12/05/2016 - 15:48

مجلس منظمات حقوق الإنسان: 68 عامًا وسيناريو النكبة متواصل

أعلن مجلس منظّمات حقوق الإنسان الفلسطينيّة أنّه "في الوقت الذي يعيش فيه اللاجئون والمهجّرون الفلسطينيّون، الذين يشكّلون 66% من الشّعب الفلسطينيّ في العالم، ويلات اللجوء والتّهجير، سواء في الشّتات أو في وطنهم التّاريخيّ، فلسطين

مجلس منظمات حقوق الإنسان: 68 عامًا وسيناريو النكبة متواصل

أطفال مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيّبن، دمشق، سوريا

أعلن مجلس منظّمات حقوق الإنسان الفلسطينيّة أنّه 'في الوقت الذي يعيش فيه اللاجئون والمهجّرون الفلسطينيّون، الذين يشكّلون 66% من الشّعب الفلسطينيّ في العالم، ويلات اللجوء والتّهجير، سواء في الشّتات أو في وطنهم التّاريخيّ، فلسطين، للعام الثّامن والسّتّين، تستمرّ إسرائيل في خلق ظروف معيشيّة قهريّة تؤدّي إلى تهجير المزيد من الفلسطينيّين. وتتكرّس هذه النّكبة المستمرّة من خلال استمرار تنكّر إسرائيل لحقّ اللاجئين الفلسطينيّين بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وحرمان الشّعب الفلسطينيّ من ممارسة حقّه في تقرير المصير، وممارسة سياساتها التي تؤدّي باضطراد إلى تهجير الفلسطينيّين قسريًّا. هذه السّياسات، بما يشمل ارتكاب جرائم التّهجير القسريّ للسكّان وإبعادهم، تشكّل خرقًا جسيمًا للقانون الدّوليّ، وتندرج ضمن إطار أوسع من سلسلة من الانتهاكات الإسرائيليّة الواسعة لحقوق الإنسان الفلسطينيّ على جانبي الخطّ الأخضر'.

وأضاف المجلس أنّ إسرائيل لا تزال مستمرّة في سياسة التّهجير القسريّ داخل القدس الشّرقيّة المحتلّة وما يُسمّى بمناطق 'ج' (والتي تشكّل 60% من مساحة الضّفّة الغربيّة المحتلّة)، وذلك من خلال مصادرة الأراضي و/أو منع استعمالها، وهدم المنازل، والحرمان من حقوق الإقامة والسّكن، بالإضافة الى استمرار التّوسّع الاستيطانيّ.

ناهيك عن معاناة السّكّان الفلسطينيّين في تلك المناطق يعانون من تمييز عنصريّ ممنهج إلى جانب العنف والاعتداءات التي يمارسها المستوطنون وأجهزة الأمن الإسرائيليّة على حدّ سواء بحقّهم؛ الأمر الذي يؤدّي إلى نشوء بيئة قهريّة قاسية لا تترك للفلسطينيّين أي خيارات سوى الرّحيل عن منازلهم ومجتمعاتهم.

وواصل البيان: أمّا في قطاع غزّة، فيعيش سكّان القطاع، الذين يشكّل اللاجئون ما نسبته 80% منهم، أزمة إنسانيّة كارثيّة جرّاء الحصار الإسرائيليّ المستمرّ المفروض على القطاع، الأمر الذي يحول دون الوفاء بالحاجة الماسّة لإعادة إعمار الدّمار الذي خلّفته الحروب الإسرائيليّة المتعاقبة على قطاع غزّة. وعليه، فإنّ عشرات آلاف الفلسطينيّين لا يزالون مهجّرين داخل القطاع حيث يعيشون ظروفًا غير إنسانيّة دون أيّ أفق لإنهاء معاناتهم.

