"أنقذوا غزة": جدارية تحتج على الحصار

'ما يجمعنا من ألم الاحتلال وقسوة الحصار ووجع التهميش، أكبر ممّا يفرّقنا'. جملة كُتِبَتْ في جداريّة 'أنقذوا غزّة'، بطول 40 مترًا وعرض 7 أمتار، على أحد الجدران قرب ميناء غزّة، والتي أُنْجِزَت بتاريخ 21 كانون الثاني (يناير) 2016.

امرأة جميلة الوجه، زرقاء العينين، حنطيّة البشرة، ترتدي الثوب الفلسطينيّ المطرّز، تمدّ ذراعيها يمنة ويسرة، لتمسك في كفّ بزهرة شقائق النعمان، وفي الأخرى بحمامة داخل شمس، تنبثق من شالها الأبيض.

أمّا فوق الذراعين، وأسفل جديلة الشعر يمينًا، والشعر المنسرح يسارًا، فبيوت غزّة وعماراتها الداكنة، ومراكب في بحر يتداخل موجه مع الشعر، وسلك شائك ينبثق من الجديلة.

احتجاج

نظّم 'محترف شبابيك' هذه المبادرة الفنّيّة، رغبة منه في إضافة بعد جماليّ إلى الفضاء العامّ الغزّيّ، وفق منظّم المبادرة، الفنّان التشكيليّ شريف سرحان، وقد شارك في إنجاز الجداريّة عشرة فنّانين غزّيّين، أنجزوها في يوم واحد، بعد ورشة عمل وتخطيط لها على مدار ثلاثة أيّام. هم؛ باسل المقوسي، رائد عيسى، عبد الناصر عامر، شريف سرحان، محمّد الكرنز، يوسف كلوب، محمّد الشربيني، صبحي قوتة، حازم الزمر، أيمن الحصري.

أراد الفنّانون عبر هذه الجداريّة التعبير عن الواقع الغزّيّ اليوميّ، من تهميش وفقر وانقسام ومحدوديّة حركة، وكذلك الأمل في العيش بحرّيّة وسلام وأمان.

يحتجّ هذا العمل الفنّيّ على حصار الاحتلال الإسرائيليّ لقطاع غزّة بعد مرور عشر سنوات، وبالإضافة إلى جماليّته الفنّيّة، فثمّة جماليّة في العمل الجماعيّ، وذلك وفق الفنّان رائد عيسى: 'نحن، فنّانين تشكيليّين، لم نعتد على الاشتراك في لوحة واحدة، ولهذا قيمة أكبر، فهو يعزّز العمل الجماعيّ ويولّد الكثير من الحبّ والودّ، ويقرّب الفنّانين من بعضهم'، مشيرًا إلى رغبته في أن تتبنّى مؤسّسات ثقافيّة مبادرات فنّيّة، وتؤمن بها، وتسير على دربها.

غزّة المرأة

وحول توظيف المرأة في العمل يقول شريف سرحان: 'المرأة رمز لغزّة، فهي أكثر من يتكبّد المعاناة، وهي الأقرب للتعبير عن الواقع الغزّيّ. المرأة الفلسطينيّة تعيش ثلاث دوائر من التحدّي في الوقت نفسه؛ التحدّي القوميّ المتمثّل بالاحتلال الإسرائيليّ، والتحدّي الطبقيّ القائم على الفوارق الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وتحدّي التمييز في النوع الاجتماعيّ الممارس ضدّها، في مجتمع تحكمه في كثير من الأحيان العادات والتقاليد الرجعيّة. وممّا لا شكّ فيه، أنّ هذه التحدّيات أثّرت في دور المرأة وأدائها في الساحات النضاليّة عبر التاريخ الفلسطينيّ'.

لكنّ الفرحة بجمال هذه المبادرة الفنّيّة الاحتجاجيّة على واقع الحصار يشوبه بعض القلق، فالحفاظ على الجداريّات في غزّة ليس يسيرًا، في ظلّ وجود شركات ومؤسّسات تستخدم الجدران لأغراض دعائيّة، ما يجعل هذه المبادرة في دائرة التهديد الدائم.