنينة".

وأظهرت دراسة شملت 175 مريضًا تعافوا في شنغهاي ونشرت نتائجها في مطلع نيسان/ أبريل الجاري من دون مراجعة علمية، أن معظم المرضى افرزوا أجساما مضادة بعد 10 إلى 15 يومًا من بدء المرض، بدرجات كثافة متباينة.

ولفتت المسؤولة عن التعامل مع الوباء في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيركهوف، إلى أن "معرفة ما إذا كان وجود أجسام مضادة يعني اكتساب مناعة مسألة مختلفة تمامًا".

وقال رئيس المجلس العلمي في فرنسا، البروفسور جان فرنسوا ديلفريسي، مبديًا مخاوفه "إننا نتساءل عما إذا كان شخص أصيب بكوفيد 19 يحظى في الواقع بحماية فاعلة".

ومضى فريديريك تانغي أبعد من ذلك قائلًا إنه "لا نعرف إن كانت الأجسام المضادة التي نفرزها بأنفسنا ضد الفيروس تشكل عامل خطر يزيد من حدة المرض".

وأفاد أن أسوأ أعراض الوباء تظهر في مرحلة متأخرة من الإصابة، حين يكون المريض قد أفرز أجسامًا مضادة.

وأشار خبير علم الأوبئة في جامعة كورتن الأسترالية، أرتشي كليمنتس أن "الحل الوحيد هو لقاح". ورغم كل ذلك، تجري حملات اختبارات مصْليّة لرصد الأجسام المضادة بهدف معرفة نسبة الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى، وهي نسبة ضئيلة جدا على الأرجح.

(أ ب)

ويحصل ذلك حاليًا في مختبراتِ فنلندا والمملكة المتحدة وألمانيا حيث طرح مركز أبحاث إصدار ما يشبه "جواز سفر" للمناعة يسمح للأشخاص الذين تكون نتيجة تحاليلهم إيجابية باستئناف نشاطاتهم.

وأكد مدير معهد ييل للصحة العالمية، الدكتور سعد عمر أن "هذا سابق جدا لأوانه" داعيًا إلى الانتظار بضعة أشهر للحصول على نتائج أكثر موثوقية، مضيفًا "حين تكون لدينا اختبارات مصليّة على درجة كافية من الدقة والاختصاص".

وشدد الباحثون في هذا الصدد على ضرورة أن تكون نتائج هذه الاختبارات محدودة بفيروس كورونا المستجد من غير أن تأخذ بالاعتبار أي أجسام مضادة لفيروسات أخرى غير خطيرة من سلالة كورونا منتشرة، ما يفسد نتائجها. وبعيدًا عن هذه الاعتبارات العلمية، شدد بعض الباحثين على أن شهادات المناعة هذه تطرح مسائل أخلاقية.

التعليقات