20/03/2018 - 13:58

مياه غير صالحة للشرب بغزة وتلوثٌ بلغ 97%

اتفق مختصون في مجال المياه، على أن قطاع غزة لن تكون لديه مياه صالحة للشرب قريبا، في ظل حالة التلوث التي قاربت نسبتها من 97%، ما آثار المخاوف من تفشي الأمراض الخطيرة.

مياه غير صالحة للشرب بغزة وتلوثٌ بلغ 97%

أرشيفية

اتفق مختصون في مجال المياه، على أن قطاع غزة لن تكون لديه مياه صالحة للشرب قريبا، في ظل حالة التلوث التي قاربت نسبتها من 97%، ما آثار المخاوف من تفشي الأمراض الخطيرة.

جاء ذلك في سبر للآراء أجرته "وفا"، عشية اليوم العالمي للمياه، الذي يصادف الثاني والعشرين من آذار/ مارس من كل عام.

وتوصلت العديد من الدراسات والأبحاث المحلية والدولية، التي جزمت ومن دون أدنى شك، بأن المياه الجوفية غير صالحة للشرب دون معالجتها.

وفي هذا الإطار، برهن تقرير حول واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال عام 2017، لمركز الميزان لحقوق الإنسان، على تفاقم مشكلة التلوّث، في القطاع، في ظل بلوغ معدلات تلوث مياه البحر (73%) من إجمالي شواطئ القطاع. وارتفاع عدد حالات الإسهال بين الأطفال دون سن الثالثة (80%)، وهي مؤشر على تلوث المياه وعدم صلاحيتها.

وأوضح نائب رئيس سلطة المياه ربحي الشيخ، أن تلوث المياه في القطاع، حاصل بشكل أساسي، جرّاء الارتفاع في نسبة الأملاح وفي نسبة النترات ذات الآثار السلبية على صحة الإنسان، خاصة الأطفال والنساء الحوامل، لأن الأملاح ينتج عنها أمراض عدة، خاصة أمراض الكلى والمسالك البولية.

وقال إن مواصفات المياه في الخزان الجوفي تتعدى النسب المسموح بها عالميا من حيث نسبة الأملاح والنترات لتصل 96.2% من إجمالي مياه الخزان الجوفي، ما أدى إلى لجوء المواطن في القطاع لتوفير مياه الشرب من خلال محطات تحلية المياه الخاصة التي تواجه هي الأخرى مشاكل، لا سيما المشاكل المتعلقة بالتلوث البيولوجي، وإن نسبة التلوث البيولوجي تبدأ من بعض محطات تحلية المياه الخاصة، وتزداد خلال عمليات التعبئة والتفريغ، وتزداد مرة أخرى في خزانات المواطنين ومحلات بيع المياه، وهذا الموضوع يحتاج إلى تنظيم بمشاركة بين المؤسسات المعنية بالتعاون مع القطاع الخاص.

وعن الحلول، أشار إلى ضرورة إيجاد مصادر مياه جديدة، والتخفيف من استنزاف الخزان الجوفي، وتنفيذ مشاريع خاصة بتحلية المياه وفق مقاييس منظمة الصحة العالمية، ومشاريع إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، التي تضمن تخفيض نسبة استنزاف الخزان الجوفي، علاوة على تحسين الجوانب الإدارية والمؤسساتية لقطاع المياه.

وجاء في "الإصدار رقم 178"، لـ"الأونروا"، أنه منذ فُرض الحصار على غزة في عام 2007، عانت غزة أيضا من أزمة في المياه، وقد عنونت مجلة تايم في عام 2016 مقالا حول أزمة المياه بعنوان "قنبلة صحة عالمية موقوته". وأنه مع عدم وجود تدفقات مائية مستمرة وكميات مياه أمطار قليلة، تعتمد غزة بشكل كلي تقريبا على المياه الجوفية.

ووفق ذات الإصدار، تقلصت كميات المياه الجوفية بسبب ترشح مياه البحر المتوسط إليها. إضافة إلى ذلك، تتعرض المياه الجوفية إلى التلوث بسبب النترات الناتجة من مياه المجاري غير المتحكم بها، ومن الأسمدة التي يتم ري المزارع بها، ويقدر أن نسبة 96% من المياه الواردة من المياه الجوفية غير صالحة للشرب من دون معالجتها، وعليه يعتبر توفر المياه النظيفة الصالحة للشرب محدودا لمعظم الفلسطينيين في غزة.

وفي عام 2012، حذرت الأمم المتحدة بالفعل في تقريرها "غزة في عام 2020" من أنه يتم تصريف حوالي 90,000 متر مكعب من مياه المجاري غير المعالجة أو معالجة جزئيا إلى البحر المتوسط والبيئة المجاورة يوميا (أي حوالي 33 مليون متر مكعب سنويا)، حيث يسبب التلوث مخاطر صحية عامة ومشاكل في قطاع الصناعة السمكية.

