فلسطيني يعيش في "قفص" داخل مستوطنة

في أسوأ كوابيسه، لم يتخيل الفلسطيني، سعدات صبري غريب، حينما شيّد والده منزله عام 1979، أن تتحول هذه الدار الرحبة، إلى سجن ضيّق، محاط بالجدران والأسلاك، وكاميرات المراقبة.

فلسطيني يعيش في

(الأناضول)

في أسوأ كوابيسه، لم يتخيل الفلسطيني سعدات صبري غريب، حينما شيّد والده منزله عام 1979، أن تتحول هذه الدار الرحبة، إلى سجن ضيّق، محاط بالجدران والأسلاك، وكاميرات المراقبة.

ففي ذلك الوقت، كان منزله، في بلدة "بيت إجزا" شمال غرب مدينة القدس المحتلة، محاطا بأرضه الواسعة، التي تزيد مساحتها عن مائة دونم (نحو مائة ألف متر مربع).

لكنّ الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، سرق كل ما تملكه العائلة، وأبقى فقط على البيت الذي لا تتعدى مساحته، 500 متر مربع.

ومنذ العام 2008، تحوّل منزل غريب إلى سجن صغير، يقع وسط مستوطنة إسرائيلية، يحيط به جدار إسمنتي وسلكي، ويربطه بالقرية الفلسطينية ممر مراقب بـ 12 كاميرا.

ويسكن سعدات غريب (38 عاما)، في البيت، مع والدته وزوجته وأبنائه الثلاثة.

وفي حديث مع الأناضول، قال غريب "نعيش في بيت عبارة عن سجن حقيقي، محاطين بجدار سلكي من الجوانب كافة".

وتابع "البيت شيّد على قطعة أرض رحبة، لكنه بات سجنا صغيرا، تحيط به مستوطنة جفعات حدشاه".

وتبدو الحياة مختلفة في المستوطنة التي شيدت غالبية منازلها في العقد الأخير، حيث تتوفر فيها كل وسائل الراحة.

وقال غريب "نتعرض لمختلف أشكال المضايقات، من رشق الحجارة، وإطلاق الرصاص الحي، والشتائم، والحرق".

وبحوزة "غريب" أوراق ملكية وترخيص للمنزل، إلا أنه استلم سبع قرارات بهدم المنزل من قبل السلطات الإسرائيلية، غير أنه لجأ لمسارات قانونية عبر المحاكم الإسرائيلية، وأوقف أوامر الهدم.

وتابع "40 دونما تم مصادرتها من قبل السلطات الإسرائيلية وشيدت عليها المستوطنة في العام 1979، بينما سرق الجدار الإسرائيلي نحو 60 دونما في العام 2007، ويسمح لنا بدخولها مرة واحدة كل عام، عبر تنسيق مع السلطات الإسرائيلية".

وأشار إلى أن بيته مُراقب بالصوت والصورة على مدار الساعة، حيث تنتشر كاميرات مراقبة على مدخل المنزل، ومحيطه.

وقال "غريب" إن مستوطنين عرضوا على والده في العام 1979 أموال طائلة مقابلة بيع الأرض أو التنازل عن جزء منها، لكنه رفض ورد عيلهم بالقول "لو ملكتموني كل مال إسرائيل، لن أتنازل عن أي جزء منها".

وأردف بالقول "لكن إسرائيل استولت على الأرض بفعل قوتها الاستيطانية".

وتمنع إسرائيل "غريب" من زراعة الأشجار في باحة منزله، أو القيام بأي أعمال ترميم في المنزل.

وقال "قبل أشهر تعرض خزان المياه للتلف، منعنا من تبديله، يسعون للتضييق علينا، ويهدفون إلى تخريب البيت لدفعنا للرحيل عنه".

وأكمل "لو خُرّب المنزل، وحتى لو هُدم، سأعيش في خيمة هنا ولن أترك منزل عائلتي للمستوطنين".

ولدى "غريب" ثلاثة أطفال، يقول إنهم تعايشوا مع وجود المستوطنين، ولا يخشونهم بل يتصدون لأي اعتداء على المنزل.

وأشار إلى شارع يلتف حول منزله، يسلكه مستوطنون قائلا "أعيش حياة صعبة، أسمع همساتهم في الشوارع، ثقافتهم الغريبة عن عائلتي، رقصاتهم، وسخرياتهم".

وعلى مدخل المنزل بوابة حديدية إلكترونية، يقول صبري إنها قد تُغلق من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية في أي وقت.

وأضاف "في العام 2008 عشت ثلاثة شهور داخل المنزل لا أستطيع الخروج أو الدخول للمنزل إلا بإذن من قبل السلطات الإسرائيلية التي تغلق وتفتح البوابة وقتما تشاء".

وأكمل "لكننا ناضلنا حتى أبقينا البوابة مفتوحة على مدار الساعة".

ومنزل "غريب" يتبع بلدة بيت إجزا، التي يسكنها نحو 900 فلسطيني، والتي كانت قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، تتبع محافظة القدس.

ومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية تتبع البلدة لمحافظة "ضواحي القدس".

وفصلت إسرائيل عددا من التجمعات السكانية الفلسطينية والبلدات خلف الجدار الفاصل، وعزلتها عن مدينة القدس، فيما حولتها لمعازل صغيرة ترتبط بالضفة الغربية عبر جسور وأنفاق.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن الجدار الفاصل يحرم أكثر من 50 ألفًا من حملة الهوية المقدسية من الإقامة في مدينة القدس، عبر عزلهم في الضفة على الجانب الآخر من الجدار.

وفي العام 2002، صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء جدار بطول 710 كيلومترات (وارتفاع 7-8 أمتار تتخلله أبراج مراقبة)، يمر 85% منه في عمق الضفة الغربية والباقي على الخط الأخضر (حدود عام 1967) بما يؤدي إلى ضم 9.4% من مساحة الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

التعليقات