نحلة عالقة في كأس فراغ

عدسة توم فيسك

 

(1)

منذ فترةٍ طويلةٍ لم أعد أشعر بالوحدة

لكنّي صرت أشبهها

أمنح نفسي لأيّ شيء

تمامًا،

مثل

شاشة عرضٍ عملاقة

في وسط البيت

أحيانًا أنتبه مصادفةً للغرفة الصندوق

وأتعثّر بعتمتها

ومرّاتٍ أشتاق لكلّ الناس

فيسبق المفتاح ظلّي في حلق الباب

صدقًا لم أعد أشعر بالوحدة

وأستطيع لقاءك مصادفةً

لكن

هل للوحدة أطرافٌ لتشعر بلذّة الألم

أتُذَكِّرها سخونة الدموع بنكهة الحاجة في الفم مثلي؟

 

(2)

رسمتُ امرأةً في رأسي

تكنس الخوف بالخوف

وتبحث عن نفسها كما لو أنّها شبحٌ

رسمتُ امرأةً في رأسي لمجرّد أنّها امرأة،

في رأسي نساءٌ كثيرات

يتحدّثن طوال الوقت

عنّي أنا المستلقية على

وعن كيفيّة إخباركم بأنّي أريد الموت دون أن يشعر أحدٌ بالشفقة!

النساء لا يُجدن غير الثرثرة

وحيث أنّ غرفة الاختبار هي رأسي

ارسموني امرأةً ثانيةً يكنسها الفقد

 

(3)

درجتين من الوهم وأصل لسقيفة الشرّ العالية؛

حيث تتكدّس ضحايا محتملةٌ بالجملة،

كذلك تتوفّر أدواتٌ للتعذيب.

غرفتي المزدحمة بحبوب الاكتئاب تقع آخر الممرّ، 

أشبه بغرفة المؤن، ضوءٌ واحدٌ يتدلّى من سقفها

وكلّ النوافذ داخلها مغطّاةٌ بالرفوف.

ما من تفسيرٍ منطقيّ

لتحوّل غرفة صبيّةٍ في العشرين لموقع جريمةٍ محتمل،

غرفةٌ مستعدّةٌ على الدوام لتقضم بأسنان عتمتها

اليدَ الّتي تتحسّس زرّ الضوء، وتتعطّش لمجزرةٍ جماعيّة.

أفتح جرّة الغاز،

أهلي نائمون ولا حاجة للنظر في عيونهم.

لديّ أسبابٌ لتبرير هذا الموت، 

موتٌ مثاليّ

في عتمةٍ مثاليّة،

لا يوجد شيءٌ ما أجمل.

مستسلمةً لإغوائه

أعود لسريري 

وأفكّر في البيوت المهجورة،

الغاز يخدّر أطرافي 

وابتسامةٌ دافئةٌ

تسيل على جانب فمي!

 

(4)

علينا جميعًا

دفعةً واحدة

أن نتعثّر بالوحدة

مهما بدت كارثيّة

ثمّ نقع على قلوبنا الّتي صارت خفيفةً

من الأصحاب

ماذا لو

فقدتُ حفنةً من الأصدقاء

وصرتُ كالبحر أرملَ

حين يقولون الأمان

لأيّ صدرٍ

ستلجأ

في زحمة الخوف الخانقة

 

 

نور السعدي

 

 

شاعرة فلسطينيّة من مواليد مدينة الزرقاء، الأردنّ. تدرس هندسة برمجيّات في الجامعة الهاشميّة. تنشر نصوصها في العديد من المجلّات الثقافيّة والمواقع الإلكترونيّة.