31/10/2010 - 11:02

رحيل رفعت النمر بعد تاريخ حافل بالعطاء والنضال..

-

رحيل رفعت النمر بعد تاريخ حافل بالعطاء والنضال..
بعد تاريخ حافل بالعطاء والتضحية والمواقف، توفي، الخميس، عضو المؤتمر القومي العربي وعضو المؤتمر القومي الإسلامي، رفعت النمر، في بيروت عن عمر يناهز 88 عاماً..

وقد ولد في مدينة نابلس في الضفة الغربية في العام 1918. وأنهى دراسته الثانوية في كلية النجاح في نابلس. ثم التحق بجامعة القاهرة. وفي اثناء دراسته انتخب رئيسا لأول اتحاد للطلاب العرب في القاهرة. حمل السلاح في فلسطين سنة 1935 ضد الصهيونيين فاعتقلته سلطات الانتداب البريطاني وسجنته في سجن نابلس، ثم نقل الى سجن الصرفند فكان اصغر سجين سياسي.

شارك في ثورة 1936 الكبرى الى جانب فريد زين الدين (سوري من اصل لبناني) وممدوح السخن وعبد الله صلاح وخاله عبد الرحيم الحاج محمد أحد قادة الثورة. والتحق بـ«الحركة العربية السرية» التي كان من قادتها واصف كمال، والتي أسسها في بيروت قسطنطين زريق.

عاد الى فلسطين فور تخرجه وبقي بلا عمل عدة سنوات لأن الإدارات الحكومية التابعة للانتداب رفضت توظيفه بسبب سجله السياسي. والتقى عبد الحميد شومان مؤسس البنك العربي أول مرة في سجن الصرفند. وعندما التقيا مجددا فيما بعد عرض عليه شومان العمل مديرا لفرع البنك في غزة.

نقل لاحقا الى فرع البنك العربي في بغداد. وهناك أثبت جدارته في ادارة البنك، وراح يتدرج في وظائفه الى ان اعيد الى الإدارة المركزية في عمان. وفي بغداد احتفى به القوميون العرب امثال صديق شنشل لتاريخه الوطني والنضالي.

شارك في معركة جنين سنة 1947 وهاله ان يرى فلسطين تسقط بأيدي الصهيونية سنة 1948. وكان أول فلسطيني يحصل على هوية أردنية. ثم غادر الى المملكة العربية السعودية للمساهمة في تأسيس بنك الرياض، وعين مساعدا للمدير العام ومديرا اقليميا في السعودية.

وقد عرف بميوله القومية العربية وتأييده الجارف للرئيس جمال عبد الناصر. ترك السعودية الى لبنان في اثر تصاعد حدة الخلاف بين السعودية والرئيس جمال عبد الناصر على مسألة اليمن.

أسس في بيروت مع عدد من المتمولين «بنك الاتحاد العربي» لكن لم يلبث ان باع حصته في هذا البنك وانصرف الى إنشاء بنك خاص به عرف باسم «بنك بيروت للتجارة». عين عضوا في أول مجلس وطني فلسطيني سنة 1964 واختير نائبا لعبد الحميد شومان رئيس الصندوق القومي الفلسطيني. كذلك عين ممثلا لفلسطين لدى المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا.

عندما توفي الرئيس عبد الناصر في 28/9/1970 طار فورا الى القاهرة للمشاركة في تشييعه. لكن السلطات المصرية منعته من دخول مصر وأعادته الى بيروت، فكان لهذا التصرف وقع مؤلم في نفسه.

وتوسع بنك بيروت للتجارة خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات حتى منتصف التسعينيات، وبات من المصارف المعدودة في لبنان. لكن في سنة 1997 قر الرأي على الاندماج في بنك بيبلوس. عين رئيسا فخريا لبنك بيبلوس، وتسلم ابنه رامي منصبه كنائب لرئيس مجلس ادارة بنك بيبلوس. ولكن في سنة 2000 انسحبا من بنك بيبلوس وتقاعد النمر نهائيا وانصرف الى متابعة الاعمال الخيرية والاجتماعية، ولا سيما رعاية الشعب الفلسطيني في لبنان.

