دوّامات صغيرة: الأسر في عيون ثلاثة رسّامي كاريكاتير فلسطينيّين

محمّد سباعنة

يُعَدّ فنّ الكاريكاتير أكثر الفنون ارتباطًا بالمحاكاة الساخرة، فهو فنّ المبالغة بالخطوط والقلم والريشة، وفنّ النكتة المرسومة، وفنّ النقد اللاذع الذي يشير إلى ما حولنا بالعتاب الودود واللوم أحيانًا، وباللسع والتجريح أحيانًا أخرى.

على خطى ناجي

اسْتُخْدِمَ الكاريكاتير سلاحًا سياسيًّا في كثير من الحالات، لعلّ أبرزها، عالميًّا، حالة الرسّام الإنجليزيّ جورج توتسهند، الذي عُرِف باسم 'المركيز' ونال شهرة كبيرة في بلاده. أمّا فلسطينيًّا، فيُعَدّ الشهيد ناجي العلي، صاحب 'حنظلة'، أشهر رسّام كاريكاتير، لا في فلسطين فحسب، إنّما في العالم العربيّ كلّه، كما نال شهرة عالميّة واسعة، وقد دفع حياته ثمنًا لرسوماته. وعلى خطاه سار عدد من رسّامي الكاريكاتير من الجيل الفلسطينيّ الجديد، لعلّ أبرزهم الأسير المحرّر محمّد سباعنة، ورفيقه في الأسر والرسم أسامة نزّال، وكذلك اللاجئ الفلسطينيّ هاني عبّاس، ابن مخيّم اليرموك، الذي اضطّرّته الأحداث الدامية هناك إلى اللجوء والإقامة في سويسرا، وقد اهتمّ ثلاثتهم عبر رسوماتهم بالقضايا الوطنيّة الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها قضيّة الأسرى ونضالهم في سجون الاحتلال.

الفنّان محمّد سباعنة وكتابه 'أبيض وأسود'

سألنا في فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة الرسّامين الثلاثة، تزامنًا مع إضراب الكرامة، عن دور الكاريكاتير في دعم النضال الوطنيّ الفلسطينيّ ضدّ الاحتلال الصهيونيّ؟ وكيف السبيل، في رأيهم، لدعم أسرانا في كفاحهم وصمودهم المتواصل؟ وإلى أيّ مدى يمكن أن يكون الكاريكاتير وثيقة بصريّة وسلاح احتجاج في وجه سياسات المحتلّ؟ وهل استطاع الكاريكاتير الفلسطينيّ أن يكون بحجم قضايانا الوطنيّة، لا سيّما قضيّة الأسرى؟ وإلى أيّ مدى استطاع هذا الفنّ 'تثوير' أو تحريك الشارع الفلسطينيّ والعربيّ والدوليّ، لنصرة الأسرى في معركتهم، معركة الأمعاء الخاوية؟

تشكيل الوعي وفضح الاحتلال

كانت بداية حديثنا مع رسّام الكاريكاتير، الأسير المحرّر محمّد سباعنة، الذي يقوم حاليًّا بجولة فنّيّة في عدد من المدن الأمريكيّة لإشهار كتابه الأوّل 'أبيض وأسود'، الصادر باللغة الإنجليزيّة، قبل شهر، عن دار نشر ''Just World Books في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، والذي يضمّ فصلًا عن معاناة الأسرى وعن 'الزنزانة 28'، التي قضى فيها خمسة شهور في سجون الاحتلال.

محمّد سباعنة

يقول سباعنة 'إنّ الكاريكاتير الفلسطينيّ، وعلى امتداد تاريخ نضالنا الوطنيّ، أدّى دورًا مهمًّا، ابتداءً من رباح الصغير، فناجي العلي، فبهاء البخاري، فخليل أبو عرفة، وغيرهم ممّن كان لهم دور طليعيّ في فضح الاحتلال وحشد الجماهير الفلسطينيّة لمقاومته، وكذلك فضح التآمر العربيّ والعالميّ على قضيّتنا. أعتقد أنّ هذا الدور المهمّ كان سببًا في مضايقة رسّامي الكاريكاتير الفلسطينيّين واعتقالهم واغتيالهم، فمجموع ما ذكرت من أسماء فلسطينيّة مرجع مهمّ لأيّ باحث أو دارس للتاريخ الفلسطينيّ، وعليه، شكّل هذا الفنّ جزءًا من الوعي الجماهيريّ، وكلّ ما أرجوه أن يبقى دوره المستقبليّ كذلك'.

