"واتساب" النشامى: "الحكي الك يا كنة واسمعي يا جارة"

الأردنيون مثل غيرهم من باقي شعوب العالم، يعيشون ثورة رقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، ولكل منهم صبغته الخاصة في كيفية استعمالها.

توضيحية (pixabay)

بعد أن كانت المصارحة في الماضي لا تكون إلا وجها لوجه، أصبحت في أيامنا المعاصرة عن بعد، عبر تطبيقات التراسل الفورية على الهواتف الذكية، التي أغنت أصحابها عن ردود فعل، في معظمها سلبية، حيث لا يقوى الكثيرون في التعبير عن مشاعرهم تجاه أشخاص يعرفونهم، أو إظهار مواقفهم تجاه قضية معينة، منعًا للحرج.

الأردنيون مثل غيرهم من باقي شعوب العالم، يعيشون ثورة رقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، ولكل منهم صبغته الخاصة في كيفية استعمالها.

من اللافت للنظر أن الكثير من الأردنيين يعتبرون أن تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، الأكثر سرعة وفعالية في عملية التواصل؛ فمن النادر أن تجد من لا يستخدم هذا التطبيق على هاتفه المحمول.

ورغم عدم دقة الأرقام الواردة بهذا الخصوص، إلا أن الإحصائيات التقديرية لعدد مستخدمي تطبيق "واتساب" في الأردن يفوق 6 ملايين مستخدم.

يتيح "واتساب" لمستخدميه إمكانية كتابة كلمات كثيرة في الحالة الخاصة بالبرنامج (status)، ولذلك يبحث البعض عن "حالات" رومانسية والبعض الآخر يبحث عن "حالات" عتاب وغيرها الكثير، فكل شخص يختار الحالة التي تناسبه وتعبر عما يشعر به.

وأحد هؤلاء عبد الله البسام (طالب جامعي)، الذي يعتبر أن "واتساب تطبيق رائع جدًا، تقبل عليه فئة الشباب بشكل كبير؛ لأنه متاح في أي وقت، فضلاً عن أنه موجود على الهاتف المحمول، وهذه ميزة أخرى".

ومضى في حديثه قائلا: "أعتقد أن الحالة التي يكتبها البعض على واتساب، هي رسائل مبطنة لأشخاص مضافين على الهاتف، وهي طريقة تجنبك المواجهة، وتتيح التعبير عما في داخلك".

وتمثل الحالة على "واتساب" بالنسبة إلى حنين الراشد (مُعلمة)، "متنفسًا" لصاحبها، فهي تخرج ما في داخلك بطريقة وإن كانت كلماتها قاسية في بعض الأحيان، إلا أنها أكثر تهذيبًا من الكلمات التي ربما تخرج منك خلال المواجهة"، على حد قولها.

بينما قال رامي الدويري، الخبير بشبكات التواصل الاجتماعي: "من منظور علمي، هناك دراسة نشرت عام 2015، وجدت أن غالبية الناس يذهبون إلى واتساب؛ للتعبير عن المشاعر التي من الصعب مواجهتها في الحياة العادية، خاصة بالنسبة للمشاعر السلبية أكثر من الإيجابية".

وتابع الدويري، وهو أستاذ للتسويق الإلكتروني في الجامعة الأردنية، "عند وضع حالة كانتقاد لأشخاص معينين أو حزن، سيؤدي ذلك إلى جذب الناس، ما يساهم في تعزيز الثقة بالنفس".

وأوضح أن "السبب في وضع الحالات على واتساب، هو عدم القدرة على المواجهة، وهي بطبيعة الحال لأشخاص معينين، وعلى واقع الأردن هناك مبالغة، نحن الدولة رقم 2 بعد السعودية بالنسبة للدول العربية باستخدام واتساب بحسب إحصائيات عالمية".

وأردف: "الإحصائيات تقول إن الأردني يستخدم واتساب بمعدل 3 ساعات يوميا، ومن هذه النقطة نقول إن ذلك يعد طريقة للتعبير عن الذات، وهي ظاهرة سيئة، وعلى الإنسان أن يواجه أفضل من هذه الطريقة التي تنتج من أوقات فراغ كبيرة تدفعه للجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي".

من جهته، قال أستاذ علم النفس في جامعة اليرموك، محمد صوالحة: "تعتبر (حالات واتساب) إحدى الوسائل، التي يعبر الشخص بها عن مشاعره تجاه شخص أو مجموعة".

واعتبر صوالحة أنها "وسيلة متاحة بدون تكاليف وليست محددة بمكان أو زمان معين، وتعمل حالة من التفاعل بين هذا الفرد والآخرين يترتب عليها إما تعميق العلاقات بين الناس، كنوع من التنفيس لما لدى الشخص من أفكار من جهة أخرى".

وأكد أن "هذا الموضوع دارج بشكل كبير في المجتمع الأردني؛ لأنه متاح وليس عليه قيود طالما أن ما يتم تداوله لا يتعارض مع القانون، وعكس ذلك فهناك محددات ترتب عقوبات وما إلى ذلك".

ميساء الرواشدة، الأستاذة الجامعية في علم اجتماع الإعلام والاتصال، استشهدت في حديثها حول انتشار استخدام "حالات واتساب" بشكل كبير بين الأردنيين واللجوء إليها بالمثل الشعبي القائل "الحكي الك يا كنة واسمعي يا جارة"، في إشارة واضحة منها لاستخدامها (الحالات) بالتعبير عن مواقفهم تجاه أشخاص بأعينهم.

"الحالة للشخص تعبر عن نفسيته، وهي رسالة تتسم بالجرأة وأحياناً تكون قاسية لا يمكن توجيهها في الواقع، وهي مرآة ذاته"، بحسب الرواشدة.

أما عن رأي القانون في هذه "الحالات"، فقد نوه نقيب المحاميين الأردنيين، مازن أرشيدات، أن "القانون لا يرتب أثر على ذلك ما دامت صفحته الشخصية إلا في حالات تمس الأمن الوطني والمقامات العليا، أو فيها نوع من المساس بالمؤسسات الأمنية والمدنية، وغير ذلك لا مساءلة قانونية".

بدورها، أكدت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الأردن عبر مكتبها الإعلامي، أنها "لا تتدخل في تنظيم مثل تلك التطبيقات في الوقت الراهن".

التعليقات