معركة الأمعاء الفلسطينية الخاوية.. منذ 1969 حتى الغضنفر

إفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الأسير الفلسطيني الغضنفر أبو عطوان، الخميس، بعد إضراب عن الطعام استمر 65 يوما، وتحقيق مطلبه بإطلاق سراحه، يعيد إلى الأذهان سلسلة إضرابات سابقة حقق الأسرى فيها ما يسمونها "انتصار الأمعاء الخاوية".

معركة الأمعاء الفلسطينية الخاوية.. منذ 1969 حتى الغضنفر

الأسير المحرر ماهر الأخرس

إفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الأسير الفلسطيني الغضنفر أبو عطوان، الخميس، بعد إضراب عن الطعام استمر 65 يوما، وتحقيق مطلبه بإطلاق سراحه، يعيد إلى الأذهان سلسلة إضرابات سابقة حقق الأسرى فيها ما يسمونها "انتصار الأمعاء الخاوية".

ووصل أبو عطوان (28 عاما)، مساء الخميس، إلى المستشفى الاستشاري غربي مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، قادما من مستشفى كابلان الإسرائيلي عقب قرار الاحتلال الإفراج عنه وإلغاء اعتقاله الإداري.

تاريخ الإضرابات

استخدم الأسرى الفلسطينيون أمعاءهم بالإضراب عن الطعام سلاحا في مواجهة سجانيهم، مع البدايات الأولى لهيمنة إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.

الأسير المحرر الغضنفر

ومن أوائل وأشهر هذه الإضرابات، إضراب 28 كانون الأول/ ديسمبر 1969، وكان من مطالب الأسرى فيه تحسين الطعام وزيادة كميته.

وفي الإضراب يمتنع الأسرى عن تناول الطعام والسوائل، باستثناء الماء، وبعضهم يتوقف عن شربه لأيام.

كما يرفض أغلبهم تناول أي فيتامينات أو مدعمات غذائية، مع أنها لا تكسر الإضراب، وفق أسرى مفرج عنهم.

وكان للإضرابات عدة ضحايا، أولهم الأسير عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد في 11 تموز/ يوليو 1970، خلال إضراب في سجن عسقلان.

إضرابات فردية وجماعية

تدريجيا تحول الإضراب من معارك جماعية، إلى إضرابات فردية خاصة في العقدين الأخيرين، وكان من أشهر المضربين: خضر عدنان، محمد القيق، أيمن اطبيش، سامر العيساوي، ووصل إضراب الأخير عام 2013 إلى 265 يوما.

القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر عدنان، حظي إعلاميا ومحليا بلقب "مفجر معركة الأمعاء الخاوية"، نظرا للسبق الذي حققه في الإضراب الفردي عن الطعام.

وخاض عدنان الإضراب ست مرات، لكل منها ظروفها الخاصة، لكن أهم إنجاز تحقق هو تقليص فترة الاعتقالات بحقه.

القيادي خضر عدنان (أ ب)

يقول عدنان، للأناضول: "خلال العقد الأخير اعتقلت نحو عامين ونصف بفضل الإضرابات، مقابل خمسة أعوام في العقد الذي سبقه".

ويضيف أنه يضرب عن الطعام لرفض إعادة اعتقاله واحتجاجا على الاعتقال الإداري (دون تهمة)، لكنه يلفت إلى هدف أسمى وهو "وقف نزيف عمري داخل السجن".

ويعتبِر الأسير المحرر، الإضراب "سلاحا رادعا للاحتلال" ويشجع على استخدامه "أنا على ثقة أن السلاح إن لم يستخدم يصدأ ويفقد فعاليته، فيجب إعادة استخدامه كمفتاح للحرية".

ويشير عدنان إلى الصورة الرمزية التي تتشكل في الوعي الجمعي الفلسطيني للأسير المنتصر، ودورها في تعزيز انتماء الشعب الفلسطيني وتماسكه.

أما عن مصدر القوة التي تجعل أسيرا يمتنع عن الطعام والشراب لشهور فيقول: "إنها الحاجة للحرية، معظمنا اعتقل سابقا، وسحقت عظامنا داخل السجون، الاعتقال يجمد حياتنا، ويعدم خططنا للحياة، حتى الاجتماعية منها".

وهنا يشير القيادي الفلسطيني إلى أن الأسير في بداية إضرابه يتعرض ـ عادة ـ لكل أشكال الضغط، ومنها "سحب كل احتياجاته، عزله انفراديا، تهديده بكل الأشكال، لكن بعد اليوم الـ15 يبدأ عرض المدعمات والفيتامينات وهو ما يرفضه الأسير".

ويتابع أن الأسرى يرفضون خلال الإضراب أي نوع من الفحوص الطبية للمحافظة على ما سماها حالة "اللامعرفة" سواء للأسير نفسه حفاظا على معنوياته، أو لإدارة السجون لإبقائها تائهة وبالتالي الضغط لتقليل عدد أيام الإضراب.

وفي 28 حزيران/ يونيو الماضي، أفرجت سلطات الاحتلال عن عدنان الذي اعتقلته شهرا، بعد آخر إضراب خاضه ودام 25 يومًا، رفضًا للاعتقال الإداري.

والاعتقال الإداري، حبس بأمر عسكري إسرائيلي، دون لائحة اتهام، لمدة تصل 6 شهور، قابلة للتمديد.

غايات الإضراب

من جهته، يقول الخبير في شؤون الأسرى، فؤاد الخفش، إن الإضراب ينقسم إلى أنواع: مطلبي لتحقيق مطالب محددة، وقد تكون جماعية أو فردية، وإضراب لتحسين الأوضاع داخل السجون، وإضراب احتجاجي على ممارسة معينة.

ويضيف الخفش، لـ"لأناضول"، أن "الإضراب الفردي يخوضه عادة أسرى رفضا للاعتقال الإداري، أو لرفض إعادة اعتقالهم".

أما الإضرابات المطلبية فتتعلق بتحسين ظروف الأسرى عموما كمطلب إخراج أسرى معزولين أو ضد الاعتقال الإداري، أو للمطالبة بتوفير احتياجاتهم وتحسين أوضاعهم داخل السجون.

في حين يخوض المعتقلون الإضرابات الاحتجاجية رفضا لممارسات مصلحة السجون كاقتحام غرفهم وتدمير ممتلكاتهم والاعتداء عليهم.

وعن أبرز ما حققته الإضرابات، يبين الخفش أن "كل الإنجازات داخل السجون تحققت بالإضرابات، مع أنها حقوق طبيعية للأسرى".

ويضيف: "التلفزيون، الكانتينا (المتجر)، الزيارات، لقاءات المحامين، كلها إنجازات تحققت على مدى عقود من خلال الإضراب عن الطعام، لأن الاحتلال لا يقدم شيئا دون ضغط".

ويوضح أن "سلاح الأمعاء (الإضراب) لم يُكسر في أي معركة مع الاحتلال، وتحققت به 99% من مطالب الأسرى".

ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي في سجونها نحو 5300 فلسطيني، بينهم 40 أسيرة، و250 طفلًا، وقرابة 520 معتقلا إداريا، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

التعليقات