وثيقة ضروريّة

ويرى سباعنة، وهو عضو في الشبكة العالميّة لفنّاني الكاريكاتير 'كارتون موفمنت'، والذي قطع على نفسه عهدًا ألّا يرسم، حاليًّا، إلّا عن قضيّة الأسرى، أنّ تجييش الجماهير، ورفع الوعي، وفضح الاحتلال، هو الدور الأبرز لرسّامي الكاريكاتير في معركة الأسرى الآن؛ 'فالكاريكاتير لغة بصريّة مهمّه لاقترابها من الجماهير أينما كانوا، وهو وثيقة ضروريّة لتوثيق معاناة أبناء شعبنا والتعبير عنها، وأرى أنّه يجب الاعتماد فيه على التشكيل البصريّ، من دون استخدام النصوص، لما له من قدرة على نقل معاناة الناس من دون الحاجة إلى ترجمة العمل أو شرحه'.

ويتابع قائلًا: 'لا أستطيع أن أقيّم دور فنّ الكاريكاتير ومدى تأثير رسوماتي أو رسومات الزملاء، لكن أستطيع القول إنّنا توحّدنا في هذه المعركة، بوصلتنا واحدة وتشير إلى اتّجاه واحد، وهذا أمر مهمّ جدًّا. في بعض القضايا، مثل الانقسام الفلسطينيّ، اصطدمت جهود فنّاني الكاريكاتير وتفرّقت، لكنّهم جميعًا، وككلّ الشارع الفلسطينيّ، توحّدوا خلف الأسرى'.

محمّد سباعنة

ويؤكّد سباعنة على أنّه من الصعب تقييم دور الكاريكاتير منفصلًا عن حراك شامل في المجتمع تجاه قضيّة ما، مبّينًا أنّ الهمّ الجمعيّ، اليوم، يتركّز في قضيّة الأسرى. وهو يشدّد على أنّ الكاريكاتير، وفنّ الملصق، (البوستر) والفنّ التشكيليّ، وغيرها من الفنون البصريّة، استطاعت أن تستفزّ الجمهور، أحيانًا، وأن تصدمها في أحيان أخرى.

ويختم سباعنة حديثه إلينا بالقول: 'إنّ فنّ الكاريكاتير بخاصّة، مرتبط، تاريخيًّا، بقضايا وهموم الشارع الفلسطينيّ، بسبب الإرث الذي تركه لنا الشهيد ناجي العلي، الذي تؤكّد تجربته على أنّ هذا الفنّ أثّر ويؤثر في الشارع'.

صورة ثوريّة

تحدّثنا، أيضًا، مع رسّام الكاريكاتير، الأسير المحرّر أسامة نزّال، الذي افتتح معرضًا شخصيًّا له يوم التاسع من أيّار (مايو) 2017، أمام خيمة الأسرى المقامة عند دوّار الشهيد ياسر عرفات، وسط رام الله، تحت عنوان: 'معرض كاريكاتير الحرّيّة والكرامة'، وذلك دعمًا لنضال الأسرى.

يقول نزّال: 'للنضال أشكال عدّة تُستخدم لتحقيق ديمومة الثورة ضدّ المحتلّ، وقد استطاع رسّامو الكاريكاتير الفلسطينيّون أن يناضلوا برسوماتهم الكاريكاتيريّة لإبراز الصورة الثوريّة للوطن والمواطن، كما استطاعوا المساهمة في كلّ أشكال النضال الأخرى، بالتعبير عنها من خلال رسومات كاريكاتيريّة بسيطة، لكن لها وزن في الوعي لدى الطرف الآخر'.  

