13/08/2023 - 08:30

التغلب على وصمة العار: خلق بيئات داعمة للأفراد في التعافي من الإدمان

يعد تعزيز جو داعم وعاطفي أمرًا ضروري للوصول للرفاهية العاطفية، إذ يجب التشجيع على التواصل المفتوح وإنشاء منطقة خالية من الأحكام، حيث يشعر الأفراد الذين يعانون من الإدمان بالراحة عند مناقشة مشاعرهم.

التغلب على وصمة العار: خلق بيئات داعمة للأفراد في التعافي من الإدمان

(توضيحية)

الإدمان هو أحد الأمراض التي تصيب الأفراد ولا يمكن الشفاء التام منها إلا عبر خطوات مدروسة وبالحصول على المساعدة الخارجية، وذلك لأنها تترك أثرًا في جسد ونفس المريض بشكل يتطلب توفير بيئات داعمة له حتى يمكن مساعدته على التعافي من الإدمان.

تبدأ مراحل التعافي من الإدمان بتقبل الشخص لتلقي العلاج والتوقف عن تعاطي المواد المخدرة ومحاولة العودة للحياة الطبيعية والتعامل مع المواقف بشكل صحيح، ما يعني ضرورة تطوير قدرات مريض الإدمان في تخطي المشاعر السلبية دون اللجوء للمواد المخدرة مجددًا.

وفي هذه المقالة سنذكر مراحل التعافي من الإدمان وطرق خلق البيئات الداعمة للمدمنين السابقين، بالإضافة إلى أهم النصائح التي على المدمن الأخذ بها إن أراد التعافي.

مراحل عملية التعافي من الإدمان

مراحل عملية التعافي من الإدمان:

تنقسم عملية الشفاء والتعافي من الإدمان إلى عدة مراحل، هي:

1. فترة الانسحاب

وهذه الفترة هي أول شهر في عملية العلاج وتكون الأصعب على المريض كونه يتوقف عن تناول المواد المخدرة، ما يكون له آثار سلبية على نفسيته، فتظهر المشاكل الجسدية وتتقلب حالته ما بين المشاعر الإيجابية والسلبية.

2. فترة الحماس

تبدأ مع نهاية الشهر الأول وتستمر حتى الشهر الثالث من العلاج، إذ ينخفض الشعور بالرغبة في تعاطي المواد المخدرة وتتحسن جميع مناحي حياته، فتبدأ علاقاته الطبيعية بالعودة كما تنتظم ممارساته اليومية وإمكانية العودة بشكل جزئي للعمل.

3. فترة الملل

تظهر في هذه المرحلة بعض الصعوبات مجددًا وتبدأ مع نهاية الشهر الثالث وحتى السادس، إذ يشعر المتعافي من الإدمان بحالة من الملل والاكتئاب خصوصا مع عودة الحياة المنظمة والروتينية التي تفتقد الحماس والإثارة إلى سابق عهدها، ما قد يسبب له الضغط النفسي والتفكير في العودة إلى المواد المخدرة وتحتاج هذه الفترة إلى تقديم الدعم اللازم للمريض وفهم مشاعره والتعامل معها بالشكل الصحيح.

4. فترة الحياة الجديدة

تكون هذه الفترة بعد مرور 6 أشهر من التوقف عن التعاطي، ويبدأ فيها المتعافي من الإدمان في شكل جديد لحياته ويعمل على التواجد بشكل طبيعي في الحياة الاجتماعية والعملية، ويمكنه فيها كسب أصدقاء جدد والتوجه لأساليب ترفيه مختلفة لإضافة جو من المتعة على الحياة، ولكن قد تظهر بعض العوائق في حياة المتعافي وبالتالي يجب توفير بيئات داعمة له للتغلب على فكرة وصمة العار.

طرق خلق بيئات داعمة للأفراد

طرق خلق بيئات داعمة للأفراد: 

  • رعاية الرفاه العاطفي

يعد تعزيز جو داعم وعاطفي أمرًا ضروري للوصول للرفاهية العاطفية، إذ يجب التشجيع على التواصل المفتوح وإنشاء منطقة خالية من الأحكام، حيث يشعر الأفراد الذين يعانون من الإدمان بالراحة عند مناقشة مشاعرهم وصراعاتهم وإنجازاتهم.

