"معناش ندفع" حقّ "كافيار وعدس"... احتجاج إيطاليّ بلهجة فلسطينيّة

من مسرحيّة «معناش ندفع، بدناش ندفع!»

 

نظّمت «المكتبة العامّة- باقة الغربيّة» في الشهر الأخير، في نشاط مشترك مع «بلديّة باقة الغربيّة»، عرضين مسرحيّين؛ مسرحيّة «معناش ندفع، بدناش ندفع!» للمسرحيّ الإيطاليّ داريو فو، و«كافيار وعدس» للمسرحيَّين جوليو سكارنيتشي ورينزو ترابوسي. كون المسرحيّتين تأتيان من لبّ الثقافة الإيطاليّة والنضال الإيطاليّ ضدّ الغلاء المعيشيّ في القرن العشرين، فإنّ الأمر يفرض المقارنة بينهما في السياق المحلّيّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1948، ويثير تساؤلات حول المقاربات الفلسطينيّة الإيطاليّة الاقتصاديّة.

في هذه المقالة، أعرض المسرحيّتين كما عُرِضَتا في «مسرح باقة الغربيّة»؛ أي بالصيغة العربيّة لهما، وأقارن بينهما لمحاولة فهْم المقاربات الثقافيّة والسياسيّة، في خلفيّة تشابه الحالين الإيطاليّ والفلسطينيّ، المؤدّي إلى حضور مسرح الأوّل على خشبة الثاني.

 

ضدّ الرأسماليّة 

تُعَدّ «معناش ندفع، بدناش ندفع!» كوميديا ساخرة، كتبها داريو فو في عام 1974، وتركّز على نقد اجتماعيّ سياسيّ لاذع لنقد عدم المساواة الاقتصاديّة باستخدام الفكاهة والسخرية، وارتفاع الأسعار، والصراعات الّتي تواجه الطبقة العاملة. تتبّع المسرحيّة نشاط مجموعة من النساء اللواتي ينخرطن في نشاط سرقة جماعيّ، في شكل من أشكال الاحتجاج ضدّ الظروف الاقتصاديّة القمعيّة.

تُعَدّ مسرحيّة «معناش ندفع، بدناش ندفع!» كوميديا ساخرة (...) وتركّز على نقد اجتماعيّ سياسيّ لاذع لنقد عدم المساواة الاقتصاديّة باستخدام الفكاهة والسخرية...

من خلال الحوار البارع والمواقف المُبالَغ فيها والعبثيّة؛ يسلّط داريو فو الضوء على عبثيّة النظام السياسيّ الاقتصاديّ، ويحثّ على التفكير في الظلم المجتمعيّ والاحتجاج عليه. تُعْتَبَر المسرحيّة من النوع المسرحيّ الماركسيّ المناهض للرأسماليّة والفساد السياسيّ، وقد تُرْجِمَت إلى عشرات اللغات، وعُرِضَت في أكثر من 35 دولة مختلفة.

صيغتها العربيّة، الّتي عُرِضَت في باقة الغربيّة، جاءت من إعداد خولة إبراهيم وإخراجها، وبطولة الفنّانين آمال قيس، ويوسف أبو وردة، وربى بلال، وعليّ عليّ وجميل خوري، عن «مسرح إنسمبل فرينج» في الناصرة. ترجم نصّ المسرحيّة الكاتب والمترجم علاء حليحل، وكان واضحًا التزامه بالنصّ الإيطاليّ الأصليّ، بما يشمل أسماء الشخصيّات وأدوارها، مع إضافة فكاهة لغويّة محلّيّة إلى لهجة الفنّانين الفلسطينيّة.

 

الصراع داخل العائلة 

أمّا «كافيار وعدس»، فهي كوميديّة أيضًا، من كتابة جوليو سكارنيتشي ورينزو ترابوسي في عام 1956. تتبّع المسرحيّة مواقف كوميديّة ساخرة، وتعتمد على انتحال الأدوار البين- طبقيّة ونقد المؤسّسات والجمعيّات الخيريّة. يركّز العمل على نشاط عائلة واحدة، حين ينتحل فيها الوالد شخصيّة مدير مؤسّسة خيريّة، ليحتال على عائلة ثريّة من أجل توفير المال لعائلته الفقيرة. انتحاله لشخصيّة مدير المؤسّسة يؤدّي به وبعائلته إلى سلسلة من المواقف الكوميديّة المتراكمة، والّتي تثير الجدل حول دور العلاقات المركّبة بين العائلة الثريّة والعائلة الفقيرة. هذه الحيلة تكشف خطّة استيلاء أحد أفراد العائلة الثريّة على أموال عائلته؛ من خلال تلفيق جريمة قتل لوريث العائلة. هكذا تتحوّل الكوميديا إلى تحقيق بوليسيّ ينكشف في النهاية بطريقة سريعة وغير متقنة، تبعًا لتقنيّات المسرح والأدب البوليسيّ، ممّا يبقيها في حدود الكوميديا الهزليّة.