الفنّان أسامة نزّال في افتتاح 'معرض الحريّة والكرامة' برام الله

وعن رؤيته حول كيفيّة أداء رسوم الكاريكاتير دور الوثيقة بالصريّة والسلاح الاحتجاجيّ في وجه سياسات المحتلّ، يقول أسامة نزّال، الذي اقتحمت قوّات الاحتلال منزله في قرية كفر نعمة، غرب رام الله، فجر يوم 27 آذار (مارس) الماضي، وحطّمت محتويات مرسمه وصادرت رسومات له، يقول: 'إنّ وصول الرسمة لحواسّ المتلقّي أسرع من أيّ وثيقة ثقافيّة أخرى، لقد قالها الرئيس الأمريكيّ الراحل، هاري ترومان: إنّي أخشى اثنين؛ الموت ورسّام الكاريكاتير. وقال الرئيس الفرنسيّ الأسبق، جاك شيراك: إذا أرت أن أقيّم سلوكي اليوميّ، أتابع في اليوم الذي يليه ما يرسمه عنّي رسّامو الكاريكاتير. وأودّ الإشارة، هنا، إلى أنّي عندما أقول ’الكاريكاتير الفلسطينيّ’، فإنّي أقصد جميع رسّامي الكاريكاتير الفلسطينيّين الذين يرسمون للقضيّة برمّتها، وأيضًا رسّامي الكاريكاتير العرب والأجانب الذين يخصّصون جانبًا من رسوماتهم لدعم قضيّتنا الفلسطينيّة العادلة'.   

نتنياهو: الكاريكاتيريّ النازيّ!

يتابع نزال قائلًا: 'يخشى الاحتلال من أيّ رواية تبدّد روايته أو تشوّش رأي المستهدفين، فيأتي الكاريكاتير لينغصّ عليه، لذا تعدّ سلطات الاحتلال الكاريكاتير سلاحًا خطيرًا، وتعدّ رسّامي الكاريكاتير إرهابيّين محرّضين، وهذا ما دفع بهم لاغتيال ناجي العلي، كما اعْتُقِلَ عدد من رسّامي الكاريكاتير الفلسطينيّين. ويعمل إعلام العدوّ على التشهير بالرسومات واتّهام رسّاميها بمعاداة الساميّة وإسرائيل. والحقيقة أنّي لم أستغرب من أنّ بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيليّ، ينشر على حسابه الخاصّ في فيسبوك رسمة كاريكاتير من رسوماتي، ويعدّني محرّضًا ومعاديًا للساميّة، ويشبّهني برسّام كاريكاتير نازيّ، وذلك سنة 2014، في ذكرى النكبة الفلسطينيّة'.

أسامة نزّال

ويضيف نزّال: 'يتابع الكاريكاتير الفلسطينيّ الأحداث بترتيبها الزمنيّ، أوّلًا بأوّل، ويوثّق وينسج القضايا الوطنيّة بصورة فنّيّة، لذلك أعدّ رسّام الكاريكاتير كاتبًا للتاريخ مع المؤرّخين، فهو يحمل على كاهله جميع قضايا الوطن ويرفعها عاليًا'.

معرض في سجن النقب الصحراويّ

وأكّد نزّال على أنّ الكاريكاتير الفلسطينيّ كان وما زال بحجم قضايانا الوطنيّة، ومنها قضية الأسرى، لا سيّما أنّ عددًا من رسّامي الكاريكاتير تعرّضوا للاعتقال وعاشوا تجربة الأسر؛ 'هنا أتكلّم عن تجربتي المتواضعة، إذ قضيت سنتين في زنازين المحتلّ، وعشت معاناة الاعتقال والتحقيق التي يعيشها إخوتي الأسرى، وقد كنت المراسل لهم، والمتحدّث باسم معاناتهم، أرسم ما لمسته وما رأيته وما نتعرّض له من عذابات، ولعلّ هذا ما يميّز رسوماتنا عن أيّ رسّام كاريكاتير عربيّ أو فلسطينيّ لم يتعرّض لتجربة الاعتقال'.

ويشير نزّال إلى الفرصة التي كانت له بافتتاح معرض كاريكاتير سنة 2007 في سجن النقب الصحراويّ، عرض فيه مجموع الرسومات التي رسمها في المعتقل، وكان عدد جمهوره 120 أسيرًا، هم الذين كانوا يعيشون معه داخل القسم. يقول: 'هنا استطعت كسر روتين الأسر وإضافة طعم الحرّيّة المفقودة، منطلقًا من إيماني بأنّه من قلب المعاناة يولد الإبداع'.

