08/06/2023 - 20:18

الرعاية الصحيّة عن بعد: تطوّرات ملحوظة خلال الأعوام الماضية

شهدت تقنيّة الرعاية الصحّيّة عن بعد تطوّرات ملحوظة في السنوات الأخيرة، ممّا أتاح للمتخصّصين في الرعاية الصحّيّة تقديم الرعاية الطبّيّة عن بعد، وتشمل هذه التطويرات تطوير منصّات المؤتمرات عبر الفيديو عالية الجودة

الرعاية الصحيّة عن بعد: تطوّرات ملحوظة خلال الأعوام الماضية

(Getty)

في السنوات الأخيرة، ظهرت التقنيّة الطبّيّة عن بعد بوصفها قوّة تحويليّة في المجال الصحّيّ، إذ أدّى هذا الأمر إلى ثورة في أسلوب توفير الخدمات الطبّيّة، فالتطوّرات في تكنولوجيا الرعاية الصحّيّة عن بعد جعلت المرضى ومقدّمو الرعاية الصحّيّة قادرون على التواصل عن بعد وتخطّي الحواجز الجغرافيّة وتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحّيّة.

وشهدت تقنيّة الرعاية الصحّيّة عن بعد تطوّرات ملحوظة في السنوات الأخيرة، ممّا أتاح للمتخصّصين في الرعاية الصحّيّة تقديم الرعاية الطبّيّة عن بعد، وتشمل هذه التطويرات تطوير منصّات المؤتمرات عبر الفيديو عالية الجودة، والّتي تسمح للأطبّاء بإجراء استشارات افتراضيّة، ممّا يتيح للمرضى الاستفادة من المشورة الطبّيّة من منازلهم المريحة، ووفقًا لدراسة تمّت في العام 2016 من قبل باشور وآخرون، فإنّ الاستشارات التطبيبيّة عن بعد قدّمت نتائج إكلينيكيّة مماثلة للزيارات الشخصيّة، ممّا يدلّ على فعاليّة تقنيّة المؤتمرات الافتراضيّة.

بالإضافة إلى ذلك، أدّى المزج بين الأجهزة القابلة للارتداء وتقنيّات المراقبة عن بعد إلى توسيع مجال التطبيب عن بعد، وبفضل هذه التقنيّات، أصبح بإمكان المرضى الآن تتبّع حالتهم الصحّيّة، مثل ضربات القلب وضغط الدم، باستخدام الأجهزة القابلة للارتداء وإرسالها إلى مقدمي الرعاية الصحّيّة على الفور، وفي ضوء هذا، فإنّ هذه العمليّة المستمرّة للمراقبة تسمح بالكشف المبكّر عن المشكلات الصحّيّة وسهولة التدخّل عند الحاجة، وأظهرت دراسة أنّ هذا النوع من المراقبة، يستخدم الأجهزة القابلة للارتداء، قلّل من معدّل إعادة الدخول إلى المستشفى لدى مرضى قصور القلب.

وتوفّر الرعاية الطبّيّة عن بعد عددًا من المزايا للمرضى، حيث يسهل عليهم الحصول على خدمات الرعاية الصحّيّة، مثل إزالة الحواجز الجغرافيّة، وخلصت دراسة أجريت عام 2018، إلى أنّ الرعاية الطبّيّة عن بعد أدّت إلى تحسّن كبير في إيصال الرعاية الصحّيّة للمرضى الّذين يعيشون في المناطق الريفيّة أو المحرومة، ممّا يقلّل من الوقت والتكاليف المرتبطة بالسفر والبحث عن الرعاية الصحّيّة، بالإضافة إلى ذلك، يمنح العلاج عن بعد حرّيّة الحركة والتنقّل، حيث لم يعد المرضى مضطرّون لتحديد مواعيد مسبقًا أو الجلوس لساعات في غرف الانتظار، وبإمكانهم الحصول على الاستشارات الطبّيّة بسرعة، ممّا يقلّل من وقتهم المهدر بعيدًا عن العمل أو الواجبات المنزليّة.

