هذا بيتي وهذا مفتاحه: نايف الماضي حاضرًا غائبًا

قرية إجزم | سحر روحانا / زوخروت.

 

حياة ما قبل النكبة

فيلّا كبيرة تشبه القصر، في الحارة الفوقا في قرية إجزم[1]، عاش فيها نايف حسن الماضي مع عائلته. اعتاد نايف في الخامسة صباحًا من كلّ يوم الجلوس في الطابق العلويّ من بيته جانب النافذة، المشرفة على مدخل البيت وساحته، مراقبًا قدوم العمّال العاملين في مزرعته الكبيرة، ومرورهم من تحت القنطرة. كان نايف تاجرًا كبيرًا للحبوب والخضار في فلسطين، ومختارًا لقرية إجزم لفترة زمنيّة طويلة، رجلًا ميسور الحال، مالك قسم كبير من أراضي القرية. كان يستقبل الزائرين في ديوان بيته، وتأتيه الناس – الّذين أحبّ مساعدتهم - للاستشارة في شؤون حياتهم. وكان يعقد أيضًا في الديوان جلسات عمل مع الطاقم المسؤول عن العمّال والحرس في المزرعة ليتداولوا في أمور العمل. أمّا نساء البيت؛ الزوجة وبناتها، فقد كان لهنّ نصيب في استقبالات الضيوف بعد الظهر، من نساء الأقارب وأخريات أتين لطلب المساعدة والاستشارة في شؤون حياتهنّ.

 تزوّج نايف مرّتين: الزوجة الأولى اسمها آمنة، وأنجب منها أولاده محمّد، ومحمود[2]، وإبراهيم، ونائلة، وكوكب. أمّا الزوجة الثانية فكان اسمها كلثوم حردان، وأصلها من قرية أمّ الزينات[3]، وقد أنجب منها جواهر، وريحانة، وندى، وكاملة، وحسن، وخولة. كان نايف معتادًا في عطلة الأولاد الصيفيّة السفر بسيّارته الّتي يقودها سائقه الخاصّ برفقة العائلة؛ للنقاهة والاستجمام في لبنان، وزيارة بعض المدن والبلدات السياحيّة فيها مثل برج البراجنة وعاليه. وقد كان هذا متّبعًا عند كثير من العائلات الفلسطينيّة؛ أي السفر في الصيف للاستجمام ولقاء الأقارب والأصدقاء في لبنان. اهتمّ نايف بتدريس جميع مَنْ أنجب، والجدير ذكره أنّه ورّثهم جميعًا، بناته ونجله، بالتساوي بينهم دون تفرقة، وهذا الشأن في تلك الفترة لم يكن مألوفًا في فلسطين عند العائلات العربيّة في حقوق النساء في الميراث.

 

نايف حسن الماضي | ألبوم ندى ماضي - صفدي.

 

عاش نايف مع عائلته حياة رفاهيّة في قريته إجزم إلى عام 1948. هذا العام، قلب كيان العائلة ونقلها إلى واقع جديد قاسٍ. عندما شنّت العصابات الصهيونيّة الهجوم الأوّل على قرية إجزم، في شهر نيسان (أبريل)، أيقنت العائلة أنّها في خطر؛ فخرجت من البيت مثل بقيّة أهل إجزم خوفًا من الموت المُحَتَّم في حال بقائهم في القرية. فرّوا مختبئين بين حقول القمح في أراضي البلد. بعد أيّام، جاءت شاحنات (تْرَكّات) من دالية الكرمل، مبعوثة من قِبَل المختار الّذي كانت له علاقة وطيدة مع نايف الماضي، ونُقِلوا إليها، وهناك كانت استضافتهم في بيت يُدْعى «ميس نيوتن» لمدّة عام.