صيغة المسرحيّة العربيّة هي أوّل إنتاجات «المسرح العربيّ» الجديد في أمّ الفحم، وجاءت من إعداد هشام سليمان وإخراجه، وبطولة الفنّانين محمود أبو جازي، وروضة سليمان، وميسرة مصري، وغيرهم. وقد ترجم نصّ المسرحيّة أسامة مصري، ويبدو أنّه استند إلى صياغتها العبريّة أكثر من النصّ الإيطاليّ؛ إذ غيّر معظم أسماء الشخصيّات وبعض المشاهد لملاءمتها أكثر للجمهور العربيّ الفلسطينيّ في أراضي 48.

 

مَعناش ندفع

تظهر بعض أوجه التشابه والاختلاف عند مقارنة حبكة مسرحيّة داريو فو «معناش ندفع، بدناش ندفع!» بمسرحيّة سكارنيتشي وترابوسي. في حين أنّ الأولى كوميديا ساخرة تنتقد القضايا الاجتماعيّة والسياسيّة، وتركّز بشكل خاصّ على نضالات الطبقة العاملة، تناقش الثانية مسائل أقرب إلى المجتمع الفلسطينيّ في أراضي 48، البعيد بعض الشيء عن الخطاب الماركسيّ الشيوعيّ حول البرجوازيّة والطبقة العاملة. حيث تذكر «كافيار وعدس» الصراع الطبقيّ بمصطلحات مختلفة تتمثّل في الثراء والفقر، وفي نضال العائلات الفقيرة ومحاولتها للاحتيال، أكثر من النضال الطبقيّ العمّاليّ.

تتضمّن كلتا المسرحيّتين شخصيّات تلجأ إلى وسائل غير تقليديّة، وأحيانًا غير قانونيّة، لمعالجة المآزق المادّيّة. في «معناش ندفع، بدناش ندفع!» تسرق الشخصيّات النسائيّة الأغراض من السوبرماركت، بينما في «كافيار وعدس»، يسرق الرجل الطعام من المؤسّسات الخيريّة.

تحضر الصعوبات الاقتصاديّة وعدم المساواة الاجتماعيّة في كلتا المسرحيّتين، إلّا أنّ كلًّا منهما يركّز على الناشطين في أعمال الاحتجاج بشكل مختلف تمامًا. في هذا السياق، يتغلّب صوت النساء ودورهنّ في الحمل والولادة، كما في إعالة العائلة، وإشعال شرارة الاحتجاج في «معناش ندفع، بدناش ندفع!»، وفي ذلك إشارة رمزيّة لمركزيّة النساء في النضالات الاجتماعيّة والسياسيّة.

 

من مسرحيّة «معناش ندفع، بدناش ندفع!» 

 

وفي حين أنّ «معناش ندفع، بدناش ندفع!» تشتهر بتعليقها الاجتماعيّ والسياسيّ، باستخدام الفكاهة والهجاء لتسليط الضوء على عبثيّة الموقف، تركّز «كافيار وعدس» بشكل أكبر على سلسلة من سوء التفاهم الكوميديّ وقلب الهويّات، مع عناصر من التهريج والفكاهة السوداء. توظيف المسرحيّة الأولى للسخرية بوصفها أداة للانتقاد ولإثارة التفكير في شأن القضايا الاجتماعيّة والسياسيّة، يختلف عن تجنيد الثانية للكوميديا الهزليّة والتهريجيّة لتمثيل الصراعات الفرديّة للعائلات، دون سياقها الاجتماعيّ السياسيّ الواضح.

