أثر: للكتب المقروءة معرض في غزّة

من "معرض أثر للكتب المقروءة"

اختتم فريق أثر الشبابيّ، يوم 8 آذار (مارس) 2017، 'معرض أثر للكتب المقروءة' في مدينة غزّة، والذي ضمّ أكثر من عشرة آلاف كتاب، كما شمل بازارًا، وزاوية للخطّ العربيّ والنقش والرسم على الحجارة، وزاوية للقراءة المجانيّة داخل مطعم قرطبة الذي رعى الحدث.

نظّم الفريق خلال المعرض الذي انطلق يوم 3 آذار (مارس)، مجموعة من الفعاليّات الثقافيّة، استضاف فيها الكتّاب سعود السنعوسي وسليم البيك عبر skype، كما نظّموا ندوة حول أدب السجون مع الأسيرين المحرّرين أحمد الفليت ورأفت حمدونة، بالإضافة إلى فعاليّات للأطفال، وعرض غنائيّ لفرقة 'دواوين' في حفل اختتام المعرض.

6 سنوات عجاف

التقت فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة بفريق أثر الشبابيّ، وقد قال منسّق الفريق، وائل موسى: 'رمت فكرة المعرض إلى ترك أثر إيجابيّ، ثقافيّ واجتماعيّ، وهي محاولة للتعبير عن إبداعنا على الرغم من الحصار الثقافيّ الذي يعاني منه قطاع غزّة منذ عشر سنوات'.

زاوية الخطّ العربيّ

وأضاف: 'بعد وصولنا في نيسان (أبريل) 2016 لمستورد كتب مستخدمة من عمّان ومصر، وعرض الفكرة عليه، وافق أن يمدّنا بالكتب التي نحتاجها للمعرض من دون أيّ شرط، ومنذ ذلك الحين ونحن نحاول توفير راع وحاضنة لفكرتنا. توجّهنا لعدّة جهات حكوميّة وغير حكوميّة ولم نتلقّ ردًّا واضحًا منذ أحد عشر شهرًا'.

يُذكر أنّ غزّة لم تشهد منذ ستّ سنوات تنظيم معرض للكتاب، إذ كان آخر معرض شاركت به دور نشر محلّيّة وعربيّة في آذار (مارس) 2011، ومنذ ذلك الحين حاولت وزارة الثقافة في غزّة، مرّات عدّة، تنظيم معرض سنويّ للكتاب، إلّا أنّ الحصار المفروض على القطاع لطالما عطّل وصول دور النشر والمشاركة في المعرض.

أقوى

وقال عضو فريق أثر، بلال عبد الدايم: 'بدأنا في المبادرة بخمسة وأربعين شابّة وشابًّا، لكنّ عددنا قلّ تدريجيًّا بسبب الخذلان الذي مررنا به بعد كلّ تأجيل للحدث خلال الفترة الماضية، لكنّنا نجحنا في تنظيم الحدث بمشاركة قرابة ثلاثين شابًّا وشابّة، غالبيّتهم انتسبوا مؤخّرًا للفريق'. وأضاف: 'إصرارنا على تنفيذ فكرتنا أقوى من أيّ معيقات، وفيه تحدّ للظروف التي يعاني منها القطاع. صحيح أنّ الأمر لم يكن سهلًا، لكن في نهاية المطاف، نظّمنا المعرض وسهّلنا على الناس اقتناء الكتب بأسعار مناسبة، تبدأ من شيقل واحد حتّى 20 شيقل'.

وتقول د. هالة أبو لبدة، من فريق أثر أيضًا: 'حاولنا إشراك مكتبات محلّيّة في المعرض، إلّا أنّ الجميع اعتذر لأسباب مختلفة، لكنّنا استطعنا أن نعرض مجموعة كبيرة من الكتب. أنا سعيدة جدًّا لخروج فكرتنا إلى النور بعد الكثير من الخذلان خلال الفترة الماضية'.

وحول رعاية مطعم قرطبة للحدث، قال مديره، نعيم الرملاوي لفُسْحَة: 'أحد أهمّ أهدافنا استضافة الأحداث الثقافيّة، ونحن ننظّم، شهريًّا، صالون قرطبة الثقافيّ، وقد تبنّينا، سابقًا، إطلاق مجموعة من الكتب لكتّاب شباب من القطاع'. وأضاف حول الحدث: 'منذ اللحظة التي طُرحت فيها فكرة المعرض، لم يقتصر الأمر على استضافة الفعاليّة، بل إكمال ما ينقص فريق أثر لتنفيذ فكرتهم، فنحن في قرطبة لا نستضيف الفعاليّات والأحداث الثقافيّة فقط، بل نسعى لأن نكون شريكًا للمبادرات الخلّاقة'.

