غزّة: مخاوف من الأوبئة في ظلّ الحصار القصف المستمرّ والحصار الخانق

رئيس المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة سلامة معروف قال إنّ 70 بالمئة من سكّان القطاع نازحون يعيشون أوضاعًا إنسانيّة صعبة جرّاء القصف الإسرائيليّ...

غزّة: مخاوف من الأوبئة في ظلّ الحصار القصف المستمرّ والحصار الخانق

(Getty)

في ظلّ انعدام مقوّمات الحياة والنظافة الأساسيّة جرّاء الغارات الإسرائيليّة والحصار، أصابت آلاف النازحين الفلسطينيّين أمراض عديدة، وهو ما ينذر بتحوّل مراكز النزوح إلى بؤر أوبئة.

ومنذ 20 يومًا يواصل الجيش الإسرائيليّ شنّ غارات جوّيّة مكثّفة على غزّة دمّرت أحياء سكنيّة ومؤسّسات صحّيّة، وخلّفت آلاف القتلى والجرحى من المدنيّين، ضمن حرب على الفصائل الفلسطينيّة بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل الجاري.

ويقول نازحون فلسطينيّون إنّ أطفالهم أصيبوا بحالات إسهال وغثيان وجدريّ وسعال وارتفاع بالحرارة، في القطاع الّذي يسكنه نحو 2.3 مليون نسمة.

رئيس المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة سلامة معروف قال إنّ 70 بالمئة من سكّان القطاع نازحون يعيشون أوضاعًا إنسانيّة صعبة جرّاء القصف الإسرائيليّ.

معروف أضاف أنّ "مليون و400 ألف مواطن في غزّة نزحوا إلى مراكز إيواء"، وهم موزّعون على 223 مركز إيواء، بينها مستشفيات ومدارس وكنائس ومراكز رعاية صحّيّة.

(Getty)

وتفتقر العائلات الفلسطينيّة في مراكز الإيواء لأدنى مقوّمات الحياة، في ظلّ الحرب على القطاع الّتي قطعت إسرائيل منذ بدايتها إمدادات الكهرباء والماء والوقود والعلاج، كما تابع معروف.

والأربعاء، أعلنت وزارة الصحّة الفلسطينيّة أنّ مراكز الرعاية الأوّليّة سجّلت أمراضًا وبائيّة جلّها بصفوف الأطفال.

وحذّرت الوزارة في بيان، من "موجة وبائيّة كبيرة قد تجتاح غزّة، ولا يمكن السيطرة عليها؛ بسبب البيئة غير الصحّيّة الّتي يعيشونها جرّاء الحرب".

لا توجد إسعافات

الطفلة نادين عبد اللطيف (12 عامًا) قالت "إحنا (نحن) بالمستشفيات ما في مساعدات ولا دواء، المرضى ينامون على الأرض والشهداء ملقون على الأرض… (لا يوجد) إسعافات ولا سيّارات كفاية ولا دواء".

وأضافت: "المساعدات الّتي أرسلوها لنا لتخفيف العذاب لا تكفي لشيء.. انتشرت الأمراض والزكام والجدريّ وكلّ أنواع الأمراض".

ومنذ بدء الحرب، تقطّع إسرائيل عن سكّان غزّة إمدادات الماء والغذاء والأدوية والوقود، وهو ما اعتبرته منظّمات دوليّة، بينها منظّمة العفو، ممارسة "قد ترقّى إلى مستوى جريمة حرب".

(Getty)

"ابن عمّي 13 عامًا أصيب بغثيان، ويتقيّأ دمًا بسبب المرض، أنا بشوف كتل دم تخرج من بطنه، وبنت عمّتي عمرها شهرين لا تستطيع التنفّس من الغبار… ما ذنب هذه البنت؟!"، كما أضافت نادين.

وأردفت: "انتشرت الأمراض. الغبار الكثيف جرّاء القصف يتسبّب بأمراض تنفّسيّة كثيرة. ما في (لا يوجد) مياه نظيفة ولا طعام نظيف ولا شيء وما تبقّى من طعام تلفّ… تعبنا ما هو ذنبنا نحن الأطفال، ما ذنبنا ؟!".

ننام على الرصيف

النازح سلمان علي سالم عليوة (64 عامًا) قال إنّ "كلّ الأطفال يعانون من سخانة (حمّى) وخائفين مشرّدين لا أغطية ولا فراش ولا مياه ولا شيء، وزوجتي مصابة بالشلل".

وأضاف: "لا أدوية ولا أكامول (مسكن آلام وخافض حرارة)، ولا شيء… مشرّدون وبيتنا استهدف".

عليوة تابع: "نحضر زجاجتين مياه من المساجد القريبة يوميًّا (…) منذ 20 يومًا لم أستحمّ أنا وأولادي، وننام على الرصيف".

