31/10/2010 - 11:02

فروانة: الإفراج عن جثمان الشهيد العاروري يفتح ملف جثامين الشهداء المحتجزة

جثة الشهيد العاروري ظلت محتجزة مدة 33 عاما * عشرات من جثامين الشهداء احتجزت بعد اتفاقية أوسلو أيضا * بين الجثامين المحتجزة هناك جثامين تعود لشهداء من الداخل

فروانة: الإفراج عن جثمان الشهيد العاروري يفتح ملف جثامين الشهداء المحتجزة
وصف الأسير السابق، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، قرار إفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن جثمان الشهيد مشهور العاروري بالخطوة الإيجابية رغم محدوديتها، وبالانتصار القانوني والإنجاز الإنساني لكل الجهود المبذولة والهادفة للكشف عن مصير المفقودين، واستعادة مئات جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وقال إن هذا الإنجاز يجب أن يقود إلى استمرار الجهود وتراكمها، نحو فتح هذا الملف الإنساني المأساوي المؤلم، على طريق تحقيق انجازات أكبر وخطوات أكثر تكفل وتضمن استعادة كافة جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال فيما يُسمى بـ "مقابر الأرقام" منذ سنوات طويلة تصل لعشرات السنين، كجثمان الشهيدة دلال المغربي المحتجزة منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

جاءت تصريحات فروانة هذه في أعقاب قرار إسرائيلي بالإفراج عن جثمان الشهيد مشهور صالح العاروري المحتجزة لديه منذ ( 33 عاماً ) وتسليمها لذويه في مدينة رام الله، بعد جهود مضنية من قبل مؤسسات حقوقية، حيث أن الشهيد العاروري كان قد استشهد خلال مشاركته في عملية فدائية قبل (33 عاماً)، واحتجزت جثمانه منذ ذلك التاريخ، فيما كانت سلطات الاحتلال وكعادتها تنفي احتجازها لجثمانه أو حتى معرفتها بمصيره.

وأوضح فروانة، في بيان وصل عــ48ـرب، أن احتجاز جثامين الشهداء تُعتبر وفقاً للقانون الدولي جريمة أخلاقية وإنسانية ودينية وقانونية، فيما كفلت المادة ( 17 ) من اتفاقية جنيف للموتى حق إكرامهم ودفنهم حسب تقاليدهم الدينية وأن تُحترم قبورهم.

وأشار على أن إسرائيل لا تزال تحتجز مئات الجثامين في ما يُعرب بـ "مقابر الأرقام"، وأن اقترافها لهذه الجرائم وانتهاكها لحقوق الموتى، لم يكن في الماضي عملاً نادراً، ولم يعد الآن استثنائياً، بل كان ولا يزال سلوكا دائما في إطار سياسة ممنهجة في تعاملها مع الفلسطينيين والعرب بهدف معاقبة الإنسان بعد موته وانتقاماً منه وتعذيب ذويه وأحبائه بشكل جماعي ومفاقمة معاناتهم وأحزانهم وحرمانهم من دفنه وفقاً للشريعة في مقابر وأمكنة مؤهلة لذلك، أو لإخفاء آثار جرائمها في طريقة قتله والتمثيل والتنكيل بجثته، أو لسرقة أعضائه الداخلية، أو بغرض استخدام جثمانه للمساومة وابتزاز الجهة التي ينتمي لها.

وأضاف أن هناك جثامين محتجزة لدى سلطات الاحتلال منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كجثمان الشهيد العاروري فيما كانت تنكر سلطات الاحتلال وجودها لديها، وجثمان الشهيدة دلال المغربي التي تدعي سلطات الاحتلال بأنها سلمتها ضمن صفقة التبادل التي جرت العام الماضي فيما ينفي حزب الله ذلك، وغيرها من الجثامين.

كما أشار إلى وجود عشرات من رفات الشهداء والشهيدات الفلسطينيات احتجزت بعد اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية وعشرات أخرى خلال انتفاضة الأقصى، مما يؤكد أنها سياسة وليست أحداثا نادرة.

وأكد فروانة أن إسرائيل لجأت للعديد من المبررات لمواصلة احتجازها للجثامين، فتارة تدعي بأنها تحتجز الجثامين إلى حين الانتهاء من تشخيصها، وتارة أخرى تدعي أنها تحتجزها للفحص، في حين أن ادعاءاتها باطلة، لأن التشخيص والفحص لا يتطلبان احتجاز الجثامين لعشرات السنين، فيما أعلنت عن احتجاز بعضها بهدف الضغط والابتزاز السياسي، وتلبية شروط معينة، فمثلاً تحتجز جثتي الشهيدين محمد فروانة وحامد الرنتيسي، الذين استشهدا في عملية "الوهم المتبدد" وتربط الإفراج عنهما بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، فيما أصدرت أحكاماً بحق بعض الجثامين بهدف استمرار احتجازها، وربما تأكيداً على ما كشفت عنه الصحيفة السويدية قبل بضعة شهور وذلك بهدف سرقة الأعضاء الداخلية وحينما يتم إعادة الجثامين فتكون محللة وقد أخفيت معالمها.