بلا كتب حديثة

شهد المعرض إقبالًا واسعًا من مختلف الفئات، إذ قصده على مدار سبعة أيّام قرابة الـ 13000 ألف زائر. وقد تابعت فُسْحَة بعض ردود الأفعال حول الحدث، فقال الناشط علي عبد الباري: 'أهتمّ بالكتاب أينما وُجد، وكنت سعيدًا جدًّا عندما رأيت إعلان الحدث، الكتب المعروضة كانت كتبًا قديمة بمجملها. على الرغم من سعادتي الكبيرة بالحدث، إلّا أنّني حزين لوجود معرض كتب من دون كتب حديثة، ومن دون دور نشر'.   

خلال افتتاح المعرض

وقد وجدت فُسْحَة أنّ أحدث الإصدارات يعود لسنة 2012، وقد وُجِدَت في زاوية مكتبة النصر المركزيّة بأسعار مرتفعة بالنسبة للمواطن الغزّيّ، أقلّها 20 شيقل، على الرغم من عرض يفيد بوجود خصم 40% على كتب هذه الزاوية.

وقالت إيمان أبو زكري: 'ما أسعدني فعلًا، رؤيتي لشباب وصبايا في بداية العشرينات مقبلين على المعرض، يتساءلون ويبحثون عن أسماء كتب بعينها، ما يدلّ على قدر الثقافة والوعي الذي يتمتّعون به'.

وخلال مشاركته عبر skype، عبّر الروائي سعود السنعوسي عن سعادته بالمبادرة وبالظهور أمام جمهور غزّيّ، وقال إنّه يتمنّى أن يأتي اليوم الذي يستطيع فيه مصافحة قرّائه من قطاع غزّة. وقد استمرّت الندوة التي ناقشت أعمال السنعوسي، 'فئران أمّي حصّة' و 'ساق البامبو' مدّة ساعة، أجاب فيها عن تساؤلات القرّاء حول أعماله.

تحدّيات

خلال أيّام المعرض، واجه فريق أثر مجموعة من التحدّيات، منها اعتذار مجموعة من دور النشر (آفاق، ومنصور، واليازجي، والشروق) عن المشاركة في المعرض لأسباب متعلّقة بمكانه، كما واجه الفريق صعوبة في تحقيق مجموعة اللقاءات مع الكتّاب من خارج غزّة بسبب انقطاع التيّار الكهربائيّ وضعف خطوط الإنترنت، إذ لم يتمكّن الكاتب سليم البيك من إكمال لقائه بسبب انقطاع الكهرباء، واضطّرّ الفريق إلى إكمال اللقاء من دون الكاتب، عارضين له كلمة مسجّلة نهاية اللقاء. كما اعتذر كلّ من الكاتبين جنى الحسن وزياد خدّاش عن المشاركة، ما أدّى إلى وضع الفريق في موقف محرج أمام زوّار المعرض.

فعاليّات للأطفال

أكّد فريق أثر عبر هذا الحدث، أنّه يمكن للشباب، بطريقتهم الخاصّة، تنظيم معرض للكتاب ببرنامج متكامل، يشمل ندوات ولقاءات مع كتّاب عبر الأدوات الإلكترونيّة، وفي ذلك تأكيد منهم، أيضًا، على أنّه يمكنهم القفز عن الحواجز بأدواتهم، وأنّ الحصار لن يعزلهم عن العالم مهما طال.

الرسم بالحنّاء، ضمن البازار

 

محمود الشاعر

 

من مواليد مدينة رفح جنوب فلسطين عام 1990. كاتب، عضو اتّحاد الكتّاب الفلسطينيّين، والمدير التنفيذيّ لمجلّة 28، والمنسّق العامّ لدار خطى للنشر والتوزيع. درس دبلوم المحاسبة في الكلّيّة الجامعيّة للعلوم التطبيقيّة والمهنيّة. صدرت له مجموعة شعريّة مشتركة بعنوان 'مساحة بيضاء'، وله نصوص منشورة في عدد من المنابر الفلسطينيّة والعربيّة.