19/12/2019 - 16:00

مجموعة "الحقيقة" الأرثوذكسيّة: "أوقافنا قضيّة وطنيّة ووجوديّة"

عبّرت مجموعة "الحقيقة" الأرثوذكسية عن تخوّفها وقلقها من حالة الانقسام في الموقف الأرثوذكسيّ الوطنيّ في البلاد، بما يتعلّق بمقاطعة زيارة البطريرك ثيوفولوس الثالث معتبرةً أنّها أمر "يثير القلق والتخوّف وطرح علامات تساؤل واستفهام كبيرة" حيال كيفيّة الاحتفال بمناسبة عيد الميلاد المجيد، كمناسبة دينية

مجموعة

البطريرك ثيوفيلوس الثالث مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين (أ ب)

عبّرت مجموعة "الحقيقة" الأرثوذكسية عن تخوّفها وقلقها من حالة الانقسام في الموقف الأرثوذكسيّ الوطنيّ في البلاد، بما يتعلّق بمقاطعة زيارة البطريرك ثيوفيلوس الثالث معتبرةً أنّها أمر "يثير القلق والتخوّف وطرح علامات تساؤل واستفهام كبيرة" حيال كيفيّة الاحتفال بمناسبة عيد الميلاد المجيد، كمناسبة دينية ووطنيّة مقدّسة في مدينة المهد، بيت لحم.

وذكّرت المجموعة في بيانها بعام 2010، حين "اصطفّت وتوحّدت جميع المؤسّسات الأرثوذكسيّة على موقف مقاطعة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وعدم استقباله في مدينة بيت لحم وتحت شعارات وطنيّة تندّد وتدين حالة الفساد في البطريركيّة وبيع وتسريب العقارات والأراضي الوقفيّة للاحتلال"، واعتبرت أنّ الهدف من إعلان المقاطعة كان تصويب أوضاع البطريركيّة وخلاصها من حالة الفساد، بغية الحفاظ على ما تبقّى من عقارات وأراضٍ وقفيّة، والعمل على استرجاع ما جرى تسريبه والتفريط به".

وأكّد البيان على أهمّية تناغم المستوى السياسي الفلسطينيّ حينذاك، وعلى رأسه الرئيس محمود عبّاس، الّذي استجاب للمطلب الشعبيّ وقاطع مع شعبه استقبالَ تاجر العقارات ثيوفيلوس، فكان 6/1/2010 "يومًا مميّزًا وعلامة فارقة في كيفيّة المزج بين الاحتفال الدينيّ والاحتفال الشعبيّ، وكذلك بين الموقف الشعبيّ الوطنيّ والموقف السياسيّ الرسميّ" معتبرًا أنّ "الكل كان في موقع الدفاع عن الأوقاف وهُويّتها لكونها قضيّة وطنيّة ووجوديّة".

وأوضحت المجموعة أنّ الوضع منذ ذلك التاريخ آخذ بالتغيّر تدريجيًّا، بهدف "ضرب هذا النموذج وعدم تكراره"، وأشارت إلى أنّه "من ‘الطبيعيّ‘ أن تعمل مؤسسة الفساد في البطريركيّة على ضرب هذا النموذج، في محاولة لتصفية الحراك الوطنيّ المناهض لتسريب الأوقاف، لكن ما ليس مفهومًا ولا مقبولًا أن تتحوّل اللجنة الرئاسيّة السابقة إلى عنصر فاعل من عناصر حالة الانقسام، وتعمل لمصلحة البطريرك الفاسد على حساب أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة وقضاياها الوطنيّة الخاصّة بمحاربة الفساد ووقف عمليّات تسريب وبيع الأوقاف الأرثوذكسيّة".

وأكّد بيان المجموعة أنّ هذه اللجنة الرئاسية وصلت إلى حدّ مخاصمة الحراك الوطنيّ الأرثوذكسيّ، والعمل على إجهاض عقد المؤتمر الوطنيّ لدعم القضية الأرثوذكسيّة في تشرين الأوّل/ أكتوبر عام 2017 في بيت لحم، والتدخّل المباشر لدى قيادات سياسيّة ومجالس طوائف في مناطق الـ 48 لثَنْيهم عن اتّخاذ موقف جادّ وفعليّ، بل طلبوا من البعض الخروج عن إجماع مؤسّساتهم وموقفهم الموحَّد.

في المقابل فإنّ البطريرك ثيوفيلوس لم يلتزم بتعهّداته الخطّيّة التي قدّمها للسلطتين الأردنيّة والفلسطينيّة منذ عام 2005 حتّى يومنا هذا، "بل تصاعدت بسرعة قياسيّة عمليّاتُ تسريب الأراضي والعقارات بالعشرات بيعًا مبرَمًا بعقود ونقل ملْكيّات لصالح الاحتلال وجمعيّات الاستيطان الصهيونيّ في فلسطين المحتلّة عام 48، وفي الأراضي المحتلّة عام 1967، فضلًا عن تصفية كامل أراضي بيت جالا ومنطقة الخضر 04/2019 وبيت ساحور الجاري التخطيط المتقدّم لها وعلى أراضي دير مار سابا"، بحسب البيان.