ـ عضو في المؤتمر القومي العربي.
ـ عضو في المؤتمر القومي ـ الإسلامي.
ـ عضو في لجنة القدس.
ـ توفي في 11/1/2007 بعد تاريخ حافل بالعطاء والنضال والمواقف الوطنية.
- نعت الفقيد ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، والمنتدى القومي العربي.
كأنها شهقة من روحنا تخرج من اضلعنا بحسرة ولا تعود... ها هي زهرة الصبار تنفصل عن غصنها الشوكي وترتد الى ترابها ثم تتناثر بين حبيباته الأبدية. لقد رحل رفعت النمر اخيرا! مَن يصدق ان هذا الوجه الصبوح بشعره الفضي، وهذا الأخ الحاني، بكفيه النديتين، يترك مكانه الذي طالما جمع في رحابه أطيافا من الملأ الأعلى؟ مَن يتخيل ان ذلك المقعد الوثير سيكف عن الحركة، وان حبات السكاكر وكؤوس العصائر لن تتداولها الأيدي بعد الآن، وان فلسطين وقضية فلسطين ستغيب عن ذلك المجلس، وان راياتها لن تعقد بعد اليوم في تلك الردهة الممتلئة بالدفء والإلفة؟ وبالأحباب أمثال أنيس صايغ وأبو ماهر اليماني وشفيق الحوت وصلاح الدباغ ورامي ونجوى وجابر ورولا ومصباح وأبو توفيق وأبو الوليد وصنوف شتى من الناس إن اختلفت فهي تجمع على محبة أبي رامي.
٭ ٭ ٭
لا يحلو الكلام لديه إلا إذا جرى مجرى الحديث عن فلسطين. ولا يسترسل لسانه بالعبارات إلا حينما يعود الى ذكرياته عن ثورة ,1936 وعن سجن الصرفند الذي التقى فيه، أول مرة، نخبة الوطنيين الفلسطينيين أمثال عبد الحميد شومان وغيره من رفاق التاريخ البهي. وبين كتاب هنا ومقالة هناك، تمتد اصابعه لتوقّع صكا يفرّج كرب عائلة او طالب علم او مريض.
٭ ٭ ٭
ما رأيته مرة إلا وهو يكاد «يتفلفل» إن لم يسعَ، في كل يوم، الى عطاء جديد. في احد ايام نيسان 1996 قال لي انه غير قادر على الصبر. وعندما تساءلت: ما الأمر؟ أجابني انه يتحرق كي يتبرع للمقاومة فورا. وهذا ما جرى فعلا.
هو ذا رفعت النمر الفلسطيني العصامي، والعربي حتى أعمق خلجاته، والسخي الكريم الذي لا تعرف يمينه حقا ما فعلت شماله، وصاحب الرأي العنيد الذي لم تتمكن منه تقلبات الأيام فتغير اتجاه شوقه الى فلسطين. ولعل أكثر أيامه حسرة كان يوم الخامس من حزيران ,1967 حينما اضطرب مثاله القومي، أي جمال عبد الناصر، وحينما سقطت مدينته الأثيرة نابلس تحت الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ ذلك الزمان لم يتمكن من ان يرى بأم العين مصابنها او معاصرها او حجارة منازلها القديمة.
٭ ٭ ٭
هكذا اراح رفعت النمر ركابه ومضى. انها الرحلة المؤلمة التي لا يمكن الانصراف عنها ابدا. وها هو يعود اليوم الى فلسطين حقا؛ الى مقبرة شهدائها الى جانب الحاج أمين الحسيني وكمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال خير بك وغسان كنفاني.

وفي أعقاب الإعلان عن وفاته تحدث د.عزمي بشارة عن الصداقة المميزة التي جمعته مع المرحوم النمر، مشيراً إلى أنه "صديق عزيز من جيل يفارقنا، ويذكّر بالتيار القومي العربي في أوج تنوره وانطلاقته، مع استعداد نادر للتعلم من الأخطاء ورؤية الاستمرارية في الأجيال القادمة، دون حنين إلى أخطاء التجربة، ودون حنين إلى شعارات جوفاء".

وأضاف في حديث مع عـــ48ـرب أن النمر من جيل القوميين الذين رفضوا رمي التجربة برمتها أو حتى بسبب نهج خاطئ.. مؤكداً أنه "عطاء بلا حدود، ورفض لا يقبل التأويل للانهيار السياسي والمعنوي في بعض فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية.. ورفض لا يقبل التأويل لأوسلو ومشتقاته"..

"قابلته عدة مرات، وكانت المرة الأولى في تشييع جثمان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، تلتها جلسة اجتماعية طويلة على شاطئ طرسوس.. تحدثنا فيها ساعات طويلة، وكأننا نريد أن نعوض لقاءات لم تحصل. ومنذ تلك الفترة لم تنقطع الإتصالات بيننا.. ولم أزر بيروت إلا واستضافني لجلسات طويلة في بيته بإصراره وإلحاحه، رغم مرضه في الفترة الأخيرة، على دعوة الكثيرين.. الحاضر الدائم إلى جانبه وصديقنا العزيز أبو ماهر اليماني، أمد الله في عمره، وأمد عمر أصدقائه الآخرين في بيروت، الذين لا نشك أنه يشعرون بفقدانه الآن، شفيق الحوت ود. أنيس الصايغ.. وغيرهم كثيرون"..

وأضاف د.بشارة إنه في آخر زيارة له رافقه إليه الأخوة طلال سلمان وصقر أبو فخر وشفيق الحوت. ويتابع" تندرنا طويلاً على أنه وصديقه أبو ماهر لم يهضما تمركس حركة القوميين العرب رغم نشاط أبو ماهر اليماني الطويل كقيادي أساسي في الجبهة الشعبية".

واختتم بالقول" له الرحمة ولهم جميعاً طول البقاء، وإلى عائلة النمر وإليهم أحر التعازي من هنا.. من حيفا إلى نابلس.. إلى بيروت.."..
.

التعليقات