كيف سيسطر الذكاء الاصطناعيّ على شركات الإعلان الكبيرة؟

أدركت صناعة تكنولوجيا الإعلانات، الّتي ركّزت خصوصًا في الآونة الأخيرة على الاستهداف الإعلانيّ والتسويق على الإنترنت، الحاجة إلى تقديم حلول إبداعيّة للمعلنين قائمة على الذكاء الاصطناعيّ

كيف سيسطر الذكاء الاصطناعيّ على شركات الإعلان الكبيرة؟

(Getty)

وسط الإقبال الشديد الذي تشهده برامج الذكاء الاصطناعيّ منذ أشهر، ومواكبة التطوّرات الحاصلة والتي يعتبرها خبراء "جذريّة وتاريخيّة"، تدفع شركات الإعلانات الكبيرة حول العالم من أجل وضع أفكار مبتكرة للحملات الإعلانيّة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعيّ.

ولجذب انتباه الجيل الجديد مع اقتراب فصل الصيف، استخدمت العلّامة التجاريّة الفرنسيّة للملابس الداخليّة "أونديز"، المتفرّعة من مجموعة "إيتام"، الذكاء الاصطناعيّ لتوليد صورتين لعارضتي أزياء تتحرّكان تحت الماء بملابس السباحة.

ومن بين هذه الملصقات الـ3000 الّتي وضعت في جميع أنحاء البلاد، وحده لباس البحر صور ثمّ تمّت إضافته إلى الصورة. وكلّ شيء آخر طوّر بواسطة الذكاء الاصطناعيّ.

وقد تعاونت شركة كوكا كولا العملاقة مع "أوبن إيه آي"، الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعيّ والمطوّرة لبرمجيّة "تشات جي بي تي"، في مسابقة عن "الصور الإبداعيّة" الّتي تمثّل أكثر المشروبات الغازيّة شهرة.

وذهبت ماركة الأزياء الإسبانيّة "ستراديفاريوس" (التابعة لمجموعة "إنديتكس")، إلى حدّ ابتكار ملابس خياليّة مستوحاة من مجموعتها، مع سلسلة صور تمثّل عارضات بأزياء منمّقة تبدو كأنّها مندمجة مع الخلفيّة. ويقول فرناندو باسكوال، نائب رئيس التصميم في شركة "سيدتاغ" الإسبانيّة المتخصّصة في ما يسمّى بالإعلان "السياقيّ"، لوكالة فرانس برس "لا نزال في البداية".

وقد أطلقت "سيدتاغ" أخيرًا إمكانيّة تعديل خلفيّة الإعلانات تبعًا للصفحات الإلكترونيّة حيث يتمّ عرضها: على سبيل المثال، مبان في الخلفيّة للترويج لسيّارة على موقع اقتصاديّ، ومنزل وأرجوحة في بيئة عائليّة أكثر. ويعلّق باسكوال قائلًا "يظلّ العنصر الرئيسيّ للإعلان حقيقيًّا. نحن فقط نساعد عملاءنا ليكونوا أكثر ارتباطًا بالموضوع".

مع ذلك، بالنسبة إلى أوليفييه بومسيل، الخبير الاقتصاديّ المتخصّص في الملكيّة الفكريّة والإعلان، فإنّ "استخدام الذكاء الاصطناعيّ كأداة يتمّ التلاعب بها من أطراف ثالثة محدّدة ليس حدثًا بذاته، إذ له الأبعاد عينها لعمليّة خداع جديدة".

وتقول مديرة "أونديز" إيسولد أندوار، لوكالة فرانس برس "كان الهدف الخروج بنتيجة مثيرة للفضول إلى حدّ ما". وتوضّح مديرة التسويق في هذه العلامة التجاريّة ماري داردايرول "هناك مصوّرون يلتقطون صورًا ممتازة تحت الماء ولكن، على الشاشة، من شبه المستحيل أن نحصل على نتيجة جميلة على صعيد شكل الوجه والمنتج والإضاءة واللون الأزرق".

وتسبّبت الحملة في "انتفاضة" لدى أوساط العارضين ومصوّري الأزياء، بحسب إيسولد أندوار الّتي تشدّد على أنّ القصد من الخطوة لم يكن تقليل تكلفة النشاط الإبداعيّ، إذ إنّ الصور المطوّرة بالذكاء الاصطناعيّ تكون مصحوبة بصور تقليديّة أكثر.

وبحسب أوليفييه بومسيل، لن يحلّ الذكاء الاصطناعيّ محلّ العارضات لأنّ "الصور الّتي يتمّ استغلالها في الذكاء الاصطناعيّ ستؤدّي إلى ملكيّة فكريّة لا تقلّ قيمتها عن الاستعانة بعارضات". ويضيف "في كلّ مرّة يتمّ فيها استخدام الشخصيّات الحقيقيّة في عوالم افتراضيّة، فإنّهم يحصلون على حقوق الصورة".

وأعلنت شركة "ليفايس" من جانبها في آذار/مارس عن شراكة مع الاستوديو الهولنديّ "لالالاند.يا" (Lalaland.ia) لإنشاء "عارضات أزياء بواسطة الذكاء الاصطناعيّ لتحلّ محلّ البشر" في متجرها على الإنترنت، من أجل الحصول على "مزيد من التنوّع". واضطرّت ماركة سراويل الجينز إلى أن توضّح سريعًا أنّ هذه الخطوة لا تعني "التخلّي عن خططنا لجلسات التصوير، أو استخدامنا لعارضين حقيقيّين، أو التزامنا العمل مع عارضين أكثر تنوّعًا".

وأدركت صناعة تكنولوجيا الإعلانات، الّتي ركّزت خصوصًا في الآونة الأخيرة على الاستهداف الإعلانيّ والتسويق على الإنترنت، الحاجة إلى تقديم حلول إبداعيّة للمعلنين قائمة على الذكاء الاصطناعيّ.

وأعلن عملاقا الإعلان عبر الإنترنت ميتًا وغوغل، على التوالي في أيّار/مايو عن سلسلة أدوات تقنيّة مبسّطة ستتيح، على سبيل المثال، إنشاء خلفيّة إعلان من جملة بسيطة ("غروب الشمس فوق مدينة"، "جبال في الضباب")، لتوسيع الإطار للانتقال من تنسيق أفقيّ إلى رأسي، أو إنشاء مقاطع فيديو قصيرة للمنتجات.

التعليقات