ولا تقتصر المعاناة الكبيرة التي يعيشها الفلسطينيّون على هؤلاء الذين لا يزالون يعيشون داخل فلسطين بحدودها الانتدابيّة، وإنّما تمتدّ لتشمل ما يزيد على 6.2 مليون فلسطينيّ يعيشون في دول الشّتات (49% من الشّعب الفلسطينيّ). وبالحديث عن مصير اللاجئين الفلسطينيّين في سورية على وجه التّحديد، تؤكّد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا) أنّ ما يزيد على نصف مليون فلسطينيّ تأثّر بشكل مباشر جرّاء العنف النّاجم عن النّزاع المسلّح في سورية. وأنّ ما يزيد على 60% من اللاجئين الفلسطينيّين في سورية قد تعرّضوا إلى تهجير ثانويّ و/أو متعدّد سواء داخل حدود سورية أو إلى خارجها. علاوة على ذلك، يتعرّض اللاجئون الفارّون من سورية، الذين اضطّروا للبحث عن مكان آمن لهم ولعائلاتهم، إلى الإعادة القسريّة أو إلى المعاملة التّمييزيّة من قبل دول اللجوء الثّانية التي يتوجّهون إليها.

وأشار إلى تفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيّين بفعل القصورات الهيكليّة للأنظمة التي وُجدت أصلًا لكي تقدّم الحماية اللازمة للاجئين. لذلك، يعاني اللاجئون الفلسطينيّون من الفجوة الهائلة في الحماية الواجبة لهم أو من انعدامها؛ حيث أنّ اللاجئ الفلسطينيّ محروم من إطار وحقوق الحماية المنصوص عليها بموجب اتّفاقية عام 1951 الخاصّة بوضع اللاجئين، وذلك بسبب التّفسير الخاطئ للمادة (1/د) من قبل المحاكم المحليّة للدول الأعضاء. يذكر أنّ هذا البند يمنح اللاجئين الفلسطينيّين حقّ الحصول على الحماية الشّاملة من قبل المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين في حال توقّف الحماية أو المساعدة الإنسانيّة الواجب تقديمها لهم من الوكالات الدّوليّة الأخرى التي أنشئت لهذه الغاية (لجنة التّوفيق الدّوليّة حول فلسطين والأونروا). ورغم توقّف لجنة التّوفيق الدّوليّة عن العمل منذ مطلع الخمسينيات، ورغم قصور الأونروا ومحدوديّة ولايتها، إلّا أنّ اللاجئين تركوا بلا حماية قانونيّة بما يشمل السّعي لإيجاد حلول دائمة لقضيّتهم بموجب القانون الدّوليّ، والقرارات ذات الصّلة.

وأضاف البيان: أنّ لجنة التّوفيق الدّوليّة حول فلسطين (UNCCP)، التي تأسّست بموجب قرار الجمعيّة العموميّة 194 لعام 1948 بهدف إيجاد حلّ دائم وعادل لمأساة اللاجئين الفلسطينيّين، غير فاعلة منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزّمن، الأمر الذي يحرم اللاجئين الفلسطينيّين من الاستفادة من وجود وكالة دوليّة شُكّلت أصلًا من أجل توفير الحماية القانونيّة لهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ (الأونروا) والتي تمّ إنشاؤها من أجل أن تقدّم الحماية الإنسانيّة/المساعدات للاجئين الفلسطينيّين في مناطق عملها الخمس، لم يعد بمقدورها سدّ الفجوة المزمنة في ميزانيّتها النّاشئة عن قصور آليّات التّمويل وعدم وفاء الدّول بالتزاماتها. كما أنّ تفويض الأونروا الحاليّ يفتقر إلى ركن الحماية القانونيّة، أو حتّى للسعي إلى وضع حدّ لبقاء اللاجئين الفلسطينيّين في المنافي طيلة هذه السّنين. وبلا شكّ فإنّه من المؤسف أنّه في كثير من الأحيان استندت الدّول والمحاكم المحليّة في حرمان اللاجئين الفلسطينيّين من حماية المفوضيّة والاتّفاقية إلى تفسير سطحيّ مغلوط للمادة 1/د يفترض أنّ الحماية تكون متوافرة في حال الإقامة في مناطق عمل الأونروا وتلقّي بعض المعونات الإنسانيّة.

