ملفات تعريف الارتباط: حماية خصوصية أم وسيلة تجسس؟

أكد مبتكر ملفات تعريف الارتباط أن الهدف منها تتبع البيانات بحماية الأشخاص في ظل المخاوف المتعلقة بالخصوصية عبر شبكة الإنترنت؛ لا أن تكون وسيلة للتجسس الالكتروني.

ملفات تعريف الارتباط: حماية خصوصية أم وسيلة تجسس؟

(توضيحية - pixabay)

أكد مبتكر ملفات تعريف الارتباط أن الهدف منها تتبع البيانات بحماية الأشخاص في ظل المخاوف المتعلقة بالخصوصية عبر شبكة الإنترنت؛ لا أن تكون وسيلة للتجسس الالكتروني.

وذكر المهندس ورجل الأعمال المقيم في كاليفورنيا، لو مونتولي، أن "ملف تعريف الارتباط" الأصلي الذي ابتكره قبل حوالى ثلاثة عقود، كان يهدف إلى تسهيل استخدام شبكة الإنترنت من خلال السماح للمواقع الإلكترونية بتذكّر مستخدميها.

ورغم ذلك، هوجمت هذه التكنولوجيا لمساعدتها الشركات التقنية على جمع البيانات حول عادات المستهلكين الأساسية ومنحها لقطاع الإعلانات الالكترونية الموجهة الذي يحقق أرباحا بمليارات الدولارات سنويا.

وقال مونتولي الذي ابتكر "ملفات تعريف الارتباط" في العام 1994 عندما كان مهندسا في "نتسكايب" إنّ اختراعه يأتي في "صلب تكنولوجيا خطط إعلانية عدة، لكنّ المقصود لم يكن ذلك"، مشيرا إلى أنّها "ببساطة تقنية أساسية لتمكين الموقع الالكتروني من العمل".

وانضمت "جوجل" أخيرا إلى قائمة متزايدة من شركات التكنولوجيا، عبر الإعلان عن خطة جديدة لوقف أنواع معينة من ملفات تعريف الارتباط، بعدما تعرّضت المقترحات السابقة التي قدّمتها المجموعة العملاقة في مجال الإعلانات الالكترونية لانتقادات واسعة.

وأشار مونتولي أثناء الحديث عن "ملفات تعريف الارتباط" إلى أنّ ملفات البرمجة التي تتيح للموقع الكتروني التعرّف إلى المستخدمين، ساعدت في جعل بعض الخصائص ممكنة مثل تسجيل الدخول التلقائي أو تذكر محتويات عربات التسوق في مواقع التجارة الإلكترونية.

وفي غياب ما يسمى بملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الأولى التي تستخدمها المواقع الالكترونية للتفاعل المباشر مع المستخدمين، سيُعامل الشخص في كل مرة يدخل فيها إلى شبكة الانترنت كما لو أنّه يستخدمها للمرة الأولى.

وأشار مونتولي إلى مشكلة في ما يسمى بملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الخارجية التي أنشأتها المواقع الالكترونية ووُضعت في متصفحات المستخدمين وشبكات الإعلانات التي تجمع البيانات من هذه الملفات.

وأوضح مونتولي أنّ التتبّع الإعلاني يحصل فقط من خلال عملية مُخطط لها بين عدد كبير من المواقع الالكترونية وشبكة إعلانات.

وتشارك المواقع الالكترونية بيانات أنشطة المستخدمين مع شبكات الإعلانات التي تستعملها بعد ذلك في الإعلانات الموجهة.

وتابع "إذا بحثت عبر الانترنت عن بعض المنتجات المتخصصة الغريبة، ثم ظهرت أمامك كمية هائلة من الإعلانات حول هذا المنتج في عدد من المواقع الإلكترونية، ستكون تجربتك غريبة".

وأضاف "من الطبيعي الاعتقاد بأنّه في حال يعرف الموقع أني أبحث عن حذاء أزرق من الجلد السويدي مثلا، فإن ذلك يعني أنه يعرف كل شيء عني، ما يعني تاليا الرغبة في الخروج من هذا النظام".

وبدأت الحكومات بالتحرك لمواجهة ما يحصل عبر الإنترنت، ما تجلى أخيرا عبر فرض السلطات الفرنسية على شركتي "جوجل" و"فيسبوك" غرامة بـ210 ملايين يورو (237 مليون دولار) هذا الشهر على خلفية استخدامهما ملفات تعريف الارتباط.

وإذا جمع موقع الكتروني ضمن شبكة ما معلومات تعريف شخصية عن مستخدم، كاسمه مثلا أو بريده الالكتروني، فمن الممكن "تسريبها" بطريقة تجعل نظام تصفح مرتبطا بالمستخدم.

وقال مونتولي "هذا تأثير شبكي في كل المواقع الالكترونية المختلفة التي تتواطأ مع القائمين على الإعلانات الموجهة"، مضيفا "صُمّمت ملفات تعريف الارتباط أساسا لتوفير الخصوصية".

ويشير إلى أنّ أحد الردود على ما يحصل يكمن في وقف الإعلانات الموجهة والبدء بفرض اشتراكات على الخدمات في الإنترنت.

ويدعم مونتولي كذلك التخلص التدريجي من ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الثالثة، محذرا من أنّ التخلص من ملفات البرامج بالكامل من شأنه أن يدفع المعلنين إلى استخدام المزيد من الأساليب الخفيّة.

وذكر أن "الإعلانات ستجد طريقة ما، وسيصبح ذلك بمثابة سباق التسلح التكنولوجي، وسيقوم قطاع الإعلانات بكل ما يلزم ليستمر في العمل، آخذا في الاعتبار تعرّض مليارات الدولارات للخطر".

وقد يؤدي التخلص من ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالأطراف الثالثة إلى معاقبة المواقع الالكترونية الصغيرة عن غير قصد، وذلك عبر استبعاد الإعلانات الموجّهة عنها والتي تجني من خلالها الأموال، ما سيمنح مزيدا من القوة لشركات التكنولوجيا الكبيرة مثل أبل وغوغل وميتا.

ويرى مونتولي أنّ الحل الوحيد القابل للتطبيق على المدى الطويل هو في اعتماد قواعد تسمح لملفات تعريف الارتباط بالبقاء قيد الاستخدام، وفي اعتماد التحكم الذي يشمل مثلا السماح للمستخدمين باختيار ما إذا كانوا يريدون مشاركة بياناتهم أو لا.

ويؤكد أنّ المستخدمين لا يمكنهم تصفّح المواقع الالكترونية من دون ملفات تعريف الارتباط، مضيفا "علينا أن نكون دقيقين بموضوع استخدامها في مجال الإعلانات".

التعليقات