ماذا قرأ العرب في آب 2019؟

خاصّ فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة

سؤال يبحث عن إجابة

تتبادر إلى بال الكثيرين، ممّن يحبّون القراءة ويعيشون في عالم الكتب، أسئلة فضوليّة كثيرة، منها: ما الكتاب الأكثر قراءة في منطقتي؟ أو مَن الكاتب الأكثر شعبيّة في بلد ما؟ أو غيرهما من الأسئلة الّتي تحتاج إلى إحصائيّات على مستوًى واسع، تضمّ شريحة القرّاء وحصيلتهم من الكتب المختلفة، وهذا الأمر ليس بالسهل معرفته؛ إذ علينا توجيه السؤال إلى القرّاء كافّة، ليزوّدوا الباحث بقائمة أسماء الكتب الّتي قرؤوها في فترة معيّنة. في المقابل، يُتيح موقع "Goodreads" لمستخدميه توثيق قراءاتهم من الكتب، ويعرض إحصائيّات حسب الدولة بالكتب الأكثر قراءة على مستوى الأسبوع، أو الشهر، أو العام الماضي. من المؤكّد أنّ ثمّة شريحة من القرّاء لا يستخدمون الموقع، أو يستخدمونه بشكل متقطّع، لكن يمكن اعتبار النتائج أنّها عيّنة ممثِّلة على الأقلّ، ولو بفرض الاستئناس.

 

تأثير محمّد صلاح

قبل فترة، نشر اللاعب المصريّ صورة لجزء من غلاف برتقاليّ اللون، لكتاب ما على موقع "Instagram"، ليخرج بعدها كاتب الكتاب شاكرًا لصلاح هذه اللفتة. وبعدها تصدّر هذا الكتاب - "فنّ اللامبالاة" للكاتب الأمريكيّ مارك مانسون - لائحة الأكثر مبيعًا في المجتمعات العربيّة. الكتاب نفسه تصدّر قائمة الأكثر قراءة لشهر آب (أغسطس) الماضي، في سبع دول عربيّة، هي: الأردنّ، والسعوديّة، والبحرين، وسوريا، والإمارات، والمغرب، وتونس.

 

بلاد تُفضّل كاتبيها

صحيح أنّ الموت غيّب جسد الراحل أحمد خالد توفيق، لكنّ كتاباته لا تزال تتصدّر المشهد الثقافيّ المصريّ؛ فكتابه "يوتوبيا" الأكثر قراءة في شهر آب (أغسطس)، والخامس على مستوى الوطن العربيّ في القائمة. وعلى الرغم من رحيلها منذ خمسة أعوام، إلّا أنّ رضوى عاشور لا تزال أيضًا في المشهد بروايتها "ثلاثيّة غرناطة"، الّتي جاءت في المركز السادس على مستوى الوطن العربيّ.

إلى الجنوب قليلًا، يتوضّح لنا أنّ أيقونة الطيّب صالح ستظلّ خالدة في تاريخ الثقافة السودانيّة؛ فتصدّرت روايته "موسم الهجرة إلى الشمال"، الّتي نُشرت قبل أكثر من خمسين عامًا، لائحة الأكثر قراءة في السودان لشهر آب (أغطس). وانتقالًا إلى أقصى شرق الجنوب من خريطة العرب، تصدّرت رواية "سيّدات القمر" الّتي فازت بجائزة "مان بوكر" الدوليّة 2019، للروائيّة العُمانيّة جوخة الحارثي، تصدّرت المشهد في بلدها.

إذن، فإنّ مصر والسودان وسلطنة عُمان تفضّل كاتبيها على كتّاب آخرين، كما يبدو من إصحائيّات Goodreads.

 

جورج أورويل

من الممكن أن يكون صاحب روايات "الإخوة كارمازوف" و"الأبله" و"الجريمة والعقاب"، دوستويفسكي، الأكثر معرفة بين القرّاء العرب من بين الكتّاب العالميّين الكلاسيكيّين، لكن - حسب الإحصائيّات - ليس الأكثر قراءة بينهم؛ إذ جاءت روايتا "1984" و"مزرعة الحيوان" للإنجليزيّ جورج أورويل، في المركزين الثاني والثالث على التوالي لقراءات العرب، في شهر آب (أغطس)، والأكثر قراءة في الكويت وقطر، على الرغم من أنّهما انتشرتا في أربعينات القرن الماضي.

 

هاري بوتر

الكاتبة البريطانيّة جي كي رولينغ، نجحت في خلق شخصيّة ذات صدًى واسع في العالم، والمجتمعات العربيّة استقبلتها بصدر رحب. "هاري بوتر" بأجزائه السبعة كان حاضرًا بقوّة بين أيدي القرّاء العرب؛ فكان الأكثر قراءة في كلٍّ من لبنان والجزائر، وكان جزؤه الأوّل فقط في المركز السابع على مستوى الدول العربيّة ككلّ؛ فما بالكم لو حسبنا الأجزاء السبعة معًا؟

 

البرازيل ليست كرة قدم فقط

إذا ذكرت البرازيل أمام أحد، فستتبادر إلى ذهنه المتعة الكرويّة لمنتخب السامبا، وسيُملي عليك قائمة طويلة من اللاعبين الّذين تنتهي أسماؤهم بمدّ الواو، مثل رونالدو ورونالدينيو وكافو وريفالدو وغيرهم. لكنّ الأدب البرازيليّ في المقابل ليس بالشيء القليل؛ إذ كان المنتهي اسمه بمدّ الواو، الكاتب باولو كويلو، حاضرًا بروايته "الخيميائيّ"، في المركز الرابع على مستوى الوطن العربيّ في الأكثر قراءة.

 

العرب يقرؤون للعالم أجمع

ثمّة قائمة ليس من السهل حصرها بكتب قُرِئت بشكل جدير بالاهتمام؛ فكان من الواجب بمكان أن تُذكَر. رواية "ظلّ الريح" للكاتب الإسبانيّ كارلوس زافون تصدّرت المشهد الفلسطينيّ، أمّا نوفيلّا "الأمير الصغير" فكانت واجهة القائمة العراقيّة. اليمن قرأ للتركيّة إليف شافاك روايتها "قواعد العشق الأربعون"، وقرّاء ليبيا تناولوا "أربعون" للشقيري، إضافة إلى كتاب "لأنّك الله"، وروايتَي "كافكا على الشاطئ" لليابانيّ هاروكي موراكامي، و"صاحب الظلّ الطويل" للأمريكيّة جين وبستر.

من الأمور الّتي لُوحظت، أنّ القرّاء العرب في كتبهم الّتي يقرؤون، ليسوا منحازين إلى منطقة ما دون أخرى؛ فكما كُتب أعلاه، تنوّعت القراءات بين آسيويّة وأفريقيّة وأوروبّيّة وأمريكيّة، بين عربيّة وأجنبيّة، بين كتّاب أحياء وقبلهم ماتوا حديثًا أو قديمًا.

 

 

أحمد جابر

 

 

قاصّ وكاتب من فلسطين. حاصل على الماجستير في هندسة الطرق والمواصلات. حائز على جائزة مؤسّسة عبد المحسن القطّان للكاتب الشابّ 2017، عن مجموعته القصصيّة "السيّد أزرق في السينما".