25/07/2023 - 08:30

الصحة النفسية للطفولة: التعرف على العلامات والبحث عن العلاج

الأطفال أمانة في رقاب الأهل والعائلة والمجتمع فهم بناة المستقبل وحُماته، فإن لم نفلح بخلق بيئة آمنة لهم كي يترعرعوا بها، فإنهم سيبنون عالمًا مهزوزا ومليئًا بالأمراض النفسية والاجتماعية.

الصحة النفسية للطفولة: التعرف على العلامات والبحث عن العلاج

(توضيحية)

الصحة النفسية أمر مهم في حياة أي شخص سواء إن كان طفلًا أو بالغًا، إذ أنها تؤثر على الحياة اليومية بشكل كبير فنجد آثارها على الصحة بشكل عام وعلى الحياة الاجتماعية وطريقة التعامل مع الآخرين، وفي هذه المقالة سنركز على الصحة النفسية للأطفال، فالاهتمام بصحتهم منذ عمر صغير سيكون له أكبر الأثر على حياتهم المستقبلية.

هناك علامات واضحة تنبهك بأن طفلك يعاني من مشاكل نفسية يجب حلها حتى لا تؤثر عليه لبقية حياته، فإن كنت أبًا أو كنتِ أمًا، فإن هذه المقالة ستفيدك كثيرًا في قراءة ابنك أو ابنتك وستزودك بما تحتاج للقيام به لتعزيز السعادة النفسية وبناءها في أطفالكم.

كما ستجد في هذه المقالة أهم العلامات التي تشير إلى أن طفلك يعاني من مشكلة نفسية أو يمر بفترة نفسية ضاغطة، وسنوضح لك طرق التعامل معها وعلاجها بشكل سليم ولكن قبل أي شيء دعنا نعرف ماذا تقول الدراسات عن مدى أثر الصحة النفسية للأطفال على حياتهم؟

رأي الدراسات حول تأثير الصحة النفسية للأطفال على حياتهم:

رأي الدراسات حول تأثير الصحة النفسية للأطفال على حياتهم

تؤثر الصحة النفسية للأطفال على صحتهم العقلية والجسدية وعلى قدرتهم في التفاعل مع الآخرين وتحقيق النجاح في الحياة، ويعد التعرض للإجهاد والقلق في سنوات الطفولة الأولى عاملا مهمًا يؤثر على صحة الأطفال النفسية ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض المختلفة مثل الاكتئاب الانفصامي والاكتئاب العام والقلق في ما بعد.

وتشير دراسات إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف المنزلي أو الإهمال النفسي يعانون من مشاكل نفسية وسلوكية أكثر من الأطفال الذين لا يتعرضون لمثل هذه الأمور.

ولا يقتصر الأمر فقط على المشاكل النفسية والسلوكية، بل يمتد الأمر أيضًا لظهور مشاكل جسدية تستمر معهم طوال سنوات حياتهم، فهؤلاء الأطفال أكثر عرضة لأمراض القلب وأمراض ضغط الدم والسمنة وفقدان الشهية العصبي بسبب ما يعانوه من ضغط نفسي يؤثر على أجهزتهم الحيوية، بالإضافة إلى مشاكل اضطرابات النوم والقلق.

علامات تشير إلى أن طفلك يمر بمشكلة نفسية

هناك عدة علامات يمكن أن تشير إلى أن طفلك يعاني من مشكلة نفسية، من أهمها:

