26 عامًا على مذبحة الحرم الإبراهيمي.. جنون دموي وإرهاب منظم

لم تكن مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي تصادف ذكراها الـ26 اليوم، جنونا فرديا أو كراهية شخصية عمياء، بقدر ما يمكن اعتبارها "إرهابا عصريا منظما"، و"جنونا دمويا" وأحد الشواهد على الإمعان في استباحة "اللحم الفلسطيني" الحيّ، والتغول في العنصرية، وإطلاق يد التهويد

26 عامًا على مذبحة الحرم الإبراهيمي.. جنون دموي وإرهاب منظم

من داخل الحرم الإبراهيمي، عقب المجزرة (أ ف ب)

لم تكن مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي تصادف ذكراها الـ26 اليوم، جنونا فرديا أو كراهية شخصية عمياء، بقدر ما يمكن اعتبارها "إرهابا عصريا منظما"، و"جنونا دمويا" وأحد الشواهد على الإمعان في استباحة "اللحم الفلسطيني" الحيّ، والتغول في العنصرية، وإطلاق يد التهويد والاستيطان لتحقيق الحلم بإقامة ما يسمى "الخليل اليهودية".

المذبحة التي أدت لاستشهاد 29 مواطنًا وجرح 15 داخل بيت الله، وإلى ارتقاء 21 آخرين أثناء تشييع ضحاياها لا تزال ماثلة "حتى اللحظة" أمام أهالي الخليل الذين يتوجسون على الدوام من مذبحة مماثلة قد تكون اشد فتكا وترويعا من سابقتها.. ذلك أن المعطيات والشواهد اليومية لا تدلل على أقل من ذلك، سيما وأن تلاميذ الإرهابي "بطل" المذبحة باروخ غولدشتاين، يسيرون على خطاه بدعم واسناد من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية.

هذا هو النهج الذي فرضه غولدشتاين وأمثاله من قادة تنظيمات وميلشيات إرهابية مسلحة تنتشر في طول وعرض الضفة الغربية المحتلة، تقول وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أصدرته بالمناسبة، مشيرة إلى عصابات "تدفيع الثمن"، وإلى جمعيات استيطانية منظمة تواصل عملها العدواني لتهويد وضم أوسع مساحة ممكنة من الأرض الفلسطينية المحتلة.

وتضيف "الخارجية" أن مجزرة الحرم وإحراق عائلة الدوابشة والطفل محمد أبو خضير، وتجريف جثمان الشهيد الناعم، وقتل المتضامنة الأميركية ريشيل كوري بالجرافة، ومئات الإعدامات الميدانية، والحروب المدمرة والمتواصلة التي تشنها دولة الإحتلال على أهلنا في قطاع غزة، واستهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وسلب الأرض الفلسطينية المحتلة وضمها لدولة الاحتلال وغيرها من الجرائم البشعة، جميعها تعكس حقيقة تفشي ثقافة الكراهية والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، وسيطرة عقلية الإحتلال والاستيطان الإحلالي على مفاصل الدولة العبرية.

الذكرى الـ26 لمجزرة الحرم الإبراهيمي بالخليل (وفا)

على هذا النحو "لا عفوية قط في مجزرة الحرم الإبراهيمي. ليس جنونا فرديا ذلك الذي قام به باروخ غولدشتاين، لأن الجنون الفردي ليس قادرا على حساب التفاصيل بدقة، والتخطيط لها، فاختيار الخليل وبالذات الحرم الابراهيمي، واختيار فجر الجمعة من رمضان، ولحظة سجود المصلين لتكون لحظة الذبح، لا يمكن أن يكون اختيارا من شخص مجنون"، هذا ما جاء في كتاب "الجمعة الدامية.. عقيدة غولدشتاين".

ويضيف الكتاب، الذي صدر عام 1994، وهو من تأليف: مازن حماد، وعامر ونادر طهبوب، أن المجزرة جزء من جنون جماعي، فالقاتل لم يوقفه الجنود على بوابات ومداخل الحرم، كما أنه استطاع الوصول بسهولة إلى مصلى المسلمين، وأطلق عدة صليات من الرصاص لمدة عشر دقائق دون تدخل جنود الاحتلال المتواجدين على بوابات الحرم.

ترك الجيش غولدشتاين ينفذ مجزرته كاملة رغم نقاط المراقبة المكثفة في محيط مسرح الجريمة، واستعدادهم الدائم للتحرك تجاه أي حركة أو نشاط مشبوه، وفوق ذلك كله شاركوا في إطلاق الرصاص على المصلين والمئات الذين هرعوا لنقل الإصابات وإنقاذ المتبقين، ما أدى إلى ارتقاء شهداء آخرين وصل عددهم إلى أكثر من خمسين، وارتفع العدد بعد ذلك إلى 60 شهيدًا خلال المواجهات التي أعقبت المجزرة.

وقد سبق للإرهابي غولدشتاين، الاعتداء على الحرم الابراهيمي، وتم تبليغ رئيس وزراء الاحتلال رابين آنذاك، بإجرامه وحقده العلني والواضح، وخطورة تصرفات غولدشتاين ومستوطنين آخرين متطرفين.

وجاء في رسالة بعثتها الهيئة الإسلامية العليا، أن عددًا من المستوطنين اعتدوا على ستة من حراس المسجد الابراهيمي وأحد المصلين، مساء الجمعة 8 تشرين الأول/ أكتوبر 1993، وقام المتطرف غولدشتاين بقطع أذان العشاء بعد اعتدائه على المؤذن.

قبلها بعام، في مساء الخميس 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1992، قام غولدشتاين بإلقاء مواد كيمياوية حارقة على سجاد المسجد، ولولا يقظة الحراس والمصلين لوقعت مذبحة.

وفي عددها الصادر في 7 آذار/ مارس 1994، كتبت مجلة "تايم": كان باروخ غولدشتاين أعمى بكراهيته تجاه العرب، لدرجة أن زملاءه المتعصبين في مستوطنة "كريات أربع" كانوا يرونه أشد تعصبًا".

شهد العالم العربي العديد من المظاهرات المنددة بالمجزرة، وكان أضخمها في مصر، حيث خرج عشرات الآلاف في مظاهرات حاشدة استمرت أسبوعًا كاملًا، كما شهدت العديد من الأقطار العربية والإسلامية مسيرات ومواقف سياسية منددة، وبالأخص سورية وإيران والأردن.

وداخل أراضي عام 1948، استشهد محمد أبو جامع خلال مواجهات مع الشرطة الاسرائيلية في بلدة رهط بالنقب. وفي يافا، وقعت مواجهات عنيفة بين شبان المدينة والشرطة الاسرائيلية طيلة ثلاثة أيام، كما وقعت مواجهات مماثلة في قرية "تل السبع" الحدودية أصيب خلالها أربعة شبان ونقلوا إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، كما انتفضت الناصرة وحيفا وبلدات في الجليل وباقة الغربية.

أدت المجزرة إلى تفجر الوضع في الضفة والقطاع، لتدور مواجهات عنيفة جدا مع قوات الاحتلال في كافة المدن والبلدات والمخيمات، ارتقى خلالها عدد من الشهداء في القدس وغزة ورام الله وطولكرم وبيت لحم والعيزرية، وأصيب المئات بالرصاص.

التعليقات