إسرائيل تبدأ بتسجيل حقوق ملكية أراض للمستوطنين في الضفة الغربية

المفكر د. عزمي بشارة: "إسرائيل تقوم عمليا بتعديل قانوني زاحف لوضع الضفة الغربية... تطور هادئ ولكنه خطير".. * بموجب التسجيل لن يكون بإمكان الفلسطينيين الاعتراض على سريان مفعوله

إسرائيل تبدأ بتسجيل حقوق ملكية أراض للمستوطنين في الضفة الغربية

أفاد تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل ستبدأ للمرة الأولى وبشكل منظم بتسجيل حقوق ملكية أراض في الضفة الغربية للمستوطنين بطريقة تتجاوز التسجيل في دائرة تسجيل الأراضي (الطابو)، بحيث لن يكون بإمكان الفلسطينيين الاعتراض على سريان مفعول التسجيل.

واستنادا إلى وثائق وصلت الصحيفة فإن الحديث عن خطوة واسعة تمت مناقشتها في السنوات الأخيرة على أعلى المستويات نظرا لجوانبها السياسية والقضائية. وفيما يتوقع أن يصادق وزير الأمن على العملية خلال الشهر الجاري، فإنها تلقى دعما من القائم بأعمال المستشار القضائي للحكومة المحامي مايك بلاس، والمستشار القضائي لجهاز الأمن أحاز بن آري، والمستشار القضائي لقيادة المركز إيلي بار أون، ورئيس ما يسمى بـ"الإدارة المدنية" موطي ألموز، ومساعد وزير الأمن لشؤون الاستيطان إيتان بروشي.

وكتبت الصحيفة أن الحاجة لهذه العملية تنبع مما أسمته "تواصل السيطرة الإسرائيلية على المناطق"، مشيرة إلى أنه في العام 1967، وبعد احتلال الضفة الغربية توقفت عملية تسوية الأراضي الأردنية بعد أن جرى توزيع ثلث الأراضي بين ملكية خاصة وبين أراضي دولة. وأضافت أن عملية التسوية توقفت بذريعة أن فلسطينيين كثيرين هربوا خلال الحرب وبالتالي فإن حقوقهم ستتضرر. وبادعاء أن السلطة في الضفة الغربية مؤقتة في حين أن تسوية الأراضي دائمة، فلم يتبق من إمكانية لستجيل الأراضي في دائرة التسجيل (الطابو) سوى عن طريق ما أسمي بـ"تسجيل أول".

وتابعت الصحيفة أن "الدولة لا تستطيع أن تبادر إلى هذه العملية، وإنما الأفراد فقط. وأن من يطلب ذلك عليه أن يحضر الوثائق التي تؤكد الملكية، وإبلاغ القرى المحيطة بذلك. وبعد ذلك تجتمع لجنة قضائية تناقش الأدلة وتستمع لشهود وتتلقى الاعتراضات وتنشر قرارها بشأن التسجيل في الطابو".

ولفتت الصحيفة إلى أن المستوطنات في الضفة الغربية أقيمت بداية على الأراضي التي تمت السيطرة عليها لـ"أغراض عسكرية"، وبعد ذلك على الأراضي التي أسميت بـ"أراضي دولة". ونظرا لأن السلطة مؤقتة فعلى المستوى القضائي لم يتم تحويل الأرض للمستوطنين، وإنما تم منحهم تصريحا بالاستيطان. وكانت الترتيبات تتلخص في أن يقوم ما يسمى "المسؤول عن الأملاك الحكومية" بالسماح لـ"الهستدروت الصهيونية" أو "الشركة التي تقدم قروض إسكان" باستخدام الأرض. ولم يكن للشركة حقوق ملكية في دائرة التسجيل (الطابو). وعندما يقوم مستوطن بشراء بيت فإنه يحصل على مصادقة الهستدروت أو الشركة المخولة، وبواسطة هذه "المصادقة" يمكنه الحصول على قرض إسكان.

وتابعت الصحيفة أن التسجيل في الشركات الخاصة تسبب في السابق بمشاكل خطيرة. ففي آب/ أغسطس من العام 2007 انهارت شركة "حفتسيبا" التي بنت المئات من الوحدات السكنية في مستوطنة "موديعين عيليت"، وكانت حقوق السكان المستوطنين الذين قاموا بشراء الشقق السكنية مسجلة لدى الشركة. وفي أعقاب ذلك دخل المستوطنون إلى الشقق التي لم يكتمل بناؤها ليلا حتى لا يتم إخلاؤهم منها.

