كم تبعد الأرض عن الشمس؟

لعلّنا نعتقد أن أمّنا الأرض هي من تبقينا على قيد الحياة، وهي من تمنحنا كل هذا الحب والعطاء، لكن حقيقةً، الشمس هي المصدر الرئيسي لكل ما سبق، فإن أشعة الشمس هي من تبعث الدفء الذي يغير كل

كم تبعد الأرض عن الشمس؟

(توضيحية - unsplash)

لعلّنا نعتقد أن أمّنا الأرض هي من تبقينا على قيد الحياة، وهي من تمنحنا كل هذا الحب والعطاء، لكن حقيقةً، الشمس هي المصدر الرئيسي لكل ما سبق، فإن أشعة الشمس هي من تبعث الدفء الذي يغير كل ما حولنا، فينعش الأرض والنفوس.

فهي التي تعطي الحرارة التي تغدق بالحياة على النباتات، وتشكل الشمس مصدر القوة لسكان الأرض، فبعيدا عن كل فوائدها العلمية، فلها أيضا تأثير على الناحية النفسية لأنها تعد إشارة لبدء يوم جديد.

ولكن يبقى السؤال: كم تبعد الأرض عن الشمس بحيث يصلنا ضوئها ودفئها بهذه السرعة؟؟ وكيف استطاع العلماء حساب المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس؟؟

كإجابة على هذه الأسئلة، فإنه يجب أن تعلم أولا أن الأرض ذات مدار بيضاوي، فهي لا تدور حول الشمس في دائرة كاملة، وعلى الرغم من أن سرعة الضوء تقدر بحوالي 300 ألف كم في الثانية، إلا أن ضوء الشمس يستغرق قرابة ثمانية دقائق للوصول إلى كوكب الأرض، وهذا ما يدلنا على مدى البعد بين كل من الشمس والأرض.

بعد الشمس عن كوكب الأرض

بعد الشمس عن كوكب الأرض

تبعد الشمس عن كوكب الأرض مسافة تبلغ حوالي 150 مليون كم وسطيا، أي ما يعادل وحدة فلكية واحدة والتي تم تغييرها من قبل الاتحاد الفلكي الدولي عام 2012م لتصبح 149.598428 كم، وذلك استنادا على سرعة الضوء، دون مراعاة الشمس.

تكون أقرب نقطة فاصلة بين الشمس وكوكب الأرض في فصل الشتاء من جهة نصف الكرة الشمالي، إذ أن المسافة تتغير على مدار العام وباختلاف الوقت والفصول، وتعدّ أقرب مسافة تفصل بين الشمس والأرض هي 147.1 مليون كم، بينما تدور أكبر مسافة مقدار 152.1 مليون كم.

لكن هذه المسافات لم تخلق عبثا، فعلى مر العصور حاول الكثير من العلماء حساب البعد بين الشمس وكوكب الأرض، عن طريق استخدام القوانين الرياضية والفيزيائية بالاعتماد على العلوم المختلفة.

مقدار البعد بين الشمس والأرض

مقدار البعد بين الشمس والأرض

بدأت قصة التقصي عن مقدار البعد بين الشمس والأرض، مع العالم اليوناني أريستارخوس، الذي يعد أول شخص يقوم بقياس المسافة بين الأرض والشمس وذلك سنة 250 ق.م.

وقد اعتمد هذا العالم الفلكي على أطوار القمر واختلاف شكله على مدار الشهر، وذلك لقياس أحجام الكواكب وبعدها عن الشمس وكذلك عن القمر، فقد قام بدراسة عند اكتمال القمر، أي حينما يصبح بدرا، فحينها تصبح الأجرام السماوية الثلاثة أي القمر والشمس والأرض على شكل مثلث قائم الزاوية.

وبمعرفة قياس الزاوية بين الأرض والشمس والقمر، تمكّن من تقدير بعد الشمس عن الأرض بحوالي تسعة عشر ضعفا من بعدها عن القمر، أي أنها أبعد بمقدار تسعة عشر ضعفا من بعد الأرض عن القمر، لكن حقيقةً، وبعد الدراسات الحديثة، وجد أن بعد الشمس عن الأرض أكبر بأربع مائة ضعف من المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر.

على الرغم من الخطأ الذي وقع فيه هذا العالم، إلا أنه كان أول من يبرهن دوران الأرض حول الشمس وليس العكس، ومن ذلك الحين تم العمل بهذا الاستنتاج.

تم إيقاف الاعتماد على قياسات أريستارخوس في جامعة كورنيل، وتبعتها باقي الجامعات، وذلك لصعوبة تحديد المراكز لكل من الشمس والقمر، وكذلك من الصعب معرفة متى يكون القمر نصف مكتمل.

حساب البعد بين الشمس والقمر

وبالعموم فقد توقف تطبيق الأساليب القديمة في حساب البعد بين الشمس والقمر، وذلك كونها أصبحت بالية منذ اللحظة التي تم فيها تغيير قيمة الوحدة الفلكية، التي تستخدم كواحدة في إيجاد المسافة بين الشمس وباقي كواكب مجرة درب التبانة الأخرى.