تبرز هذه الفروقات بوضوح أكبر عند التحليل المجازيّ لنشاطات الشخصيّات في كلّ من المسرحيّتين، حيث إنّ ثورة سرقة المتاجر في «معناش ندفع، بدناش ندفع!» تمثّل نشاطًا مجازيًّا للمقاومة النسائيّة ضدّ الظروف الاقتصاديّة القمعيّة. وانتحال الشخصيّات في «كافيار وعدس» يسلّط الضوء أكثر على موضوعات الظلم المجتمعيّ، واليأس الّذي يشعر به الناس عند مواجهة المصاعب الاقتصاديّة. يبدو أنّ الأخيرة تعتمد على الفكاهة المشتقّة من المواقف الفوضويّة والارتباك والأفعال غير المتوقّعة للشخصيّات. وفي حين أنّه قد تكون هناك لحظات من النقد الاجتماعيّ والتعليق داخل حبكة «كافيار وعدس»، إلّا أنّها ليست محور التركيز الأساسيّ في العمل.

ثمّة مجازيّة عميقة في «معناش ندفع، بدناش ندفع!» تتركّز في مفهوم الحمل والولادة السريعة، الّذي يُعَبَّر عنه عندما ’تحمِل‘ إحدى النساء الأغراض المسروقة في بطنها، وتلدها. يتأرجح هذا المجاز حول الأسطورة المسيحيّة لحمل مريم العذراء في المسرحيّة، ويرمز إلى قدسيّة الحاجات اليوميّة من الحليب والخبز والمعلّبات، ونقل مصدر الحاجة اليوميّة المادّيّة من الحقل إلى السوبرماركت. كما تظهر النقابات العمّاليّة المذكورة في المسرحيّة في البداية كآخر منفذ للأخلاقيّات الّتي تتشتّت وتتبعثر كلّما تقدّمت المشاهد في المسرحيّة، حيث ترمز إلى ضياع البوصلة الأخلاقيّة في عالم الرأسماليّة والنيوليبراليّة، الّذي تصبح فيه السرقة والنهب سيّد الموقف، ورافعة المناصب.

 

من مسرحيّة «كافيار وعدس» 

 

أمّا «كافيار وعدس» فهي أبسط من الناحية المجازيّة، وتعرض معظم مقولاتها بشكل صريح ومباشر، دون المجاز المنادي للنقّاد لقراءته، حتّى أنّه في نهاية المسرحيّة نسمع البطل، ربّ العائلة، محمود أبو جازي، يعرض الرسالة بكلمات صريحة: "في هذا البيت لا نخلط الكافيار والعدس"، رامزًا بشيء من التبسيط إلى العائلات الثريّة بالكافيار والعائلات الفقيرة بالعدس. في هذا السياق، لا بدّ من ذكر الاقتباس الشعبويّ لرئيس بلديّة الناصرة، علي سلّام، في مقارنته بين العائلات الّتي تأكل السوشي والعائلات الّتي تأكل الرزّ واللبن، رامزًا بدوره إلى العلاقات الطبقيّة المجتمعيّة بين الأرستقراطيّة الناصريّة وبين باقي سكّان المدينة.

 

مسرح الاحتجاج الإيطاليّ 

سبقت كتابة مسرحيّة «كافيار وعدس» الصادرة في عام 1956، كتابة مسرحيّة «معناش ندفع، بدناش ندفع!» بعشرين عامًا؛ إذ نُشِرَت الثانية في عام 1974. هذه العشرين عامًا تمثّل سياقات اقتصاديّة مختلفة تمثّلت في مشاهد كلّ من المسرحيّتين. حيث ركّزت «كافيار وعدس» على الصراع العائليّ مع الفقر، وقد كُتِبَت في خمسينات القرن العشرين، الّتي واجهت فيها العائلات في إيطاليا مجموعة متنوّعة من الصعوبات الاقتصاديّة. كانت إحدى الظواهر الرئيسيّة هي عدم الاستقرار الوظيفيّ والوحدة الاقتصاديّة؛ إذ سقطت في دائرة الفقر بسبب انتقال الدولة من نظام اقتصاديّ يعتمد على الزراعة إلى نظام اقتصاديّ يعتمد على الصناعات الكبيرة والحضريّة، بعد الحرب العالميّة الثانية. انهيار الأمن الاقتصاديّ وارتفاع الأسعار بسرعة، أدّيا إلى صعوبات اقتصاديّة عند العديد من العائلات لتحمّل النفقات اليوميّة الأساسيّة. وتسبّبت هذه الظاهرة في الحاجة إلى دعم الدولة والمؤسّسات العامّة، خاصّة الخيريّة منها، وبالتالي انتشرت الاحتجاجات والحملات لصالح تحسين الظروف المعيشيّة ومعاملات الفقراء.

