01/05/2021 - 12:11

حكاية عائلة رصرص: تجسيد للفصل العنصري الإسرائيلي

يعيش الفلسطيني أسامة رصرص، حياة يصفها "بالجحيم"، داخل الضفة الغربية، نتيجة رفض إسرائيل تغيير مكان سكن زوجته في الهوية (بطاقتها الشخصية) من قطاع غزة إلى الضفة.

حكاية عائلة رصرص: تجسيد للفصل العنصري الإسرائيلي

عائلة رصرص: قصة للفصل العنصري الإسرائيلي بين غزة والضفة (الأناضول)

يعيش الفلسطيني أسامة رصرص، حياة يصفها "بالجحيم"، داخل الضفة الغربية، نتيجة رفض إسرائيل تغيير مكان سكن زوجته في الهوية (بطاقتها الشخصية) من قطاع غزة إلى الضفة.

يقول رصرص أن "في 2003 تزوجت قريبتي (سونيا رصرص)، من قطاع غزة، بعد أن جاءت إلى الضفة بتصريح زيارة ليوم واحد، ولا زال الاحتلال يرفض تغيير عنوان سكنها".

ويضيف "أواجه مشكلتين: الأولى في تنقل زوجتي داخل الضفة لأن عنوان سكن الزوجة غزة".

ويكمل "لو تنقلت قد يتم توقيفها وتسفيرها (ترحيلها) إلى قطاع غزة".

ويشير إلى جانب آخر من المشكلة، وهي أن ابنيه أحمد ودلال، وهما من مواليد مدينة الخليل، لكنّ عنوانهما على الحاسوب الإسرائيلي هو غزة.

من جهتها، تقول زوجته، سونيا رصرص، إنها تتجنب مغادرة منزلها أو الحي الذي تسكنه خشية أن يطلب الجنود هويتها ويبعدونها إلى قطاع غزة.

وتضيف "أنا من مواليد مدينة رفح في قطاع غزة، وحاليا أعيش غربة داخل الوطن، لا أستطيع رؤية أهلي (في غزة)، والدي ووالدتي عملوا (أجروا) عمليات (جراحية)، لكن لم أستطع رؤيتهم".

وتكمل "يمكن (ربما) يمسكوا هويتي يشوفوها (يشاهدون عنوان السكن) غزة ويرحلوني، بنتي بحاجة لعمليات جراحية في الرُّكبة والعمود الفقري ولا أستطيع مرافقتها".

وتقول إن ابنتها دلال مريضة ولا علاج لها في الضفة، ومنذ عامين كان يفترض أن ترافقها، إلى الأردن للعلاج، لكن عنوان السكن لكليهما يشكل عائقا.

وتعاني دلال، 14 عاما، من شلل شبه كامل، وإعاقات وآلام ترافقها منذ ولادتها، وهي بحاجة للسفر باستمرار بغرض العلاج، وإجراء عمليات جراحية.

عائلة رصرص (الأناضول)

ويمضي الزوج رصرص، وهو موظف حكومي، كثيرا من وقته بين الدوائر الرسمية والمنظمات الحقوقية سعيا لحل مشكلته.

ويضيف "ابني أحمد (16 عاما) بحاجة لإصدار هوية فلسطينية، لكن على الحاسوب الإسرائيلي عنوانه غزة، مع أنه وُلد في الخليل، وحاليا لا نستطيع التنقل بين محافظات الضفة خشية توقيفه على الحواجز وإبعاده إلى غزة".

20 ألف مقيم "غير قانوني" بالضفة

وتفيد ورقة أصدرها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) عام 2019، نقلا عن مركز الدفاع عن حق الفرد في إسرائيل "هموكيد" (غير حكومي)، أن عدد حاملي هوية القطاع في الضفة والذين تصنفهم إسرائيل بالمتواجدين بصورة غير قانونية قُدر في العام 2018 بحوالي 20 ألفا.

ووفق مركز "مسارات"، فإن القيود الإسرائيلية على حركة الفلسطينيين تعززت بعد فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2006 "في إطار سياستها الهادفة إلى تكريس الفصل بين الضفة والقطاع".

(الأناضول)

وتضمن اتفاق أوسلو (1995) بين منظمة التحرير الفلسطينية نقل سجل السكان في الضفة الغربية وقطاع من إسرائيل إلى الجانب الفلسطيني، لكن إصدار الهويات ونقل عنوان السكن مرهون بالموافقة الإسرائيلية.

