21/06/2023 - 15:42

البرمجيّات الخبيثة: استهداف الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان

يؤكد الارتفاع المقلق للقرصنة التي ترعاها الدولة وانتشار تقنيات المراقبة المتقدمة على الحاجة الملحة لتدابير قوية للأمن السيبراني

البرمجيّات الخبيثة: استهداف الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان

(Getty)

في العصر الرقمي اليوم، أصبحت الهواتف المحمولة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، حيث تعمل كمساعدين شخصيين، وأجهزة اتصال، ومستودعات للمعلومات الحساسة، ما جعلها هدفًا جذابًا للمتسللين الذين يسعون للوصول غير المصرح به إلى البيانات الشخصية، بما في ذلك الرسائل ورسائل البريد الإلكتروني والصور وجهات الاتصال المخزنة داخل هذه الأجهزة.

ويشكل اختراق الهواتف المحمولة تهديدًا خطيرًا للصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، ويعرض خصوصيتهم وعملهم للخطر، ويؤكد الارتفاع المقلق للقرصنة التي ترعاها الدولة وانتشار تقنيات المراقبة المتقدمة على الحاجة الملحة لتدابير قوية للأمن السيبراني، حيث يجب أن تتعاون الحكومات وشركات التكنولوجيا والمجتمع المدني لتطوير ضمانات أقوى، وتعزيز محو الأمية الرقمية، وضمان حماية الحق الأساسي في الخصوصية وحرية التعبير في عالمنا المترابط بشكل متزايد.

وشهدت عمليات قرصنة الهواتف المحمولة تصعيدًا سريعًا في السنوات الأخيرة، مدفوعة بالتقدم في تقنيات القرصنة والتطور المتزايد للبرامج الضارة، حيث طور المخترقون الإلكترونيون مجموعة واسعة من الأساليب لاختراق الأجهزة المحمولة، بما في ذلك التطبيقات الضارة وهجمات التصيد الاحتيالي ونقاط ضعف الشبكة، ولا تضر هذه الهجمات بالخصوصية الشخصية فحسب، بل تشكل أيضًا تهديدات كبيرة لمن يعملون في مهن حساسة، مثل الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.

ويتعرض الصحافيون إلى الاستهداف من قبل قراصنة ترعاهم دول أو جهات خبيثة تسعى إلى خنق تقاريرهم، وبمجرد أن يتم اختراق الهاتف المحمول الخاص بالصحفي، يمكن أن تكون التداعيات وخيمة، حيث تمنح الهواتف التي تم اختراقها وصولًا غير مصرح به إلى المحادثات الحساسة وجهات اتصال المصدر والمقالات غير المنشورة والمواد السرية الأخرى، ولا يؤدي هذا إلى تعريض خصوصية المصادر للخطر فحسب، بل يمكن أيضًا أن يعرض التحقيقات الجارية للخطر، ويعرض السلامة الشخصية للصحفي للخطر، ويقوض حرية الصحافة.

ويسعى نشطاء حقوق الإنسان إلى تعزيز وحماية الحقوق والحريات الأساسية على مستوى العالم، وغالبًا ما يتحدى عملهم الأنظمة القمعية حيثيصبح هؤلاء الأفراد أهدافًا رئيسية للمراقبة ومحاولات القرصنة، حيث تهدد أنشطتهم الوضع الراهن والكيانات القوية، وعندما يتم اختراق الهاتف المحمول لأحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان،يمكن أن يحصل المخترقون على اتصالات حساسة واستراتيجيات تنظيمية وخطط للاحتجاجات السلمية أو حملات المناصرة. هذا لا يضر فقط بسلامة الفرد ولكنه يعرض للخطر أيضًا حياة ورفاهية أولئك الذين يقاتلون من أجل حمايتهم.

وتبنت الحكومات ووكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم تقنيات مراقبة متطورة لرصد وقمع المعارضة، حيث تلعب قرصنة الهواتف المحمولة دورًا مهمًا في ترسانة المراقبة الخاصة بهم، مما يسمح لهم بمراقبة النشطاء والصحفيين، وجمع المعلومات الاستخبارية، وتقليص أنشطتهم.

وغالبًا ما تستخدم القرصنة التي ترعاها الدولة برامج ضارة متقدمة مثل Pegasus، والتي تصدرت عناوين الصحف نظرًا لقدراتها الكبيرة، حيث يمكن لهذا الفيروس استغلال الثغرات الأمنية في أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة الشهيرة للسيطرة الكاملة على الجهاز، ومنح المتسللين الوصول إلى الرسائل ورسائل البريد الإلكتروني والاتصالات وحتى الكاميرا والميكروفون.

وقدمت أرملة الصحافي السعودي الراحل، جمال خاشقجي، دعوى قضائية ضد شركة NSO على خلفية استخدام برنامج للتجسس على رسائلها في الأشهر التي سبقت مقتل زوجها.

ومما يذكر أن NSO تعرض تقنيات التجسس الخاصة بها للبيع لوكالات المخابرات وجهات إنفاذ القانون حول العالم. وكان خاشقجي صحافيًا يعمل في صحيفة "واشنطن بوست"، قبل أن يقتل في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.

التعليقات