  1. تغير سلوك الطفل: يصبح الطفل أقل نشاطا أو يظهر عدم رغبته في اللعب والاستمتاع بالنشاطات التي كان يحبها في السابق، كما أنه قد يصبح أكثر عدوانية أو انسحابا أثناء التعامل مع الآخرين.
  2. التغير في النمط الغذائي: يكون الطفل أكثر انتقائية في الأطعمة التي يتناولها، أو يصبح أكثر أو أقل شهيةً.
  3. الأرق أو النوم الزائد: يعاني من صعوبة في النوم، أو ينام بشكل زائد ولساعات طويلة.
  4. التغير في الحالة المزاجية: قد يصبح الطفل أكثر حزنا أو انفعالا، أو قد يبدو غير مهتم بما يحدث حوله.
  5. التغير في الأداء الدراسي: يصعب عليه التركيز ويعاني من مشاكل دراسية.
  6. الشكاوى الجسدية غير المبررة: قد يشكو الطفل من آلام دون سبب مبرر مثل الصداع أو الغثيان أو الألم في المعدة.
  7. الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية: قد يتجنب الطفل اللعب مع الأصدقاء أو الخروج من المنزل أو التفاعل مع الآخرين، ويفضل البقاء وحيدا.
  8. القلق الزائد: قد يبدأ الطفل بالتفكير بشكل مفرط وزائد بشأن الأمور اليومية العادية، ويعاني من القلق الزائد والتوتر.

إذا لاحظت أيًا من هذه العلامات، فمن المهم التحدث مع طفلك ومعرفة ما الذي يسبب هذه الأعراض؟ وهل يتعرض للتنمر في المدرسة أو من قبل أقرانه؟ هل هناك مشاكل في المنزل بينك وبين زوجك أو زوجتك؟

يمكنك البحث عن مساعدة من المتخصصين في الصحة النفسية لتشخيص الأمور أكثر، فيقومون بتقييم الطفل وتقديم العلاج المناسب إذا لزم الأمر، كما يمكنك أيضًا التحدث مع مُدرسة الطفل إذا لاحظت أي تغيير في أدائه الدراسي، وقد يكون المُدرسة قادرة على تقديم المساعدة أو الاقتراحات للتعامل مع المشكلة.

عوامل تؤدي إلى تحسن الصحة النفسية للطفل

عوامل تؤدي إلى تحسن الصحة النفسية للطفل

تعتبر الصحة النفسية للأطفال إحدى الأمور الأساسية التي يجب الاهتمام بها من قبل الوالدين والمربيين والمجتمع بشكل عام، إذ أن تأسيس أسس الصحة النفسية للأطفال يعتمد على العديد من العوامل المختلفة ومنها:

  • الشعور بالأمان والحماية: يجب على الطفل أن يشعر بالأمان والحماية مع والديه كالحماية من الأذى والإيذاء والعنف الجسدي أو النفسي.
  • الشعور بالمحبة والتقدير: على الطفل أن يشعر بأنه محبوب ومقدّر من قبل والديه، فيظهران اهتمامهما وتفاعلهما معه مستمعين لأفكاره وآرائه، فيشجعانه على تطوير مهاراته واهتماماته.
  • التفاعل الاجتماعي والعلاقات الإيجابية: يجب على الطفل تعلم كيفية التفاعل الاجتماعي والتعامل مع الآخرين بشكل صحيح، وكيفية بناء العلاقات الإيجابية مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع.
  • التعليم الناجح والتطوير الشخصي: الانفتاح على مهارات جديدة وتطوير قدراته من خلال التعليم والتدريب، إذ يقوم ذلك على تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز.
  • الحفاظ على صحة الجسم والعقل: يقوم الوالدان بالاهتمام بصحة طفلهما الجسدية والعقلية، كالحصول على التغذية الصحية والنوم الكافي وممارسة الرياضة بشكل منتظم.
  • التعامل مع الضغوط والتحديات: تدريبه بشكل مبسط حول كيفية التعامل مع الضغوط والتحديات اليومية بشكل صحيح، وكيفية إدارة عواطفه ومشاعره بشكل إيجابي.
  • الاستكشاف والتجربة: وهنا يبرز دور الوالدين والبيئة المحيطة في تعليم طفلهم كيفية الاستكشاف والتجربة، ويتضمن ذلك تشجيعه على التفاعل مع العالم المحيط به واكتشاف الأشياء الجديدة والمثيرة وبذلك يمكن تعزيز الفضول والإبداع لديه.
  • توفير الدعم النفسي والاجتماعي: تلقيه الدعم النفسي والاجتماعي اللازمين عند الحاجة، ليشمل الاستشارة مع الاختصاصيين النفسيين عند الحاجة.