تذكر ندى[4] أنّ نساء قرية الدالية كانت تواسي نساء قرية إجزم الضيفات عندهنّ، كذلك رجال الدالية كانوا يواسون رجال إجزم، تمامًا، مثل بيت العزاء. في هذه الحالة، الفقيد هنا هو البلد والبيت، تمامًا مثل فقدان الميّت. بعدها انتقلوا إلى قرية عسفيا لأشهر عدّة. وبعد ذلك دعا الحاجّ طاهر قرمان[5] نايف الماضي وعائلته للسكن في مساكن المزرعة المُعَدَّة للعمّال في مزرعته في قرية إبطن. كانت هذه هي المحطّة الأخيرة في حياة نايف، حيث وصل إبطن منهكًا، متعَبًا، مثقَلًا من كلّ ما مرّ عليه بعد خسارته أملاكه المادّيّة وخسارته مكانته المرموقة من رجل غنيّ، مختارًا تأتيه الناس طلبًا لاستشارته، من ملّاك كبير إلى لا شيء.

كان على نايف أن يبدأ حياة جديدة، مليئة بتحدّيات الخسارات المادّيّة المعنويّة. هذه الظروف أثّرت فيه نفسيًّا، فأُصيب باكتئاب حادٍّ وبمرض جسديّ.

 

ما بعد الصدمة... اكتئاب وموت

الحرب وعذابات النكبة تركت ندوبًا وجروحًا نفسيّة عميقة لدى المهجَّرين والمهجَّرات، وأحدثت اضطرابًا سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا ونفسيًّا في الحالة الشخصيّة والجمعيّة، فإذا تحدّثنا عن نايف الباقي في وطنه، فما الشرعيّة والإنسانيّة لقانون «أملاك الغائبين»[6]، الّذي استخدمه الاحتلال وسيلة لنهب الفلسطينيّين وقمعهم؟ غياب قسريّ، كانت أمتار قليلة تُبْعِد نايف عن بيته، كان حاضرًا في الوطن، لكنّ الاحتلال سجّله غائبًا؛ لينتزع شرعيّة عودته لبيته وأملاكه. في مثل حالة نايف النفسيّة، ثمّة حالات عديدة لا نعرف عنها.

اهتمّ المؤرّخون عند الكتابة عن النكبة والتهجير في النواحي السياسيّة والاجتماعيّة أكثر من غيرها، أمّا الناحية النفسيّة فأُهْمِلَت وحُصِرَت في أنّ الناس بعد النكبة كانوا في حالة صدمة...

اهتمّ المؤرّخون عند الكتابة عن النكبة والتهجير في النواحي السياسيّة والاجتماعيّة أكثر من غيرها، أمّا الناحية النفسيّة فأُهْمِلَت وحُصِرَت في أنّ الناس بعد النكبة كانوا في حالة صدمة، لم تستطع الحديث عن النكبة وما جرى لها بسبب اضطراب ما بعد الصدمة؛ تجنّبًا لتذكّر تلك الأحداث المريرة خوفًا ممّا حدث، وخجلًا في حالات أخرى. لا نعلم عدد الرجال والنساء الّذين دخلوا في حالات اكتئاب شديدة، نتيجة فقدانهم الحياة الّتي عاشوها وسُلِبَت منهم قسرًا؛ كثيرون منهم ماتوا قهرًا. ثمّة أهمّيّة لهذا الجانب تجعل من الجدير تناوله في أدبيّاتنا التاريخيّة.

توفّي نايف الماضي نتيجة صمت قاتل، في بداية الخمسينات من القرن الماضي، في قرية إبطن، ودُفِن فيها. هكذا رحل هذا الرجل وانتهى شريط حياته. بعد وفاته استمرّت الحياة بأبعادها المختلفة، زوجته كلثوم استمرّت في العيش في بيت قرمان مع بناتها ونجلها. في أحد الأيّام كانت الابنة الصبيّة ندى، ابنة السبعة عشر ربيعًا، مواليد عام 1933، تقف في شرفة البيت، فرآها شابّ يافع يُدْعى أحمد، من مواليد عام 1923، وأُعْجِب بها. بعد أن سأل عنها، عرف أنّها ابنة الحاجّة كلثوم، أمّ حسن الماضي.

