تقنية جديدة تكبح تكاثر حشرات ناقلة للملاريا

نجح فريق من الباحثين في جامعة "إمبريال كوليدج لندن" من استخدام تقنية "محرّكاتِ الجينات" للإنقاص من عمر تجمعات البعوض الذي ينقل مرض الملاريا في صحاري إفريقيا؛ إذ نجح الباحثون في القضاء على سبعة إلى 11 جيل من بعوضة "الأنوفيلة الجامبية".

تقنية جديدة تكبح تكاثر حشرات ناقلة للملاريا

(PHIL)

نجح فريق من الباحثين في جامعة "إمبريال كوليدج لندن" من استخدام تقنية "محرّكاتِ الجينات" للإنقاص من عمر تجمعات البعوض الذي ينقل مرض الملاريا في صحاري إفريقيا؛ إذ نجح الباحثون في القضاء على سبعة إلى 11 جيل من بعوضة "الأنوفيلة الجامبية".

وتُعتبر هذه هي المرَّة الأولى التي ينجح فيها العلماء في تحديد القدرة التناسلية لدى كائنات حية معقّدة مخبريًّا على المستوى الجزيئي. وأكدت الدراسة، التي نشرتها دورية "نيتشر بيوتكنولوجي" في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أنه لا يوجد طفرات جينية تحول دون نشر هذه التقنية في التجارب العلمية على البعوض، ما يشير إلى قدرة "محرّكاتِ الجينات" على العمل بشكل فعال في البرية.

وتسمح تقنية الهندسة الوراثية "محرّكاتِ الجينات" بنقل جين معين بطريقة فعالة، على نحوٍ تفضيلي، إلى الأجيال التالية عند التكاثر. ويمكن أن تساهم هذه التقنية في منع انتشار أو تكاثر الحشرات التي تنقل الأمراض، وإضافة وتعطيل وتعديل جينات بأكملها التي تكبح تكاثر السلالة، وتحدّ من قدرتها الإنجابية.

وقال أستاذ علم الطفيليات بجامعة إمبريال كولدج، والمشارك في الدراسة أندريا كريسانتي، في تصريحات لموقع "للعلم"، إنه "يستهدف إطلاق أنواع البعوض المستهدفة بتقنية محرّكاتِ الجينات في المستقبل لنشر العقم الجنسي بين إناث البعوض وإحداث خلل في نموّ هذه الحشرات وتكاثرها؛ فعلى الرغم من الجهود والموارد المبذولة سنويًّا، إلا أن عدد حالات الإصابة بالملاريا لم ينخفض في عام 2016 على سبيل المثال، ما يعني أننا في حاجة إلى أدوات جديدة لحل هذه المشكلة الصحّية، التي بلغ عدد حالات الإصابة بها 216 مليون حالة أدَّت إلى نحو 445 ألف وفاة في عام 2016، معظمها بين الأطفال دون الخامسة".

(PHIL)

وأطلق الباحثون إسم "دبلسكس" على التصميم الذي استحدثوه لتعديل الجينات، والذي يلعب دورًا في تحديد جنس البعوض، ويتعلَّق بنمو البعوضة الأنثى. ولم تُبدِ ذكور البعوض الحاملة للجين المعدل أي تغييرات ملحوظة، وكذلك إناث البعوض الحاملة لنسخة واحدة منه. ولكن إناث البعوض الحاملة لنسختين من الجين أظهرت صفات ذكرية وأنثوية في ذات الوقت، وأظهرت عجزًا عن اللدغ ووضع البيض. ونجحت تقنية "محرّكاتِ الجينات" في تعديل جينات الإناث هذه بنسبة 100في المئة. وبعد تربية ثمانية أجيال من البعوض، انخفض عدد الإناث بصورة تمنع تكاثر البعوض، ما أدى إلى موت السرب بأكمله.

وأضاف كريستياني"استخدمنا تقنية ’كريسبر-كاس9’ لنقل جينات محددة إلى 99 في المئة من النسل مقارنة بـ50 في المئة المعدل الطبيعي لانتقال الجينات العادية من جيل لآخر، وقد تم اللجوء إلى ’محركات الجينات’ لتقليل خصوبة أنثى البعوض الحبيس في المعمل وخفض عدد هذه السلالة. واكتشفنا أن محرك الجينات ينتشر بسرعة في البعوض الحبيس دون مقاومة منه، ما أسفر عن انهيار تام للسلالة، وهو إنجاز لم يتحقق من قبل. واستنتجنا أن الانتشار السريع والكامل لمحركات الجينات، دون مقاومة (لدى 7 إلى 11 جيلًا) في بيئة مغلقة تحاكي الظروف الطبيعية، يبشر بنتائج جيدة في التجارب الميدانية في أماكن تجمعات البعوض، وهو ما يعتبر إنجازًا كبيرًا في مجال مكافحة سلالات البعوض الناقلة للملاريا".

وأكد كريستياني أنه "بالرغم من أن البحث يمنحنا أملًا جديدًا لمكافحة مرض وبائي منتشر في العالم منذ قرون، ما زلنا بحاجة إلى العمل والتنسيق مع الدول الموبوءة واختبار التقنية في مختبرات كبيرة، وربما يستغرق الأمر 5 إلى 10 أعوام قبل إطلاق أي بعوضة تحمل محرّكاتِ الجينات في الطبيعة، لكننا نضع أيدينا على أدلة مشجعة تخبرنا أننا في الطريق الصحيحة. سنعمل قدر المستطاع على تقنية المحرّك الجيني للقضاء على الملاريا، وستستطيع التغلُّب على عوائق علاج الملاريا في الدول النامية".

وعلّق كريستياني على مسألة التأكد من مدى هذه التقنية أنه "لا بد من إجراء مزيد من الدراسات في أقفاص كبيرة نسبيًّا لاختبار أعداد أكبر من البعوض، في ظروف شبيهة أكثر بالبيئة الطبيعية التي يعيش فيها".

التعليقات