26/10/2021 - 17:46

إخراج المؤسسات الفلسطينية عن القانون: إدانات حقوقية ودولية

على ضوء النقاش المستمر حول إعلان وزارة الأمن عن 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية كـ"منظمات إرهابية"، حذرت منظمة العفو الدولية في البلاد من تبعات هذا القرار الخطير، خاصة أنه اتخذ دون معايير واضحة ودون خوض

إخراج المؤسسات الفلسطينية عن القانون: إدانات حقوقية ودولية

نشاط لمؤسسة "الضمير" بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني

على ضوء النقاش المستمر حول إعلان وزارة الأمن عن 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية كـ"منظمات إرهابية"، حذرت منظمة العفو الدولية في البلاد من تبعات هذا القرار الخطير، خاصة أنه اتخذ دون معايير واضحة ودون خوض مسار قضائي وإداري سليم ولا يستوفي المعايير الدولية، ولم يتخذ هذه المرة، مثل كل مرة، في المحاكم الإسرائيلية، التي تعمل كختم مطاطي لوزارة الأمن في كل ما يتعلق بذريعة الأمن، وتعقد الجلسات بسرية وبحضور جهة واحدة فقط بداعي "عرض معلومات سرية".

وأوضحت منظمة العفو الدولية أنه من واجب كل دولة في العالم، ومن ضمنها إسرائيل، حماية العمل الحقوقي وعمل مؤسسات المجتمع المدني، ومن غير المسموح لها، حتى ضمن ادعاء مكافحة الإرهاب، المس بحقوق الأفراد أو المؤسسات دون مسار قضائي ملائم وعرض أدلة قاطعة ومقنعة تثبت المخالفة ومنح المتهم حقه الأساسي في الدفاع عن نفسه ودحض مثل هذه الاتهامات. وفي حالة إعلان وزير الأمن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية الست كمنظمات إرهابية لم يحدث أي من ذلك. وجاء الإعلان الإسرائيلي بناء على "معلومات سرية" لا يمكن الكشف عنها، وبالتالي لا يمكن انتقادها أو دحضها، وكذلك، لم يقدم أي دليل ضد أي من العاملين في هذه المؤسسات ولم يعتقل أي منهم ولم يقدم للمحاكمة، ما يزيد الشك حول صحة هذا القرار وطريقة اتخاذه.

ويشكل هذا الإعلان تصعيدًا في الحرب على المؤسسات الحقوقية ومزيدًا من التضييق على عمل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، ومن شأنه ضرب هذا المؤسسات في مقتل ويضعها في خطر الإغلاق قريبًا، ما سيؤثر سلبًا على العمل الحقوقي في المجتمع الفلسطيني. ويعتبر اتهام مؤسسات مجتمع مدني بالإرهاب أحد صفات الأنظمة القمعية وغير الديمقراطية، وتثير الشكوك حول الاستخدام المبتذل لذريعة الأمن ومكافحة الإرهاب من أجل أهداف أخرى. والخوف الأكبر يأتي من مرور مثل هذا القرار مر الكرام، ويأتي السؤال الأهم: ما الذي يمنع إسرائيل مستقبلًا من إعلان أي مؤسسة مجتمع مدني، إسرائيلية كانت أم فلسطينية، كمؤسسة لها علاقات بالإرهاب بناء على معلومات سرية لا يمكن كشفها، وإغلاقها لاحقًا؟

بالإضافة لكل ما ذكر، هناك تأثير كبير لهذا القرار على مؤسسات المجتمع المدني، سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية، وخاصة الفاعلة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، ومن شأنه أن يخيفها أو يفرض القيود على عملها ويشكل خطر على كل من يدافع عن حقوق الإنسان أو ينتقد السلطات والحكومات. خاصة أن المؤسسات التي تواجه خطر الإغلاق حاليًا تعتبر من أشد وأقدم المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعمل على منع انتهاكها سواء من قبل السلطات الفلسطينية أو الإسرائيلية، وهذا العمل بات مهددًا بالتوقف بعد إعلان وزارة الأمن الإسرائيلية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل مؤسسات أو أشخاص دون دليل أو مسار قضائي ملائم، خاصة في السنوات العشرين الأخيرة، ووزعت اتهامات مثل التحريض على الإرهاب ومساعدة منظمات إرهابية، ومنها الذراع العسكري للجبهة الشعبية، وذهبت هذه الاتهامات مع الريح وتبين أنها عارية عن الصحة. على سبيل المثال اعتقلت إسرائيل إداريًا المهرج ولاعب السيرك الفلسطيني، محمد أبو سخا، الذي كان ناشطًا ضد الاحتلال، لنحو سنتين، وأطلق سراحه لاحقًا بعد تبين زيف الاتهامات التي وجهت إليه، وهذا غيض من فيض. ،في قسم كبير من مثل هذه القضايا، قامت مؤسسة الضمير بتمثيل المتهمين في المحاكم، وهي إحدى المؤسسات التي أعلن عنها على أنها خارجة عن القانون، ومثل هذا الأمثلة تزيد الشكوك حول هذا القرار.