أمّا النازح إبراهيم النحّال (28 عامًا) فقال "الوضع شيء للغاية، لدرجة أنّ ابني مريض وعلاجه صعب في الوقت الحاليّ، عايش على الأكامول كلّ ما ترتفع حرارته نعطيه دواء خافضًا للحرارة، الوضع مزر".

وأضاف أنّ "الناس هنا في مجمع الشفاء الطبّيّ يعانون من سعال متواصل، وفي المستشفى البيئة الصحّيّة سيّئة جدًّا ولا يوجد مياه ولا كهرباء ولا دورات مياه".

أوبئة وأمراض جلديّة

متحدّث وزارة الصحّة بغزّة الطبيب أشرف القدرة قال: "توجد آلاف كبيرة من المواطنين النازحين الّذي أجبرهم الاحتلال الإسرائيليّ على ترك منازلهم تحت الاستهداف والقصف وصولًا لمستشفيات القطاع".

وتابع: "أكثر من 50 ألف نازح في مجمع الشفاء الطبّيّ بمدينة غزّة، وعشرات الآلاف في مختلف المستشفيات في القطاع والمدارس بها آلاف من النازحين".

(Getty)

القدرة شدّد على أنّ "هذا كلّه يؤدّي لعدم توفّر البيئة الآمنة للسكّان والمواطنين؛ ما أدّى إلى انتشار الأوبئة والأمراض الجلديّة".

ومضى قائلًا: "رصدنا ما يزيد عن 3 آلاف حالة أمراض جلديّة وأمراض معدية.. واكتشف حالات بالعشرات لمرض الجدريّ المائيّ وهو معدّ ينتشر بشكل كبير بين النازحين".

وأوضح أنّ "عدم توفّر المياه والإمكانيّات الخاصّة بالنظافة الشخصيّة يؤدّي إلى مزيد من الالتهابات لدى الجرحى في المستشفيات الّتي نزح إليها المواطنون".

"نحن أمام كارثة إنسانيّة وصحّيّة وبيئيّة كبيرة سيكون لها تبعات خطيرة على المستقبل في غزّة"، كما حذّر القدرة.

وشدّد على أنّ "آثار العدوان على المستوى البشريّ والصحّة العامّة يهدّد مستقبل الحياة والمعيشة في القطاع على المستوى الصحّيّ والإنسانيّ".

انهيار المنظومة الصحّيّة

وبشأن المساعدات الّتي وصلت إلى غزّة عبر معبر رفح البرّيّ، قال القدرة إنّها "لا تلبّي الحدّ الأدنى من المتطلّبات الصحّيّة أو الإنسانيّة".

وأضاف: "أعلنّا انهيار المنظومة الصحّيّة بالكامل؛ نتيجة عدم توفّر الإمكانات الطبّيّة من المستلزمات الطبّيّة والأدوية وعدم توفّر الوقود".

وأوضح أنّ "مستشفيات غزّة، رغم أنّها تفتح أبوابها، لكنّها لا تقدّم أيّ خدمة صحّيّة للجرحى والمرضى… الأعداد الهائلة من الجرحى والمرضى المتكدّسين في الأقسام لا تقدّم لهم أيّ خدمة صحّيّة".

وتابع: "المستشفيات ملاذ آمن لمئات الآلاف من الأسر الّتي نزحت من أماكن سكنها وكذلك لاحتضان الجرحى والمرضى دون تقديم أيّ خدمة".

كما تفتقر مراكز الإيواء الّتي يتكدّس بها مئات الآلاف من النازحين للنظافة؛ حيث تنتشر النفايات في كلّ مكان.

وتخلو تلك المراكز من المياه وموادّ التنظيف والتعقيم، ويشرب النازحون مياهًا ملوّثة، بحسب ما أعلنت الجهات الحكوميّة في غزّة.

وداخل مجمع الشفاء الطبّيّ بمدينة غزّة يفترش النازحون الأرض للنوم عليها، ويفتقرون للمياه للاستحمام بها، بحسب مراسل الأناضول.

كذلك في مدارس وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، إذ تحتوي على عشرات الآلاف من نازحين يفتقرون لسبل النظافة، كالمياه والصابون وموادّ التعقيم.

وحتّى الخميس، قتلت إسرائيل 7028 فلسطينيًّا في غزّة، بينهم 2913 طفلًا و1709 سيّدات و397 مسنًّا، وأصابت 18484 بجراح، بالإضافة إلى أكثر من 1600 مفقود تحت الأنقاض، وفقًا لسلطات القطاع.

فيما قتلت حركة حماس أكثر من 1400 إسرائيليّ وأصابت 5132، وفقًا لوزارة الصحّة الإسرائيليّة. كما أسرت ما لا يقلّ عن 244 إسرائيليًّا، بينهم عسكريّون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطينيّ، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.

التعليقات