دوّامات صغيرة

ويشدّد نزّال على أنّ الأسرى يحتاجون وقودًا ليستمرّ صمودهم وصبرهم على الجوع والعطش والعذاب، وهذا الوقود يتمثّل بالناس، بأبناء الشعب الذين إذا تحرّكوا في الشارع كان لحراكهم صداه داخل السجون والمعتقلات وباستلات الاحتلال، لأنّ هذا معناه أنّنا نقول لأسرانا إنّ الشعب خلفكم، وإنّ الشعب لم ولن ينساكم، وهو مهتمّ بقضيّتكم لأنّها، بالأساس، قضيّة الشعب، وهذا يرفع من معنوياتهم ويقوّيهم.

أسامة نزّال

وفي نهاية حديثه معنا، قال نزّال: 'فنّ الكاريكاتير استفزازيّ بطبعه، ومتمرّد بسلوكه، لذلك نستخدمه في استفزاز مشاعر وضمائر الناس، حتّى وإن فشلت أو استحالت الوسائل الأخرى من بلوغ الهدف المنشود. وأعدّ نفسي وزملائي من الرسّامين مثل دوّامات صغيرة تحرّك دوّامة الشارع الفلسطينيّ، والتي تحرّك الدوّامة العربيّة، وبالتالي المجتمع الدوليّ، ليعود الضغط في نهاية المطاف على المحتلّ'.

والمطلوب منّا اليوم، وفق نزّال، 'أن نكثّف نشر الرسومات الكاريكاتيريّة المساندة لصمود الأسرى، لرفع معنويّاتهم، وإبراز قضيّتهم أمام العالم بنشر رسوماتنا في وسائل التواصل الاجتماعيّ والصحف، وكذلك إقامة المعارض الفنّيّة لتعريف الشارع الفلسطينيّ والرأي العامّ المحلّيّ والعربيّ والدوليّ بعدالة قضيّة الأسرى والمطالبة بحرّيّتهم'.  

فنّ حسّاس

ويقول رسّام الكاريكاتير هاني عبّاس، إنّ 'كلّ أشكال الفنّ رافد أساسيّ لنضال شعبنا الفلسطينيّ لتحقيق حرّيّته، ونيل حقوقه واستقلاله، وعودته إلى وطنه، وإنهاء الاحتلال. الكاريكاتير، تحديدًا، فنّ حسّاس ودقيق جدًّا، ومتداخل بالشأن السياسيّ والعمل الوطنيّ المقاوم، أكثر منه بالشأن الثقافيّ أو الفنّيّ، فهو، في جانب منه، يوثّق حركة النضال الفلسطينيّ، وهو محرّك أساسيّ لها، لذلك فدور رسّام الكاريكاتير مهمّ في مسيرة التحرير'.

الفنّان هاني عبّاس

ويضيف: 'أسمح لنفسي، هنا، أن أستعير ما قاله الشهيد باسل الأعرج، الذي قال بما معناه: إذا كنت، مثقّفًا أو فنّانًا ولم تقف مع قضايا شعبك، وكنت الرسالة والصوت لهذا الشعب، لا سيّما في حالة الشعب الفلسطينيّ الذي تعرّض للظلم، وما زال يعاني من الاحتلال ومختلف أشكال الاضطّهاد، فلا قيمة لثقافتك أو فنّك. فكيف إذا كان المثقّف أو الفنّان عاجزًا عن أداء دوره، وغير قادر على إيصال صوت شعبه للعالم، بالإضافة إلى الدعم النفسيّ والفكريّ لأبناء شعبنا'.

أرشيف ثوريّ

وحول دور الفنّ في التوعية والتثقيف، يقول عبّاس: 'كلّ جيل جديد لا بدّ وأن تكون لديه حصيلة ثوريّة، إن جاز التعبير، أي عنده ’أرشيف ثوريّ’، وهذا الأرشيف هو الذي يبني ويكوّن شخصيّته. نحن نعمل لهذه الأجيال، للأجيال القادمة، وما نحن إلّا حلقة في سلسلة طويلة من نضال شعبنا، لذا يجب أن نكون حلقة متماسكة، لا رخوة، لكي لا تسقط هذه السلسلة. وبعيدًا عن الشقّ السياسيّ، أرى أنّ المعركة الفكريّة والثقافيّة أكثر صعوبة وحساسيّة من أيّ معركة كانت'.