وقال مدير البرامج في منظمة العفو الدولية في البلاد، د. ياريف موهر، إن "إخراج المؤسسات الحقوقية الفلسطينية عن القانون جاء بذريعة ’الأمن’، لكنها تشكل انتهاكًا واضحًا بحقوق الإنسان، المجتمع المدني، ولا تخدم الأمن بالتأكيد. تؤكد كثير من الأبحاث في موضوع الإرهاب تؤكد أن المس بقنوات التأثير على السياسة والقرارات، ومن بينها المجتمع المدني، تشجع قيام قنوات تأثير غير شرعية، وقد تكون عنيفة وتحرض على الإرهاب. وعوضًا عن اتخاذ إجراءات ضد من ثبت عليه بالدليل القاطع وخضع لمسار قضائي صحيح أنه داعم ومحرض على الإرهاب، حظرت إسرائيل مؤسسات وقنوات فلسطينية سلمية ولها باع طويل في العمل الحقوقي والدفاع عن حقوق الإنسان، وهي قليلة في الواقع الأليم الذي يعيش فيه الفلسطينيون تحت حكم عسكري. مثل هذه الخطوات القمعية تتناقض جوهريًا مع مفهوم الأمن ومن الصعب فهم ما تحاول إسرائيل تحقيقه بمثل هذا الإعلان سوى القمع وتكميم أفواه الناقدين والمعارضين".

الأمم المتحدة: قرار تعسفي ويشكل هجوما على المدافعين عن حقوق الإنسان

اعتبرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الثلاثاء، قرار إسرائيل تعسفيا ويشكل هجوما على المدافعين عن حقوق الإنسان.

وقالت ميشيل باشليه في بيان إن قانون مكافحة الإرهاب لا ينبغي تطبيقه على الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية المشروعة.

وشددت على أن "المنظمات التي تضم بعض الشركاء الرئيسيين لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تواجه عواقب وخيمة جراء هذا القرار التعسفي، وكذلك الأشخاص الذين يمولونها ويعملون معها".

وأكدت أن "العمل الهام الذي تقوم به لآلاف الفلسطينيين مهدد بالتوقف أو تقييده بشدة".

واشارت إلى أن القرار الإسرائيلي بوضعها على القائمة "يخالف الحق في حرية تجمع الأشخاص المعنيين، وعلى نطاق أشمل، له تأثير رادع على المدافعين عن حقوق الإنسان والفضاء المدني".

252 ائتلاف وشبكة ومنظمة حقوقية تدين قرار حكومة الاحتلال والفصل العنصري

أدانت 252 ائتلاف وشبكة ومنظمة حقوقية تضم أكثر من 1800 منظمة قرار حكومة الاحتلال والفصل العنصري بشأن منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني الفلسطينية الست، وناشدت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان إدانته والعمل على إلغاءه وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، ائتلاف وشبكة ومنظمة حقوقية تدين قرار حكومة الاحتلال والفصل العنصري.

وأعربت المنظمات الحقوقية عن قلقها واستنكارها الشديد بتصنيف حكومة الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلية، في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، لست منظمات حقوقية ومجتمع مدني فلسطينية كـ"منظمات إرهابية"، بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي لعام 2016، وهي: مؤسسة الحق، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال/فرع فلسطين، اتحاد لجان العمل الزراعي ومركز بيسان للأبحاث.

واعتبرت المنظمات الموقعة القرار الباطل في سياق مواصلة دولة الاحتلال والفصل العنصري الاعتداءات على حقوق الشعب الفلسطيني ولا سيما حقه في النضال، بكافة الأشكال، من أجل الحرية والعودة وتقرير المصير وبناء دولته الفلسطينية المستقلة المكفولة بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

وبينت المنظمات الموقعة هدف هذا القرار الباطل بنزع شرعية المنظمات غير الحكومية الفلسطينية وتشويه نضالها، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان والمنخرطين في أنشطتها، كمقدمة لقمعها واسكات صوتها الكاشف لانتهاكات دولة الاحتلال وهيمنة نظام الفصل العنصري الاستيطاني والتمييز العنصري على الشعب الفلسطيني، وردا على فضحها السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية التي حرمت منذ عام 1948 الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في العودة وتقرير المصير، إضافة لإضعاف الأصوات المطالبة بالمساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني.

وناشدت المنظمات الموقعة كافة قوى الحرية والعدالة والمدافعين عن حقوق الإنسان والشعوب في العالم التضامن واتخاذ الإجراءات الملموسة لتذليل العقبات وتمكين منظمات المجتمع الحقوقي والمدني من رصد انتهاكات وجرائم الاحتلال المستمرة وتوفير الدعم للشعب الفلسطيني في نضاله البطولي والمتواصل، منذ أكثر من سبعة عقود، نحو تحرير فلسطين من نظام الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.

وحيت المنظمات الموقعة نضالات الشعب الفلسطيني وصموده الأسطوري، مثمنة جهود المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني وبخاصة المنظمات المستهدفة بالقرار الباطل.

كما ناشدت المنظمات الموقعة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الهيئات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وخصوصا المرصد الدولي للدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان التابع لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وكذلك المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة وإدانة قرار حكومة الاحتلال والعمل على إلغائه وتوفير الحماية للمدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني.

التعليقات