07/12/2008 - 10:56

في الذكرى ال21 للانتفاضة الأولى: الانتفاضة الثانية أكثر ألمًا وقسوة

أكد الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة، اليوم الأحد، على أن انتفاضة الأقصى الحالية شهدت تراجعاً في معدل الاعتقالات مقارنة بالانتفاضة الأولى، بينما شهدت الانتفاضة الحالية ارتفاعاً ملحوظاً فيما يتعلق بانتهاكات

في الذكرى ال21 للانتفاضة الأولى: الانتفاضة الثانية أكثر ألمًا وقسوة

أكد الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة، اليوم الأحد، على أن انتفاضة الأقصى الحالية شهدت تراجعاً في معدل الاعتقالات مقارنة بالانتفاضة الأولى، بينما شهدت الانتفاضة الحالية ارتفاعاً ملحوظاً فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الأسرى والجرائم المرتكبة بحقهم من حيث اتساعها وحجم خطورتها وتأثيراتها..

وبينما تميزت الانتفاضة الأولى بالوحدة الوطنية والطابع الجماهيري وجلبت الاستقلال، فان الثانية عززت خطة الانفصال، وجلبت الانقسام، الذي قسّم الوطن ومزّق الوحدة الوطنية وأحدث شرخاً كبيراً في النسيج الاجتماعي بمجمله.
جاءت تصريحات فروانة هذه في تقرير صحفي وصل اليوم الأحد بمناسبة حلول الذكرى الـ21 لاندلاع الانتفاضة الأولى والذي يصادف يوم غدٍ الاثنين الثامن من كانون أول / ديسمبر الجاري.
وأشار فروانة في تقريره إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت خلال سنوات الانتفاضة الأولى ( 8-12- 1987 – منتصف 1994 ) قرابة ( 200 ألف ) مواطن، أي بمعدل ثلاثين ألف حالة اعتقال في العام الواحد، بينا اعتقلت خلال انتفاضة الأقصى الحالية ( 28-9-2000 ولغاية اليوم ) قرابة ( 65 ألف مواطن ) أي بمعدل ( ثمانية آلاف مواطن ) في العام الواحد.

وأضاف فروانة أن السبب في تراجع الاعتقالات مقارنة مع الانتفاضة الأولى يعود إلى تقلص الوجود المباشر والمكثف لقوات الاحتلال في بعض المناطق الفلسطينية وذلك منذ اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية منتصف عام 1994، ومن ثم إنهاء الوجود العسكري في قطاع غزة في سبتمبر 2005، وهذا الوضع حال دون تمكنها من اجتياح كل المدن والقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة بحرية كما كان متاحاً خلال الانتفاضة الأولى مما أدى إلى تقلص حالات الاعتقالات بشكل عام.

وتابع فروانة: أن ما يدلل على ذلك هو أن المناطق المتواجدة فيها قوات الاحتلال بكثافة أو التي يمكن أن تجتاحها بسهولة، هي المناطق التي كان لها النصيب الأكبر من الاعتقالات، وبالإجمالي سنجد أن الغالبية العظمى ممن اعتقلوا هم من الضفة الغربية وبتفاوت من مدينة لأخرى وفقاً لما ذكرناه، ومن قطاع غزة اعتقل خلال انتفاضة الأقصى قرابة ( 3500) مواطن فقط.