وتعزّز التكنولوجيا الحديثة العلاج عن بعد ويحفّز التعاون بين المريض والطبيب بشكل ممتاز لتحسين الرعاية الصحّيّة وإدارتها، كما يمكن للمرضى الّذين يستفيدون من تقنيّات الرصد عن بعد أن يشاركوا بنشاط في رعايتهم الصحّيّة عن طريق إدارة معايير صحّتهم واتّخاذ القرارات الصحّيّة بكلّ ثقة ومعرفة بحالتهم الصحّيّة، وبفضل هذه الإعانة، تسهل التوافق مع خطط العلاج وتشجّع نمط حياة أكثر صحّة وأفضل، وقد خلصت دراسة إلى تحسّن كبير في الإدارة الذاتيّة للمرضى وزيادة مشاركتهم في الرعاية الصحّيّة من خلال العلاج عن بعد.

ويوفّر التطبيب عن بعد فوائد لا يقتصر فقط على المرضى، فهو يمكن مقدمي الرعاية الصحّيّة من تحسين استخدام الموارد وتخفيض التكاليف، ومن خلال تقييم المرضى عن بعد، يستطيعون تخصيص الموارد بشكل أكثر فعّاليّة وتوفير العناية الصحّيّة في الوقت المناسب، كذلك فإنّه يحدّ من زيارات المستشفيات ودخول غرف الطوارئ الغير ضروريّة، ما يؤدّي إلى توفير التكاليف.

إضافة إلى ذلك، يعمل التطبيب عن بعد على تعزيز التعاون بين الفرق الطبّيّة المتخصّصة، وذلك من خلال عقد المؤتمرات الطبّيّة عن بعد ومشاركة السجلّات الطبّيّة، وبواسطة هذا التعاون، يقوم المتخصّصون بتقديم الاستشارات الطبّيّة وخبراتهم للمرضى عن بعد، وبخلاف الاستشارات المباشرة، لا يتطلّب هذا التعاون إحالة المرضى أو وقت الانتظار، ويتيح هذا التعاون الرعاية الصحّيّة المتعدّدة التخصّصات وتحسين نتائج العلاجات، وأظهرت دراسة أجريت في عام 2016، أنّ التطبيب عن بعد بين الفرق الطبّيّة المتخصّصة يؤدّي إلى تحسين دقّة التشخيص وزيادة الالتزام بالعلاج.

ويحمل مستقبل الرعاية الصحّيّة عن بعد إمكانيّات هائلة في تغيير الطريقة الّتي يمكن الوصول إلى الرعاية الصحّيّة وتقديمها، ومع استمرار تطوّر التكنولوجيا، سيكون الطبّ الرائد عن بعد أكثر تكاملًا في الممارسات الصحّيّة يوميًّا، ومن خلال اعتماد السجلّات الصحّيّة الإلكترونيّة بشكل واسع وإنشاء بنية تحتيّة لتبادل المعلومات، يمكن المشاركة السلسة للمعلومات السريريّة للمرضى وتسهيل الاستشارات الطبّيّة عن بعد.

إلى جانب ذلك، فإنّ ظهور الذكاء الاصطناعيّ والتعلّم الآليّ في الطبّ عن بعد يعدّ إشارة إيجابيّة نحو التشخيص والعلاج الدقيق، حيث يمكن لخوارزميّات الذكاء الاصطناعيّ تحليل كمّيّات كبيرة من بيانات المرضى وتوفير توجيهات للمراقبة الصحّيّة، ممّا يساعد على تحديد القرارات السريريّة، وفي دراسة أجريت عام 2022، تمّ إظهار أداء نظام الذكاء الاصطناعيّ بشكل أفضل من أطبّاء الجلد عند تشخيص سرطان الجلد، وهذا يؤكّد إمكانيّة التطبيب عن بعد باستخدام الذكاء الاصطناعيّ.

بالإضافة إلى ذلك، سيتيح الإنترنت الجهازيّ الطبّيّ (IoMT) دمج مختلف الأجهزة الطبّيّة وأجهزة الاستشعار القابلة للارتداء لإنشاء نظام بيئيّ شامل للرعاية الصحّيّة، وسيكون من السهل تجميع البيانات وتحليلها في الوقت الحقيقيّ للكشف المبكّر عن الأمراض والخطط العلاجيّة الشخصيّة والمراقبة المستمرّة لحالة المرضى، وبحسب باحثين، سوف تعمل هذه الشبكة الحيّة على تحويل نظام الرعاية الصحّيّة من النظام العلاجيّ إلى النظام الوقائيّ.

التعليقات