وبين مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل منذر عيسى شبلاق، أن مفهوم تلوث المياه عالميا، هو وجود أي ملوث كيميائي أو بيولوجي يغير خواص المياه الفيزيائية والكيميائية، وأن التلوث هو زيادة نسبة الأملاح الموجودة في المياه عن النسب الموصى بها حسب منظمة الصحة العالمية.

وقال المعروف إن نسبة الكلوريد في المياه لا تزيد عن 250 مليغراما في اللتر، وحاليا معدل تركيز هذه المادة في المياه تجاوز 1500 مليغرام في اللتر، وهذه نسبة تركيز عالية، مشيرا إلى زحف مياه البحر على الخزان الجوفي بسبب الاستهلاك المفرط للخزان الجوفي وبسبب قلة الأمطار، وبالتالي سجلت قلة نسبة التعويض للخزان في ظل زيادة عدد السكان في القطاع، مع تناقص الخزان الجوفي، وحاليا ينتج من الخزان 190 إلى 200 مليون متر مكعب، والنسبة المسموح بها هي 55 مليون متر مكعب، ونتج عن ذلك انخفاض نسبة الخزان الجوفي، والذي وصلت نسبته في بعض المناطق 12 مترا عن مستوى البحر، ما أدى إلى زحف مياه البحر على الخزان الجوفي.

وأشار إلى أن نسبة ملح النترات في المياه، وتتراوح بين 120 إلى 150 مليغراما في اللتر، في حين أن المفروض عالميا ألا تزيد النسبة عن 50 مليغراما في اللتر. مؤكدا أن ما نسبته 97% من المياه في القطاع لا تصلح للاستخدام المنزلي.

وأوضح أن حل المشكلة، يمكن من خلال التوقف عن إنتاج المياه من الخزان الجوفي، وتوفير مصادر أخرى للمياه وتنفيذ مشاريع لتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وتجميع مياه الأمطار واستيراد المياه، كل ذلك لإعادة تأهيل وترميم الخزان الجوفي حتى يصبح قادرا على استعادة عافيته من جديد.

أما مدير معهد المياه والبيئة في جامعة الأزهر بغزة، خلدون أبو الحن، فقال إن أكثر من 97% من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للشرب، محذرا من تفاقم المشكلة، لأنها موجودة منذ سنوات، وهناك تحذيرات من تفاقم وضع المياه في القطاع.

وأضاف ان أزمة المياه في قطاع غزة تتفاقم، ووصلت لمستويات خطيرة، بسبب ازدياد تركيز الأملاح، وتدهور الخواص الكيميائية لها، وعلى جهات الاختصاص التحرك فورا لإيقاف هذه الكارثة، وإيجاد الحلول المناسبة لها من خلال إيجاد وسائل تؤدي لتعافي الخزان الجوفي، والاستفادة القصوى من مياه الأمطار، والمياه العادمة المعالجة.

وأشار إلى زيادة الطلب على مياه الخزان الجوفي، حيث يستطيع الخزان فقط إعطاء 55 مليون متر مكعب في السنة، بحيث يضمن استدامة وجود المياه، لكن ما يتم سحبه منه 208 ملايين متر مكعب منها 100 مليون لأغراض استخدام السكان، والباقي للاستخدام الزراعي، كل ذلك أدى إلى تدهور الخواص الفيزيائية والكيميائية للمياه، وزيادة نسبة تملح الخزان الجوفي.

وحذَّر من أزمة المياه في قطاع غزة وتفاقمها بشكل كبير، حيث بدأت آثارها السلبية تظهر على الإنسان والنبات والحيوان بشكل أسرع مما كنا نتصور، خصوصاً في مجال المياه الصالحة للشرب من الخزان الجوفي، وأرجع السبب في ذلك لعدة عوامل منها: الكميات الهائلة التي تسحب من الخزان الجوفي والسحب الجائر وغير المنضبط من الآبار، الأمر الذي أدى إلى ازدياد تركيز الأملاح في الخزان الجوفي، وتدهور الخواص الكيميائية للمياه الجوفية، وكذلك انخفاض منسوب المياه الجوفية، وتداخل مياه البحر على المياه الجوفية مع طول الشريط الساحلي.

وأوضح أن عوامل إضافية أدت إلى تفاقم مشكلة الخزان الجوفي من أهمها، مشاكل التلوث البيئي والتلوث بالمياه العادمة، وأحواض تجميع المياه العادمة، والإفراط في استخدام السماد الزراعي والمبيدات، ما أدى إلى تلوث جزء من المياه الجوفية.

وعن الحلول الممكنة لهذه الكارثة، ناشد أبو الحن جهات الاختصاص بالعمل الفوري على وقف التدهور واستنزاف المياه الجوفية، من خلال الاعتماد على محطات تحلية مياه البحر، وتقليل الاعتماد على محطات التحلية الخاصة التي تعتمد على تحلية المياه الجوفية.

 

 

التعليقات