أحمد سعيد الصفدي قادم من مدينة صفد[7] إلى إبطن، للعمل في مزرعة قرمان بعد أن أنهى خدمته في الجيش الإنجليزيّ، الّتي بدأها في أواخر سنوات الثلاثينات من القرن الماضي حتّى عام 1948. عندما قرّر أحمد الارتباط بندى، سافر لطلبها للزواج من أخيها محمود إلى ساحل الكرمل، تحديدًا خربة الماقورة، الواقعة في أراضي قرية إجزم شرقًا، وصولًا إلى بيّارة محمود الماضي حيث يسكن مع عائلته، في الفيلّا الّتي بناها في سنوات الأربعينات من القرن الماضي[8]. وصل أحمد برفقة جاهة يترأّسها الوسيط نور الدين العبّاسي[9]، حيث استُقْبِل الضيوف أجمل استقبال. عند عودة الجاهة إلى بيتها، حُمِّلت سيّاراتهم من خيرات المزرعة من الخضار والفاكهة.

بعد الموافقة على زواج ندى وأحمد، بدأت تجهيزات العروس. نتحدّث عن سنوات بداية الخمسينات، في فترة الحكم العسكريّ[10]، وهي فترة تقشّف[11]، وقد كان الحصول على المونة والألبسة والحاجات الضروريّة للبيت، بواسطة بطاقة الإعاشة، والتجوّل في أنحاء البلاد ليس باليسير؛ إذ يتطلّب تصريحًا من الحاكم العسكريّ. ساهم الأقارب والأصدقاء من طرفَي ندى وأحمد في تجميع نقاط من بطاقات الإعاشة الّتي لديهم؛ لمساعدة العروسين في إتمام تجهيزات العرس. على سبيل المثال، اشتُرِي قماش الفستان الأبيض، أمّا خياطته فتعاونت عليه ندى وابنة أخيها محمود المربّية سلمى الماضي، وذلك لتخفيف المصاريف من النقاط. من بين الجهاز أيضًا ذكرت ندى[12] طقمًا عبارة عن جاكيت وتنّورة لونه كحليّ، ونوعًا واحدًا من الحلويّات، عبارة عن ملبّس على لوز. تزوّجا في عام 1952، وفي نفس العام أيضًا تخرّج أحمد من «معهد تأهيل العمّال الاجتماعيّين».

 

أحمد وندى الصفدي، عام 1952 | ألبوم ندى ماضي - صفدي. 

 

كانت طلعة العروس ندى من بيت أخيها محمود الماضي في الماقورة، وبعدها سافر الزوجان إلى القدس لقضاء شهر العسل في «فندق الملك داوود»، وهذا السفر كان أيضًا حسب نقاط بطاقة الإعاشة. سكن الزوجان في مدينة شفا عمرو في ’حارة الدروز‘ عشرة أعوام، ثمّ انتقلا واستقرّا في حيفا. إلى اليوم تعيش ندى في نفس البيت في ’حيّ الألمانيّة‘. خلال هذه الفترة، كرّس أحمد عمله عاملًا اجتماعيًّا في مساعدة عائلات القرى المنكوبة بعد النكبة، وبين عامي 1962 و1966 أقام ملجأ للأولاد في ضائقة في مزرعة قرمان. في عام 1966، أصبح ضابطًا للأحداث، وقلّل من فتح ملفّات جنائيّة ضدّ القاصرين؛ لأنّه عمل جاهدًا في تأهيلهم وإرجاعهم لممارسة الحياة بشكل طبيعيّ. وعندما سكن في حيفا، كان عشرات الناس يأتون يوميًّا إلى بيته، فكان هو وزوجته ندى يقدّمان المساعدة اللازمة لهم.

 

الندبة

تشارك الزوجان أحمد وندى في جميع أمور الحياة، وعاشا معًا في سعادة وهناء، لكنّهما لم ينسيا ألم النكبة. والد أحمد هو أحمد سعيد زهرة[13]، توفّي في جيل صغير، وكان يعمل حجّارًا في المحجرة في قصّ الحجر لبناء البيوت. كان متزوّجًا من شفيقة القلا من صفد، أنجبا محمّدًا، ومحمودًا، وأحمد، والعبد، وصابرًا. وقد سَكَنَتْ العائلة في حيّ الأكراد[14].