وعليه، فإنّ معالجة مأساة اللاجئين الفلسطينيّين هذه تقتضي التّدخّل الجديّ على وجه السّرعة، وضرورة تسليط الضّوء على وجوب تطبيق حلّ دائم لمسألة اللاجئين الفلسطينيّين وفقًا للقانون الدّوليّ، وخصوصًا قرار 194 الصّادر عن الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة عام 1948، وقرار 237 الصّادر عن مجلس الأمن الدّوليّ عام 1967. وغنيّ عن القول إنّه لا يمكن تطبيق تلك القرارات إلّا من خلال وجود وكالة دوليّة فاعلة ومدعومة بإرادة سياسيّة بشكل كامل تكرّس عملها للسعي لإيجاد تلك الحلول المنشودة. لذلك، هناك حاجة ملحّة وواضحة إمّا لإعادة إحياء لجنة التّوفيق الدّوليّة حول فلسطين (UNCCP) وتفعيلها، أو لإدخال اللاجئين الفلسطينيّين بشكل كامل تحت ولاية المفوّضية العليا للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، أو لتوسيع تفويض الأونروا جوهريًّا وجغرافيًّا، بالإضافة إلى تطوير أسس وآليّات تمويلها، وذلك من أجل ضمان تقديم حماية شاملة للاجئين الفلسطينيّين. إنّ الفشل في اتّخاذ الاجراءات آنفة الذّكر، يشكّل تكريسًا للوضع الرّاهن حيث الحماية الدّوليّة غائبة، واللاجئ الفلسطينيّ متروك لمواجهة مصيره المتخم بالمعاناة والمزيد من التّهجير.

وناشد المجلس المجتمع الدّوليّ التّحرّك بكافّة الوسائل من أجل ضمان امتثال إسرائيل للقانون الدّوليّ الإنسانيّ والقانون الدّوليّ لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المطالبة بالكفّ فورًا عن ممارسة تلك السّياسات والممارسات التي تنتهك حقوق السّكّان المحميّين بموجب القانون الدّوليّ. كما أنّنا نذكّر المجتمع الدّوليّ بأنّ التّهجير القسريّ والإبعاد تعتبر جرائم وتشكّل خرقًا جسيمًا للقانون الدّوليّ الإنسانيّ. وعليه، على الدّول ألّا تعترف بالوقائع التي نتجت عن تلك الجرائم أو التّعامل معها كوقائع قانونيّة. ويترتّب على هذا الأمر؛ وجوب عدم تقديم أي مساعدات أو مساهمات تؤدّي إلى تكريس تلك الوقائع على الأرض. كما أنّ على المجتمع الدّوليّ الضّغط على إسرائيل ومطالبتها بالوقف الفوريّ لتلك السياسات، بالإضافة إلى وجوب جبر الأضرار التي نجمت عنها، بما في ذلك فرض ضمانات لعدم تكرار ممارستها.

وأوضح البيان أنّه على المجتمع الدّوليّ، بما يشمل الدّول والهيئات الإقليميّة وأيّ أطراف أخرى ذات علاقة، أن تسعى جاهدةً من أجل ضمان وتوفير الحماية الدّوليّة الشّاملة للاجئين الفلسطينيّين، بما في ذلك إيجاد حلول دائمة وعادلة لمأساتهم وخصوصًا لتمكين اللاجئين من ممارسة حقّهم في العودة وتمكين عموم الشّعب الفلسطينيّ من ممارسة حقّه في تقرير المصير.

وطالب الوكالات والهيئات الدّوليّة بما فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين والمفوضيّة العليا للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، استخدام كافة الوسائل المتاحة لسدّ الفجوة في الحماية القانونيّة التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيّون، بما يشمل الضّغط من أجل إيجاد تفسير ثابت ودقيق للمادّة (1/د) من اتّفاقية اللاجئين تتبنّاه وتطبّقه المحاكم المحليّة/الوطنيّة للدول، بما يضمن عدم استثناء اللاجئين الفلسطينيّين من نطاق حماية المفوّضيّة، أسوة بغيرهم من لاجئي العالم.

وأكّد البيان على منظّمة التّحرير الفلسطينيّة أن تكثّف جهودها من أجل الضّغط على الدّول والوكالات الدّوليّة من أجل الوقوف عند مسؤوليّاتهم؛ خصوصًا فيما يتعلّق بالتزاماتهم بعدم التّمييز ضدّ اللاجئين الفلسطينيّين أو إعادتهم إلى بلدان اللجوء الفارّين منها.

اقرأ/ي أيضًا| النقب: النكبات إذ تتوالى

التعليقات