31/01/2022 - 15:58

التشكيك والمخاوف من لقاحات كورونا.. من أين جاءت؟

يعتبر الرفض السائد للقاحات على مستوى العالم ليس بجديد خصوصًا في ظل تفشي جائحة كورونا، إنما يعود إلى القرن الثامن عشر حين أعطيت أولى الجرعات اللقاحية.

التشكيك والمخاوف من لقاحات كورونا.. من أين جاءت؟

(أ ب)

يعتبر الرفض السائد للقاحات على مستوى العالم ليس بجديد خصوصًا في ظل تفشي جائحة كورونا، إنما يعود إلى القرن الثامن عشر حين أعطيت أولى الجرعات اللقاحية.

ومن مخاوف جدية نجمت عن تأثيرات جانبية إلى دراسات زائفة ونظريات مؤامرة، نلقي في ما يلي نظرة على منحى مناهضة اللقاحات على مر الأجيال:

على مدى عصور تسبب مرض الجدري بوفاة الملايين أو تشوّههم إلى أن تم القضاء عليه في العام 1980 من خلال التلقيح.

في العام 1796 خطرت للطبيب الإنجليزي إدوارد جينر فكرة استخدام فيروس جدري البقر الأقل شدة لطفل لتحفيز استجابته المناعية بعدما لاحظ أن من يعملون في حلب البقر نادرا ما يصابون بالجدري.

وتكلّلت العملية التي أطلق عليها جينر تسمية "فاكسينوس" (مشتقة من بقرة بالغة اللاتينية) بالنجاح، لكنها أثارت تشكيكا ومخاوف.

وفي العام 1802 نشرت رسوم كرتونية تظهر تحوّل الملقحين إلى وحوش بهيئات أنصاف بشر وأنصاف بقر.

وقبل جينر كانت تعتمد ضد الجدري وسيلة تلقيح تنطوي على مخاطر أكبر نقلتها الكاتبة الإنجليزية ليدي ماري وورتلي مونتاغيو من الدولة العثمانية إلى أوروبا تقوم على تحفيز المناعة بشكل مصطنع ضد الأمراض المعدية.

وكان يصار إلى حقن الأفراد بالسوائل التي تحتويها البثور أو فرك الجلد بقشور الجدري المجففة. والإصابات الناجمة عن هذه الآلية غالبا ما كانت طفيفة لكنّها أعطت الأفراد مناعة.

في العام 1853 أصبحت بريطانيا أول دولة كبرى تفرض إلزامية تلقيح الأطفال ضد الجدري، وقد احتذت في ذلك حذو بافاريا والدانمارك اللتين كانتا قد جعلتا التلقيح إلزاميا قبل أكثر من ثلاثة عقود.

وعلى غرار ما يحصل اليوم قوبل ذلك بمقاومة قوية.

واستندت الاعتراضات إلى أسس دينية، والتخوف من مخاطر حقن البشر بمنتجات حيوانية والتحجج بانتهاك الحريات الفردية.

وساهم ذلك في التوصل في العام 1898 إلى ما اصطُلح على تسميته "بند الضمير" الذي يتيح إعفاء المشككين من إلزامية التلقيح.

في نهاية القرن التاسع عشر طوّر عالم الأحياء الفرنسي، لوي باستور، لقاحا مضادا لداء الكلَب عبر حقن الأرانب بفيروس جرى إضعافه.

لكن العملية أثارت مجددا تشكيكا وقد اتُّهم باستور بالسعي لتحقيق أرباح من لقاحه وبإعداد "الداء في المختبر".

وازدهرت اللقاحات في عشرينيات القرن الماضي وقد أعطيت جرعات لقاحية ضد السل (1921)، كما تم تطوير اللقاحات المضادة للخناق (1923) والكزاز (1924) والسعال الديكي (1926).

وفي هذه الفترة بدأ استخدام أملاح الألمنيوم لزيادة فاعلية اللقاحات.

لكن بعد أكثر من نصف قرن أصبحت هذه الأملاح مصدر تشكيك، وساد اعتقاد بأنها تؤدي إلى التهاب اللفافة البلعمية الذي يتسبب بإصابات عضلية وإرهاق.

وأشارت دراسة نشرتها صحيفة "ذا لانست" الطبية الرائدة في العام 1998 إلى وجود صلة بين التوحد والجرعة الثلاثية المضادة للحصبة والنُّكاف والحصبة الألمانية.

وبعد سنوات تبيّن أن الدراسة التي أعدّها آندرو ويكفيلد وزملاؤه زائفة وقد حذفت من الصحيفة كما شطب ويكفيلد من السجل الطبي.

وعلى الرغم من خلوص دراسات لاحقة إلى عدم وجود صلة كتلك، لا يزال المناهضون للقاحات يعتمدون دراسة ويكفيلد مرجعا لهم.

وعاودت دراسة ويكفيلد الظهور في الولايات المتحدة في العام 2016 في فيلم "فاكسد" المثير للجدل والذي يروجّ لنظريات مؤامرة.

في العام 2019 قضى 207 آلاف و500 شخص من جراء الحصبة، في حصيلة أعلى بنسبة 50% مقارنة بالعام 2016، وقد حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن التغطية اللقاحية تتداعى عالميا.

في العام 2009 تسببت "أنفلونزا الخنازير" التي تعرف أيضا بـ"اتش1ان1" الناجمة عن فيروس من سلاسة الأنفلونزا الإسبانية الفتاكة، بقلق بالغ.

لكن "اتش1ان1" لم يكن فتاكا بقدر ما كان يعتقد وتم تلف ملايين الجرعات اللقاحية التي أنتجت لمكافحته مما أشاع أجواء انعدام الثقة إزاء حملات التلقيح.

وقد تفاقمت الأوضاع سوءا بعدما تبين أن "بانديمريكس" وهو أحد اللقاحات المضادة يزيد من مخاطر الإصابة بالتغفيق أو النوم القهري.

ومن أصل 5,5 ملايين شخص تلقوا اللقاح في السويد، اقتضى التعويض على 440 شخصا بعدما أصيبوا بهذا المرض.

بعد القضاء عليه في أفريقيا في آب/أغسطس 2020 بفضل اللقاحات، لا يزال شلل الأطفال ينشط في باكستان وأفغانستان حيث لا يزال المرض متوطنا.

وتسهم نظريات المؤامرة المناهضة للقاحات في فقدان مزيد من الأرواح من جراء هذا المرض.

وفي أفغانستان تعارض حركة طالبان حملات التلقيح وتعتبرها مخططات غربية لإصابة الأطفال المسلمين بالعقم.

لكن الحركة بعدما عادت إلى السلطة العام الماضي قرّرت التعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".

التعليقات