عندما شنّت العصابات الصهيونيّة هجومها على صفد في عام 1948، خاف الناس وبدؤوا بالفرار. أغلقت والدة أحمد، شفيقة، باب بيتها بالمفتاح، لكنّها تذكّرت شيئًا غاليًا في داخل البيت، وعادت أدراجها إلى غرفة أحمد، حيث أحكمت باب خزانة ملابسه الّتي تحوي بدلة الجيش الإنجليزيّ، وكذلك باب الغرفة، ثمّ أغلقت باب بيتها وخرجت؛ يقينًا منها أنّها عائدة بعد أيّام. غادرت العائلة صفد سيرًا مرورًا بوادي العمود[15] إلى حيفا، حتّى وصلوا ’حيّ الكبابير‘. مرّت الأيّام وتلتها السنون، وشفيقة تنتظر عودتها إلى بيتها، لكي تفتح الأبواب الثلاثة الّتي أحكمت إغلاقها. لكنّها عرفت في داخلها أنّ آخرين قادمين جددًا من بلاد غريبة عن وطنها فتحوها. حتمًا عاثوا بأغراض البيت، لم يعيروا اهتمامًا لمشاعر مَنْ سكن هنا. وبدلة أحمد المعلّقة في الخزانة، ربّما رائحة عرقه ما زالت عالقة عليها... فساتين عرائس وبدلات عرسان وملابس لا تُعَدّ ولا تُحْصى أُغْلِقت عليها الأبواب وتُرِكَت وحيدة.

لم ينسَ أحمد مدينته صفد، وحتمًا حاكورة البيت يتذكّرها جيّدًا. في الحاكورة وُشِمَت ندبة على جبينه نتيجة وقوعه من غصن التينة فيها. جسده رحل عن صفد، لكنّ ندبته بقيت ذاكرة موشومة في جسده. هناك الكثيرون من الفلسطينيّين والفلسطينيّات غادروا بيوتهم، مع ندبات جسديّة تُبْقي غياب البيوت حاضرًا في أجسادهم.

 

هذا بيتي وهذا مفتاحه 

حنين الوالدة شفيقة إلى بيتها لم يفارقها للحظة؛ فكانت دائمة السؤال والطلب من نجلها أحمد؛ إذ كانت تسكن معه في بيته في حيفا، قائلة: "يمّا يا أحمد، وينتا بدنا نروح لصفد؟". استجاب أحمد لطلب والدته بعد مرور سبعة عشر عامًا على الرحيل. ربّما ليست صدفةً مرور كلّ تلك الأعوام، الجرح نديّ. في عام 1965  سافر أحمد مع والدته وأولاده، من بينهم ابنته البكر غادة[16]؛ لعلّهم يجدون حضورهم في هذا الغياب الطويل عن البيت.

لم ينسَ أحمد مدينته صفد، وحتمًا حاكورة البيت يتذكّرها  جيّدًا، في الحاكورة وُشِمَت ندبة على جبينه نتيجة وقوعه من غصن التينة فيها...

 

المرّة الأولى الّتي يزورونه عندما وصلوا صفد إلى ’حارة الأكراد‘، وصولًا إلى بيت الأهل، ترجّلت شفيقة مسرعة من السيّارة باتّجاه حاكورة بيتها الّتي ما زالت كما هي، لمحوا امرأة تقف خلف زجاج البيت تنظر إليهم. عندما اقتربوا أكثر، خرجت، كانت مستعمرة هنغاريّة، صرخت بهم أن يتركوا المكان حالًا، رافضة قطعيًّا دخولهم. هذا المشهد نراه يتكرّر كثيرًا في فلسطين؛ مشهد هزليّ، يخرجون متوحّشين من بيوت مسروقة بشرعنة دولة الاستعمار، في حين أنّ شفيقة مَنْ كان يجب أن تكون داخل البيت والهنغاريّة خارجه.

أخرجت شفيقة من جيبها مفتاح البيت، وصرخت بوجه الهنغاريّة قائلةً: "هذا بيتي وهذا مفتاحه"[17]. لكنّ الهنغاريّة استمرّت بالصراخ والرفض. بخطوات مثقلة أداروا ظهورهم إلى البيت ناظرين، متأمّلين سور الحاكورة، وبئر الماء، والزيتونة والتينة. غادروا البيت مُثْقَلين خائبي الأمل من عودة بلا عودة. البيت اليوم بحالة مهملة، مهجور آيل للسقوط، تابع لبلديّة صفد.