واعتبر البيان أنّ مؤتمر بيت لحم عام 2017 كان "مؤتمرًا وطنيًّا بامتياز، إذ فيه استعادت المؤسّسات والفعاليات الأرثوذكسيّة وحدة موقفها في مناطق الأراضي المقدّسة كافّة، وبمشاركة جميع قوى وفصائل منظمة التحرير الفلسطينيّة والتنظيمات الوطنيّة"، مضيفًا أنّه "صدرت عن المؤتمر وثيقة تاريخيّة تعزّزت نصوصها وبنودها في قرارات المجلسين المركزيّ والوطنيّ الفلسطينيّ"، مؤكّدًا أنّه "منذ ذلك التاريخ حتّى يومنا هذا، نشهد من البطريرك المعزول ثيوفيلوس وحاشيته ومعاونيه، أو في عهد اللجنة الرئاسيّة السابقة أو الحاليّة، نشهد محاولات محمومة لضرب مقرّرات المؤتمر الوطنيّ الأرثوذكسيّ والخروج عنها بشتّى الطرق والوسائل والأدوات".

وطرحت المجموعة في بيانها تساؤلات كان أبرزها:

من الذي تغيّرت مواقفه وسياساته؛ البطريرك وزمرته الفاسدة أم بعض من المستوى السياسيّ الفلسطينيّ الرسميّ؟

هل توقّفت عمليّات تسريب وبيع الأراضي الوقفيّة؟ صفقة قرية الخضر موقَّعة في 3/4/2019، في عهد اللجنة الرئاسية الحاليّة، وفي ظلّ قرار منع تصرف البطركية أو بيع أي عقارات إلّا بموافقة اللجنة الرئاسيّة... هل شاوركم بشأنها؟ هل وافقتم؟

لماذا يُحال ملفّ الشكوى الجزائيّة ضدّ البطريرك ثيوفيلوس ومَجمعه إلى المستوى السياسيّ قبل البتّ فيها؟! أهو بطلب من المستوى السياسيّ أم لا؟ في الحالتين هو تنازل من سلطة القضاء عن استقلاليّتها وإعطاء المستوى السياسيّ مجالًا للتدخّل في مسار الشكوى الجزائيّة. 

هل من مهامّ اللجنة الرئاسية العليا تنظيم وإخراج الاحتفالات والمناسبات الدينيّة، والتدخّل في كلّ بلدة ومدينة ومؤسّسة من أجل كسر الموقف الوطنيّ الداعي إلى عدم دعوة واستقبال خائن الوطن والكنيسة والأمانة ثيوفيلوس بذريعة "أنّنا استطعنا وقف عمليّات البيع أو التصرّف إلّا بمعرفة وموافقة اللجنة الرئاسيّة"... فهل عفا الله عمّا سلَفَ مِن بيوعات؟

لمصلحة مَن هذا الضغط على المؤسّسات والشخصيّات لاستقبال ثيوفيلوس بما يعمّق حالة التوتّر والانقسام في أوساط أبناء الكنيسة؟ ولمصلحة مَن قمع الحرّيّات ومصادرة حرّيّة التعبير عن الرأي والموقف والوطنيّ والدفاع عن أرض الوطن والتلويح بالقوّة واستخدام العنف، فهل يليق بسلطة وطنيّة أن تظهر بمظهر المدافِعة والحامية لخائن، وتقمع مواطنيها وتصادر حقهم وحريتهم في التعبير؟!  

وأخيرًا... من أجل ماذا ولمن؟ حفاظًا على "ستاتيكو"؟! أيَّ ستاتيكو يمثّل ثيوفيلوس، وإسيخيوس الفاسد أخلاقيًّا، ويواكيم المختلس، وإريسترخوس الكاذب؟! هل بهذا ستكون صورتنا "إيجابيّة أمام العالم"؟!

واعتبرت المجموعة أنّه "إذا كان الستاتيكو له مضمون غير علاقة الكنائس بعضها ببعض، ويعني الحفاظ على الوضع القائم، فهذا البطريرك قد خرق هذا المضمون عشرات المرات، بعشرات الصفقات، وهو بفساده وتواطُئه مع الاحتلال يغيّر الوضع القائم كلّ يوم لصالح الاحتلال، وضد مصلحة القضية الوطنيّة كما أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة، بل إنّه فعليًّا يحتقر قانونًا سياديًّا هو قانون البطريركيّة رقم 27".

في المقابل، "إذا كان معنى الستاتيكو فقط الحفاظ على دخوله لبيت لحم كرئاسة روحيّة، فأجدادنا قد نزعوا عن أيّ رئاسة روحية قداستها في انتفاضة عام 1909، وفي الأعوام 1930 - 1934 حين رفضوا انتخاب بطريرك جديد إلّا بتحقيق مطالبهم العادلة، ولم يعترفوا بانتخاب البطريرك آنذاك، وقاطعوه لأربع سنوات متواصلة".

وأضاف البيان أنّه "في ما يتعلّق بالعلاقات العامّة والحسابات الدوليّة، فهذه لا تقدّم ولا تؤخّر في شيء، فالقيادة السياسيّة قدّمت كلّ التنازلات وتعاطت بمرونة سياسيّة مع كلّ المبادرات لتحقيق السلام دونما فائدة، وتَبَيَّنَ أنّ الرهان على ذلك مجرّد وهم وخيار بائس لم يولّد سوى صفقة القرن للإجهاز على قضيّتنا وشعبنا لصالح دولة الاحتلال".

التعليقات