13/11/2010 - 17:05

تكريم المحاربين القدامى في مخيمات اللاجئين في لبنان

يصعب على الفلسطيني موسى الحسين الذي بلغ السادسة والثمانين من عمره ان يتذكر التواريخ والاماكن، غير انه لا يتردد لحظة في استعادة رقم بطاقته العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية يوم كان يقاتل في صفوف الجيش البريطاني في فلسطين.

تكريم المحاربين القدامى في مخيمات اللاجئين في لبنان

يصعب على الفلسطيني موسى الحسين الذي بلغ السادسة والثمانين من عمره ان يتذكر التواريخ والاماكن، غير انه لا يتردد لحظة في استعادة رقم بطاقته العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية يوم كان يقاتل في صفوف الجيش البريطاني في فلسطين.

ويجيب لدى طرح السؤال عليه في منزله المتواضع في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين المكتظ بالسكان في جنوب لبنان، "5472".

والحسين هو واحد من ثلاثين فلسطينيا يعيشون في لبنان وحاربوا تحت الوان العلم البريطاني خلال فترة الانتداب البريطاني لفلسطين قبل ان يضطروا الى هجر ارضهم في 1948 بعد انشاء دولة اسرائيل.

وسيشارك الحسين الى جانب رفاق له من قدامى المحاربين في احتفال تنظمه السفارة البريطانية تكريما لهم غدا الاحد في بيروت.

وتقول السفيرة البريطانية فرانسيس غاي لوكالة فرانس برس ان المقاتلين القدامي سيأتون "في يوم الذكرى من طرابلس وصيدا وصور وتتراوح اعمارهم بين ثمانين وتسعين عاما... ليقفوا هنا مع ميدالياتهم تحت اشعة الشمس، مفاخرين بانهم محاربون سابقون".

الا ان هذا الماضي المجيد لم يساعد اللاجئين الفلسطينيين في تأمين ظروف حياة افضل في لبنان حيث يقيم حوالى ثلاثمئة الف لاجىء فلسطيني قدموا في 1948 والسنوات التي تلت وتزوجوا وتفرعوا، بينما تتضاءل مع الايام فسحة الامل لديهم بالعودة الى الوطن الام.

وتوضح غاي ان المحاربين القدامى الذين خدموا لاقل من عشرين سنة في الجيش البريطاني لا يحق لهم الحصول على رواتب تقاعدية، وهذه هي حال الفلسطينيين الذين سحبت بريطانيا جنودها من ارضهم في ايار/مايو 1948.

وتقول "الفلسطينيون يشكلون حالة خاصة لانهم طردوا من منازلهم مباشرة بعد عملهم في الجيش البريطاني. واذا كانت هناك طريقة تمكننا من مساعدتهم على تحسين ظروف حياتهم، يجدر بنا الاخذ بها".

وتضاءل عدد المحاربين القدامى مع مر السنين. وهم يتقاضون مبلغ 150 يورو سنويا من الرابطة الملكية لدول الكومنولث المتخصصة بتقديم مساعدات الى نساء او رجال محتاجين سبق لهم ان قدموا خدمات الى ولايات الامبراطورية البريطانية السابقة.

كما تقوم منظمات غير حكومية بتقديم مساعدات طبية وغيرها لهم عند الحاجة.

ويقول منهل فريح (84 عاما) المقيم في مخيم برج الشمالي في مدينة صور المجاورة "شهدنا الكثير من الاحداث وعانينا كثيرا، وحصلنا في المقابل على القليل".

وانضم منهل الى الجيش البريطاني في سن السادسة عشرة، والتذكار الوحيد الذي يحتفظ به من الجيش هو عصا كان يستعين بها في الماضي لتصحيح اهداف الرماية ويتكىء عليها اليوم للمشي.

ويروي منهل، وهو اب ل13 ولدا، "عندما حاربت الى جانب البريطانيين، كنت احارب ضد النازيين، ولم تكن اسرائيل موجودة". ويتابع بفخر "كنت جنديا كفوءا (...) واتمتع بلياقة بدنية كاملة".

ولا يزال منهل يملك الطاقة الكافية ليقوم يوميا بالتمارين الرياضية التي اعتاد عليها. ويقول "كان كل رؤسائنا بريطانيين، ولا ازال اتذكر احدهم وقد كان يدعي +مستر ريدلي+، وكان الجميع يخشاه".

ويؤكد فريح انه غير نادم على الخدمة في صفوف الجيش البريطاني، ولو انه يشعر بان سنوات خدمته لم تحظ بالتقدير اللازم. ويقول "نعيش في ظروف مأسوية على ارض لن تكون ارضنا في يوم من الايام (...) بينما كرجل حر، حتى لو عشت في كوخ على ارضك، تشعر انك ملك".

وتفتقر المخيمات الفلسطينية في لبنان الى ادنى الشروط الصحية وتحتاج الى بنى تحتية وتعاني من نقص كبير في الخدمات.

ويقول ابراهيم عداوي (84 عاما) الذي خدم في الجيش البريطاني لمدة سنتين والمقيم الآن في مخيم برج البراجنة في بيروت، "لا احمل اي ضغينة لبريطانيا، ولو انني كنت اتمنى الحصول على مساعدة اكبر لي ولعائلتي" المؤلفة من تسعة افراد. ويقول بالانكليزية ان "رقم بطاقتي كان 8250".

ويستخدم عداوي العكازات للتنقل بسبب تعرضه لسقطة اخيرا. وقد احتفظ بسجل خدمته الذي يحمل صورته وهو شاب، وتاريخ تجنيده في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 1946.

ويجد عداوي، كما رفاقه، صعوبة في تذكر احداث معينة او مراكز خدمته. ويقول وهو يجلس الى جانب زوجته في منزل مؤلف من غرفة وحيدة بالكاد تحوي بعض الاثاث، "لم اندم على خدمتي في الجيش البريطاني (...) وانا اؤدي له التحية". ويضيف "ان الجندي يظل جنديا. واذا كان في استطاعتي ان اخدمهم مجددا، فسيشرفني ذلك".

ويقول موسى الحسين ان يوم الاحد سيشكل مناسبة بالنسبة اليه للوقوف بفخر ونسيان حياة العذاب التي عاشها في مخيم اللاجئين، ولو لبرهة.

ويضيف، مشيرا الى صورة قديمة له باللباس العسكري، "لم اتغيب عن تلبية دعوة واحدة خلال كل هذه السنوات"، مضيفا بعد ان يأخذ نفسا عميقا من سيجارته، "في يوم المحاربين القدامى هذا، اشعر انني شخص مهم".

التعليقات