وأعرب فروانة عن اعتقاده بوجود علاقة مباشرة بين سياسة احتجاز الجثامين بما نشرته الصحيفة السويدية قبل فترة وجيزة والتي اتهمت سلطات الاحتلال بسرقة الأعضاء الداخلية للشهداء، وربما هؤلاء المفقودين أو جزء كبير منهم قتلوا عمداً بهدف سرقة أعضائهم الداخلية والاستفادة منها بشكل غير شرعي، والأمر ذاته ينطبق على جثامين الشهداء المحتجزة، ومن ثم إخفاء ما تبقى من الجثة أو دفنها في "مقابر الأرقام"، وإذا ما قُدر لها العودة لأصحابها بعد سنوات، فإنها تكون محللة وتفتقد لما يثبت أن الأعضاء الداخلية قد سُرقت منها.
وأضاف أن "مقابر الأرقام" تقع في مناطق عسكرية مغلقة ويمنع زيارتها أو الاقتراب منها أو حتى تصويرها، وهي خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع، وأن هذه المقابر تزدحم بمئات الأضرحة، وهي عبارة عن مدافن بسيطة أحيطت بالحجارة بدون شواهد، ومثبت فوقها لوحات معدنية تحمل أرقاماً بعضها تلاشى بشكل كامل، وهي غير معدة بشكل ديني وإنساني كأماكن للدفن. كما أن الجثامين المحتجزة فيها تحللت ونهشتها الكلاب الضالة، أو جرفتها بالكامل أو جزء منها مياه السيول والوديان والأمطار.

وأشار إلى أن كل شهيد يحمل رقماً معيناً، ولهذا سُميت بمقابر الأرقام لأنها تتخذ من الأرقام أسماء للشهداء، ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهة الأمنية المسؤولة ويشمل المعلومات والبيانات الخاصة بكل شهيد.

وبحسب المعلومات المتوفرة فقد وصل عدد المقابر التي كُشف عنها وحسب المعلومات المتوفرة والمتداولة إلى أربعة مقابر هي: مقبرة الأرقام المجاورة لجسر (بنات يعقوب)، ويُعتقد أنها أُغلقت بعد صفقة التبادل الأخيرة مع حزب الله،، و(مقبرة جسر دامية) وتقع في منطقة عسكرية مغلقة خلف الأسلاك الأمنية المكهربة في منطقة جسر دامية في غور الأردن، ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية علّقت فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية "مقبرة لضحايا العدو"، ومقبرة ( ريفيديم ) التي تقع أيضاً في غور الأردن،، ومقبرة ( شحيطة ) التاريخية في قرية وادي الحمام شمال طبريا وبالتحديد في سفح الجبل الذي شهد معركة حطين تظللها أشجار السدر والسرو والخروب، وربما هناك مقابر أخرى لم يُكشف عنها بعد.

وحمَّل فروانة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن مصير المفقودين جميعاً منذ العام 1967 ولغاية اليوم، الذين لا يُعرف مصيرهم أحياء كانوا أم أموات، فيما تنكر سلطات الاحتلال وجودهم في سجونها العلنية أو السرية أو حتى وجود جثامينهم في مقابر الأرقام المعروفة أو في مقابرها السرية.

واعتبر أن هناك ترابطا وثيقا ما بين المفقودين والشهداء، وما بين السجون السرية ومقابر الأرقام وسرقة الأعضاء، حيث من الممكن أن من أُعتقد أنهم في عداد المفقودين، ربما أعدموا وتحولوا إلى شهداء يحملون أرقاماً فقط.

وأضاف فروانة أن استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز المئات من الجثامين منذ سنوات طويلة، يضعها باستمرار في موقع ارتكاب الجرائم الإنسانية، والإتهام بارتكاب جرائم سرقة الأعضاء البشرية، ما لم تتوقف عن انتهاج هذه السياسة وإعادة كافة الجثامين لأصحابها.

وناشد فروانة كافة الجهات الرسمية والمؤسسات الحقوقية إلى الاهتمام بهذا الملف المؤلم وتفعيله بشكل أقوى، باتجاه تجميع المعلومات وتوثيقها والمطالبة الجادة بوقف هذه الجرائم وملاحقة مقترفيها، واستعادة جميع الجثامين، ودعم الحملة الوطنية لاسترداد الجثامين ومعرفة مصير المفقودين وإنهاء معاناة ذويهم.

كما ناشد الفصائل الآسرة لشاليط" بإدراج مطلب استعادة الجثامين ضمن مطالبهم على غرار ما حققه "حزب الله" في صفقة التبادل منتصف تموز من العام الماضي، مع منح الأولوية للأسرى الأحياء، ودون أن يكون ذلك على حساب حريتهم وأعدادهم.

إلى ذلك، تجدر الإشارة في هذا السياق إلى عدد من الجثامين التي لا تزال محتجزة لشبان من الداخل كانوا قد استشهدوا في عمليات للمقاومة الفلسطينية بعد انخراطهم في صفوف الثورة، من بينهم أحمد محمد فوزي عبد العال من مدينة عكا، ونواف محمد حمد من الناصرة، وزياد عبد الرحيم قعيق من مدينة الطيبة.

التعليقات