كما يجب التأكد من تقديم الثناء والتشجيع على جهودهم، لأن التعزيز الإيجابي يمكن أن يساعد على قطع شوط طويل للحفاظ على الدافع. بالإضافة إلى ذلك من الضروري التحلي بالصبر والتفهم خلال هذه العملية، إذ قد يواجه الأفراد في فترة التعافي مجموعة كبيرة من المشاعر أثناء تعاملهم مع مشكلاتهم.

تذكّر أيضًا أن الإدمان غالبًا ما يسير جنبًا إلى جنب مع تحديات الصحة العقلية، لذا يجب التأكد من وصول الرعاية الصحية العقلية المناسبة للمدمن السابق مثل العلاج أو الاستشارة، إذ يمكن أن يساعد ذلك على معالجة أي مشكلات أساسية ربما تكون قد ساهمت في الإدمان وتوفير أدوات لإدارة التوتر والتعامل مع التحديات التي قد تنشأ أثناء التعافي.

علاوة على ذلك، من المهم إنشاء مساحة آمنة يتمكن فيها الأفراد المتعافين من الإدمان من مناقشة مخاوفهم المتعلقة بالصحة العقلية بشكل علني وتلقي الدعم من أحبائهم ومقدمي الرعاية الصحية.

  • الإهتمام بالسلامة الجسدية

يُعد وضع حدود وبنية واضحة من أهم الخطوات في خلق بيئة آمنة، فغالبًا ما يؤدي الإدمان إلى خلق نمط حياة فوضوي، لذا فإن إعادة تأسيس النظام في الحياة أمر ضروري، إذ يجب وضع قوانين تعزز المسؤولية مثل الالتزام بجدول زمني وتقسيم الأعمال المنزلية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب الوضع في الاعتبار تنفيذ إرشادات المختصين حول الزوار في فترة التعافي ومنع الخروج إلا بوجود فرد من العائلة أو الأصدقاء والابتعاد عن المناطق التي قد تتوفر فيها المواد المخدرة وذلك لتقليل المحفزات المحتملة. وبهذا فإنك ستخلق بيئة مستقرة تساعد الأفراد في التعافي من الإدمان للتركيز على تعافيهم وإعادة بناء حياتهم.

وكما يقول المثل "بعيدًا عن العين، بعيدًا عن القلب"، فإن إزالة أي وسائل تذكير أو إغراءات من المنزل أمر بالغ الأهمية في تعزيز حالة التعافي. لذا تذكر التخلص من أي محفزات من الأجهزة الرقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو جهات الاتصال التي قد تشجع على الانتكاس، من خلال إزالة هذه الأمور فإنك ستخلق مساحة تعزز بناء عادات جديدة وصحية وتقلل من خطر الانتكاس.

بدلا من ذلك يمكنك دائمًا التفكير في برنامج للشخص المدمن، إذ أن البيئة الخاضعة للرقابة هي أفضل خيار لضمان عدم وقوع أي شخص يعاني من الإدمان في إغراء التعاطي مرة أخرى.

  • تشجيع العادات الصحية

يمكن أن يساعد تطوير روتين يومي متوازن الأفراد اللذين يتعافون من الإدمان على استعادة الشعور بالسيطرة والاستقرار في حياتهم، من أجل ذلك يجب دمج عناصر الرعاية الذاتية مثل التمارين المنتظمة والوجبات الصحية والنوم الكافي في روتين الحياة اليومي، حيث يمكن أن يساعد وضع جدول ثابت على تعزيز العادات الإيجابية وتقليل احتمالية الانتكاس.

إن الروتين الشامل الذي يعالج احتياجات الصحة الجسدية والعاطفية والعقلية سيكون بمثابة أساس متين للتعافي والنمو الشخصي.

