04/06/2023 - 22:18

الصحّة العقليّة في العالم الرقميّ

تتطلّب معالجة أزمة الصحّة النفسيّة في عالم رقميّ وعيًا جماعيًّا ودعمًا، حيث يجب تثقيف الأفراد حول المخاطر المحتملة المرتبطة بالاستخدام المفرط للتكنولوجيا وتمكينهم من طلب المساعدة عند الحاجة

الصحّة العقليّة في العالم الرقميّ

(Getty)

في عالم اليوم الرقميّ سريع التطوّر، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة، حيث أحدثت الأجهزة الرقميّة ومنصّات الوسائط الاجتماعيّة والتفاعلات عبر الإنترنت ثورة في الطريقة الّتي نتواصل بها ونعمل ونصل إلى المعلومات، وفي حين أنّ هذه التطوّرات قد جلبت العديد من الفوائد، إلّا أنّها أثارت مخاوف بشأن تأثيرها على الصحّة العقليّة.

وأظهرت الدراسات أنّ وقت الشاشة المفرط وإدمان الهواتف الذكيّة مرتبطان بمستويات متزايدة من القلق والاكتئاب والشعور بالوحدة، ويمكن أن تؤدّي الحاجة المستمرّة للتحقّق والمقارنة على منصّات التواصل الاجتماعيّ إلى الشعور بعدم الكفاءة وتدنّي احترام الذات، حيث يقدّم العالم الرقميّ نسخة منسّقة من الواقع، وغالبًا ما تروّج لمعايير جمال غير قابلة للتحقيق وتديم الخوف من الضياع (FOMO). بالإضافة إلى ذلك، فإنّ عدم وضوح الحدود بين العمل والحياة الشخصيّة بسبب الاتّصال المستمرّ يمكن أن يساهم في الإرهاق والتوتّر.

وعلى الرغم من المخاوف، تقدّم التكنولوجيا أيضًا العديد من الفوائد للصحّة العقليّة، حيث ظهرت مجتمعات الدعم عبر الإنترنت ومنصّات الصحّة العقليّة، ممّا يوفّر للأفراد إمكانيّة الوصول إلى الموارد والمعلومات ودعم الأقران، جعلت تدخّلات الصحّة العقليّة الرقميّة، مثل تطبيقات الأجهزة المحمولة والعلاج عبر الإنترنت، رعاية الصحّة العقليّة أكثر سهولة وملاءمة وبأسعار معقولة.

ويعدّ إنشاء توازن رقميّ صحّيّ أمرًا ضروريًّا لحماية الصحّة العقليّة في العصر الرقميّ، حيث يمكن للنصائح العمليّة التالية أن تساعد الأفراد على التنقّل في المشهد الرقميّ بذكاء أكبر.

وتتطلّب معالجة أزمة الصحّة النفسيّة في عالم رقميّ وعيًا جماعيًّا ودعمًا، حيث يجب تثقيف الأفراد حول المخاطر المحتملة المرتبطة بالاستخدام المفرط للتكنولوجيا وتمكينهم من طلب المساعدة عند الحاجة، ويمكن للحملات التعليميّة وورش العمل وبرامج محو الأمّيّة الرقميّة أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز عادات التكنولوجيا الصحّيّة والرفاهية الرقميّة، ويجب على أصحاب العمل أيضًا تعزيز بيئات العمل الّتي تشجّع على التوازن الصحّيّ بين العمل والحياة وتثبيط الاتّصال الرقميّ بعد ساعات العمل.

وفحصت دراسة طوليّة أجراها باحثون في جامعة بيتسبرغ العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ والاكتئاب لدى الشباب.

وشملت الدراسة 1787 مشاركًا تمّت متابعتهم على مدار عامين، حيث أظهرت النتائج أنّ المشاركين الّذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعيّ بشكل متكرّر كان لديهم مستويات أعلى من الاكتئاب مقارنة بأولئك الّذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعيّ بشكل أقلّ تكرارًا.

وفي دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة ميشيغان العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ والتعاطف، تضمّنت 72 مشاركًا تمّ تعيينهم عشوائيًّا إمّا لاستخدام فيسبوك أو لقراءة المقالات الإخباريّة لمدّة 20 دقيقة.

وأظهرت نتائجها أنّ المشاركين الّذين استخدموا فيسبوك لديهم مستويات أقلّ من التعاطف مقارنة بمن قرأوا المقالات الإخباريّة.

التعليقات