هل يستطيع العلماء "إعادة إحياء" فيلة الماموث بعد انقراضها؟

ويتضمّن أحد أساليب القضاء على انقراض الماموث استخدام الأفيال الحديثة كأمّهات بديلات، حيث سيقوم الباحثون بإدخال جينات الماموث في الحمض النوويّ للأفيال الآسيويّة، وهي أقرب الأقارب الأحياء للماموث، لإنشاء نوع هجين يعرف باسم "الماموفانت"

هل يستطيع العلماء

(Getty)

كانت حيوانات الماموث الفيلة المهيبة، والمعروفة بحجمها الضخم ومعاطفها الأشعث، تجوب المناطق الشماليّة من الأرض خلال عصر البليستوسين. لقد انقرضت هذه المخلوقات الرائعة منذ حوالي 10 آلاف عام، ولم تترك وراءها سوى حفريّاتها.

كان الماموث، المعروف علميًّا باسم الماموثوس، عضوًا في فصيلة الفيلة، والّتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بفيلة العصر الحديث، حيث سكنت هذه المخلوقات أجزاء مختلفة من العالم، من أمريكا الشماليّة وأوراسيا إلى جزر مثل رانجل وسانت بول في بحر بيرينغ، وامتدّ وجودها عدّة ملايين من السنين، حيث تكيّفت مع بيئات متنوّعة وتطوّروا إلى أنواع مختلفة، وربّما يكون الماموث الصوفيّ، Mammuthus primigenius، هو الأكثر شهرة على الإطلاق، فهو معروف بفرائه الكثيف وأنيابه الطويلة المنحنية.

والماموث، مثل العديد من الحيوانات العمالقة في مرحلة ما قبل التاريخ، والذين لاقوا زوالهم خلال عصر البليستوسين المتأخّر، وساهمت عدّة عوامل في انقراضها، وكان السبب الرئيسيّ هو تغيّر المناخ والأنشطة البشريّة، وكانت الأرض خارجة من العصر الجليديّ الأخير، ومع ارتفاع درجات الحرارة، واجهت الماموث فقدان الموائل وانخفاض توافر الغذاء، وأصبح البشر، المسلّحون بأدوات متقدّمة واستراتيجيّات الصيد، حيوانات مفترسة هائلة، حيث أدّى الصيد الجائر والتنافس على الموارد بين الماموث والبشر الأوائل إلى انخفاض سريع في أعداد الماموث.

وكان التحوّل من العصر البليستوسينيّ إلى الهولوسين، والّذي اتّسم بتغيّرات بيئيّة كبيرة، بمثابة الفصل الأخير من حياة الماموث، فمنذ حوالي 10000 عام، اختفى الماموث من الأرض، لينضمّ إلى صفوف عدد لا يحصى من الأنواع الأخرى الّتي استسلمت لقوى التطوّر والتأثير البشريّ.

(Getty)

وفي السنوات الأخيرة، أثار التقدّم في الهندسة الوراثيّة وتقنيّات الاستنساخ نقاشًا مثيرًا للجدل حول إمكانيّة انقراض الأنواع مثل الماموث، ويشير مصطلح "إزالة الانقراض" إلى عمليّة إحياء الأنواع المنقرضة باستخدام الموادّ الوراثيّة والتكاثر الانتقائيّ لإعادة تكوين الكائنات الحيّة بسمات تشبه أسلافها المنقرضين، ورغم أنّ هذا المفهوم يحمل إمكانات علميّة وأخلاقيّة كبيرة، إلّا أنّه لا يخلو من التحدّيات والانتقادات.

وبحسب علماء، تتوقّف احتماليّة إحياء الماموث على توفّر الحمض النوويّ المحفوظ جيّدًا من العيّنات القديمة، وفي بعض الحالات، تمكّن العلماء من استخراج المادّة الوراثيّة من الجثث المجمّدة المكتشفة في التربة الصقيعيّة في سيبيريا، حيث يوفّر هذا الحمض النوويّ مخطّطًا لإعادة تكوين الماموث.

ويتضمّن أحد أساليب القضاء على انقراض الماموث استخدام الأفيال الحديثة كأمّهات بديلات، حيث سيقوم الباحثون بإدخال جينات الماموث في الحمض النوويّ للأفيال الآسيويّة، وهي أقرب الأقارب الأحياء للماموث، لإنشاء نوع هجين يعرف باسم "الماموفانت"، وأثار هذا المفهوم مخاوف أخلاقيّة بشأن رفاهية الهجينة والحفاظ على أنواع الأفيال الموجودة.

ووفي حين أنّ هذا المشروع لا يزال في بداياته، فإنّه يبشّر كطريقة مبتكرة لمواجهة التحدّيات البيئيّة المعاصرة مع السعي في الوقت نفسه إلى القضاء على انقراض الماموث.

والسعي إلى إحياء الماموث يثير أسئلة أخلاقيّة معقّدة تمتدّ إلى ما هو أبعد من المجال العلمي، حيث يجادل النقّاد بأنّ الموارد المخصّصة للقضاء على الانقراض يمكن إنفاقها بشكل أفضل على الحفاظ على الأنواع المهدّدة بالانقراض الموجودة وحماية الموائل، بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن رفاهية أيّ حيوانات منقرضة وما إذا كانت تنتمي حقًّا إلى النظم البيئيّة الخاصّة بها.

ويدّعي أنصار الانقراض بأنّه يمكن أن يقدّم رؤى قيمة حول التنوّع الجينيّ، والاستعادة البيئيّة، والتخفيف من آثار تغيّر المناخ، بالإضافة إلى ذلك، فإنّه يثير الاهتمام العامّ والوعي بجهود الحفاظ على البيئة وعواقب تصرّفات الإنسان على البيئة.

ويعتبر الطريق إلى انقراض الماموث محفوف بالتحدّيات العلميّة والأخلاقيّة، مثل الحفاظ على الحمض النوويّ، وفي حين أنّ بعض العيّنات الموجودة في التربة الصقيعيّة قدّمت عيّنات من الحمض النوويّ، إلّا أنّ جودتها تختلف، ممّا يجعل عمليّة القيامة الجينيّة صعبة، بالإضافة إلى الهندسة الوراثيّة، حيث يعدّ التلاعب بالحمض النوويّ للأفيال الحديثة لإنشاء ماموفانت منطقة معقّدة ومجهولة، ويعدّ ضمان استمراريّة ورفاهية هذه الأنواع الهجينة مصدر قلق كبير.

التعليقات