إدخال أنشطة إيجابية ومجزية في حياة المريض سيساعد بكل تأكيد على استبدال الفراغ الذي خلفه تعاطي المخدرات، لذا قم بتشجيع الهوايات أو الأنشطة التي تعزز الإبداع أو أو النمو الشخصي مثل الفن أو التأمل أو العمل التطوعي، فهذه الأنشطة يمكن أن تعزز من احترام الذات وتعزز الحالة المزاجية وتخلق شعورًا بالإنجاز، كما يمكن للأفراد الذين يتعافون من تطوير اهتمامات وشغف جديدين، ما يؤدي في النهاية إلى تعزيز نمط حياة أكثر إرضاءً وتوازنًا.

  • بناء شبكة دعم

إن إحاطة المدمن السابق مع أفراد متشابهين في التفكير يفهمون تحديات التعافي يمكن أن يكون أمرًا لا يقدر بثمن، لذا شجّع الشخص الذي يتعافى على حضور اجتماعات مجموعات الدعم لتعزيز الاتصالات وتنمية الشعور بالانتماء للمجتمع، إذ يمكن أن تقدم هذه المجموعات ثروة من النصائح العملية والدعم العاطفي والرفقة وذلك من خلال التواصل مع الآخرين الذين يشاركونه تجارب مماثلة، فيتمكن الأفراد الذين يتعافون من الإدمان من اكتساب رؤى قيمة ويشعرون بأنهم أقل عزلة في رحلتهم العلاجية.

  • إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية

يجب تشجيع المريض على إعطاء نفسه الأولوية للرعاية الذاتية والتعرف على أهميتها في الحفاظ على رفاهيته بشكل عام، ويمكن أن تشمل أنشطة الرعاية الذاتية عبء كتابة اليوميات، وممارسة اليقظة، والانخراط في الهوايات، أو حتى مجرد قضاء بعض الوقت للاسترخاء والتفكير؛ فمن خلال إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية يمكنهم تطوير شعور أقوى بالقيمة الذاتية والقدرة على الصمود في مواجهة التحديات.

  • نصائح لمساعدة المتعافين من الإدمان:

هناك نصائح مهمة للعائلة والأصدقاء عليهم القيام بها لمساعدة المدمن على رحلة تعافيه حتى يعود إلى بيئته ومجتمعه ويندمج مع المحيط من جديد بشكل سليم ولا يتعرض إلى خطر الانتكاس، وقد تكون هذه الأمور بسيطة للشخص العادي ولكنها في غاية الأهمية لهذا الشخص الذي وُلد من جديد:

  • احتواء المتعافي وعدم إشعاره بأنه شخص منبوذ والتعامل معه بشكل طبيعي.
  • عدم توجيه اللوم على الأفعال الماضية أو تذكيره بهذه المرحلة حتى لا يشعر بالخزي أو الإحراج.
  • مساعدته على تفريغ طاقاته السلبية من خلال القيام ببعض الأنشطة المفيدة.
  • توفير العمل ومساعدته على الاندماج بين أفراد المجتمع مرة أخرى.
  • مساعدته على تغيير روتينه اليومي وتقديم الدعم النفسي، وحثه على المواظبة في زيارة الطبيب.
  • تشجيعه على الاهتمام بالجوانب الروحية والدينية والاستماع إلى الآراء الوسطية.
  • توفير بيئة صحية وروتين ونمط حياة فعال وغير ممل لمساعدته على العودة لحياته بين الناس.
  • تشجيعه على المشاركة في المناسبات العائلية والاجتماعية والتعامل بشكل إيجابي لتحقيق الاندماج المطلوب.

يجب العلم أن خطة العلاج والتعافي من الإدمان لكل مريض تكون مختلفة باختلاف الشخصيات والأسباب والبيئة المحيطة ومدى تقبله للحلول المطروحة وطريقة تقديم الحلول له، ولذلك يجب الحرص على الاستعانة بالمتخصصين في هذا الشأن لوضع الخطة الأمثل في مواجهة هذا الخطر مع المريض حتى يتم شفاءه بأمان ويعود كشخص طبيعي غير منبوذ من المجتمع فتتم حمايته من خطر الانتكاس والعودة لهذا المرض المميت.

التعليقات