وأوضح فروانة بأن هذا الحال انعكس على نسب الأسرى القابعين الآن في السجون والمعتقلات الإسرائيلية وأعدادهم، حيث يوجد ما يقارب من ( 10 % ) فقط من سكان قطاع غزة، و قرابة 6 % من القدس والمناطق التي احتلت عام 1948، فيما الباقي وهي النسبة الأكبر وتقدر بحوالي ( 84 % ) من الضفة الغربية.
وأشار فروانة في تقريره إلى أن انخفاض معدل الاعتقالات خلال سنوات انتفاضة الأقصى مقارنة مع الانتفاضة الأولى، له أسبابه الموضوعية، ولا يعني بالمطلق انخفاضاً في الانتهاكات بحقهم أو ارتفاعاً في درجة احترام حقوقهم أو تحسناً قد طرأ على أوضاعهم المعيشية أو الصحية، أو يعكس نوايا إسرائيلية جدية في التعاطي مع العملية السلمية، بل على العكس تماماً فلو استطاعت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال المزيد من آلاف المواطنين لما ترددت في ذلك، وأن انتهاكاتها الفاضحة لحقوق الأسرى تصاعدت بشكل كبير جداً قياساً بالانتفاضة الأولى والهجمة عليهم اشتدت وكانت أكثر فظاعة وانحطاطاً لتشمل أوضاعهم وظروف حياتهم، والمساس بكرامتهم، والسجون أصبحت أكثر قسوة ويمارس فيها أبشع عمليات التعذيب الجسدي والنفسي، واتخذت خلالها العديد من القوانين والقرارات والإجراءات التعسفية الظالمة المجحفة ومنها مصادرة أموال الأسرى وحرمانهم من تلقي أموال "الكانتينا " من الأهل، وحرمان الآلاف منهم ( قرابة نصفهم ) من زيارة ذويهم بشكل جماعي كما هو حاصل مع أسرى قطاع غزة أو بشكل فردي تحت ما يسمى " المنع الفردي " بالنسبة لأسرى الضفة والقدس، والتفتيش العاري والتحرش الجنسي تزايد، والمأكل والمشرب ازداد سوءاً، ودائرة العزل الانفرادي اتسعت، بالإضافة إلى أن سياسة اعتقال أمهات وزوجات وأقرباء الأسرى بهدف ابتزازهم والضغط عليهم هي الأخرى اتسعت، كما وصعدت إدارة السجون من لجوئها لاستخدام القوة المفرطة ضد المعتقلين، وازداد التعذيب قسوة والإهمال الطبي تمادى وأصبح أمر عادي، وغدت سياسة إعدام الأسرى بعد اعتقالهم وكأنها إجراء طبيعي. وأوضح فروانة انه ونتيجة لتلك الأسباب تفاقمت أوضاع الأسرى سوءاً وارتفعت قائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة خلال انتفاضة الأقصى بشكل كبير، حيث استشهد خلالها ( 72 أسيراً ) نتيجة الإهمال الطبي أو التعذيب أو القتل المتعمد بعد الاعتقال المباشر، فيما كان النصيب الأكبر ( 51 أسيراً ) ضحية لسياسة القتل المتعمد بعد الاعتقال، وهذا يندرج في سياق تصعيد سياسة الاغتيالات التي طبقت بشكل علني وواسع وبقرار سياسي واستشهد نتيجتها مئات الفلسطينيين، أما خلال الانتفاضة الأولى فلقد استشهد ( 42 أسير)، وغالبيتهم ( 23 أسير ) نتيجة التعذيب، مبيناً إلى أن سلطات الاحتلال اعتمدت خلال الانتفاضة الأولى على الاعتقالات الواسعة والتعذيب المميت، فيما استخدمت سلطات الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى الحالية أساليب أكثر ألماً وقسوة في التعذيب ولا تؤدي في الوقت ذاته إلى الموت المباشر واللحظي حتى تتجنب المسؤولية المباشرة عن موتهم، وفي الوقت ذاته اعتمدت على سياسة الاغتيالات والإعدام المباشر بعد الاعتقال مباشرة خلال الانتفاضة الحالية بشكل كبير. وأضاف فروانة إلى أن أعداد الأسرى المرضى داخل السجون والمعتقلات ارتفعت أيضاً خلال انتفاضة الأقصى بشكل كبير جداً وتجاوز عددهم الألف، دون أن يتلقوا الرعاية الطبية اللازمة، كما وأن أعداد الأسرى الذين أصيبوا نتيجة استخدام القوة المفرطة بحقهم، ارتفعت أيضاً ووصلت لبضعة مئات، قياساً بالانتفاضة الأولى والتي لم تتجاوز العشرات.

ويبيّن الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة في تقريره إلى أن ( 11 أسيراً ) استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي خلال الانتفاضة الأولى، فيما ( 17 أسير ) استشهدوا خلال انتفاضة الأقصى الحالية نتيجة السبب ذاته.
وبالنسبة للاعتقال الإداري قال فروانة بأن سلطات الاحتلال تمارسه بشكل غير قانوني ويعني احتجاز دون تهمة ودون محاكمة عادلة وبدون سقف زمني وامتد في حالات كثيرة إلى بضعة سنوات تجاوزت الخمس سنوات كفترة واحدة ومتواصلة، فيما وصلت بحق بعض المعتقلين إلى عشر سنوات، على فترات متفاوتة وبالمقارنة فيما بين الانتفاضتين نلاحظ أن هناك تقارب في الأرقام حيث سُجل خلال الانتفاضة الأولى ( ديسمبر 1987- منتصف 1994 ) ( 18973 قرار إداري ) ما بين قرار جديد وتجديد، أما خلال انتفاضة الأقصى الحالية فسُجل خلالها ( 20 ألف قرار إداري ).

وأضاف فروانة بأن الفرق يبرز جلياً حينما نسلط الضوء على كل سنة على حدا، حيث أن السنوات الأولى من الانتفاضة الأولى شهدت تصاعداً ملحوظاً حيث سُجل خلال العام الأول منها عام 1988 ( 4316 ) قرار إداري، فيما بدأ العدد ينخفض تدريجياً في الأعوام التالية إلى أن وصل إلى ( 2300 قرار إداري ) عام 1994، فيما خلال انتفاضة الأقصى فالأمر مغاير وعكسي، حيث بدأ منخفضاً في السنوات الأولى وأخذ بالتزايد والارتفاع تدريجياً، حتى وصل عام 2007 إلى ( 3101 ) قرار إداري.
ودعا فروانة في نهاية تقريره إلى التوحد خلف قضية الأسرى ومساندتهم ودعمهم بكل الوسائل الممكنة، وإعادة الاعتبار لقضيتهم من خلال تنظيم وتفعيل الأنشطة الداعمة والمساندة لهم، كما ناشد وسائل الإعلام المختلفة إلى منح الأسرى وذويهم مزيداً من المساحات بما يكفل فضح الممارسات والانتهاكات الخطيرة التي تمارس بحقهم والتي تعتبر انتهاكات فاضحة لكافة القوانين والاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وضرورة حث المجتمع الدولي لتوفير الحماية اللازمة لآلاف الأسرى داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية.

التعليقات