أمّا «معناش ندفع، بدناش ندفع!»، فقد جاءت في السبعينات، وهي سنوات واجهت فيها إيطاليا ما سُمِّي بـ ’سنوات الرصاص‘ (بالإيطاليّة: Anni di piombo)؛ إذ اتّسمت هذه الفترة بموجة من الاضطرابات الاقتصاديّة الحادّة، الّتي شملت عشرات الإضرابات في المصانع، وثورة عمّاليّة عاتية. أدّى هذا المأزق الاقتصاديّ إلى أعمال شغب وعنف شديد ضدّ المتظاهرين، كما حصل في أيّار (مايو) 1974، حين انفجرت قنبلة أثناء مظاهرة مناهضة للفاشيّة في بريشا (Brescia)، أسفرت عن مقتل 8 وجرح 102 من المتظاهرين. هذا الجوّ الثوريّ، من كلا الطرفين؛ اليمين المتطرّف واليسار الشيوعيّ، خلق أمواجًا من اقتراحات تنويع أشكال الاحتجاج الاجتماعيّ، وتمثّلت كثيرًا كذلك في المسرح الإيطاليّ، كما عرضه داريو فو في «معناش ندفع، بدناش ندفع!».

 

من مسرحيّة «معناش ندفع، بدناش ندفع!» 

 

يكشف السياق التاريخيّ للمسرحيّتين أوّلًا الاختلاف بينهما وسببه؛ إذ تركّز «كافيار وعدس» على الفروقات الطبقيّة المجتمعيّة، و«معناش ندفع، بدناش ندفع!» على الاحتجاجات العمّاليّة والصراع العمّاليّ المشترك للمجتمع ضدّ السلطة وسياسيّيها. ثانيًا، يكشف تماهي الحال الاجتماعيّ والاقتصاديّ بين إيطاليا وفلسطين الراهنة. بالرغم من الفروقات بين البلدين، إلّا أنّ هناك أيضًا تشابه في حياة الأفراد من ناحية الأزمات الاقتصاديّة ومواجهتها، وهذا ما يكشفه لنا المسرح. واقع المأزق الاقتصاديّ المصحوب بازدهار السوق السوداء، وسيادة عائلات الإجرام في المجتمع العربيّ الفلسطينيّ في الأراضي المحتلّة عام 1948، يدعو إلى التوجّه إلى حراكات مسرحيّة واجهت سياقات مشابهة اجتماعيًّا. هذا يأتي تحديدًا في ظلّ قصور الإنتاج الأدبيّ المسرحيّ المعاصر في الواقع الفلسطينيّ، وغياب إمكانيّات دعم مؤلّفيه ميزانيًّا، وحاجتهم إلى الاستقلال عن الدعم المؤسّساتيّ المرتبط مباشرة بالمؤسّسة الإسرائيليّة الاستعماريّة.

ذلك يعني أنّ اللجوء إلى مسرح ثوريّ عالميّ، إيطاليّ في هذه الحالة، وترجمته إلى العربيّة، يوفّر إمكانيّة عرض مسرح احتجاجيّ بديل، في ظلّ الاعتداءات المؤسّساتيّة على كلّ مسرح فلسطينيّ أصيل، يقدّم أيّ مقولة احتجاجيّة نقديّة صريحة، أو تهديده بسحب الميزانيّات. يؤدّي هذا الواقع إلى تقوقع المشهد المسرحيّ حول الترجمة، أو التنازل عن الدعم المؤسّساتيّ؛ ممّا يولّد كذلك مسارح مستقلّة مبدعة ومميّزة تنتج مسرحًا فلسطينيًّا بامتياز، مثل «مسرح خشبة».

 

في فلسطين المستعمَرة 

يأتي اختيار الترجمة وعرض مسرحيّتين من الثقافة الإيطاليّة تسلّطان الضوء على سياق الفقر في إيطاليا في القرن العشرين، لخلق مقارنة مع ما يواجهه الفلسطينيّون في أراضي 48 في هذه الأيّام من ناحية مادّيّة؛ إذ توفّر العناصر الكوميديّة والساخرة في المسرحيّات الإيطاليّة عدسة يمكن للجمهور من خلالها دراسة تأثير الفقر في الأفراد والأسر. من خلال الشخصيّات الّتي يمكن الارتباط بها والمواقف الفكاهيّة، تقدّم المسرحيّتان تعليقًا على عدم المساواة المجتمعيّة، وارتفاع الأسعار، ونضالات الطبقة العاملة في إيطاليا، بالرغم من انعدام ذكر هذا السياق في «كافيار وعدس».