وتقول مصادر في هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، الجهة الرسمية المكلفة بمتابعة شؤون السكان الفلسطينيين مع الجانب الإسرائيلي، الذي لا يتجاوب مع هذا الملف رغم طرحه عدة مرات.

أسس القرار الإسرائيلي

من جهته، يقول مركز الدفاع عن حرية الحركة "مَسْلَك" إن "السيطرة الإسرائيلية المستمرة على سجل السكان الفلسطينيين (منذ 1967)، تمكنها من أن تقرر أين يستطيع الفلسطيني أن يعيش أو يعمل أو يقيم".

وأشار في تقرير أصدره العام الماضي، إلى أن قرار تجميد تغيير العناوين من قطاع غزة إلى الضفة الغربية معمول به منذ عام 2000، أي أن أهالي غزة لا يمكنهم، أن ينتقلوا للعيش في الضفة الغربية، وذلك يحرم ملايين الفلسطينيين من تحديد مصيرهم حتى داخل المنطقة الفلسطينية نفسها".

وعلى العكس، يوضح التقرير أن إسرائيل تسمح عادة بتغيير العنوان من الضفة إلى القطاع شرط التنازل عن حق العودة للضفة، كما يسمح لأهالي غزة (المقيمين بالضفة) بالسفر عبر الأردن إلى خارج البلاد، لكن لا يسمح لهم حتى بالدراسة في الضفة الغربية.

ووفق "مَسْلَك" فإن تنقّل الفلسطينيين من وإلى غزة عبر معبر إيرز (بيت حانون/غزة) محدود جدا، ومسموح به لعدد قليل من "التجار، رجال الأعمال، مرضى بحاجة لعلاج منقذ للحياة غير متوفر في قطاع غزة وحالات إنسانية استثنائية"، كما أن أهالي الضفة الذين يطلبون الدخول إلى غزة مقيدون بأسباب "استثنائية، إنسانية" تحددها إسرائيل.

الوجه المأساوي للفصل

بدوره يوضح شادي بطحيش، من مركز (مَسْلَك)، للأناضول أن أوضاع الغزيين المقيمين بالضفة "مأساوي ومؤلم".

ويشير إلى أن جانب آخر من المشكلة، ويتمثل في نساء من الضفة، تزوجن في غزة، وانتقلن للسكن فيها، وبقي عنوان إقامتهن "الضفة"، واضطررن لاحقا، للعودة مع أبنائهن إلى الضفة، وترك أزواجهن.

ويضيف بطحيش "بعض الأطفال في نفس العائلة في غزة عنوانهم (ضفة) وآخرون عنوانهم (غزة)، والعكس ...الوضع مأساوي جدا ومؤلم".

ويقول إنه لا يوجد قانون ينص على أن يُلحق الابن بعنوان الأم.

السيدة سونيا رصرص (الأناضول)

ويضيف في هذا الصدد "توجهنا بشكل رسمي للسلطات الإسرائيلية، والتي ادعت أنه لا يوجد سياسة رسمية في هذا المجال، وما تسجّله وزارة الداخلية الفلسطينية يتم اعتماده".

لكن بطحيش يقول إن إسرائيل تمارس ضغوطا على موظفي السلطة الفلسطينية، لإلحاق أكبر عدد من المواليد بأمهاتهم الغزّيات.

وأضاف "ادعوا (الإسرائيليون) في جواب مكتوب وخطي، أنه لا مانع من تصحيح عنوان لمن هم تحت سن 16 سنة، إذا كان عنوان أحد والديه الضفة".

لكنه أضاف "كثيرون قدموا طلبات تصحيح، والحالات التي نجحت قليلة جدا".

مخالفة القانون الدولي

وتقول منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية إنه مع سيطرة إسرائيل على السجلّ السكانيّ في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1967، لا تملك السلطة الفلسطينية إمكانية إصدار بطاقات هوية معترف بها لسكان المناطق المحتلة، دون موافقتها.

​​​​​​وتفرض إسرائيل على الفلسطينيين استصدار تصاريح للتحرك بين الأراضي المحتلة عام 1967: الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، لكن قلة يحصلون عليها بسبب قيود الاحتلال.

وتحظر القوانين والمعاهدات الدولية العقاب الجماعي، ويؤكد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على الحق في حرية التنقل.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، الحقوقية الأمريكية قد قالت في تقرير لها، الثلاثاء، إن السلطات الإسرائيلية ترتكب "الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد في الأراضي الفلسطينية".

التعليقات