ضيف جديد يتسبّب بأزمة للجامعات الأميركيّة... كيف غيّر ChatGPT شكل التعليم؟

هذه الأزمة التي يمرّ بها التعليم ككلّ، تأتي في وقت باتت فيه تتغوّل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ، وأهمّها تطبيق ChatGPT الذي صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، من خلال مختبرات OpenAI.

ضيف جديد يتسبّب بأزمة للجامعات الأميركيّة... كيف غيّر ChatGPT شكل التعليم؟

(Getty)

نشرت صحف أميركيّة، ومنها صحيفة "تايمز"، عددًا من التقارير حول مدى التأثير الكبير الذي وصلت إليه روبوتات الدردشة في الحياة اليوميّة المُعاشة، والظواهر المجتمعيّة التي أصبحت تتسبّب بها هذه الروبوتات. وقالت الصحيفة، إنّ أستاذ الفلسفة في جامعة ميتشيغان الأميركيّة، أنتوني أومان، تفاجأ أثناء قيامه بتصحيح مقالات ونصوص الطلّاب في كورس "الأديان"، بما وصفه بـ"أفضل ورقة" قدّمت له على الإطلاق، وعند مواجهته لتلميذه حول ما إذا كان قد كتب هذه الورقة بنفسه، اعترف الطالب أنّ هذه الورقة كُتبت من خلال استخدام ChatGPT، وهو روبوت دردشة يمكمنه الكتابة وتقديم المعلومات وتوليد الأفكار.

تضيف الصحيفة في تقريرها، إنّ الأستاذ أومان قرّر بعد ذلك اشتراط كتابة المسوّدات الأولى داخل الصفّ، باستخدام متصفّحات تُراقب أنشطة الكمبيوتر، وعلى الطلاب بعد ذلك شرح أوراقهم المكتوبة وإبداء مراجعاتهم.

ونُشرت عدد من التقارير حول كليّات في العالم بدأت تأخذ بالفعل خطوات تجاه روبوت الدردشة ChatGPT، وهو ما يؤدّي شيئًا فشيئًا إلى تغيير كامل في شكل التعليم، ومن ضمن هذه الإجراءات، زيادة الاختبارات الشفويّة والعمل الجماعيّ، بالإضافة إلى الكتابة بخطّ اليد.

وتأتي هذه الأزمة التي يمرّ بها التعليم ككلّ، في وقت باتت فيه تتغوّل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ، وأهمّها تطبيق ChatGPT الذي صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، من خلال مختبرات OpenAI.

(Getty)

وكانت مدارس في مدينة نيويورك وسياتل، قد حظرت التطبيق عبر شبكات الإنترنت الخاصّة بها، بعد أن أدّى التطبيق إلى قلب المدارس الإعداديّة والثانويّة رأسًا على عقب، ولكن على الرغم من ذلك، فإنّ الطلّاب يستطيعون الوصول إلى التطبيق بكلّ سهولة.

تعتبر شركة سان فرانسيسكو، المالكة لمختبرات OpenAI هي أكثر الشركات طموحًا في العالم، حين يتعلّق الأمر بالذكاء الاصطناعي وتطويره وإتاحته على شبكة الإنترنت، وخلال السنوات الأخيرة، طوّرت الشركة أكثر من تطبيق، أوّلها كان ChatGPT، وهو برنامج دردشة يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وبرنامج DALL-E 2، ويتيح هذا البرنامج إنشاء صور رقميّة من خلال الوصف، وبرنامج GPT-3، وهو أخطرها، والذي يستطيع الكتابة والجدال، وفي هذه الأيّام، دخلت شركة مايكروسوفت في عالم الذكاء الاصطناعي، وتناقش الاستثمار في برنامج الدردشة مقابل 10 مليار دولار، وتملك شركة غوغل كذلك روبوت "لامدا"، وهو روبوت محادثة يعتمد على الذكاء الاصطناعيّ أيضًا، بالإضافة إلى عدد من المشاريع التي تطوّر برامجها الخاصّة.

وأصبح تطبيق ChatGPT الآن على رأس جدول الأعمال بالنسبة للعديد من المعاهد والجامعات، للبحث في طرق التكيّف مع هذه التكنولوجيا الجديدة، والتي أصبح يستخدمها الطلّاب في الغشّ بصورة مستمرّة ومقلقة، في جامعات مثل نيو برونزويك ونيوجيرسي وجامعة نورث كارولاينا، حيث أصبح الأساتذة يطالبون بإنهاء ما يسمّى "الكتاب المفتوح"، والتي أصبحت طريقة سائدة للتدريس مع جائحة كورونا.

ويقوم بعض الأساتذة بالطلب من التلاميذ بكتابة خمس صفحات، عن مواضيع يختارونها، ويمكن أن تكون من خلال أسئلة ذكيّة بالنسبة لبرامج الدردشة الآليّة، والتي لم تتطوّر إلى هذا الحدّ، وما زالت في بداياتها، بالإضافة إلى أنّ أساتذة يطلبون من الطلّاب الكتابة عن حياتهم الخاصّة.

(Getty)

وفي هذا الصدد، قال رئيس العلوم الإنسانيّة في جامعة تكساس، إنّه سيبدأ بتدريس نصوص حديثة وأكثر تخصّصًا، والتي يعتقد أنّ تطبيق ChatGPT لا يملك معلومات عنها، مثلًا قصائد شيكسبير المبكّرة، بدلًا من القصائد الشهيرة له.

وبدأت جامعات أميركيّة بالفعل في تثقيف طلّابها حول تقنيّات الذكاء الاصطناعي الجديدة، مثل جامعة بوفالو في نيويورك، وجامعة فورمان في ساوث كارولاينا. وتخطّط الجامعات لتدريس سياق الذكاء الاصطناعي، في مواضيع مثل النزاهة الأكاديميّة.

ومن جهتها، قالت مديرة مكتب النزاهة الأكاديميّة في جامعة بافالو، كيلي أهونا "يتعيّن علينا إضافة سيناريو حول هذا الموضوع، نحن نريد منع حدوث الأشياء بدلًا من الإمساك بها بعد حدوثها". وقال نائب الرئيس للخدمات التقنية في مدارس دالاس اللاهوتيّة، إنّه يخطط لإدراج تعريف آخر للانتحال، وهو استخدام نصّ مكتوب بواسطة نظام ذكاء اصطناعي.

ومن غير المرجّح بالنسبة لكثير من المراقبين، أن تنتهي الاستخدامات المسيئة للذكاء الاصطناعيّ قريبًا، لذلك قرّر بعض أساتذة الجامعات، الاعتماد على وسائل أخرى لكشف هذا التزييف الحاصل، مثل خدمات الكشف عن السرقات الأدبيّة "تورنيتون"، وقال مؤسّس البرنامج في جامعة بيرنستون، إدوارد تيان، إنّ أكثر من 6 آلاف مدرّس من جامعات مختلفة، سجّلوا لاستخدام البرنامج، والذي يمكنه الكشف السريع عن النصوص التي أُنشئت من خلال برامج الذكاء الاصطناعي.

التعليقات