 

ذاكرة تُورَث

هذا المشهد عاد وتكرّر مع غادة، الصبيّة هذه المرّة، وليست الطفلة ابنة السنوات الثماني عندما زارت صفد. في عام 1995 سافرت غادة مع عائلتها؛ خالاتها وأخواتها ووالدتها، بجولة إرشاديّة إلى قرية إجزم. بينما كانت المرشدتان زلفة وبثينة؛ بنتا الخالتين، منشغلتين بالشرح، سحبت الوالدة ندى يد غادة، وابتعدتا عن المجموعة. اتّجهت الوالدة ندى برفقة غادة إلى بيّارة الماقورة، وقفتا هناك في ساحة البيت، وبدأت الوالدة تسرد على غادة شريط ذكريات جميلة من مكان طفولتها وأيّام صباها، مستعيدة يوم طلعتها عروسًا من هذا البيت. لكنّ شريط الذكريات الجميلة قطعته المستعمِرة اليهوديّة الّتي استحلّت البيت بكلمات نابية، وبأمر "الانقلاع" من المكان فورًا.

 

ندى وأحمد والابنة غادة الصفدي، عام 1959 | ألبوم غادة زهرة. 

 

يخشى السارق المستعمِر قدوم أصحاب البيوت، يخشى من ذكرياتهم، ربّما خوفًا من عودتهم إليها، أو خوفًا من تذكّرهم لذنب ارتكبوه في حقّهم. النكبة مستمرّة بشكل تراكميّ حتّى يومنا هذا، والحياة مستمرّة، والأجيال مستمرّة في إنعاش الذاكرة الّتي لا تموت.

 


إحالات

[1] إجزم: قرية فلسطينيّة مهجَّرة تقع جنوب مدينة حيفا، هُجِّرَت في 24 تمّوز (يوليو) 1948، أُقيم على أنقاضها مستعمرة «كيرم مهرال». ما زالت بعض بيوت القرية القديمة موجودة، ويستخدمها سكّان المستعمَرة.  

[2] المحامي محمود نايف الماضي، درس الحقوق في بيروت. كان عضوًا بارزًا في «الحزب العربيّ» في حيفا عام 1918. كان من الملّاكين الكبار في فلسطين، وأقام بيّارة جنوب شرق القرية في خربة ماقورة، ضمّت جميع أنواع الأشجار المثمرة والحمضيّات، وحوت بيتًا بُنِي على الطراز الحديث، وبركة سباحة، وإصطبلات. كان له مواقف معروفة في الدفاع عن بعض المناضلين، وكسب أكثر الدعاوي. وفي أحداث عام 1948 كان رئيسًا للجنة الدفاع عن القرية، وكان له مواقف إيجابيّة مع المقاتلين من أهل القرية. المصدر: مروان الماضي، قرية إجزم قصّة الحمامة البيضاء، (دمشق: الأهالي للطباعة والنشر) ص 195-196.

[3] أمّ الزينات: قرية فلسطينيّة مهجَّرة عام 1948، تقع على سفح جبل الكرمل الجنوبيّ، قضاء حيفا.

[4] ندى نايف الماضي - صفدي (أمّ ماهر)، مقابلة شخصيّة، حيفا، 25 كانون الثاني (يناير) 2023.

[5] الحاجّ طاهر قرمان: كان تاجرًا ورجل أعمال معروفًا في فلسطين. شغل منصب نائب رئيس بلديّة حيفا، شفتاي ليفي، قبل عام 1948. 

[6] القانون يعرّف مَنْ هُجِّر أو نزح أو ترك حدود إسرائيل حتّى تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، خاصّة في إثر الحرب، أنّه غائب، وتُعْتَبَر أملاكه (بما فيها الأراضي والبيوت وحسابات البنوك وغيرها) بمنزلة أملاك غائبين تُنْقَل ملكيّتها إلى إسرائيل، ويديرها وصيّ من الدولة. «قانون أملاك الغائبين» هو الأداة الأساسيّة لدى إسرائيل للسيطرة على أملاك اللاجئين الفلسطينيّين.