وأضافت الصحيفة أنه مع مرور الوقت، فإن بعضا من الشركات التي قدمت قروض سكنية باتت على وشك الحلّ، وتطلب التوقف عن معالجة قضية تسجيل الأراضي. وعلى سبيل المثال، في العام 2008 أعلنت شركة "دلتا" التي قامت ببناء مستوطنة "أورانيت" أنها لا تنوي الاستمرار في تسجيل صفقات أراض. وقدم عدد من المستوطنين دعاوى إلى المحكمة تطالب بإلزام الشركة بادعاء أن ذلك من واجبها. وإذا كانت تريد التنصل من هذا الواجب فبإمكانها البدء بإجراءات "التسجيل الأول". وفي العام 2009 قدمت الإدارة المدنية تصاريح مفادها أنها على استعداد للبدء بذلك.

وتابعت الصحيفة أنه بعد مداولات في "الإدارة المدنية"، تبين أنه إذا بدئ العمل بتسجيل الأرض في دائرة التسجيل (الطابو) فسوف تفتح مجددا كل الإجراءات التي حصلت تاريخيا في المكان، وبضمنها كيفية الإعلان عن الأرض وكيف تم تخصيصها. وفي هذه الحالة فمن الممكن أن يقوم أصحاب الأرض الفلسطينيون بتقديم اعتراضات، الأمر الذي يسبب المزيد من الحرج بسبب البناء الإسرائيلي على أراض فلسطينية خاصة. بحسب الصحيفة.

وفي أعقاب ذلك، كتبت "هآرتس"، ونظرا لأن المشكلة ذاتها قد أثيرت في مستوطنات أخرى، فقد عقدت عدة جلسات مباحثات لدى المحامي مايك بلاس، القائم بأعمال المستشار القضائي للحكومة. وصادق بلاس للإدارة المدنية على البدء بإجراء تسجيل منظم، بديل للطابو، لحقوق المستوطنين بالأراضي. وكانت المصادقة تتم بناء على أمر عسكري من العام 1974، والذي لم يتم استخدامه إلا لتسوية حقوق الملكية في المباني المتعددة الطبقات في مستوطنة "كريات أربع" في سنوات الثمانينيات.
وبحسب الأمر العسكري المشار إليه فإن "المسجل" يستطيع أن يقوم بتسجيل صفقات في أراض معنية، بما يشكل "دليلا قاطعا" على حقوقه بالأرض. وأشارت الصحيفة في هذه السياق إلى أن الحديث عن إجراءات تلتف على القانون الأردني المعمول به في الضفة الغربية وعلى أنظمة التسجيل. وفي هذه الحالة لا يمكن تقديم اعتراض على ذلك، والتسجيل يتم بموجب الأوراق التي يقدمها مقدم الطلب.

وأشارت "هآرتس" إلى أنه قبل أسبوعين، عقد جلست في وزارة الأمن شارك فيها أطراف عديدة. ويتضح من ملخص الجلسة أن المشاركين على علم بإشكالية إدارة التسجيل المزدوج. وكتب في الملخص إنه "بالرغم من أن الطريقة الأفضل لتسجيل حقوق المستوطنين بالأرض هي عن طريق التسجيل الأول وتسجيل الحقوق في الطابو، فإن هذه العملية معقدة ولا تنتهي. وفي هذه الأثناء يتم تسجيل الحقوق في الأوراق التي تديرها الشركات. ونظرا للعدد الكبير من أصحاب الحقوق، الذي نشأ مع مر السنين، فإن الآلية الحالية للتسجيل لدى الشركات تحولت إلى تسوية إشكالية لا تضمن التأكيد القضائي على الحق بالأرض". كما أشار الملخص إلى أن هذه العملية لها ثلاثة جوانب؛ سياسية وقضائية وتنفيذية. وفي الختام تقرر أن يتم عرض الموضوع على وزير الأمن، مع توصية بالبدء في مستوطنة "أورانيت".

 

إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المفكر العربي د. عزمي بشارة وصف العملية بأنها "تطور هادئ ولكنه خطير".

وفي صفحته على "الفيسبوك" كتب أنه بعد أن اكتفت دولة الاحتلال بتسجيل أراض بشكل إداري ومؤقت باسم مستوطنين في الضفة الغربية، وذلك لتجنب الإجراءات القانونية للطابو، سوف تبدأ قريبا بتسجيل ملكية أراض خاصة باسم مستوطنين في الضفة الغربية.

وأضاف أن "إسرائيل تقوم عمليا بتعديل قانوني زاحف لوضع الضفة الغربية... تطور هادئ ولكنه خطير".
 

التعليقات