ويرجع الاستغناء عن هذه الطرق تبعاً لاكتشاف العلماء أن المسافة تتغير حسب موقع المراقب في النظام الشمسي، وكذلك فقد تم إدخال كتلة الشمس في حساب المسافة، وبما أن كتلة الشمس تتغير عندما تصدر الطاقة والإشعاع فإن قيمة الوحدة الفلكية تتغير كذلك.

وفي عام 1652م، قام العالم الفلكي كريستيان هوغنس باستخدام أطوار كوكب الزهرة في حساب المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس، فقد اعتمد على مثلث (الزهرة، الشمس، الأرض) في حساب قيم الزوايا، التي يتبعها استخدام قوانين الجيب و التجب في حساب الأطوال والمسافات.

وتنتج عن هذه التجربة، أنه استطاع تخمين حجم الزهرة بشكل دقيق لحدٍ ما، كما أنه تمكن مصادفة من تحديد المسافة من الزهرة إلى الأرض بالإضافة لزوايا المثلث، ومنه تمكن من حساب المسافة إلى الشمس، ولأنه استنتاج نجم عن مصادفة دون الإستناد لأسس علمية، فلم يتم الاعتراف بأحقيته بهذا الاكتشاف، ولم يعول الفضل عليه بإيجاد هذه القيم.

كيف تم حساب المسافة بين الأرض والشمس؟

منذ مجيء عام 1672م، تم اعتماد طريقة جديدة، وتنطوي هذه الطريقة على مراعاة اختلاف المنظر، أو الاختلاف الزاوي، ونشأت على يد كل من العالمين جيوفاني كاسيني وجان ريتشر، وذلك لحساب المسافة إلى المريخ، وحساب المسافة إلى الشمس في الوقت عينه.

حيث ذهب جان ريتشر إلى غينيا الفرنسية، بينما بقي جيوفاني كاسيني في باريس، وأخذ كلا منهما قياسات لموقع المريخ بالنسبة للنجوم من مكانيهما المختلفين، ثم قاما بتثليث القياسات مع المسافة التي تبعد بين باريس وغينيا الفرنسية، التي كانت معروفة آنذاك. وانطلاقا من القيم الناتجة عن حسابات المريخ أمكنهم تطبيقها على الشمس كذلك، لحساب كم تبعد الشمس عن الأرض، وبما أن أساليبها كانت أكثر عملية، فإن الفضل يعود بهذا الإنجاز إلى كل منهما.

وبعدها بفترة وجيزة، تم استخدام مفهوم الوحدة الفلكية، التي تعد وحدة طولية تساوي فعليا المسافة بين الأرض والشمس، وهي الوحدة التي يتم استخدامها لقياس المسافات عبر للنظام الشمسي.

وكما ذكرت العالمة نيكول كابيتان من جامعة باريس، أن الوحدة الفلكية ساعدت الفلكيين كثيرا، إذ سمحت لهم بالتغلب على صعوبة قياس المسافات ببعض الوحدات الفيزيائية مثل الكيلومتر، وكانت هذه الوحدة مفيدة منذ إجراء قياسات للنظام الشمسي عن بعد.

حقائق عن الأرض

تعد الأرض ثالث كواكب المجموعة الشمسية من حيث بعده عن الشمس، والخامس من حيث الحجم والكتلة، والأكثر كثافة، إذ تبلغ سرعة دورانها حول الشمس حوالي 108 آلاف كم. يبلغ عمرها 4.54 مليار سنة، وتم استنباط ذلك بعد دراسة معمقة للصخور والنيازك الساقطة على سطح الأرض.

أشهر ظواهرها هي ظاهرة المد والجزر والتي تنشأ عن الجاذبية المتولدة بين الأرض والقمر، والتي تسبب حركة المياه في البحار. تشكل نسبة المياه فيها حوالي سبعين بالمئة، لكن أغلب هذه المياه هي مياه مالحة غير صالحة للشرب، ولا تتجاوز نسبة المياه الصالحة للاستهلاك فيها 3% من إجمالي المياه كله.

حقائق عن الشمس

تعد الأكثر عمرا بين الكواكب إذ يبلغ عمرها 4.603 مليار سنة، وتتميّز بحرارتها المرتفعة للغاية والتي تصل لقرابة 15 مليون درجة، ناتجة من اتحاد الهيدروجين مع الهيليوم.

نتيجة للحرارة والضغط المرتفعين، يحدث في داخلها تفاعلات نووية عدة، ينتج عنها ثلاثة أنواع من الطاقات الضوئية ألا وهي الأشعة تحت الحمراء، والضوء المرئي، والأشعة فوق البنفسجية.

إن هذا الفضاء شاسع، وإن مجرتنا فيه تعادل حجم حفنة من الرمل، ومع هذا فقد استطاع كوكبنا احتوائنا، وقام بتقديم الغالي والنفيس لنستمر على قيد الحياة، وما كانت هذه الحياة لتكون لولا أن كانت الشمس، المنارة والأمل والقوة.

التعليقات