اللجوء إلى مسرح ثوريّ عالميّ، إيطاليّ في هذه الحالة، وترجمته إلى العربيّة، يوفّر إمكانيّة عرض مسرح احتجاجيّ بديل، في ظلّ الاعتداءات المؤسّساتيّة على كلّ مسرح فلسطينيّ أصيل...

عرض الصياغات العربيّة من المسرح الإيطاليّ في باقة الغربيّة، للجمهور العربيّ الفلسطينيّ في أراضي 48، يسلّط الضوء على الصعوبات الاقتصاديّة الّتي واجهت المجتمع الإيطاليّ في النصف الأخير من القرن العشرين، وتماهيها مع ما يواجه المجتمع الفلسطينيّ في أيّامنا من مأزق اقتصاديّ قد يحجب عن البعض رؤية المأزق السياسيّ. من خلال عرض هاتين المسرحيّتين على خشبة مسرح عربيّ فلسطينيّ، يكون ممكنًا خلق علاقة ذات مغزًى بين نضالات المجتمع الإيطاليّ وتجارب المجتمع العربيّ الفلسطينيّ، حتّى لو كان هذا الربط غير واعٍ تمامًا افتراضًا لما يصنعه.

السياق السياسيّ العمّاليّ الإيطاليّ الصريح في «معناش ندفع، بدناش ندفع!»، قد يجعلها مركّبة أكثر على الجمهور العربيّ الفلسطينيّ، إلّا أنّ نقاش المسرحيّة وقراءتها بعمق أكبر، يكشف التماهيات السياسيّة بينها والحالة الفلسطينيّة في أراضي 48؛ فتجاهل السياسة غير وارد وغير منطقيّ بتاتًا. أمّا «كافيار وعدس» فهي بلا شكّ أقرب إلى الجمهور الّذي يفضّل التغاضي عن الصراع العمّاليّ والسياسيّ، والتمحور في الصراع الاقتصاديّ الفرديّ والعائليّ في داخل المجتمع، دون سياقه الأوسع. هذا الفرق الواضح بين المسرحيّتين، حصل على تأكيد أكبر أيضًا في التسويق لكلّ منهما؛ ففي الملصق التسويقيّ لـ «معناش ندفع، بدناش ندفع!» كُتِب بوضوح أنّ المسرحيّة مترجَمة، وأنّها مقتبسة عن داريو فو، بينما في الملصق التسويقيّ لـ «كافيار وعدس» ليس هناك ذكر لمؤلّفَي المسرحيّة، وهناك سلخ واضح وصريح للمسرحيّة عن سياقها الإيطاليّ.

 


 

«معناش ندفع بدناش ندفع»، للكاتب الإيطاليّ داريو فو.

إعداد وإخراج خولة إبراهيم بالاشتراك مع: يوسف أبو وردة، آمال قيس، ربى بلال، جميل خوري وعليّ عليّ | ترجمة: علاء حليحل | مساعدة مخرج: رولا جماليّة | موسيقى: جوان صفديّ | سينوغرافيا: أشرف حنّا | تصميم إنارة: يعقوب سليب | تقنيّات وصوت: كامل شعبان | إكسسوارات: ساشا ألكساندرا تشيرنين | ملابس ومساعد إنتاج: فايز أبو حيّة.

 

مسرحيّة «كافيار»

ترجمة وإعداد: أسامة مصري | مصممّم ديكور: عادل سمعان | تنفيذ ديكور: معين دانييال | موسيقى: أوري موراغ | مصممّ إصاءة: نانسي معكبل | تصميم ملابس: مرح خليفة | مكياج: محمّد هاني عسليّة | مساعد تقنيّ المسرح: رياض محاميد | مديرة إنتاج ومساعدة مخرج: سيرين علي | طاقم الممثّلين: محمود أبو جازي، روضة سليمان، ميسرة مصري، أميمة سرحان، ربيكا تلحمي، إبراهيم أبو شقرة، سعيد هواري، لرين مرجية | مخرج المسرحيّة: هشام سليمان.

 

 


 

لؤي وتد

 

 

باحث ومحاضر في ثقافة الأطفال والشباب، طالب دكتوراه في «جامعة تل أبيب»، في أدب الأطفال العالميّ والفلسطينيّ، ومحرّر موقع «حكايا».