السيّارات الكهربائيّة: صناعة متصاعدة خلال العقود المقبلة

يتمثّل أحد الجوانب الحاسمة لغزو السيّارات الكهربائيّة في تطوير شبكة بنية تحتيّة قويّة للشحن، حيث أشارت الدراسات إلى أنّ القلق من المدى، أو الخوف من نفّاد طاقة البطّاريّة، لا يزال يمثّل عائقًا كبيرًا أمام استخدام السيّارة الكهربائيّة

السيّارات الكهربائيّة: صناعة متصاعدة خلال العقود المقبلة

(Getty)

شهد قطاع النقل العالميّ تحوّلًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مع ظهور وشعبيّة السيّارات الكهربائيّة، ومع تزايد المخاوف بشأن تغيّر المناخ والاستدامة البيئيّة، اكتسب غزو السيّارات الكهربائيّة زخمًا كحلّ محتمل للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوريّ، وأحد الدوافع الرئيسيّة وراء غزو السيّارات الكهربائيّة هو قدرتها على الحدّ بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ.

وأظهرت العديد من الدراسات أنّ المركبات الكهربائيّة تنتج انبعاثات أقلّ أو صفريّة من أنبوب العادم مقارنة بمركبات محرّك الاحتراق الداخليّ التقليديّة، حيث وجدت دراسة أجراها اتّحاد العلماء المهتمّين "UCS" في عام 2020 أنّ السيّارات الكهربائيّة تنتج أقلّ من نصف انبعاثات المركبات المماثلة الّتي تعمل بالبنزين طوال دورة حياتها، ونظرًا لأنّ الشبكة أصبحت أكثر نظافة مع التكامل المتزايد لمصادر الطاقة المتجدّدة، فمن المتوقّع أن تنخفض الانبعاثات الإجماليّة المرتبطة بالمركبات الكهربائيّة أكثر.

وأشارت دراسات إلى أنّ استخدام السيّارات الكهربائيّة يعمل على تحسين الصحّة العامّة عن طريق الحدّ من تلوّث الهواء، وهو مساهم رئيسيّ في أمراض الجهاز التنفّسيّ والوفيات المبكّرة، حيث قدّرت دراسة نشرت في "ليسنت بلانتري هيلث" أنّ الاعتماد الواسع النطاق للمركبات الكهربائيّة يمكن أن يمنع ملايين الوفيات المبكّرة على مستوى العالم بحلول عام 2050، وسيؤدّي القضاء على انبعاثات العوادم الّتي تحتوي على ملوّثات ضارّة مثل أكاسيد النيتروجين والجسيمات، إلى تحسين جودة الهواء، لا سيّما في المناطق الحضريّة المكتظّة بالسكّان.

ويثير الطلب المتزايد على السيّارات الكهربائيّة مخاوف بشأن الضغط الّذي قد يفرضه على شبكات الكهرباء الحاليّة، حيث تشير الدراسات إلى أنّه من خلال التخطيط الدقيق واستراتيجيّات الشحن الذكيّة، يمكن أن يكون دمج المركبات الكهربائيّة مفيدًا للشبكة، وأشارت دراسة أجراها المختبر الوطنيّ للطاقة المتجدّدة "NREL" إلى أنّ الشحن المنسّق للسيّارات الكهربائيّة يمكن أن يساعد في إدارة الطلب على الكهرباء وحتّى الخروج منه، ممّا يعزّز استقرار الشبكة، كما يمكن أن تعمل المركبات الكهربائيّة كمورد قيّم لتخزين الطاقة، ممّا يتيح تكامل مصادر الطاقة المتجدّدة المتقطّعة من خلال توفير المرونة في العرض والطلب على الطاقة.

وسلّط تقرير صادر عن منظّمة العمل الدوليّة في عام 2021 الضوء على إمكانات نموّ العمالة في قطاع السيّارات الكهربائيّة، بما في ذلك التصنيع وتطوير البنية التحتيّة للشحن والخدمات ذات الصلة، حيث قد يؤدّي الانتقال إلى السيّارات الكهربائيّة أيضًا إلى فقدان الوظائف في صناعات السيّارات التقليديّة الّتي تعتمد بشكل كبير على تقنيّة محرّك الاحتراق الداخليّ، حيث يتوجّب على الحكومات وصانعي السياسات التخطيط لانتقال عادل، وتقديم فرص إعادة التدريب ودعم تطوير صناعات جديدة لضمان تحوّل اقتصاديّ سلس.

ويتمثّل أحد الجوانب الحاسمة لغزو السيّارات الكهربائيّة في تطوير شبكة بنية تحتيّة قويّة للشحن، حيث أشارت الدراسات إلى أنّ القلق من المدى، أو الخوف من نفّاد طاقة البطّاريّة، لا يزال يمثّل عائقًا كبيرًا أمام استخدام السيّارة الكهربائيّة، وأكّدت دراسة شاملة أجرتها الوكالة الدوليّة للطاقة "IEA" في عام 2020 على أهمّيّة نشر البنية التحتيّة للشحن على نطاق واسع للتغلّب على هذا التحدّي.

التعليقات