بين الحاسوب الكموميّ والحاسوب الفائق

تحتوي أجهزة الكمبيوتر العملاقة أيضًا على قدر كبير جدًّا من الذاكرة، يقاس عادة بالتيرابايت (TB)، وتستخدم هذه الذاكرة لتخزين البيانات الّتي تتمّ معالجتها، وكذلك النتائج الوسيطة للحسابات، وتعدّ سعة الذاكرة الكبيرة ضروريّة للتعامل مع مجموعات البيانات الكبيرة

بين الحاسوب الكموميّ والحاسوب الفائق

(Getty)

بعد الإعلان الذي أصدرته الشركة الأوروبيّة الرائدة في مجال الحواسيب الكموميّة الفائقة التوصيل، عن توفيرها لوحدات المعالجة الكموميّة لأوّل حاسوب كموميّ إسبانيّ يتمّ تثبيته في مركز برشلونة للحوسبة الفائقة، تصدّر الحديث حول الحواسيب الفائقة والكموميّة وعاد إلى الواجهة مجددًا، خاصّة بعد أن أعلن علماء من جامعة ساكس في المملكة المتّحدة، أنّهم تمكّنوا خلال الاشهر الماضي، من الحصول على كيوبتات تنقل مباشرة بين شريحتين صغيرتين للكمبيوتر الكموميّ، إذ كان السؤال حول كيفيّة جعل ملايين الكيوبت تعمل معًا، يشكّل تحدّيًا كبيرًا في صناعة الكمبيوتر الكموميّ، وحسب رأي خبراء، فإنّه مع هذه النقلة النوعيّة، لن يصبح الكمبيوتر الكموميّ متاحًا للبيع تجاريًّا، وذلك لأنّ التحدّيات التقنيّة التي يمثّلها تصنيعه هائلة.

وتعدّ "آي كيو إم" وهي الشركة الأوروبيّة الرائدة في مجال الحواسيب الكموميّة، عضوًا في الائتلاف الذي تقوده الشركتان الإسبانيتان "كيليمنجارو كوانتوم تيك" و"جي إم في"، والذي تم اختياره من قبل "كوانتوم أسبانيا"، وهي مبادرة روجت لها وزارة الشؤون الاقتصادية والتحول الرقمي من خلال وزير الدولة للرقمنة والذكاء الاصطناعي ("سيديا") في ديسمبر 2022، لبناء أول حاسوب كمومي للاستخدام العام في جنوب أوروبا.ويربط عدد من العلماء في النقلة النوعيّة التي قد يشكّلها الكمبيوتر الكموميّ، جنبًا إلى جنب مع الكمبيوتر الخارق أو "السوبركمبيوتر، وهو كمبيوتر ذو إمكانيّات هائلة، يستخدم لمعالجة كمّ هائل من البيانات، كما له القدرة على تخزين كمّ هائل جدًا من البيانات والمعلومات والبرامج، وهو لا يصلح للاستخدام الشخصيّ، أو على مستوى مؤسّسة محدودة، إنّما يستخدم على نطاق دوليّ، حيث يمكنه ربط شبكة حاسبات آلية كبيرة على نطاق واسع.

وتمّ تصميم أجهزة الكمبيوتر العملاقة مع وضع الحوسبة عالية الأداء في الاعتبار، ممّا يعني أنّها تتكوّن من معالجات متعدّدة يمكنها العمل على أجزاء مختلفة من المشكلة في وقت واحد، وتسمح هذه البنية لأجهزة الكمبيوتر العملاقة بمعالجة الحسابات المعقّدة الّتي سيكون من المستحيل على أجهزة الحاسب التقليديّة إدارتها.

وترتبط المعالجات الموجودة في الكمبيوتر العملاق ببعضها البعض من خلال شبكة عالية السرعة، ممّا يسمح لها بالتواصل بينها بسرعة وكفاءة، وتعتمد هذه الشبكة عادة على تقنيّة تسمّى InfiniBand، والّتي توفّر نطاقًا تردّديًّا عاليًا واتّصالات بزمن انتقال منخفض.

وتحتوي أجهزة الكمبيوتر العملاقة أيضًا على قدر كبير جدًّا من الذاكرة، يقاس عادة بالتيرابايت (TB)، وتستخدم هذه الذاكرة لتخزين البيانات الّتي تتمّ معالجتها، وكذلك النتائج الوسيطة للحسابات، وتعدّ سعة الذاكرة الكبيرة ضروريّة للتعامل مع مجموعات البيانات الكبيرة والتأكّد من إمكانيّة الوصول إلى البيانات بسرعة.

ويعدّ كمبيوتر IBM Roadrunner أحد أكثر أجهزة الكمبيوتر العملاقة شهرة، وهو أوّل كمبيوتر يحقّق أداء مستدامًا يزيد عن بيتافلوب واحد (كوادريليّون عمليّة في الثانية)، وتمّ تثبيته في مختبر لوس ألاموس الوطنيّ في عام 2008، واستخدم في مجموعة من التطبيقات العلميّة والعسكريّة.

وتستخدم أجهزة الكمبيوتر العملاقة في مجموعة متنوّعة من التطبيقات، من البحث العلميّ إلى التنبّؤ بالطقس والأمن القوميّ، وتعدّ نمذجة المناخ أحد المجالات الرئيسيّة للبحث الّتي تستخدم فيها الحواسيب الفائقة، وتشكّل النماذج المناخيّة هي عمليّات محاكاة معقّدة تحاول التنبّؤ بالمناخ المستقبليّ بناء على البيانات الحاليّة والافتراضات المختلفة. تعدّ أجهزة الكمبيوتر العملاقة ضروريّة لتشغيل هذه النماذج، لأنّها تتطلّب كمّيّات هائلة من الطاقة والذاكرة الحسابيّة، بالإضافة إلى مجال علم الأحياء الحسابيّ، حيث يتضمّن ذلك استخدام المحاكاة الحاسوبيّة لدراسة الأنظمة البيولوجيّة، مثل سلوك البروتينات أو انتشار الأمراض المعدية، وتعدّ أجهزة الكمبيوتر العملاقة ضروريّة لهذا البحث، حيث يمكنها التعامل مع الكمّيّات الهائلة من البيانات الّتي يتمّ إنشاؤها بواسطة هذه المحاكاة.

ومن المجالات التي يتمّ فيها استخدام الحواسب العملاقة، الأمن القوميّ، مثل التشفير ومحاكاة الأسلحة النوويّة، وتتطلّب هذه التطبيقات مستويات عالية للغاية من القوّة والأمان الحسابيّين، حيث إنّ البيانات الّتي تتمّ معالجتها غالبًا ما تكون حسّاسة للغاية وسرّيّة.

ويتوقّع باحثون أن تستمرّ أجهزة الكمبيوتر العملاقة في لعب دورها الحيويّ في البحث العلميّ والأمن القوميّ، وواحد من المجالات الّتي من المحتمل أن تشهد نموًّا كبيرًا هو الذكاء الاصطناعيّ (AI)، حيث تتطلّب خوارزميّات الذكاء الاصطناعيّ كمّيّات هائلة من الطاقة والذاكرة الحسابيّة، والحواسيب الفائقة مناسبة تمامًا للتعامل مع هذه المهامّ.

التعليقات