طرق تعزز الصحة النفسية لطفلك

بشكل عام تُبنى أسس الصحة النفسية للأطفال على العديد من العوامل المختلفة، ويمكن أن يساعد التركيز على هذه العوامل على تعزيز صحة الطفل النفسية وتحسين جودة حياته ومن أهم هذه العوامل:

  • العلاقة الوثيقة بين الطفل والأبوين: يجب أن تكون العلاقة بين الطفل والأبوين قوية ومبنية على الثقة والاحترام والحب والتفهم، فذلك سيساعد الطفل على الشعور بالأمان والانتماء.
  • الحرص على تفاعل الطفل اجتماعيًا: حاول أن يكون طفلك مندمجًا مع البيئة المحيطة به، وأن يشعر بضرورة الاندماج مع المجتمع بداية من أسرته الصغيرة وعائلته الكبيرة، والأطفال الآخرين في مدرسته أو النوادي الاجتماعية والأماكن الأخرى، حتى يصبح منفتحا على الآخرين.
  • تدريب الطفل على التعامل السليم مع الضغوطات والتحديات التي يواجهها: من الطبيعي أن يمر طفلك بضغوطات وتحديات في جوانب عديدة.
  • النظام والروتين: خلق نظام وروتين يومي منتظم للطفل، فذلك يساعد الطفل على الشعور بالاستقرار والتنظيم ويمكّنه من التخطيط لأنشطته اليومية.
  • النوم الجيد: توفير بيئة مناسبة للنوم وتحديد ساعات نوم منتظمة للطفل من أجل تنمية الشعور بالاسترخاء والراحة والتجدد.
  • التغذية الصحية: تقوم التغذية الصحية المتوازنة للطفل بمنع إصابته بالعديد من الأمراض والاضطرابات الصحية، فيكبر جسمه بطريقة طبيعية.
  • التعليم الجيد: إن التعليم الجيد لطفلك وتشجيعه على الاكتشاف سيساعده على تطوير مهارات الفكر والتفكير الإبداعي والتحليلي.

كلمات تعزز الصحة النفسية لطفلك

  1. أنا أحبك: هذه الجملة السحرية على الرغم من بساطتها إلا أنها تعزز جدًا الصحة النفسية لطفلك، إذ يؤكد دانيال وونغ الكاتب بموقع "هافينغتون بوست" (Huffington Post)، أن التعبير المتكرر عن الحب أمر بالغ الأهمية يتغاضى عنه كثيرون ولا يقدّرون قيمته الحقيقية بالنسبة للطفل. ويقول وونغ: "قد تشعر بالحرج عندما تقول لطفلك أنك تحبه، خصوصا إذا لم يكن ذلك جزءًا من ثقافة العائلة والمجتمع، لكنني أشجعك على قول ذلك مرة واحدة على الأقل في الشهر".
  2. كيف كان يومك: فهذه الجملة توصل لطفلك معاني كثيرة وتعرّفه بمدى اهتمامك بسماعه، وتعزز ثقته بك وتساعدك في معرفة كل جديد يواجهه.
  3. أنا آسف: طفلك هو مرآة لأفعالك فإذا اخطأت في حقه لا تتردد في الاعتذار له، لأنه بالتأكيد سينعكس هذا السلوك عليه فيعتذر لك عند خطأه ويعترف بأخطائه.
  4. العبارات التحفيزية مثل أنا أثق بك، أنا فخور بك، أنا واثق بقدراتك، وغيرها من عبارات الدعم مثل أنا هنا بجانبك التي تشعره بالأمان.

الأطفال أمانة في رقاب الأهل والعائلة والمجتمع فهم بناة المستقبل وحُماته، فإن لم نفلح بخلق بيئة آمنة لهم كي يترعرعوا بها، فإنهم سيبنون عالمًا مهزوزا ومليئًا بالأمراض النفسية والاجتماعية لينتشر الأمر مع كل جيل، لينتهي الأمر بمصيبة على العالم أجمع؛ لذا تأكدوا من الاهتمام بصحة أطفالكم النفسية والجسدية والعاطفية وأغرقوهم بالحب والاهتمام الذي يحتاجونه.

التعليقات