مستحاثة تعود بالتاريخ البشري نصف مليون سنة إلى الوراء

أرّخ بحث جديد في مجلة Science ظهور الإنسان بفترة تسبق بنصف مليون سنة عن الفترة التي كانت يعتقد أنها بداية السلالة البشرية، وذلك استنادا إلى مستحاثة بشرية لعظم فك عمرها 2.8 مليون عام تم اكتشافها في صحراء أثيوبيا قبل سنتي

مستحاثة تعود بالتاريخ البشري نصف مليون سنة إلى الوراء

فك عمره 2.8 مليون عام (عن "رويترز")

أرّخ بحث جديد، نشر هذا الأسبوع في مجلة 'Science' ظهور الإنسان بفترة تسبق بنصف مليون سنة عن الفترة التي كانت يعتقد أنها بداية السلالة البشرية، وذلك استنادا إلى مستحاثة بشرية لعظم فك عمرها 2.8 مليون عام تم اكتشافها في صحراء أثيوبيا قبل سنتين.

وقال العلماء يوم أمس إن المستحاثة، التي أجريت عليها فحوصات كثيرة في السنتين الأخيرتين، هي الأقدم من بين ما عثر عليه حتى اليوم للإنسان. ومن المرجح أنها تعود لنوع غير معروف في المراحل الأولى للعائلة البشرية.

وقال العالم المختص بالدراسة العلمية للإنسان (أنثروبولوجيا)، بريان فيلمور من جامعة 'نيفادا' في لاس فيغاس، إنه من الممكن أن يكون الحديث عن نوع جديد، وأنه في انتظار الحصول على مواد أخرى قبل أن يتم إطلاق تسمية عليه.

تجدر الإشارة إلى أن علم الأنثروبولوجيا يشير إلى أن الإنسان الحديث (هوموسيبيانز Homosepians) ظهر على وجه الأرض للمرة الأولى قبل نحو 200 ألف عام. كما أن الآثار التي كانت معروفة حتى اليوم تعود إلى 2.3 – 2.4 مليون سنة، أما المستحاثة الجديدة فيعود تاريخها إلى 2.8 مليون سنة. ووصفها رئيس طاقم البحث بأنها 'توفر النظرة الأولى للتطور الأهم في الارتقاء البشري'.

يشار إلى أن المستحاثة تتألف من الفك و 5 أسنان كاملة، عثر عليها طالب أثيوبي عام 2013 شمال شرق أثيوبيا، على بعد 65 كيلومترا من المكان الذي عثر فيه عام 1974 على بقايا 'لوسي'، و هو الاسم الشائع لمستحاثة هيكل عظمي يحمل الرمز  (A.L.288-I)، ويعود لأنثى من نوع 'أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس'، ويعتبر الأسبق في سلسلة التطور، قبل بدء السلالة البشرية.

وتبين أن عظم الفك الذي عثر عليه جزء من الفك السفلي من جهة اليسار، ويدل مبناه على علاقة قريبة جدا من الإنسان في عصور لاحقة. ويتميز الفك بأسنان خلفية (طواحن) صغيرة نسبيا، ويظهر شكلها فرقا يفصل السلالة البشرية عن سلالة 'أوسترالوبيثيوكس'، المماثلة أكثر 'للإنسان القرد'، ومع ذلك فإن الفك المائل للمستحاثة يذكر بالمبنى التشريحي لـ'لوسي'.

ويقول فيلمور إنه 'إذا كان هذا الفك يعود لإنسان عاش قبل 2.8 مليون عام، فإن ذلك يبعد تطور هذا النوع إلى ما يزيد عن 3 ملايين عام، وهي عمر البقايا الأخيرة من نوع لوسي'.

وتقول البروفيسور أرين ديمجيو إنه قبل مليوني عام، بدأ الجنس البشري بتطوير مخ أكبر، واستخدام أدوات مختلفة وأكل اللحوم. وفي البيئة التي عاش فيها صاحب الفك الذي عثر عليه يبدو أنها كانت بيئة نباتية قريبة من مصدر مياه.

وقالت الباحثة كي ريد، وهي مختصة بالأنثروبولوجيا من جامعة أريزونا في الولايات المتحدة: 'من الصعب معرفة ما إذا كان يأكل اللحوم، حيث أننا لا نعرف الكثير عن هذا الشأن'. وتضيف أن المكان كان خطيرا، حيث أن الجنس البشري في حينه كان فريسة للنمور ذات الأنياب الشبيهة بالسيف، والضباح وحيوانات مفترسة أخرى أكبر'.

إلى ذلك، ادعى بحث منفصل نشر في مجلة 'Nature' بشأن فحص فك سفلي يعود إلى 1.8 مليون عام، أن هذا الفك يبدو بدائيا بشكل مفاجئ أكثر من الفك الذي عثر عليه عام 2013، والذي يقدر عمره بـ2.8 مليون عام.

ويقول البروفيسور كريس سترينجر، من متحف الطبيعة في لندن إن الاكتشاف كبير، ولكنه أبدى بعض التحفظات، من جهة أن النوع الجديد يشير بشكل واضح إلى الجانب الأقدم باتجاه تكون صفات بشرية، ولكن نصف عظم فك لا يكفي للجزم بمدى بشرية الكائن الحي صاحب الفك، كما أنه لا يعتبر دليلا قاطعا على أنه جزء من السلالة التي تطورت إلى الإنسان الحديث.

التعليقات