هاني عبّاس

ويقول أيضًا: 'علينا، الآن، العمل من أجل أسرانا المضربين عن الطعام، فنكون صوتهم، وهذا أضعف الإيمان. وهنا أشدّد على العمل بكلّ قدراتنا لحمل قضيّتهم إلى العالم، وكذلك من الضروريّ أن يصل صوتنا لهم وهم في زنازين الاعتقال، ليعلموا أنّنا معهم، وأنّ قضيّتهم قضيّتنا حتّى نيل حرّيّتهم الكاملة'.

إيصال صوت المظلومين

يتابع هاني عباس، الذي يدرس حاليًّا فنّ الكاريكاتير في إحدى مدارس جنيف، قائلًا: 'نحن، المشتغلين في الشأن الفنّيّ أو الثقافيّ أو الفكريّ، ساحتنا الوحيدة إيصال صوتنا للشارع الفلسطينيّ والعربيّ، وكذلك العالميّ، برسوماتنا وبالكتابة، من أجل توضيح الحقائق بكلّ السبل والأشكال المتاحة. المهمّة الأكثر إلحاحًا اليوم، في نظري، إيصال صوت المجتمع الفلسطينيّ الداعم للأسرى المضربين عن الطعام، وإيصال صوتهم إلينا، فتجاربنا مع العالم في إبراز عدالة قضايانا صعبة جدًّا؛ فبقدر ما يعلو صوتنا ونشرح قضيّتنا، ويرى العالم ويسمع كلّ ما يحدث، إلّا أنّنا، للأسف، قلّما نرى نتائج على أرض الواقع، إذ لا دعم ومساندة عالميّة لقضايانا كما يجب أن يكون!'

هاني عبّاس

وعلى الرغم من ذلك، يشير عبّاس إلى وجود الكثير من الأشخاص المناصرين للقضيّة الفلسطينيّة، سواء من العرب أو الأوربيّين، 'وهؤلاء يعملون على نصرة قضيّتنا كأيّ وطنيّ فلسطينيّ، بل ثمّة، أحيانًا، من يعمل أكثر منّا، وما ذلك إلّا لأنّ صوتنا وصل إليهم، وهذا واجبنا تجاه أبناء شعبنا الذين يعملون على الأرض، ويقاومون، ويناضلون من أجل كرامتهم وكرامتنا، ومن أجل الخلاص وكنس الاحتلال'.

عالم أصمّ

وبنظرة كاريكاتيريّة ساخرة، يضيف عبّاس: 'عندما أفكّر بالمجتمع الدوليّ، اليوم، وما يمكن أن يقدّمه لأسرانا من باب الدعم والمساندة، فهو أن يطلب من حكومة الاحتلال التعامل برفق مع الأسرى المضربين عن الطعام، فيدعوها إلى تخفيف حكم الأسير المحكوم بعشرين مؤبّد ليصبح عشرة مؤبّدات، مثلًا. هكذا أتخيّل المشهد في عالم يصمّ آذانه تجاه قضايانا العادلة. لذلك، من الضروريّ أن تصل رسالتنا إلى الشارع الفلسطينيّ، فهذا أهمّ، لأنّ جميع الأسرى الذين نالوا حرّيّتهم تمّ لهم ذلك إمّا عن طريق عمليّات التبادل، أو من خلال الإضراب عن الطعام وصمودهم الأسطوريّ، وأرى من الصعوبة أن يتوفّر سبيل آخر، إلّا في حالات استثنائيّة قليلة، لذلك، من الضروريّ مواصلة دعم الأسرى في إضرابهم والتركيز على الجبهة الداخليّة'.

 

أوس يعقوب

 

صحافيّ وباحث فلسطينيّ من مواليد دمشق، يتخصّص في الشؤون الفلسطينيّة والصهيونيّة. درس الصحافة وعلوم الأخبار في جامعة تونس، ويعمل مراسلًا صحافيًّا ومحرّرًا في عدد من المنابر العربيّة منذ عام 1993. له عدّة إصدارات، من ضمنها دراسات منشورة في 'أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين' الصادرة عن المنظّمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو). عضو الاتّحاد العامّ للكتّاب والصحافيّين الفلسطينيّين.