[7] صفد: تقع المدينة في منطقة الجليل الأعلى في فلسطين، وهي إحدى أقدم المدن الفلسطينيّة التاريخيّة.

[8] منع اليهود بعد احتلال قرية إجزم رجوع نايف الماضي وأخيه إلى البلد، لكن محمود الماضي بقي في بيّارته صامدًا أمام المحتلّين، وكان يربح الدعاوي ضدّهم؛ لأنّ معه مستندات تثبت ملكيّته للبيّارة والبيت. كان محمود الماضي ذا صيت لامع في فلسطين، من الجولان إلى الجنوب، وكان معروفًا بمهاراته القانونيّة العالية؛ إذ عُرِف بين الناس أنّه "بينزّل عن المشنقة". لكن لم يمهلوه طويلًا، فمنعوا عنه العمالة فلم يجد مَنْ يعمل في المزرعة؛ فاضطرّ إلى تركها، وسكن في حيفا، وتوفّي فيها. 

[9] كان من وجهاء مدينة حيفا، من مواليد مدينة صفد، عمل مفتّشًا في «دائرة المعارف الفلسطينيّة»، حتّى أضحى علمًا من أعلام التربية والتعليم في فلسطين. المصدر: روضة غنايم، حيفا في الذاكرة الشفويّة، أحياء وبيوت وناس، (الدوحة، المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2022) ص190.

[10] الحكم العسكريّ الإسرائيليّ: فُرِض على الفلسطينيّين الباقين في الوطن بعد النكبة بين عامَي 1948-1966،وقد استند في إدارته لشؤون العرب المدنيّة إلى أنظمة الطوارئ لعام 1945، وقوانين أخرى انتدابيّة.

[11] سياسة التقشّف فُرِضَت في إسرائيل من عام 1949 إلى 1959، تضمّنت التقنين وتدابير الطوارئ الأخرى؛ للتغلّب على الأزمة الاقتصاديّة في الأيّام الأولى لإقامة دولة الاستعمار.

[12] ندى الماضي صفدي، المرجع نفسه.

[13] العائلة حوّلت اسمها من زهرة إلى صفدي؛ لحبّهم لمدينة صفد.

[14] تقع ’حارة الأكراد‘ مقابل القلعة. يُقال إنّ الأكراد الّذين أتوا مع جيوش صلاح الدين قد استقرّ قسم منهم في هذه الجهة وسُمِّيَت باسمهم. كانت مدينة صفد تُقَسَّم إلى أحياء، وتشتهر بأسماء حاراتها، ومن أهمّها ’حارة القلعة‘، و’حارة اليهود‘، و’حارة الأسدي‘، و’حارة الصواوين‘، و’حارة الخضراء‘، وأحياء أخرى. المصدر: ظافر بن خضراء، صفد عروس الجليل، (دمشق، دار كنعان للدراسات والنشر، 2005) ص 33.

[15] وادي العمود أو نهر العمود: ينبع من الجليل الأعلى، ما بين جبل الجرمق وجبال صفد.

[16] غادة أحمد صفدي - زهرة (أمّ بلال)، مقابلة شخصيّة، حيفا، 1 آذار (مارس) 2023. متزوّجة من نزار زهرة، ويسكنان في حيفا. درست  «العمل الاجتماعيّ» في حيفا، وفي عام 2019 خرجت للتقاعد، بعد أن عملت مفتّشة رياض أطفال عرب ويهود في بلديّة حيفا. أسّست في عام 1983 مع مجموعة نساء أخريات «جمعيّة الصفا» لمساعدة العائلات العربيّة المحتاجة في أحياء حيفا، وهي ناشطة اجتماعيّة وفعّالة في الأعمال الخيريّة في أطر مختلفة. 

[17] المرجع نفسه.

 


 

روضة غنايم

 

 

باحثة في التاريخ الاجتماعيّ وكاتبة مقالات، من سكّان مدينة حيفا. صدر لها كتاب «حيفا في الذاكرة الشفويّة، أحياء وبيوت وناس»، عن «المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات» في عام 2022.